مسارات التحقق من الأخبار الزائفة بآليات عالية الموثوقية

لم تكن قصة السيدة تومسون التي خانها زوجها فقتلته بطريقة شنيعة إلا حلقة في سلسلة من الشائعات والأخبار المزيفة التي نتعرّض لها يوميًّا، والتي يعمل "مسبار" على التحقق منها والتأكد من صحتها لدعم المواطن العربي في حرب مواجهة المعلومات الزائفة مقابل الحقيقة، إلا أنّ عملية التدقيق والتحقق أصبحت صناعة قائمة في حدّ ذاتها، لذا يشارككم "مسبار" - عبر هذا التقرير - ثلاثة من أهم مسارات التحقق من الأخبار.

محركات بحث المصادر المفتوحة - OSINT 

في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2005 أنشأت الـCIA مركز المصادر المفتوحة (OSC) والتي تجمع من خلالها البيانات والمعلومات مفتوحة المصدر لتقدم خدمات فريدة للمجتمع الاستخباراتي الأميركي والذي عُرف باسم OSINT. ووفقاً لمركز راند - مركز أبحاث جيش الدفاع الأميركي - تعتبر OSINT (Open Source Intelligence) مصدر معلومات ذات طبيعة استخباراتية أُتيحت للجمهور، لكنها بالأساس معلومات جُمّعت من مصادر متاحة للجمهور.

تنقسم تلك البيانات إلى 6 فئات: 

• المعلومات الواردة في وسائل الإعلام كالجرائد والتليفزيون والراديو وغيرها.
• المعلومات الواردة على الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والفيديوهات وغيرها.
• البيانات والخطابات الحكومية العامة والمعلنة.
• المنشورات الأكاديمية والأوراق العلمية.
• البيانات التجارية والصناعية والمالية.
• التقارير التخصصية والتقنية من وثائق وعقود وغيرها من المواد.

لذا، تُنَظَّم تلك البيانات والمعلومات في محرّكات بحث متخصصة تكشف عن بيانات ومعلومات وفقاً لما يختصّ به كلّ محرّكٍ على حدة، وهي محرّكات بحث مبوّبة ومنظمة على Osint Framework، وهي خدمة تقدّم شجرة محرّكات بحث مفتوحة المصدر في العديد من المجالات.

وعلى صعيد الصحافة الاستقصائية، يوجد على Osint Framework الكثير من الأدوات والآليات التي يمكن استخدامها للتحقق من البيانات والمعلومات، نأخذ منها نموذجين هما Spokeo الذي يوفر معلومات أساسية عن الشخصيات الذين نبحث عنهم عن طريق الاسم، والبريد الإلكتروني، ورقم الهاتف، أو العنوان. وبذلك يمكننا التحقق مثلاً من معلومات السيدة تومسون التي أثارت ضجّة لعدة سنوات وبهذه البيانات الأولية يمكننا البدء في عملية التحقيق في القصة.

كما تعدّ محركات بحث الصور ومقاطع الفيديو من أكثر الأدوات المستخدمة حاليًّا للتوثق من الصور ومقاطع الفيديو التي يتداولها مستخدمو الإنترنت. ففي الوقت الذي تسعى فيه محرّكات البحث الكبرى لتوفير خدمات البحث بالصور مثل غوغل، وبينغ، وياهو، وبايدو، وغيرها العديد من الأسماء المعروفة، إلا أنّ هناك منصات بدأت في الظهور تعمل على خدمات متخصّصة مثل النموذج الثاني،Jeffrey's Image Metadata Viewer، الذي يوفر البيانات الوصفية الخاصة بعدد هائل من الصور، والذي يساعد على كشف المصدر وتاريخ التقاط الصورة وغيرها من البيانات التي تساعد في التأكد من تاريخ الصورة.

البيانات الضخمة والتدقيق في قواعد البيانات

استكمالًا للمسار السابق، يُعد هذا المسار من أكثر المسارات دقة للكشف عن المعلومات والأخبار المزيفة لكنه ليس بسهولة المسار السابق إذ أنه يحتاج لمتخصصين مُدَربين على كيفية فحص البيانات الضخمة.

عملت الصحفية جيانينا سغنيني - من جامعة كولومبيا - على تحقيقٍ حول إن كانت قواعدُ بيانات مثل قواعد بيانات البنك الدولي موثوقة للصحفيين والباحثين أم قد يشوبها بعض الأخطاء التي قد تجعلها غير موثوقة؟ وفي إطار تحقيقها أثبتت أنّ قواعد بيانات البنك المركزي تشوبها الكثير من البيانات غير الدقيقة التي لا يمكن الاعتماد عليها دون تدقيق.

إذاً، عن طريق قواعد البيانات الموثوقة يمكننا التحقّق من مصداقية الأخبار والقصص الصحفية، صحيحة كانت أم مزيفة، أو إذا كانت غير دقيقة أو لا تعكس الواقع بشكل صحيح، وهذا ما يُدعى بالتلاعب بالحقائق والنسب والأرقام. يقوم هذا المسار على الوصول لقواعد بيانات تخصّ القصة الخبرية التي نحقّق في موثوقيتها، وبالاطّلاع على قواعد البيانات تلك، يمكن إثبات الخبر أو دحضه. 

تبدأ رحلة الوصول لقواعد البيانات عن طريق العديد من المنصات المتوافرة، لكنّ شركة غوغل وفّرت محرّك بحث مهمّته جلب كل تلك القواعد من على تلك المنصّات للمستخدم، وهو Dataset Search. تلى تلك الخطوة من البحث عن قواعد البيانات المتاحة، العمل على تنظيف تلك البيانات لتحديد الشوائب فيها، ثم تحليل تلك البيانات وعرضها، وفقاً لتحقيق سغنيني. وكما يظهر، يحتاج هذا الأمر لبعض المهارات التقنية وتعلم أدوات جمع البيانات وعرضها وتنظيفها وتحليلها.

استخدام تقنية IFTTT لتصميم عملية رصد آلية

يعتمد IFTTT على التكامل بين التطبيقات، وبهذه الطريقة يمكننا صنع آلية أوتوماتيكية لجمع كل ما يخص القصة الصحفية - التي نودّ التحقق منها - من عدة منصات ثم إرسالها أوتوماتيكيا إلى Google Drive على سبيل المثال ليتكوّن لدينا مجموعة من المواد تخص الخبر الذي نفحصه وبالتالي الكشف عن منشأ الخبر وإلى أين اتجه وكيف تغيرت طريقة طرحه وما إلى ذلك.

ولكي نضرب مثالاً عمليًّا، تعتمد هذه الوصفة على التكامل بين صحيفة ذا نيويورك تايمز على سبيل المثال، وتطبيق buffer الذي يسمح لنا أن نختار أخبار اليابان التي تنشرها الصحيفة بمثابة عنصر أول في الوصفة التي صممناها، لتُنشَر بدورها تلك الأخبار آليًّا على مواقع التواصل الإجتماعي، وبالتالي فإن تلك الوصفة تعمل على نشر أخبار اليابان آليًّا بضغطة زر.

وبناء على ذلك يمكننا تحديد كل ما له علاقة بقصتنا الصحفية باعتباره العنصر الأول في وصفتنا التي نصمّمها، ثم نختار أيّ تطبيق مثل Google Docs كعنصر ثانٍ في وصفتنا لتنتقل الأخبار آليًّا إلى الملف المحدد، الأمر الذي يسهّل علينا عملية رصد تطوّرات الخبر الذي نفحصه، أو أيّ وصفات أخرى تساعد على عملنا الاستقصائي.