` `

مواقع التواصل الاجتماعي تحجب الرواية الفلسطينية عما يجري في القدس

نور حطيط نور حطيط
سياسة
10 مايو 2021
مواقع التواصل الاجتماعي تحجب الرواية الفلسطينية عما يجري في القدس
يشهد حي الشيخ جرّاح حاليًّا تطهيرًا عرقيًّا من الاحتلال (Getty)

عن سياسة إخفاء المحتوى بهدف التّضليل وتشويه الحقائق

طافَت مواقع التواصل الاجتماعيّ في غضون أيّامٍ بالأحداث المتسارعة في حي الشّيخ جرّاح في القدس الشّرقية. وفيما يحاول النّاشطون نقل الاعتداءات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي إلى العالم دون تزييف، أغلق موقع تويتر عشرات الحسابات. خصوصًا وأنَّ وسم "أنقذوا حي الشيخ جراّح" بالعربية والإنجليزية، لاقى صدىً فسيح المدى في الفضاء العمومي العالمي.

حكاية القدس

يتعرّض اليوم حيّ الشيخ جرّاح لحالة من التطهير العرقيّ، فعقب النّكبة سنة 1948 هُجّرت هذه العائلات القاطنة اليوم في القدس على يدِ المستعمرين واستقرت أخيرًا في حي الشيخ جرّاح الواقع في القدس الشرقية سنة 1956، وقد وفرّت الدولة الأردنية وقتذاك الأرض للأهالي وساهمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين في بناء البيوت على أن يتم بعد ثلاث سنوات تفويض الملكية للعائلات الفلسطنينية. لكن منذ ذلك الوقت لم يلتزم الاحتلال بتسجيل المساكن باسم عائلاتها، بل يسعى "القضاء الإسرائيلي" اليوم إلى طرد السكان الأصليين ليسيطر المستوطنون عليها دون وجه حقّ.

وفيما تتعرض 28 عائلة فلسطينية لخطر التهجير ، تُواصل شرطة الاحتلال الإسرائيلية اعتقال المدنيين العزّل، المطالبين بحقوقهم، والاعتداء على الشباب الفلسطيني، وكانت حصيلة الضحايا حتى يوم 8 مايو/أيار الجاري، أكثر من 220 جريحًا، ما أدّى إلى تصاعد وتيرة الأصوات المطالبة بإيقاف الجرائم المرتكبة بحق العُزّل على مواقع التواصل الاجتماعي، موثقة بمقاطع الفيديو والصور التي تسببت بها "شرطة مكافحة الشغب" خلال اعتداءاتها الهمجية على أهالي القدس.

محاولات تهويد القدس

ولا تزال دولة الاحتلال تعملُ على محو التاريخ الفلسطيني، متجاهلةً وجود الفلسطنيين، أبناء الأرض الأصليين، وتقاتل لنيل شرعيتها المطلقة من دول العالم أجمع، ساعية وجاهدة بشتّى الطرق لتشويه الحقائق.

وبالرجوع قليلًا للوراء، وتحديدًا إلى سنة 2017، استجابت إدارة موقع فيسبوك لنحو 85% من طلبات إسرائيل في إزالة وحذف المحتوى المتعلق بالفلسطينين على مواقع التواصل الاجتماعيّ. وفي توثيق بالغ الأهميّة -نقلًا عن أرشيف الجزيرة- تعرّضت صفحات فلسطينيين وغير فلسطينيين إلى الإغلاق، عقب اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل وإعلانه عن خطط لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. تشير هذه الحقائق إلى أنَّ إسرائيل متواطئة مع منصات التواصل الاجتماعي التي بدورها لا تتوانى عن الانحياز لصالح الرواية الصهيونية.

وبحجة الدعوى للتحريض على الإرهاب، تقوم هذه الشركات العملاقة بإزالة المحتوى الذي ربما يهدد صورة دولة الاحتلال أمام الغرب المساند لها.

"مواقع تواصل" متواطئة مع الاحتلال

وفي سياق متّصل، كشفَ مركز صدى سوشال -وهو مبادرة شبابية فلسطينية تدافع عن الحقوق الرقمية للمستخدمين وتقوم برصد وتوثيق الانتهاكات الذي يتعرض لها كتّاب المحتوى- عن قيام منصّة تويتر بإغلاق عشرات الحسابات التي تضامنت وما تزال متضامنة مع أحداث حيّ الشيخ جرّاح في القدس في الآونة الأخيرة.

وفي بيانٍ له، وصف المركز إقفال الحسابات بأنه يهدف بالدرجة الأولى لخفض التفاعل مع قضية سكان حيّ الشيخ جراح المُهددين بإخلاء منازلهم في غضون أيّام، وبأنه عقاب للناشطين والناشطات الذين يساهمون بتغريدات تتضمن وسم #أنقذوا_حي_الشيخ_جراح باللغتين العربية والإنجليرية وبمقاطع فيديو توثق ما يتعرّض له الفلسطينيون من انتهاكات.

ونقلًا عن وكالة الأناضول، صرّح مدير المركز إياد الرفاعي بأنّ "حملة مواقع التواصل على المحتوى الفلسطيني بدأت الأربعاء بإغلاق حساب الناشطة منى الكرد على تطبيق إنستغرام، وهي من سكان الحي الذين يهدد الاحتلال بإجلائهم".

 وأضافت الوكالة بأنّ موقع نيو برس قال في تغريدة، إنَّ "موقع تويتر يحارب المحتوى الفلسطيني الذي يفضح جريمة تهجير الفلسطينيين من حي الشيخ جراح"، مضيفًا أن حسابه باللغة الإنجليزية عُلّق من قبل "إدارة تويتر".

وأفادت بدورها أنَّ موقع موندويس الأميركي المستقل، غرّد يوم السبت الفائت قائلّا إنّ موقعي "إنستغرام وفيسبوك يفرضان رقابة على المنشورات المتعلقة بحيّ الشيخ جراح في القدس منذ ليل الجمعة".

ونقلًا عنها جاء أنَّ المركز "بعث رسائل إلى إدارة "تويتر" يستوضح فيها عن سبب إغلاق الحسابات الفلسطينية، وما زال ينتظر الرد، ورجح الرفاعي أن يكون سبب الإغلاق "طلب الحكومة الإسرائيلية حجب المحتوى المتعلق بقضية الشيخ جراح".

في تمييع القضايا

تواصل "مسبار" مع نضال الوحيدي، مشرف منصة نيو برس، الذي أكدّ في حديثه بأنَّ حساب الوكالة على "تويتر" حُجب، وذلك تحت ذريعة التحريض، بعد نقلها للوقائع التي تشهدها مدينة القدس، وقال "بأنَّ الوكالة لم تتلقّ رسالة واضحة من منصة تويتر عن سبب حجبها للصفحة، متبرمًا من سياسة مواقع التواصل الاجتماعي ورافضًا تحكمها المنحاز بالمحتوى، وأورد في ذات السياق أن المختصين في المجال الرقمي نجحوا في نهاية الأمر باسترجاع حساب الوكالة.

وأضاف "لم يسلَم حسابي وحساب زميلي المشرف في وكالة نيو برس محمود الشبراوي، على موقع فيسبوك، من الحذف أيضًا".

واتهم إعلاميون بارزون مثل علا الفارس وغادة عويس وغيرهم موقع إنستغرام بتعمّد حذف الوسم الأكثر تداولًا؛ وهو #الأقصى.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

فيما برر موقع إنستغرام قائلًا "نعلم أنَّ بعض الأشخاص يواجهون مشكلات في تحميل القصص وعرضها. هذه مشكلة تقنيّة عالمية واسعة الانتشار ولا تتعلق بأيّ موضوع معين، ونحن نعمل على حلها الآن. سنقدّم تحديثًا في أقرب وقت ممكن"، ثمَّ أضاف بعد حل المشكلة: "لقد أصلحنا هذه المشكلة الآن. لقد أثّرت على العديد من القصص التي تحتوي على منشورات أعيد مشاركتها، والتي أُنشئت بالأمس وفي وقت مبكر من هذا الصباح، بالإضافة إلى القصص المميزة والمؤرشفة بشكل أوسع. نأسف لجميع المتأثرين، خاصة أولئك الذين يرفعون الوعي لأسباب مهمة على مستوى العالم".

صورة متعلقة توضيحية

وهنا يأتي السؤال عن الشفافية التي تزعم مواقع التواصل الاجتماعي تبنيّها، خصوصًا بعد أن أثبتت فعاليّة سياساتها في مكافحة التضليل والعنف، وإلى أين سيصل تواطؤ هذه الشركات مع الحكومات والعمل على تمييع القضايا التي لا تخدم مصالحها.

 

المصادر:

وكالة الأناضول

الجزيرة

الأكثر قراءة