` `

كيف مارست أحزاب لبنانية التّضليل أثناء الانتخابات النقابية الأخيرة؟

نور حطيط نور حطيط
سياسة
30 يوليو 2021
كيف مارست أحزاب لبنانية التّضليل أثناء الانتخابات النقابية الأخيرة؟
السلطة اللبنانية اعتادت إحداث البلبلة في أوساط معارضيها عبر الطائفية (Getty)

 

الأفكار الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة رأي "مسبار".

راحَ البعض إلى القول بأنَّ ثورة 17 أكتوبر/تشرين أول غير المكتملة في لبنان، توَّجَها انتصارُ نقابة المهندسين في الانتخابات الضارية الأخيرة، التي لم تنته إلّا بسحق أحزاب السلطة وخطاباتها التي عُرفت في جوهرها أنها ذات طابع تضليلي وطائفي بامتياز -على حدّ تعبير المعارضين الفائزين-.

ويُعرف عن نقابة المهندسين في لبنان، بأنّها من أكبر النقابات المهنية التي كانت تُسيطر عليها الزبائنية، والأكثر من ذلك أنَّ مجلس المندوبين فيها هو بمثابة الهيئة العمومية التي تتخذ القرارات. لذلك كان الانتصار الذي حقّقه المعارضون في لبنان، حين فازوا بأغلبية مقاعد مجلس نقابة المهندسين، هو بمثابة أمل لا بدَّ منه وكذلك التطبيع معه، رغم رفض الكثيرين له، على اعتباره خطاب يتماهى مع السلطة التي فرضت ولا تزال تفرض نفسها على اللبنانيين الذين يعيشون تحت وطأة أكبر الأزمات الاقتصادية العالمية.

وقد سقطت هذه الأحزاب ومؤيدوها، والمنتسبون لخطابها، بعد تمكّن ائتلاف "النقابة تنتفض" المنبثقة عن المعارضين المنتميين لـ 17 تشرين، بالفوز، وسط معركة تخللها كمٌّ هائل من التّضليل وتزييف الحقائق. وعلى الرغم من ذلك، تفاعل اللبنانيون-المعارضون- في المرحلة الأولى من الانتخابات، حتى استطاعوا نقل خطابهم الشعبي إلى صناديق الاقتراع في المراحل الأخيرة منها.

وعادةً ما تسعى السلطة لحماية نفسها من الخسارات المتوقعة، عبر نشرِ الشائعات والأكاذيب داخل الجسم المُعارض لها، لتضمن وجودها، وللتّاريخ شواهد كثيرة على ذلك.

اتهامات زائفة 

في خضم المعركة الانتخابية، سعت الأحزاب "السلطوية" اللبنانية إلى توجيه الاتهامات لمرشح "النقابة تنتفض" د.عارف ياسين بأنّه شيعيّ مدعوم من حزب الله، ما دفعه إلى القيام بنشر عبارة على حسابه في موقع فيسبوك لصورة "إخراج القيد" الخاص به، والذي شُطب عنه المذهب منذ عشر سنوات.

وفي سياق هذا الحدث، كان قد صرّح الدكتور الفائز بنقابة المهندسين للعربي الجديد بالقول:" لستُ شيعيًّا ولا سنيًّا ولا مسلمًّا ولا مسيحيًّا، لقد شطبتُ الإشارة إلى المذهب عن إخراج القيد منذ عشر سنوات، أمّا العُرف القائل بتداول منصب النقيب بين المسيحيين والمسلمين، تحديداً الطائفة السنيّة الكريمة، فهو عبارة عن تكتيكٍ سياسي معتمد بين الأحزاب للتحكم في منصب النقيب، ولا شأن لمذهب النقيب بذلك. فقد كان حزب الله يهدي سعد الحريري هذا المنصب لتعويمه أو لتعويم جماعته من الطائفة السنيّة".

صورة متعلقة توضيحية

وكانت السلطة اللبنانية اعتادت إحداث البلبلة في أوساط معارضيها، عبر بثّ سموم الطائفية للّعب في عقول الناخبين، وتخويفهم من “بُعبع الطائفة”، ما أتاح ولا زال، لها النمو والتطور بشكل يتناسب مع مصالحها وضمان وجودها. وإنَّ استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ أكبر في السنوات العشر الأخيرة، جعل من أذرع السلطة اللبنانية امتدادًا يطال جميع الشرائح المتنوعة داخل الجسم الاجتماعي اللبناني.

وبالعودة إلى الانتخابات النقابية الأخيرة التي أطاحت بمرشحي السلطة، كان الحدث الأكبر قيام الأخيرة باستخدام الشبكة العنكبوتية لإثارة النعرات الطائفيّة التي تتسبب في تضليل الناخبين وتوجيههم كما يحلو لها وكما يحلو لمصالحها.

رسائل مُضللة 

إضافة إلى ذلك، عمدتْ أحزاب السلطة اللبنانية المُنافسة، أثناء الجولة الانتخابية الثانية إلى استخدام الهواتف كوسيلة لتمرير تضليلها، إذ أرسلت مجموعة من الرسائل تحت عنوان: "النقابة تنتفض" للمهندسين الناخبين، وسعت عبرها إلى حثّهم على عدم النزول إلى الساحة الانتخابية كي تجمع أكبر عدد من الأصوات المؤيدة لها، وبالتالي ضمان بقائها، مع غياب الأصوات المنافسة.

وجاء في مضمون الرسالة: "أحزاب السلطة انسحبت من المعركة وستدعم التغيير، مبروك لمهندسي لبنان".

ونشر المحامي واصف الحركة، هذا الادّعاء نافيًا نفيًا قاطعًا أن تكون هذه الرسالة مصدرها المعارضين للسلطة اللبنانية الحاكمة، كما غيره من الناشطين، والحقوقيين.

صورة متعلقة توضيحية

 أخيرًا، يمكننا القول، بأنّ الكثير من السلطات والمنتميين لها في العالم يلجؤون إلى أساليب مضللة، وخطابات مزيفة تنم عن كراهية أحيانًا، خصوصًا في فترات الانتخابات، وهذا ما رأيناه مثلًا في الانتخابات الأميركية الأخيرة التي احتدّ فيها الصراع بين الرئيس جو بايدن والمرشح السابق للمرة الثانية دونالد ترامب. حينَ عمد ترامب إلى نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، ما حذا بمؤيديه إلى اقتحام مبنى الكونغريس. وقد أثارت هذه الحادثة لضخامتها ضجة عالمية كبيرة.

وأيضًا ما رأيناه على الطرف الآخر، في القارة الأوروبية، تحديدًا في المملكة المتحدة، أثناء تحضير السلطة للخروج من الاتحاد الأوروبي، واستخدامها للكثير من الوسائل التضليلية للتصويت بما يتناسب مع مصالحها، كالخطابات العاطفية، وتشويش ذوات الأفراد- الجماهير والتلاعب في مشاعرهم.

وبالعودة إلى لبنان، لا يختلف الوضع كثيرًا، فبالإضافة لما يشهده من أزمة اقتصادية خانقة وأحداث متسارعة، يزداد الحمل على المواطن اللبناني بأخذ المسؤولية على عاتقه في محاربة الشائعات والأخبار المزيفة والمعلومات المضللة التي تنهال عليه من قِبَل السلطات في الواقع والسوشيال ميديا.

المصادر:

العربي الجديد  

النهار

الجزيرة

الأكثر قراءة