` `

دراسة جديدة تحدد آليات معرفية تساهم في تمييز المعلومات المضللة

محمد طلعت القيسي محمد طلعت القيسي
علوم
11 يناير 2023
دراسة جديدة تحدد آليات معرفية تساهم في تمييز المعلومات المضللة
تناقش الدراسة دور الإدراك الحاد في تمييز المعلومات المضللة (Getty)

هذه المدونة ترجمة لمقال من موقع PsyPost.

أشارت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Thinking & Reasoning أنّ حدّة الإدراك أو الاستبصار تلعب دورًا حاسمًا في القدرة على تقييم دقّة المعلومات. كما أوضحت الدراسة نفسها، أنّ الأشخاص الذين يمتلكون مهارات أكبر في حلّ المشكلات كانوا أقلّ عرضة للوقوع في فخّ الأخبار الزائفة.

في ظل انتشار شبكة الإنترنت ومنصّات التواصل الاجتماعي، باتت موجة المعلومات المضللة تشكل مصدر قلق كبير للمستخدمين.

سعى الباحثون إلى تحديد وفهم أفضل الآليات المعرفية المرتبطة بتصديق المعلومات المضللة، وأعربوا عن اهتمامهم بشكل خاص بدور المهارات الإدراكية في حلّ المشكلات، إذ تقول الباحثة كارولا سالفي، الأستاذة في جامعة جون كابوت في روما "أنا عالِمة في مجال الأعصاب وأدرس الارتباطات العصبية للإبداع وتوليد الأفكار، وتحديدًا كيفية توليد الأفكار المصحوبة بالإدراك المباشر أو الاستبصار. وفي الدراسة الحالية، حققنا في العلاقة بين الاستبصار وجوانب التفكير الاجتماعي، مثل تصديق الأخبار الزائفة".

بلغت عيّنة الدراسة 61 متحدثًا باللغة الإنجليزية الأميركية الأصلية، وبلغ متوسط أعمارهم 25.5 سنة، واستخدم الباحثون "المشكلات المركّبة عن بُعد"، وهو اختبار إبداعي يستخدم لتحديد الإمكانات الإبداعية للأفراد. وطُلب من المشاركين ربط ثلاث كلمات تبدو غير ذات صلة من أجل العثور على موضوع مشترك، إذ إنّ هذا النوع من المشكلات يجبر الأفراد على التفكير بشكل واضح وصريح مع الاعتماد على مهارة الاستبصار، فقد يرى المشاركون على سبيل المثال أنّ بعض الكلمات كالسلطعون والصنوبر والصلصة ما هي إلا حلّ لمشكلة يطلق عليها "فاكهة التفاح".

إنّ معالجة المشكلات المعقدة تتطلب إعادة صياغتها بشكل مستمر وتغيير التمثيلات الأولية للمشكلات وذلك من أجل رؤيتها من منظور جديد، وهذا ما يعنيه امتلاك الفرد لمهارة الاستبصار. إلى جانب أنّ حلّ المشكلات يستلزم توليد أفكار جديدة وأصلية، من خلال استكشاف مسارات تفكير غير عادية، وهي مهارة مرتبطة بالقدرة على التخلّص من عوامل التشتيت والتي قد تجلب مزايا عند إمعان التفكير ببعض المعلومات التي يحصل عليها الأفراد من شبكة الإنترنت على سبيل المثال.

تقييم صحة الأخبار

افترض الباحثون أنّ تطبيق التمرين العقلي على المشاركين، والذي يتضمّن التشكيك فيما يُعرض لهم عبر شبكة الإنترنت من معلومات قد تكون زائفة، بجانب النظر إلى المعلومات البديلة وتصفية المشتتات، يؤثران على مهارات معالجة المعلومات الأخرى مثل تقييم صحة الأخبار.

وفي السياق نفسه، قدّم الباحثون 20 مادة إخبارية للمشاركين، تتكوّن من عناوين رئيسية وصور مصغّرة ونصوص، وسُئل المشاركون عمّا إذا كانوا على دراية بالمقالات، ومدى تصديقهم لها، وما إذا كانوا سيشاركون تلك المقالات عبر منصّات التواصل الاجتماعي، مع العلم أنّ نصف المواد الإخبارية التي عُرضت لهم كانت زائفة. إضافة إلى ذلك، أجرى الباحثون اختبارًا للكشف عن مدى تصديق المشاركين للأخبار الزائفة، فعُرضت عبارات عشوائية لا معنى لها على المشاركين مثل "اللانهاية هي انعكاس للواقع"، وطُلب منهم تقييم تلك العبارات.

أشارت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية بين الاستبصار وتمييز المواد الزائفة لدى أفراد العينة، حيث أنّ الأشخاص الذين حصلوا على درجات أعلى في مقياس الاستبصار يميلون إلى أن يكونوا أكثر قدرة على تحديد المواد الزائفة والتمييز بين العبارات ذات المغزى وبين الترهات. ومن ناحية أخرى، تبيّن أنّ نتائج الدراسة كشفت أن المشاركين الأكثر قدرة على تمييز المواد الزائفة يتمتعون بمهارة التفكير النقدي في حلّ المشكلات، بدلًا من الاعتماد على الإحساس الداخلي.

تعتبر الدراسة الحالية الأولى في سلسلة من الدراسات التي يُجريها الفريق البحثي في أهمية فهم أوجه التشابه بين الجمود المعرفي والاجتماعي، إذ إنّ حلّ المشكلات هو شكل من أشكال المرونة المعرفية، إلى جانب التشكيك في المعلومات الراهنة والنظر إلى معلومات بديلة أثناء عملية التفكير. ومن المهم أيضًا التفكير بهذا الشكل عند تقييم المعلومات والأخبار المعروضة على شبكة الإنترنت.

اكتشاف المعلومات المضللة

إنّ قدرة الأفراد على حلّ المشكلات بشكل جيد واكتشاف المعلومات المضللة، يمكن تفسيرها من خلال رغبة أولئك الأشخاص في استثمار الوقت والجهد في التحقق من المعلومات المتداولة عبر منصّات التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت. كما أنّ القدرة على حلّ المشكلات قد تولّد الرغبة لدى الأشخاص في التحقق من دقة الأخبار المتداولة أو البحث عن تفسيرات بديلة لها.

ومن الجدير بالذكر أنّ النتائج أشارت إلى أن التحلّي بمهارة الاستبصار والتفكير النقدي كان مرتبطًا بانخفاض درجات المبالغة، بمعنى أنّ الأفراد الذين سجلوا درجات أعلى في حلّ المشكلات المركّبة عن بُعد كانوا أقل عرضة للادّعاء بأنهم على دراية بالأشخاص والأحداث والموضوعات التي اختلقها الباحثون.

أشار الباحثون إلى أنّ نتائج الدراسة الحالية تتشابه مع ما توصّل إليه الباحثون في دراسة (سالفي وآخرون، 2021)، التي أُجريت في وقت سابق حول أسلوب حلّ المشكلات والأخبار الزائفة المتعلقة بفايروس كوفيد-19، والتي هدفت إلى استكشاف مدى تأثير مهارة الاستبصار على تقييم صحة الأخبار المتداولة عن الوباء.

اقرأ/ي أيضًا

هل تساعد تسمية "الأخبار الزائفة" الجمهور على تمييز المعلومات المضللة؟

حول أنظمة المحادثة الاصطناعية وعلاقتها بانتشار المعلومات المضللة

الأكثر قراءة