` `

هل الصين دولة اشتراكية؟

سياسة
10 مارس 2021
هل الصين دولة اشتراكية؟
النظام الاقتصادي الصيني قد خضع لإصلاحات حكومية جعل منه هجينًا من الشيوعية والاشتراكية (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

تتعدد الأنظمة الاقتصادية والسياسية التي تتبعها الدول والحكومات حول العالم، فيما يخص الإنتاج ورأس المال وملكية الموارد وتوزيعها. ويأتي الاقتصاد الصيني في المرتبة الثانية لأكبر الاقتصادات العالمية بعد الولايات المتحدة التي تمثل النظام الرأسمالي النقي، مما يستدعي التساؤل حول ما كانت الصين دولة اشتراكية أم لا.

يستعرض هذا المقال مفهوم الاشتراكية والاقتصاد الاشتراكي ومن ثم الإجابة على سؤال مدى اشتراكية النظام الاقتصادي الصيني.

صورة متعلقة توضيحية

 

ما هي الاشتراكية؟

الاشتراكية هي نظام اقتصادي وسياسي شعبوي يقوم على الملكية العامة (المعروفة أيضًا باسم الملكية الجماعية أو المشتركة) لوسائل الإنتاج، والتي تشمل الآلات والأدوات والمصانع المستخدمة لإنتاج السلع التي تهدف إلى تلبية الاحتياجات البشرية بشكل مباشر.

وتتطلب الاشتراكية أن تكون وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل مملوكة ومُنظمة من قبل المجتمع ككل. أما في الممارسة العملية، هذا يعني أنها مملوكة للحكومة وهي التي تقوم بتنظيمها.

ويتم إنتاج السلع والخدمات في النظام الاشتراكي على أساس قيمة الاستخدام، التي تخضع لاحتياجات المجتمع، وبالتالي منع نقص الإنتاج والإفراط في الإنتاج، وهو ما يختلف تمامًا عن النظام الاقتصادي الرأسمالي المشترك، حيث يتم إنتاج السلع والخدمات لتوليد الأرباح وتراكم رأس المال، بدلاً من الاعتماد على استخدامها وقيمتها.

صورة متعلقة توضيحية

 

ما هي أهم سمات الاشتراكية؟

يتميز النظام الاقتصادي الاشتراكي بعدد من السمات، والتي تشمل كل من:

  • الملكية الجماعية: في الاشتراكية، يمتلك المجتمع جميع وسائل الإنتاج، أي الحكومة، ولا يمكن لأي فرد أن يمتلك ملكية خاصة تتجاوز حدودًا معينة. لذلك، فإن الحكومة هي التي تستخدم هذه الموارد لصالح الرعاية الاجتماعية.
  • المساواة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية: في ظل الاشتراكية، يكاد يكون هناك مساواة بين الأغنياء والفقراء، بمعنى أنه لا توجد مشكلة الصراع الطبقي.
  • التخطيط الاقتصادي: في ظل الاشتراكية، تحدد الحكومة أهدافًا معينة، وتتبنى التخطيط الاقتصادي من أجل تحقيق هذه الأهداف. ويتم اتخاذ جميع أنواع القرارات المتعلقة بالمشكلات المركزية للاقتصاد في الخطط الاقتصادية. 

 

ما هي أنواع الاشتراكية؟

هناك 8 أنواع من الأنظمة الاشتراكية، وهي تختلف حول أفضل طريقة لتحويل الرأسمالية إلى اشتراكية ويؤكدون على الجوانب المختلفة للاشتراكية، وهي:

  1. الاشتراكية الديمقراطية: في هذا النوع يقوم الشعب العامل بإدارة وسائل الإنتاج، وتكون هناك حكومة منتخبة ديمقراطيًا. ويستخدم التخطيط الديمقراطي للسلع العامة، مثل النقل الجماعي والإسكان والطاقة، بينما يُسمح للسوق الحرة بإنتاج وتوزيع السلع الاستهلاكية.
  2. الاشتراكية الثورية: لن تظهر الاشتراكية إلا بعد الإطاحة بالرأسمالية، على الرغم من أن الثورة ليست بالضرورة عنيفة. وفي هذا النوع من الاشتراكية يمتلك العمال عوامل الإنتاج ويديرونها من خلال التخطيط المركزي.
  3. الاشتراكية التحررية (Libertarian): تفترض الليبرتارية (Libertarianism) أن الطبيعة الأساسية للناس عقلانية ومستقلة وذاتية، فبمجرد إزالة قيود الرأسمالية، سيسعى الناس بطبيعة الحال إلى مجتمع اشتراكي يعتني بالجميع، خالٍ من التسلسلات الهرمية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، بالإضافة إلى أنهم سوف يرون أنه الأفضل لمصلحتهم الذاتية
  4. اشتراكية السوق: الإنتاج مملوك للعمال في هذه الاشتراكية، وهم يقررون كيفية التوزيع فيما بينهم؛ يمكنهم بيع فائض الإنتاج في السوق الحرة. أو بدلًا من ذلك، يمكن تسليمها إلى المجتمع، الذي قد يوزعها وفقًا للسوق الحرة.
  5. الاشتراكية الخضراء: هذا النوع من الاقتصاد الاشتراكي يقدّر بشدة الحفاظ على الموارد الطبيعية، والملكية العامة للشركات الكبيرة تحقق ذلك. كما تؤكد على النقل العام والأغذية من مصادر محلية. وفي هذا النوع من الاشتراكية يركز الإنتاج على التأكد من أن كل شخص لديه ما يكفي من الأساسيات بدلًا من المنتجات الاستهلاكية التي لا يحتاجها المرء حقًا. ويضمن هذا النوع من الاقتصاد أجرًا صالحًا للعيش للجميع.
  6. الاشتراكية المسيحية: تعاليم الأخوة المسيحية هي نفس القيم التي تعبر عنها الاشتراكية.
  7. الاشتراكية الطوباوية: كانت هذه الاشتراكية رؤية للمساواة أكثر من كونها خطة ملموسة. ونشأت الفكرة قبل التصنيع الضخم، وكان من الممكن تحقيقها بسلام من خلال سلسلة من المجتمعات التجريبية.
  8. اشتراكية فابيان: تم الإشادة بهذا النوع من الاشتراكية من قبل منظمة بريطانية تسمى جمعية فابيان في أواخر القرن العشرين. ودعت إلى تغيير تدريجي للاشتراكية من خلال القوانين والانتخابات والوسائل السلمية الأخرى.

 

ما الفرق بين الاشتراكية والشيوعية؟

تستند كل من الشيوعية والاشتراكية إلى رؤية مجتمع لا طبقي يتم فيه تقاسم السلع والخدمات بشكل عادل. وتتفق الاشتراكية مع الشيوعية في أن تكون وسائل الإنتاج والتوزيع مملوكة للعمال في كليهما، إما بشكل مباشر أو من خلال الجهات الحكومية.

لكن بينما يمكن أن تكون الاشتراكية متوافقة مع الحرية الفردية والحكومة الديمقراطية وحرية الاختيار، يتم فرض الشيوعية من قبل دولة استبدادية يتم فيها اعتبار الحقوق والحريات الفردية أدنى من حقوق الشعب ككل.

كما أن الشيوعية تدعو إلى القضاء على الملكية الخاصة، وبالتالي تقضي فعليًا على تراكم الثروة، لكن الاشتراكية تدعو إلى الملكية العامة للخدمات الأساسية وتفرض الضرائب المرتفعة اللازمة لدعمها، فتضيّق الفجوة في نوعية الحياة بين الأغنى والأفقر.

صورة متعلقة توضيحية

 

هل الصين دولة اشتراكية؟

صحيح. على الرغم من أن الحكومة الصينية لا تزال تحت السيطرة الوحيدة للحزب الشيوعي، ما زالت الصين تدخل ضمن نطاق الدول الاشتراكية، حيث أنها تتمتع بجوانب سوق حرة قوية لاقتصادها. إلا أن النظام الاقتصادي الصيني قد خضع لإصلاحات حكومية جعل منه هجينًا من الشيوعية والاشتراكية مع اندفاعة من الرأسمالية.

كما أن الحزب الاشتراكي البريطاني يفترض أنه لا توجد دول اشتراكية بنسبة 100٪، حيث أن معظمها لديها اقتصادات مختلطة تدمج الاشتراكية مع الرأسمالية أو الشيوعية أو كليهما.

صورة متعلقة توضيحية

 

كيف يعمل اقتصاد السوق الاشتراكي الصيني؟

لا يزال جزء كبير من الاقتصاد الصيني يخضع لسيطرة الحكومة، على الرغم من انخفاض عدد البرامج الحكومية بشكل كبير. يتم تغطية نفقات الرعاية الصحية، على سبيل المثال، لـ 95٪ من السكان من خلال ثلاثة برامج تأمين عامة.

كما يقال إن الشركات المملوكة للقطاع الخاص تولد جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي للصين بما يقارب الـ60 ٪، حيث تساهم الشركات المملوكة للدولة بنسبة 40 ٪ فقط.

وبالرغم من أن السياسة الخارجية للصين لا تزال مؤيدة للاشتراكية، إلا أنها أصبحت أساسًا اقتصاد السوق الحر، لذلك يمكن القول إن الصين لم تعد "اقتصادًا اشتراكيًا خالصًا".

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على