تحقيق مسبار
منح ميثاق مجلس الأمن حق النقض الفيتو للدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وبالاعتماد على هذا الحق تستطيع العديد من الدول -التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية- الاعتراض على مرور أي من المشاريع ذات العلاقة بالمسائل الموضوعية، خلافًا للمسائل الإجرائية التي لا يمكن استخدام حق الفيتو للاعتراض عليها بشكل مباشر.
ما هو حق النقض الفيتو؟
يمكن تعريف حق النقض الفيتو بأنه السلطة التي تعترف بها الأمم المتحدة للدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وبموجب هذه السلطة يتم تخويلها بمنع مجلس الأمن من اتخاذ القرارات التي تتعلق بالمسائل الموضوعية. منذ تأسيس مجلس الأمن وحتى الوقت الراهن تم استخدام هذا الحق عشرات المرات.
من هي الدول التي لها حق النقض الفيتو؟
تقتصر دول الفيتو في مجلس الأمن على جمهورية روسيا الاتحادية التي حلت مكان الاتحاد السوفياتي، وجمهورية الصين الشعبية، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، والجمهورية الفرنسية، والولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدول الوحيدة التي لديها مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
في عام 2018 قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام حق النقض الفيتو ضد قرار تدعمه الدول العربية لإدانة عنف الاحتلال الإسرائيلي وبحث سبل حماية المدنيين، وانتشرت بعض المقاطع حول الجلسة التي تضمنت هذا القرار على أنها محاولة من مندوبة أمريكا لإيقاف قرار بمنع الاحتلال من اجتياح غزة عام 2023، وأثبت تحقيق مسبار بأن الادعاء في هذه المقاطع مضلل.
ما الدولة الأكثر استخدامًا لحق النقض الفيتو؟
لا شك بأن الاتحاد السوفياتي ثم جمهورية روسيا الاتحادية من بعده أكثر الدول استخدامًا لحق الفيتو على الإطلاق، منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي وحتى الوقت الراهن. في فترة مبكرة من تاريخ مجلس الأمن أكثر الاتحاد السوفياتي من استخدام هذا الحق؛ للوقوف في وجه القرارات التي أرادت الولايات المتحدة الأمريكية تمريرها في مجلس الأمن أيضًا.
ما هي قاعدة استخدام حق الفيتو؟
حددت المادة السابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة طريقة التصويت في مجلس الأمن الدولي، ونصّت هذه المادة على أن القرارات غير الإجرائية تصدر بموافقة أصوات 9 أعضاء، على أن تكون بينها أصوات الدول ذات العضوية الدائمة، وإذا استخدمت هذه الدول حق النقض الفيتو؛ فإن القرارات لا تصدر عن مجلس الأمن.
يتم إصدار القرارات الإجرائية في مجلس الأمن الدولي بموافقة أصوات 9 أعضاء دون اشتراط اتفاق الدول دائمة العضوية خلافًا للمسائل الموضوعية، وهذا يعني أن حق الفيتو لا يشمل المسائل الإجرائية، ويجدر الذكر بأن أطراف النزاع لا يحق لها التصويت على قرارات مجلس الأمن الموضوعية.
ما هي أنواع حق النقض الفيتو؟
لا شك بأن أنواع حق النقض الفيتو عديدة، ولا تقتصر على الفيتو الصريح الذي كثيرًا ما تستخدمه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وتبين القائمة الآتية أنواع الفيتو:
- الفيتو الحقيقي: في هذا النوع تقوم الدولة دائمة العضوية بالتصويت سلبًا ضد قرار أي من المشروعات التي يعرضها مجلس الأمن الدولي، ويُطلق على هذا النوع اسم الفيتو المُبسط أيضًا، وهو النوع الذي يشيع استخدامه عادةً.
- الفيتو المزدوج: تقوم الدول صاحبة حق النقض الفيتو باستخدام هذا الحق أحيانًا لتكييف المسألة بأنها موضوعية لا إجرائية، ثم تقوم باستخدام حق الفيتو مرةً أخرى للاعتراض على القرار، وهو ما يُعرف باسم الفيتو المزدوج.
- الفيتو بالوكالة: تستطيع الدولة التي تمتلك حق النقض الفيتو منح هذا الحق لغيرها من الدول دائمة العضوية، وهو ما يُعرف باسم الفيتو بالوكالة، ويتم استخدامه أحيانًأ إذا كانت الدول طرفًا في النزاع الذي يتم التصويت على قرار بشأنه في مجلس الأمن.
- الفيتو المستتر: يشير الفيتو المستتر إلى الدفع بثلث أعضاء مجلس الأمن الدولي للامتناع عن التصويت لصالح قرار أو دفعهم إلى التصويت ضد مشروع القرار، وكثيرًا ما استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النوع من حق النقض.
- الفيتو الجماعي: إذا اتفق الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن على عدم تمرير قرار؛ فإنهم يستطيعون الاتفاق على التصويت ضده أو الامتناع عن التصويت لضمان عدم وجود 9 أصوات، وهو ما يُعرف باسم الفيتو الجماعي.
متى تم استخدام حق النقض الفيتو أول مرة؟
تم استخدام حق النقض الفيتو أول مرة في التاريخ يوم 16 فبراير/شباط من عام 1946 ضد رسالة وصلت إلى مجلس الأمن من رئيسي الوفد اللبناني والوفد السوري، وكان هذا الاستخدام من قبل الاتحاد السوفياتي. استمر الاتحاد السوفياتي باستخدام حق النقض عدة مرات دون استخدام الدول الأخرى له حتى وقت متأخر.
لم تستخدم أية دولة حق النقض الفيتو على الإطلاق حتى حلول يوم30 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1955، مما يعني أنه كان بعد مرور أكثر من 10 سنوات على استخدام الاتحاد السوفياتي لهذا الحق أول مرة، وثم عاد الاتحاد السوفياتي ليستحوذ على جميع قرارات الفيتو حتى يوم 13 سبتمبر/أيلول من عام 1963.
هل كان حق النقض الفيتو جديدًا بعد تأسيس مجلس الأمن؟
لم يكن حق الفيتو جديدًا بعد تأسيس الأمم المتحدة، وإنما كان هناك حق مشابه له في عصبة الأمم أيضًا؛ فإن قانون عصبة الأمم أتاح لكل عضو من الدول الأعضاء الاعتراض والنقض في المسائل غير الإجرائية، ولكن عدد الدول التي سمحت لها الأمم المتحدة بالحصول على حق الفيتو أقل من عدد الدول التي كانت تتمتع بهذا الحق في عصبة الأمم.
هل حدد ميثاق الأمم المتحدة الفرق بين المسائل الإجرائية وغيرها؟
لم ينص ميثاق الأمم المتحدة على الفرق بين المسائل الإجرائية -التي لا يشملها حق النقض الفيتو- وغيرها من المسائل التي يطلق عليها اسم المسائل الموضوعية، ولذلك تلجأ بعض الدول التي تمتلك حق النقض إلى استخدامه للاعتراض على توصيف المسألة وجعلها مسألة موضوعية ثم استخدام الفيتو للوقوف دون إقرارها في مجلس الأمن، وربما يكون عدم تحديد الفرق واحدًا من عيوب حق الفيتو.
ما هي آخر الدول استخدامًا لحق الفيتو؟
في الأعوام الأخيرة وحتى يوم 11 ديسمبر/كانون الأول من عام 2023 تم استخدام حق النقض الفيتو عدة مرات؛ نظرًا للمتغيرات التي يشهدها العالم، وتتضمن القائمة الآتية آخر الدول استخدامًا لهذا الحق على الإطلاق:
- في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 قامت جمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية باستخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار يتحدث عن الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
- قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام حق النقض الفيتو يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 ضد أحد مشاريع القرارات التي رُفِعت إلى مجلس الأمن في شأن القضية الفلسطينية والحالة داخل الشرق الأوسط.
- تم استخدام حق الفيتو من قبل جمهورية روسيا الاتحادية يوم 11 يوليو/تموز من عام 2023 ضد مشروع قرار تم رفعه إلى مجلس الأمن الدولي في شأن الوضع داخل الشرق الأوسط.
- تم رفع مشروع قرار في شأن الحفاظ على الأمن والسلام داخل أوكرانيا، إلا أن جمهورية روسيا الاتحادية استخدمت حق الفيتو ضد هذا المشروع في مجلس الأمن يوم 30 سبتمبر/أيلول من عام 2022.
- في يوم 8 يوليو/تموز من عام 2022 قامت جمهورية روسيا الاتحادية باستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار حول الوضع في الشرق الأوسط.
- استخدمت جمهورية الصين الشعبية حق الفيتو إلى جانب جمهورية روسيا الاتحادية يوم 26 مايو/أيار من عام 2022 للاعتراض على مشروع قرار ضد كوريا الشمالية فيما يتعلق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
اقرأ/ي أيضًا:
