تحقيق مسبار
في ظل الحكم الإسلامي وانتشاره خارج الجزيرة، توالت على الحكم الإسلامي عدّة حِقب للحكم، قد يكون أهمها حقبة حكم العباسيين أو الدولة العباسية، وحقبة حكم الأمويين أو الدولة الأموية، ولكن ما هي الدولة الأموية؟ وهل عدد الخلفاء الأمويين 14؟
ما هي الدولة الأموية؟
الدولة الأموية اسم يشار به لحكم بنو أمية للدولة الإسلامية، وتوليهم الخلافة، وهي أحد أبرز العائلات وأوائلها، والتي توالت على الخلافة وتوارثتها، امتد حكم الدولة الأموية ما يقارب الـ 89 عام، ما بين عامي 661 الى 750 ميلادية.
ينحدر الأمويون من العائلات الكبرى في قريش، وينسبون لجدهم أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة، وكان أن تأخر إسلام معظم الأمويين إلى ما بعد فتح مكة، إلا أَنَّ منهم من كان من السابقين للإسلام كالخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويعد أبو سفيان أبرز وجوه بني أمية وسادتها، وتعد دولة الخلافة الأموية ثاني خلافة في تاريخ الإسلام من بعد خلافة الخلفاء الراشدين، وأكبر دولة في تاريخ الإسلام، وكانت عاصمة الدولة الأموية في مدينة دمشق.
ما هي حدود الدولة الأموية؟
بلغت أقصى حدود لدولة الخلافة الأموية في زمن الخليفة الأموي العاشر هشام بن عبد الملك، وامتدت من جنوب فرنسا في الغرب الى أطراف الصين شرقاً، ومن شبه الجزيرة جنوباً إلى الأندلس شمالاً، وتمكنت من فتح إفريقيا والمغرب، وكان تحت حكم دولة الخلافة الأموية ما يقارب 46 دولة من دول العالم الحالي.
هل عدد الخلفاء الأمويين 14؟
نعم، الخلفاء الأمويون هم 14 خليفة، توالوا على وراثة حكم الدولة الإسلامية، كان أول الخلفاء الأمويين الـ14 الخليفة معاوية بن أبي سفيان، أمّا آخر الخلفاء الأمويين الـ14 فكان الخليفة مروان بن محمد.
الخلفاء الأمويين الـ14
تالياً أسماء الخلفاء الأمويين الـ14 ونبذة قصيرة عن كل منهم:
- معاوية بن أبي سفيان 661-680 ميلادية
المؤسس لحكم الأمويين والخليفة الأول من الخلفاء الأمويين الـ14، وُلِد في مكّة المكرّمة، وأسلم بفتح مكة، وكان من كُتّاب الوحي، ويُعرَف عنه روايته الأحاديث عن النبي وعن صحابته الأوائل، كما يعرف عنه الدهاء في السياسة والشجاعة والإقدام في الحرب، وقد توفي في عام 60 للهجرة، وكان أن فُتِحت الكثير من البلاد في عهده، مثل: جزيرة رودس، وبلاد السّند، أيضاً أرسل معاوية جيشاً لفتح القسطنطينيّة عام 48 للهجرة، إلّا أنّ الجيش لم يُفلح في فتحها.
- يزيد بن معاوية 680-683 ميلادية
ثاني الخلفاء الأمويين الـ14، ولد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان عام 26 للهجرة، وكانت ولادته إبان خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وقد كان أبوه معاوية بن أبي سفيان وقت ولادته أميراً على الشّام، وأولى معاوية ابنه يزيد الكثير من الاهتمام، وعلّمه العدل ونصرة المظلوم، وعندما تسلم معاوية خلافة المسلمين أرسل ابنه يزيد لفتح القسطنطينيّة، وفي أثناء خلافة يزيد، شارك الصّحابة معه في غزواته وفتوحاته.
- معاوية بن يزيد 683-684 ميلادية
بعد أن وافت المنية يزيد بن معاوية أصبح معاوية بن يزيد خليفة الدّولة الأمويّة وحاكمها، وقد اختُلِف في مُدّة حُكمه القصيرة، ومن المؤرخين من قال إنه حكم أربعين ليلة إلى شهرين، ولم ير معاوية بن يزيد في فترة خلافته النّاس بسبب مرضه، ونشبت صراعات بين الأمويّين وابن الزّبير من أجل الخلافة، بعد تنازل معاوية عنها بسبب مرضه، إلّا أنّها في نهاية الأمر كانت لصالح الأمويّين، وأصبح مروان بن الحكم خليفة المسلمين الأموي الرابع في عام 64 هجري.
- مروان بن الحكم 684-685 ميلادية
تسلم رأس خلافة الدّولة الأمويّة بعد معاوية بن يزيد في عام 64 للهجرة، وفي العام 65 للهجرة غزا مصر، واستردّها وأعادها تحت راية الأمويين من عبد الرّحمن بن جحدم الذي كان تابعاً لابن الزّبير، واستخلف ابنه عبد العزيز والياً عليها، وقد توفّي في دمشق عام 65 للهجرة.
- عبد الملك بن مروان 685-705 ميلادية
في العام 65 للهجرة، تسلّم عبد الملك بن مروان رأس الخلافة الإسلاميّة، وكانت الدّولة ترضخ تحت ظرف سيئ من الانقسامات والفتن، حيث كان ابن مروان لا يملك سوى بلاد الشّام، وعزم بعد توليه للخلافة توحيد البلاد الإسلاميّة، ويحسب لعبد الملك بن مروان تعريبه لدواوين الخراج، كما يحسب له أيضاً إصدار عملة إسلاميّة موحَّدة ذات وزن ثابت، تلك الخطوة التي جعلت من الاقتصاد الإسلامي أكثر قوةً ومنعة، توفّي عبد الملك بن مروان في عام 86 للهجرة، واستلم الحُكم من بعده ابنه الوليد.
- الوليد بن عبد الملك 705-715 ميلادية
تسلم الخلافة من بعد وفاة والده عبد الملك بن مروان، وكان الوليد أحد التقاة الصالحين المحبين للقرآن، وقد اهتمّ بتوسعة مسجد الرّسول عليه السلام، كما جعل من مسجد دمشق أحد أجمل المساجد نظراً لتوليه أمور زينته، ويُعدّ عصر الوليد عهد ازدهار الدولة الأمويّة واتساعها، فقد وصلت حدود الدّولة الإسلاميّة حتى الأندلس والصّين وتوفّي الوليد عام 96 للهجرة.
- سليمان بن عبد الملك 715-717 ميلادية
وُلِد سليمان بن عبد الملك في المدينة المنوّرة، إلا أنّه عاش وترعرع في الشّام، وقد تسلم الخلافة بعد وفاة أخيه الوليد بن عبد الملك، وعرف عن سليمان تقواه وزهده وورعه، وقد كان أحد المرابطين في مرج دابق، وقد توفّي فيها عام 99 للهجرة، وتسلم الخلافة من بعده ابن عمّه عمر بن عبد العزيز.
- عمر بن عبد العزيز 717-720 ميلادية
تسلم خلافة الدّولة الأمويّة بعد وفاة الخليفة سليمان بن عبد الملك ابن عمه عمر بن عبد العزيز، وكان لعمر نهجه الخاص في السّياسة والحكم ونشر العلم، حيث علّم الناس سُنّة نبيّهم، وكان مهتماً بالعمل بما يقوله كتاب الله وسُنّة نبيّه عليه السّلام، أنصف عمر بن عبد العزيز في فترة خلافته النّاس ورفع عنهم الظلم، ونشر العدالة بينهم، لذلك عُرِفت فترة حكمه بأنّها فترة عادلة، ويرى أهل السنة والجماعة أن عمر بن عبد العزيز هو خامس الخلفاء الراشدين، وأنه مثال الحاكم العادل الزاهد الورع.
- يزيد بن عبد الملك 720-724 ميلادية
عقب وفاة عمر بن عبد العزيز تسلم يزيد خلافة الدولة الأموية، وكان محبوباً زاهداً متواضعاً، وقد استكمل ما بدأه عمر بن عبد العزيز في بداية خلافته، إلّا أنّه لم يستطع الاستمرار في السّير على منهج عمر بن عبد العزيز، لذلك لم يكتب ليزيد النجاح في الخلافة مثل عبد الملك بن مروان، ولا النجاح في السياسة مثل معاوية، وكانت فترة خلافته عاديّةً جداً مقارنةً بخلافة عمر بن عبد العزيز.
- هشام بن عبد الملك 724-743 ميلادية
وُلِد عام 72 للهجرة، وتولّى خلافة المسلمين بعد وفاة يزيد بن عبد الملك، وأولى أبناءه التربية الجيدة، وكان ممن يشاركهم في الحروب ويسلّمهم قيادة الجيوش، وكان هشام أحد المولعين بالخيل، فأنشأ للخيل حلبةً للسّباق، كما كان مُحبّاً للأدب وخصوصاً أدب الأُمم الأخرى وأمر بترجمة العديد من الكتب للعربية.
- الوليد بن يزيد 743-744 ميلادية
تسلم الوليد رأس الخلافة الاسلامية بعد وفاة عمّه هشام بن عبد الملك، وقد ذُكِرت أقوال مُتناقضة عن شخصيّته وعن فترة خلافته، فبعض المصادر بالغت في الحديث عن سلوكه غير جيد، في حين أنّ هناك مصادر أخرى تحدّثت عنه بوصفه الخليفة الذي أجمع عليه المسلمين، وكانت نهايته مقتولاً في تدمر، بعد أن حاصره جيشٌ بقيادة عبد العزيز بن الحجّاج بن عبد الملك.
- يزيد بن الوليد 744 ميلادية
عرِف عن يزيد بن الوليد أخلاقه وورعه، وتشبّهه في نهج عمر بن عبد العزيز، إلّا أنّه توفّي بعد تولّيه الخلافة بستّة أشهُر، تاركاً بني أمية بين الكثير من الخلافات والصراعات.
- إبراهيم بن الوليد 744 ميلادية
تسلم إبراهيم بن الوليد الخلافة بعد وفاة أخيه يزيد، وكانت فترة خلافته قصيرةً جداً قاربت أربعة أشهر، وتسلّم من بعده الخليفة مروان بن محمد.
- مروان بن محمد 744-750 ميلادية
آخر الخلفاء الأمويين الـ14، عُرِف عن مروان بن محمد بن عبد الملك الصلابة والشجاعة، إلا أن خلافته كانت شاهداً على طي صفحة خلافة بنو أمية.
نهاية الحكم الأموي وسقوط الخلافة الأموية
مع تولّي الخليفة مروان بن محمد كان قد اشتدّت انقسامات وصراعات المسلمين على بعضهم بعضاً، بين سنة وشيعة وخوارج وعرب وعجم، إضافة إلى ذلك، فقد تولدت النقمة لدى العديد من المسلمين على حكامهم الأمويّين من بعد مقتل الحسين في كربلاء، ومع ظهور العديد من الخلفاء الضّعفاء في بنو امية، والذين استبدّوا بالشّعب، كانت كلّ هذه عوامل أدت لسقوط الخلافة من يد الأمويين، بالإضافة لبدء تخطيط العباسيين لإقامة دولة لهم على أنقاض هذه الدولة المتهالكة، وفي عهد الخليفة الأخير مروان بن محمد، كان أن حدثت معركة الزاب الفاصلة في العراق بين جيش الأمويين وجيش العباسيين في منطقة الزاب، فكانت النهاية للدولة الأموية، وانتصر فيها جيش العباسيين وفرّ مروان بن محمد إلى مصر واختبأ هناك إلى أن قُتل، ودخل جيش العباسيين دمشق، لتُطوى بذلك صفحة الدولة الأموية وخلفائها.
ما هي أبرز إنجازات الدولة الأموية؟
يعتبر عصر خلافة الدولة الأموية أحد أهم العصور التي توارثت الحكم الإسلامي، وهذه أبرز إنجازات الدولة الأموية:
- عودة الفتوحات الإسلامية ووصول الإسلام لبلدان أخرى، وذلك عقب توقف الفتوحات الاسلامية بعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه.
- الاهتمام بالأسطول الإسلامي البحري وإنشاء السفن.
- القضاء على الفتن وتوحيد رقعة العالم الإسلامي تحت راية واحدة.
- إنشاء دور سك النقود في دمشق.
- فتح الأندلس.
- تنقيط القرآن الكريم.
- توسعة مساحة الحرمين الحرم المكي والحرم المدني.
- بناء الجامع الأموي الكبير بدمشق وبناء مسجد قبة الصخرة بالقدس الشريف وتجديد عمارة المسجد الأقصى.
- ازدهار العلوم والثقافة والمعارف، حيث قام الأمويون بتعريب العلوم المختلفة من عدة لغات كاليونانية وغيرها.