تحقيق مسبار
تُعتبر عمليات علاج المياه البيضاء في العين من العمليات الشائعة في مختلف أنحاء العالم، التي تتم في المراكز المتخصصة وعيادات أطباء العيون، لكن ما هي أسباب هذه الحالة المرضية، التي يُطلق عليها طبيًا اسم إعتام عدسة العين أو الساد، وتُصيب الأشخاص في مختلف الفئات العمرية؛ بالرغم من زيادة الحالات لدّى كبار السن، لكن ما هي أسباب وطرق علاج هذه الحالة والأعراض المصاحبة لها، هذا ما سنتحدث عنه في مقالنا وفق دراسات وأبحاث علمية مؤكدة.
ما هي أعراض الماء الأبيض في العين؟
إنّ تكوّن الماء الأبيض في العين يحدث ببطء ويُسبب مجموعةً من الأعراض المتمثلة في حجب الرؤية بشكل مباشر، التي يُمكن أن تتطوّر مع مرور الوقت وتصل إلى العمى الكلي؛ لذلك يجب اتخاذ الإجراءات المناسبة واتباع طرق العلاج التي يُحددها الطبيب وفق موقع الإصابة، ومن أهم الأعراض التي تُساعد على تشخيصها ما يلي:
- ضبابية الرؤية: يبدأ تأثير المياه البيضاء على الرؤية بشكل ضئيل؛ فقد تكون ضبابيةً في البداية ويزداد تأثيرها مع مرور الوقت.
- التأثير على الرؤية الليلية: بعد فترة من الإصابة بالمياه البيضاء يُصبح الإعتام أكثر تطورًا، ويُسبب عدم وضوح الرؤية الليلية ويجعل الأنشطة الليلية أكثر صعوبة.
- حساسية الضوء: يُعاني المصابون بالمياه البيضاء من حساسية مفرطة تجاه الضوء، خصوصًا عند المصابين بالإعتام الخلفي تحت المحفظة أو في جزء العدسة الخلفي، الذي يُسبب إغلاقًا لمسار الضوء وبالتالي التأثير على القراءة.
- ظهور الهالات حول الأضواء: الغشاوة على العدسة قد تُسبّب انحراف الضوء الداخل للعين؛ مُسببًا ظهور هالات حول مصادر الضوء المختلفة أو الحلقات بألوان متنوعة، وهذا يُعتبر مزعجًا في الليل بسبب المصابيح المتنوعة، كما يكون مزعجًا في النهار بسبب ضوء الشمس.
- تغير البصر بسرعة: قد يُعاني بعض الأشخاص من تدني مدى الرؤية لديهم وضعف نظرهم بالتدريج؛ ممّا يُسبّب الحاجة إلى نظارات جديدة وعدسات في كل مرة.
- انتشار اللون الأصفر: في الحالات المتقدمة قد يتحوّل كل شيء حول المريض إلى اللون الأصفر؛ بسبب تحوّل كتل البروتين فوق العدسة إلى اللون الأصفر أو البني، الذي يصبغ الضوء الداخل للعدسة فيبدو كل شيء مصفرًا، كما يُقلّل القدرة على تمييز الألوان.
- إزدواجية الرؤية: وهذا بسبب الانحراف الناتج عن الغشاوة على العدسة، الذي يُسبّب الضعف أو إزدواجية الرؤية.
أسباب الماء الأبيض في العين
يتكون الماء الأبيض في العين نتيجة تراكم البروتين في عدسة العين مسببًا منع مرور الضوء بوضوح وفقدان البصر بشكل تدريجي، ويُسبب هذه الحالة مجموعة من العوامل والأسباب التي يُمكن تجنبها أو التقليل منها؛ لتقليل مخاطر الإصابة بالمياه البيضاء، ونذكر منها:
- التعرض المفرط للشمس دون حماية.
- التدخين.
- الإصابة بمرض السكري.
- استخدام المضادات الستيرويدية.
- التعرض للإشعاع.
كيف يمكن علاج المياه البيضاء في العين؟
الحقيقة أن عملية علاج الإعتام ممكنة وتحقّق نتائجًا جيدة في معظم الحالات؛ إذ يتعافى 9 من كل 10 أشخاص مصابين وتعود الرؤية لوضعها الطبيعي بعد الجراحة؛ إلّا إنّ بعض الأشخاص يُصابون بتعتيم الكبسولة الخلفية عندها يجب إخضاعُهم لجراحة ثانية، بالرغم من أن المياه البيضاء في العين لا تُعتبر حالة طبية طارئة ويُمكن تأجيلها في معظم الحالات، لكنها قد تُسبّب العمى الكامل إذا تم تأجيلها لفترة طويلة دون علاج، كما أن علاج الأطفال المصابين بها يستدعي التدخل السريع لتجنب المخاطر المستقبلية. يجب التنويه هُنا إلى أن طرق العلاج تعتمد على أنواع الإعتام الثلاثة، التي يؤثر كل منها على جزء من العدسة، وهذه الأنواع هي:
- إعتام العدسة الخلفي تحت المحفظة.
- إعتام العدسة النووي وسط العدسة.
- إعتام العدسة القشري، الذي يظهر على شكل خطوط صغيرة على جانب العدسة.
أنواع جراحة المياه البيضاء
معظم أنواع جراحة المياه البيضاء تتضمن استبدال العدسة القديمة بزراعة عدسة باطن العين وفق تقنيات جراحية معينة، وتشمل هذه الجراحات مجموعة من الأنواع هي:
- استحلاب العدسة: أو جراحة شق صغير؛ إذ يتم عمل شق صغير بطول 2 إلى 3 ملم في قرنية العين خلال هذه العملية الجراحية، ثم استخدام مسبار فوق صوتي لكسر تجمع الماء البيضاء بالاهتزاز، وإزالة الشظايا بواسطة الشفط، بعدها يتم إدخال عدسة قابلة للطي من خلال الشق، وهذه التقنية أو الجراحة تترك جرحًا صغيرًا يتم شفاؤه من تلقاء نفسه.
- جراحة استخراج المياه البيضاء خارج المحفظة: وهي عملية أو تقنية ذات مضاعفات أخطر من تقنية استحلاب العدسة؛ لأنها تتم عن طريق شق أكبر بطول يتراوح بين 9-13 ملم يتم فيه إزالة العدسة المصابة وإدخال عدسة بديلة، وتُعتبر تكلفتها القليلة نسبيًا سبب استخدامها في معظم الحالات.
- جراحة استخراج المياه البيضاء اليدوية بشق صغير: لا تختلف هذه التقنية عن سابقتها من حيث الأعراض الناتجة عن طول الشق والتكلفة الأقل نسبيًا من استحلاب العدسة؛ إلّا إنّها تتميز بتغيير شكل الشق الخارجي الذي يكون بطول 6.5-7مم، أما الشق الداخلي فيصل إلى 11مم وقد أكدت بعض الدراسات أن هذه التقنية واستحلاب العدسة لها نفس المضاعفات على المدى البعيد، لكن الاستحلاب تُعتبر ذات نتائج أفضل على المدى القصير ومضاعفاتها أقل في الأشهر الأولى.
- إزالة المياه البيضاء باستخدام الليزر: في هذه الجراحات يتم استخدام الليزر؛ لعمل الشق المقوس في العين بدلًا من الشق اليدوي؛ إذ يعمل الليزر أيضًا على تقسيم الماء الأبيض ويجعل عملية سحبه أسهل، كما أن نتائج الشفاء أسرع نسبيًا؛ إلّا إنّ هذه التقنية تُعتبر الأعلى سعرًا بين التقنيات المستخدمة.
- جراحة إزالة المياه البيضاء داخل المحفظة: وهي عبارة عن تقنية قديمة يتم فيها إزالة العدسة بالكامل مع كبسولاتها؛ من خلال شق كبير نسبيًا؛ لهذا تُستخدم بشكل قليل نظرًا مضاعفتها الأخطر.
أنواع العدسات المستخدمة بعد جراحة إزالة المياه البيضاء في العين
بعد اعتماد التقنية المناسبة لسحب المياه البيضاء في العين يتم اختيار نوع العدسة الجديدة المستخدمة وفق نمط الحياة والسعر المناسب لكل حالة، وتكون الخيارات المتاحة ضمن الأنواع التالية:
- العدسات أحادية البؤرة: تُعتبر من أكثر الأنواع المستخدمة في العدسات، وتُحقّق أقصى قدر من الرؤية على مسافات معينة، لكن يحتاج المريض أحيانًا لاستخدام نظارات الرؤية القريبة.
- عدسات توريك: هذا النوع من العدسات يُساعد أيضًا في تصحيح حالات الاستجماتيزم، وهي إحدى عيوب الإبصار المتمثلة في عدم قدرة العينين على التركيز على نقطة واحدة؛ بسبب عدم تركيز الضوء المنعكس على الشبكية على نقطة واحدة، وهذا يسبب عدم وضوح الرؤية.
- عدسات عمق التركيز البؤري الممتد: تُستخدم هذه العدسات لزيادة المسافة والرؤية الوسيطة إلى أقصى حد؛ لذلك تعد الخيار الأفضل لدى الأشخاص الذين يستخدمون الكمبيوتر بشكل أكبر.
- عدسات متعددة البؤر: هذا النوع من العدسات يُساعد على رؤية الأشياء البعيدة والقريبة؛ بفضل تقنية فصل الضوء الداخل للعين، وهذا قد يسبب هالات ضوئية وانفجارات نجمية في الرؤية عند بعض الأشخاص.
ما هي إجراءات علاج المياه البيضاء في العين؟
بعد تشخيص وجود مياه بيضاء في العين يعمل الطبيب على تحضير المريض عن طريق إعطائه الموجات فوق الصوتية قبل العملية بأسبوع، وإجراء القياسات لتحديد حجم وشكل العينين والإجراء المناسب لها، كما يُمكن إعطاء المريض بعض القطرات العلاجية، ثم يتم إجراء الجراحة في المستشفى أو المركز والخروج منه في نفس اليوم وممارسة الحياة الطبيعية مع التحذيرات من تناول الكحول وبعض الأطعمة الصلبة خلال 6 ساعات من إجرائها، ويستخدم الطبيب عادةً البنج الموضعي لتخدير العين على شكل قطرة أو حقنة، وبعد الجراحة يمكث المريض في العيادة لفترة وجيزة؛ إذ تنتهي الجراحة خلال 30 دقيقة فقط.
الممنوعات بعد الجراحة
لا تُعتبر جراحات علاج المياه البيضاء في العين مؤلمة؛ بسبب التخدير الموضعي، لكن من المحتمل الشعور ببعض الألم بعدها مباشرة ويتم التحسّن خلال أيام معدودة، فيما قد يحتاج البعض لبضعة أشهر للتعافي، ويُمكن بعدها استخدام القطرات الخاصة ومضادات الالتهاب، وقد يوصي الطبيب بالقيام بعض السلوكيات في الأيام التي تلي الجراحة مباشرة؛ مثل:
- الامتناع عن القيادة لمدة أيام معدودة لحين التعافي.
- تجنّب رفع الأشياء الثقيلة أو الإنحناء خلال الأيام الأولى.
- النوم على الظهر أو على جهة العين السليمة؛ لتجنُب الضغط المباشر على العدسة الجديدة.
- الامتناع عن ممارسة الرياضة خلال الأسبوع الأول من الجراحة.
- منع دخول الماء والصابون إلى العين المصابة.
- الامتناع عن فرك العين.
- الامتناع عن السباحة.
- منع استخدام مستحضرات التجميل؛ مثل الماسكرا أو كريمات الوجه لمدة أسبوع أو أسبوعين.
- تجنّب صبغ الشعر أو استخدام المواد الكيماوية.
- تجنّب استخدام حمامات البخار والمياه الساخنة.
- تجنّب التعرّض للغبار.
المضاعفات المحتملة
قد تكون عمليات إزالة المياه البيضاء آمنة بشكل عام؛ لكنها قد تحمل بعض الأخطار والأعراض الجانبية التي تستمر لفترة معينة بعد الجراحة؛ ومنها:
- عدم وضوح الرؤية: يُمكن أن يُصاب المريض ببعض التشويش وعدم وضوح الرؤية، وهذا العرض قد يستمر لأيام أو أسابيع.
- ظهور عوائم العين: وهي عبارة عن ظهور بقع في الرؤية تُسبب عدم وضوحها، وقد تكون دليلًا على تمزق الشبكية.
- جفاف العين: قد تُصاب العين ببعض الجفاف والخشونة، ويتم علاجها عادةً باستخدام القطرات.
- ألم في العين: قد يُصاحب الجراحة بعض الألم، لكن الألم الشديد قد يكون بسبب مضاعفات أكبر أو عدوى في الجرح.
- الرؤية المزدوجة: قد تكون الرؤية المزدوجة من الأعراض البسيطة التي تختفي في غضون أيام بعد تعوّد العقل على حدّة الرؤية الجديدة.
- التهاب مقلة العين: في بعض الحالات البسيطة، التي تتراوح بين 0.05-0.30 فقط، تُصاب مقلة العين بالتهاب سوائل العين الداخلية.
- حساسية التخدير: بعض الأشخاص لديهم رد فعل تحسّسي من التخدير لكنها قليلة نسبيًا.
علاج احمرار العين بعد عملية المياه البيضاء
من المضاعفات المحتملة لعملية المياه البيضاء ظهور الإحمرار الناتج غالبًا عن جفاف العين، التي قد يُصاحبها أعراض أخرى؛ مثل: التهيج والحرقة والجفاف وبعض التغيرات في الرؤية، مع الشعور بوجود حصى وضبابية الرؤية أثناء القراء وغيرها من الأمور المزعجة، التي يُمكن علاجها عادةً عن طريق:
- قطرات الدموع الاصطناعية التي تُساعد في تقليل جفاف العين.
- استخدام المضادات الحيوية الموضعية لتقليل الالتهاب.
- استخدام بعض المكملات الغذائية؛ ومنها أحماض أوميغا 3، التي تُقلل من جفاف العيون.
اقرأ/ي أيضًا:
هل ارتفاع الضغط يسبب احمرار العين فعلًا؟
هل فقر الدم يسبب اصفرار العين فعليًا؟