تحقيق مسبار
جميع المُهتمين في الموسيقى العربية أو الراغبين في تعلّم العزف على العود يبحثون بدايةً عن عدد أوتار آلة العود، التي يُمكن تعريفها بأنه آلة وترية أوتارها موازية للبطن وتعمل على طول رقبته؛ لذلك يندرج تحت اسم العود عِدّة آلات وترية؛ منها السيتار الهندي والرباب الإندونيسي والكمان والجيتار؛ إذ يُشير مُصطلح العود في أوروبا إلى آلة مُنتفخة كانت شائعةً في القرنين السادس عشر والسابع عشر وتحديدًا في عصر النهضة.
ويُعتبر العود من الآلات ذات الأصول العربية التي انتقلت إلى أوروبا في القرن الثالث عشر عن طريق إسبانيا، ومع ذلك فإنّ العود العربي الحالي يختلف نسبيًا عن العود الأوروبي، كما يختلف في تركيا والدول الأُخرى من حيث عدد الأوتار والشكل وبعض التفاصيل الأُخرى التي سنتحدث عنها بالتفصيل.
هل عدد أوتار العود خمسة؟
الحقيقة لا؛ إذ تختلف عدد أوتار آلة العود من دولة لأُخرى، لكن يمكن الجزم بأن العود من أبرز الآلات المطلوبة والشائع استخدامها في مختلف أنواع المُوسيقى، ويمكن القول أنه يوجد مجموعة من الاختلافات والمعايير التي يجب الانتباه لها عند الرغبة في اقتناء عود مُعيّن؛ لأنها تؤثر على طريقة العزف والتعلّم أيضًا، ومن أهم الاختلافات الموجودة ما يلي:
- الأنواع: تأتي هذه الآلة في أنواع مُختلفة وأكثرها شيوعًا العود العربي المكوّن من 11 سلسلة وتتعدّد استخداماته ونغماته الإيقاعية، ومن الأنواع الأُخرى العود التركي والعود الإيراني والعود العراقي.
- التصميم: يختلف تصميم العود من حيث المسافة بين لوحة الأصابع والأوتار؛ إذ يُفضّل المبتدئون العود المُصمّم بمسافة صغيرة لأن هذا يجعل العزف أسهل، أمّا المحترفون فيُفضّلون المسافة الكبيرة المُتطلبة لحركة عالية.
- أنواع الأوتار: تختلف أنواع الأوتار باختلاف نوع العود؛ فالعود العربي أوتاره تختلف عن التركي ولكلِّ نوعٍ نغمات مُختلفة.
- المواد المُستخدمة في صناعته: تختلف أنواع العود من حيث المواد المُستخدمة في صناعته؛ إذ تُعتبر أفضلها المصنوعة من خشب الأبنوس؛ إلّا إنّ بعضها يُصنع من خشب القيقب أو الجوز، كما تحتوي على أوتاد ضبط ولوحة أصابع وهذه تُساعد المُبتدئين في تعلّم العزف على العود بشكل أكبر.
ما هي التغييرات التي طرأت على عدد أوتار آلة العود؟
يمتلك العود الأوروبي جسمًا كبيرًا يشبه الكُمّثرى وعُنقًا مائلًا إلى الخلف وخيوطًا مربوطةً بجسر مُلتصق في بطن الآلة، كما يتميّز بفتحة كبيرة في البطن مُزخرفة ومنحوتة، وقد طرأ على العود عِدّة تغييرات من حيث عدد الأوتار يمكن تلخيصها كما يلي:
- العود العربي القديم كان مكوّنًا من أربع أوتار يتم تحريكها بواسطة ريشة، لكن بحلول القرن الرابع عشر تغيّر عدد الأوتار فأصبحت أربع أزواج أو دورات.
- في القرن الخامس عشر تمّ التخلّي عن الريشة وأصبح العزف يتم من خلال الأصابع، كما تمّ إضافة الحنق، ثم أُلحقت الأوتار لدورة خامسة.
- بحلول القرن السادس عشر تمّ إضافة دورة سادسة من الأوتار المزدوجة باستثناء الدورة الأولى المُحتوية على وتر واحد، كما تمّت كتابة النوتات الموسيقية بالاعتماد على الحروف والأشكال الموضوعة على السطور، التي تُشير إلى الحنق والأوتار التي يتم نتفها باستخدام اليد اليمنى.
- بعد عام 1600 أُدخلت للعود ضابطات مُعدّلة من قِبل الفرنسيين، وتمّ التعديل على أوتار العود بإدخال وترباس أو دياباسون؛ ممّا اضطرهم لتكبير رقبة الآلة ورأسها.
كم عدد أوتار آلة العود؟
ذكرنا أن كل نوع من أنواع العود له عددٌ مُختلفٌ من الأوتار؛ لذلك لا يُمكن الجزم بعدد أوتاره بشكل مُطلق؛ إلّا إنّها تتراوح بين 11-13 وترًا. هنا سنتحدث عن بعض أنواع العود المعروفة والمشهورة في وقتنا الحالي وعدد أوتارها:
- العود التركي المُبتدئ: المعروف باسم الفراشة التركية، وهو آلة مصنوعة يدويًا يحتوي على لوحة أصابع زخرفية تُساعد المُبتدئين على تعلُم وإتقان العزف بسهولة، أمّا عدد أوتاره فهو مكوّن من 11 سلسلة مُزدوجة من الأوتار يمكن زيادتها أو إنقاصها حسب رغبة المُستخدم، ويُعتبر مثاليًا للمُبتدئين بسبب المساحة الصغيرة بين لوحة الأصابع والأوتار التي تجعل الحركة أقل والتنقّل أسهل، ومن ناحية أُخرى فهذه المسافة تنتج صوتًا ساطعًا وواضحًا تجعله مثاليًا للمُبتدئين.
- عود الجوز التركي (بادوك عود): هذا العود مصنوع من خشب البادوك والجوز، يتمتّع بصوتٍ مُمتاز ومتانة عالية مُقارنةً بالأنواع الأُخرى وأوتاده مصنوعة من عظام الماشية؛ لذلك يُعتبر متينًا بشكلٍ كافٍ، كما يحتوي على 11 وتدًا خشبيًا، أمّا عدد أوتاره فيحتوي على 5 دورات مزدوجة من الأوتار وثلاث ثقوب صوتيّة تُعزّز وضوح الصوت، كما أنه لا يُعتبر من الآلات الكبيرة جدًا في الجسم بل يأتي حجمه متوسطًا، كما يتميّز بتكلفته المُنخفضة نسبيًا، وهذه الصفات تجعله خيارًا ملائمًا للمُبتدئين.
- العود التركي الاحترافي (النجم التركي): يُعتبر من الأنواع عالية الجودة ويأتي بتصميم مُميّز مع لوحة أصابع زُخرفيّة، أمّا المواد الخشبية فهي مصنوعة من خشب الماهونجي والأبنوس، كما يحتوي على لوحة صوت رفيعة لإنتاج الأصوات الغنيّة والعميقة بفضل ترددها بين نطاق مُرتفع ومُنخفض، كما أن عدد أوتاره 11 وترًا ويُعتبر من الخيارات المُلائمة للمُحترفين بسبب صوته الواضح وسهولة التكيُّف معه بسبب أبعاده المُناسبة؛ إذ يبلغ طوله 50 سم، أمّا عرضه 37 سم، كما يبلغ طول العُنق 19.5 سم.
أنواع أُخرى من العود
- عود خشب الجوز التركي: هو عود مصنوع من شجرة الجوز، التي تُعتبر من أفضل الخامات في صناعة العود وكانت تُستخدم مُنذ العصور القديمة؛ بسبب مقاومة الجوز للخدش ومتانته. ويبلغ طول هذا العود 59 سم، أمّا وعائه فيبلغ طوله 48 سم وعرضه 37 سم، كما أن أوتاده مصنوعة من خشب الأبنوس، فيما يتكوّن من 5 دورات مزدوجة من الأوتار أو ستّة، ويعتبر من الآلات المُناسبة للمُبتدئين.
- العود الكهربائي بإطار أسود: يُعتبر هذا العود تُحفةً فنيّةً مصنوعةً يدويًا في مصر القديمة، كما يُعتبر مزيجًا بين الثقافة العربية والغربية، يحتاج إلى توصيله بالكهرباء أثناء العزف، فيما يتميّز بإطاره الأسود الرفيع الأصغر من آلات العود التركية والعربية الأُخرى، كما أن جسمه ولوحة الأصابع مصنوعة من الخشب الصلب، وفيما يخص عدد أوتار آلة العود فإنه مكوّن من 11 سلسلة، وهذا العدد هو الأشهر في الأعواد التركية.
- العود الحلبي روزوود: هذا العود مُستوحى من الثقافة السورية القديمة ويُعتبر من التُحف الفنيّة، يُنتج أصواتًا غنيّةً مُشابهةً لصوت الكمان، كما يتكوّن من خمس مسارات مزدوجة من الأوتار تُعطي صوتًا أعمقًا ومُختلفًا عن العود العادي. يبلغ طوله قُرابة 87.6 سم، أمّا عرضه فيَصل إلى 403 سم، ويدخل في تصميمه خشب الماهوجني وشجر البلوط ويُعتبر مُناسبًا للمُحترفين؛ بسبب إمكانية التعديل على عدد الأوتار.
- عود الفسيفساء المصري: يتميّز بشكله الكلاسيكي للعود المكوّن من وعاء ورقبة؛ إلّا إنّه يتميّز بترصيع جُزئه الخلفي بعرق اللؤلؤ المُقلّد وصدف اللؤلؤ. ويحتوي هذا العود على 6 دورات مكوّنة من 12 وترًا مصنوعةً من النايلون، ويُعتبر مُلائمًا للمُبتدئين والمُحترفين على حدٍّ سواء.
ما هي أهم المعلومات عن العود؟
بالرغم من عدم الإجماع على عدد مُعيّن لأوتار آلة العود؛ إلّا إنّه يوجد مجموعةٌ من المعلومات والحقائق المُؤكّدة عن هذه الآلة الوترية المصنوعة على شكل كُمّثرى والمُستخدمة بكثرة في الموسيقى العربية والفارسية والتركية؛ أهمّها أن العود هو الأصل الفعلي لآلة الجيتار، الذي تمّ تطويره لاحقًا ليتناسب مع الثقافة الغربية. هنا سنتحدث عن بعض المعلومات الأساسية المهمة التي تخصُّ هذه الآلة؛ ومنها:
- مخترع العود غير معروف؛ أمّا الاسم فيُعتقد أنّ أصوله من شمال أفريقيا، كما يُعتقد أن أصوله تعود إلى ما قبل 3500 سنة في بلاد فارس، فيما يعتقد آخرون أن أصل الاسم عراقي.
- آثار أقدم عود موجود في بروكسل في متحف الآلات الموسيقية.
- عُنق العود لا يحتوي على حنق وهذا يجعل صوته أعمق وأجمل.
- أول عازف عربي على العود هو ابن سريج.
- أشهر عازف عربي على العود هو فريد الأطرش، الذي اشتُهِرَ خلال القرن العشرين ولُقّبَ بملك العود.
- في يومنا هذا يتوفر نوعان رئيسيان من العود؛ هما العود العربي وهو الأكبر وبصوت أعمق، والتركي الذي يتميّز بصوته الحادّ ويُعتبر مُنتشرًا في اليونان.
- قديمًا كانت الأوتار مصنوعة من مواد من القناة الهضميّة والريشة مصنوعة من شجرة الكرز، أما الآن فيتم استخدام البلاستيك.
- قلّت شعبيّة العود في القرن الثامن عشر إلى أن أعاد عازفي العود في القرن العشرين أمجاد هذه الآلة، وبحلول القرن الحادي والعشرين أصبح استخدامه شائعًا ويظهر بكثرة في تسجيلات الفنانين؛ أمثال نيجل نورث وجاكوب ليندبرج وهوبكينسون سميث وبول أوديت، كما أصبح منتشرًا في موسيقى الروك، خصوصًا عند ظهور تسجيلات موسيقى دولاند لأحد موسيقيّ الروك وهو ستينغ في عامي 2006 و2007.
نصائح للحفاظ على جودة الصوت
عند التفكير في اقتناء عود يجب الاهتمام ببعض التفاصيل؛ من أهمّها عدد أوتار آلة العود، التي تُحدّد الطريقة الأمثل لتعلّمه وتسهيل تعلّم النُوتات المختلفة، كما يجب الاهتمام ببعض التفاصيل التي تؤثر على جودة الصوت؛ ومنها:
- التأكّد من وجود التشققات أو العيوب: إذ إن أيّ تشققات أو عيوب في تصميم جسم العود تؤثر على جودته مُستقبلًا؛ لذلك يجب التأكّد الدائم من عدم وجود أيّ عيوب في الجهاز.
- تغيير الأوتار بشكل مُستمر: يجب تغيير الأوتار بشكل دوريّ بدءًا من تغييرها عند شراء العود، ثم تغييرها مرّةً كل ثلاثة أشهر في حال الاستخدام الخفيف، أمّا في حال الاستخدام المُكثّف فيجب تغييرها مرّة كلّ شهر.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد فوائد للموسيقى الهادئة؟
هل العزف على البيانو سهل للمبتدئين؟
هل يمكن التمييز بين المقامات الموسيقية بسهولة؟
هل يختلف تاريخ ظهور الموسيقى العربية الكلاسيكية عن الأجنبية؟