تحقيق مسبار
ينتشر الاقتصاد الرقمي ويشهد تطورًا واسعًا خلال الوقت الراهن، نتيجةً للتطوّر المستمر في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يُوضّح هذا المقال تعريف الاقتصاد الرقمي مع بيان الفرق بين الاقتصاد التقليدي والرقمي، بالإضافة إلى بيان بعض العوامل التي تساعد على ازدهار الاقتصاد الرقمي والتحدّيات التي تواجه هذا النوع من أنواع الاقتصاد.
هل يوجد فرق بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد التقليدي؟
إن هُناك فرقًا بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد التقليدي بالفعل؛ إذ إن الاقتصاد الرقمي يتميّز بشدة الترابط بين الأشخاص والمؤسسات والآلات من خلال شبكة الإنترنت ومُختلف وسائل التكنولوجية الرقمية الأُخرى؛ مثل الروبوتات والأتمتة وغيرها، بخلاف الاقتصاد التقليدي. تُبيّن القائمة الآتية بعضًا من أبرز الفروق بينهما وفق إحدى الدراسات:
- استقرار الأسواق: يُعد التحرك المستمر من مميزات الاقتصاد الرقمي، أما الاقتصاد التقليدي؛ فإنه يتميز باستقرار الأسواق خلافًا للاقتصاد الرقمي.
- حدود المنافسة: غالبًا ما تكون المنافسة محدودة في إطار جغرافي مُعين عند الاعتماد على الاقتصاد التقليدي، وذلك على خلاف الاقتصاد الرقمي الذي تكون المنافسة فيه عالمية.
- جوهر الخدمات: إن الاقتصاد الرقمي يقدم خدمات معلوماتية أو خدمية في جوهرها، بينما يوفر الاقتصاد التقليدي خدمات تصنيعية في جوهرها.
- مصدر القيمة: إن مصدر القيمة للاقتصاد التقليدي يعتمد على رأس المال الطبيعي بالإضافة إلى المواد الخام، وأما الاقتصاد الرقمي؛ فإن مصدر قيمته رأس المال الإنساني والاجتماعي.
- مصدر الميزة التنافسية: يُعد تخفيض التكلفة من خلال الموازنة مصدرًا للميزة التنافسية في حالات الاقتصاد التقليدي، وأما مصدر الميزة التنافسية في الاقتصاد الرقمي؛ فيعتمد على الابتكار والجودة والقدرة على التكيُّف، وهي من مميزات الاقتصاد الرقمي.
ما خصائص الاقتصاد الرقمي؟
هُناك الكثير من الخصائص التي يتميز بها الاقتصاد الرقمي؛ منها سهولة الوصول إلى مصادر المعلومات؛ إذ إنه يسهل الوصول إلى هذه المصادر بشكلٍ كبيرٍ في حالات الاقتصاد الرقمي، ويعتمد نجاح هذا الاقتصاد على إمكانية المشاركة في شبكات المعلومات ومواقع الإنترنت من قِبل المؤسسات والأفراد، وكذلك تُعد المرونة إلى جانب الاعتماد على التقنيات الرقمية من خصائص الاقتصاد الرقمي أيضًا.
ما هي متطلبات الاقتصاد الرقمي؟
هُناك 3 متطلبات أساسية للاقتصاد الرقمي؛ هي إنشاء بُنية تحتيّة ذكية تكون بمثابة العمود الفقري، وتوفير أجواء من الموثوقية المناسبة بين المستثمرين من جهة والعملاء من جهة أُخرى، وأما ثالث متطلبات الاقتصاد الرقمي؛ فهو تحويل نماذج الأعمال بالإضافة إلى الهيكل التنظيمي للقطاعين العام والخاص؛ حتى تصبح متوافقة مع طبيعة الاقتصاد الرقمي.
ما هي الاتجاهات التي تؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي؟
توجد عدة اتجاهات سائدة تُسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي اليوم، وأبرز هذه الاتجاهات ما يأتي حسب موقع أنتربينور:
- صعود الهواتف الذكية: بدايةً من إطلاق هاتف آيفون عام 2007 أصبحت الهواتف الذكية أساسًا للتحوّل الرقمي في الاقتصاد العالمي، ويتم استخدام الهواتف لإجراء الاستطلاعات، بالإضافة إلى التواصل والوصول إلى القوائم الرقمية وغيرها.
- صعود شبكات التواصل الاجتماعي: وصل عدد المستخدمين النشطين لوسائل التواصل الاجتماعي إلى 4.2 مليار نسمة خلال جائحة كورونا، ويمكن الاعتماد على هذه المنصة لتوفير رسائل تسويقية تناسب المستخدمين.
- صعود تقنيات الفيديو: يمكن الاعتماد على الفيديو لعقد المؤتمرات الفعّالة، بالإضافة إلى توفير نفقات السفر اللازمة لإجراء الاجتماعات، كما أنها تُستخدم لتسويق المنتجات في الاقتصاد الرقمي أيضًا.
- صعود التجارة الإلكترونية: ازدادت التجارة الإلكترونية بشكل كبير خلال فترة انتشار وباء كوفيد-19 في العالم، وهو ما أدّى إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي بدلًا من الاقتصاد التقليدي.
- ظهور التجارب الرقمية للعملاء: يستطيع العملاء تقديم التقييمات حول الخدمات المختلفة التي يحصلون عليها؛ ممّا يُعزز من العلاقات الإيجابية بين مقدمي الخدمات وعملائهم، ويُسهم ذلك في تحسين الاقتصاد الرقمي.
هل يوجد مقترحات لسياسات مُوجِّهة نحو الاقتصاد الرقمي؟
تستطيع الحكومات ومؤسسات صُنع القرار اتخاذ الكثير من الخطوات التي تصبُّ في مصلحة تحسين الاقتصاد الرقمي، ومن هذه الخطوات ما يأتي:
- التعاون بين راسمي السياسات: لا بُد من التعاون بين راسمي سياسات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في البلدان المختلفة؛ للاستفادة من الإمكانيات المتاحة في الأسواق الرقمية الجديدة؛ لزيادة الفرص الوظيفية وتسهيل انتقال العاملة إلى أنواع الوظائف الرقمية الجديدة.
- مواصلة دعم الاستثمارات: من الضروري مواصلة دعم الاستثمارات في مجالات البُنية الأساسية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، مع زيادة الاهتمام ببعض النواحي؛ مثل التوسّع في القواعد التنظيمية حتى تشمل مجالات جديدة؛ مثل إنترنت الأشياء.
- إدارة المخاطر: حتى تستطيع الدولة تعزيز ريادة الأعمال عبر الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى تعزيز العمالة والإدماج في هذا المجال، ينبغي عليها إدارة المخاطر التي تنتج عن الأنشطة الاقتصادية أو الاجتماعية على شبكة الإنترنت.
- حماية المنافسة: ينبغي على صانعي القرار بذل الجهود التي من شأنها حماية المنافسة، بالإضافة إلى تحسين القدرة التنافسية في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
- توفير التعليم والتدريب: يجب توفير الفرص التعليمية والتدريبية التي تصقل مهارات الأفراد فيما يتعلق بالاستفادة من من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وذلك من خلال التعاون بين المجتمع المدني والحكومات.
ما هي إرشادات دعم عمليات صنع القرار حول الاقتصاد الرقمي في العالم العربي؟
تسعى الكثير من الدول العربية إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي وتحسينه داخل أراضيها، بالإضافة إلى توفير مختلف عناصر الاقتصاد الرقمي التي تحتاجها المؤسسات في القطاعين العام والخاص لهذه الغاية، ويمكن للإرشادات الآتية دعم عمليات صنع القرارات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي في هذه الدول:
- إنشاء جهة متخصصة لتسريع التحول الرقمي: من الأهمية بمكان إنشاء مؤسسة أو جهة تتخصص بتسريع وتيرة التحول الرقمي في كافة القطاعات، مع ضمان زيادة مستويات التنافسية والإنتاجية للقطاعات الاقتصادية.
- تأطير ثقافة الاستخدام الرقمي: يساعد تأطير ثقافة الاستخدام الرقمي على رفع مستوى الأفراد والمؤسسات في دعم عمليات صنع القرار حول الاقتصاد الرقمي، ومن ذلك ثقافة تقديم الخدمات الرقمية وإنجازها من خلال المواقع الإلكترونية للشركات.
- دعم التحول الرقمي: لا ينبغي أن يشمل دعم التحول الرقمي الشركات الكبيرة والقطاعات الخدمية فحسب، وإنما يجب أن يشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى الشركات الناشئة وكافة القطاعات الاقتصادية الأُخرى.
- اغتنام الفرص الجديدة: يجب اغتنام أيّة فرصة جديدة لها صلة بالتجارة الرقمية أو الإلكترونية من خلال الدولة، وذلك عن طريق تكييف السياسات التجارية مع التحديات التي تطرأ بشكل جديد.
ما العوامل التي تسهم في ازدهار الاقتصاد الرقمي؟
هُناك 5 عوامل أساسية تُسهم في ازدهار الاقتصاد الرقمي بشكل أفضل، وهي العوامل الآتي ذكرها:
- المرونة: تتطور التقنيات الرقمية بشكل مستمر في الوقت الراهن، وعلى رواد الأعمال التمتع بالمرونة الكافية لتقييم التطورات الجديدة وإحداث التغييرات عند الحاجة؛ لضمان ازدهار الاقتصاد الرقمي لمؤسساتهم.
- الاستعانة بالأتمتة والمصادر الخارجية: بدلًا من القيام بكل شيء ذاتيًا ينبغي على رائد الأعمال الاستعانة بتقنيات الأتمتة، إلى جانب المصادر الخارجية، حتى يتمكّن من العثور على الوقت الذي يُساعده في العمل بكفاءة وذكاء أكبر؛ لتعزيز الاقتصاد الرقمي.
- مهارات الاتصال الرقمي: لا يكفي وجود سياسات الاتصال عبر الإنترنت لتعزيز اقتصاد المؤسسة الرقمي وضمان ازدهاره، وإنما ينبغي الاستفادة من وسائل الاتصال الرقمي بالطريقة المناسبة للعملاء.
- فهم توقعات العملاء: يجب على رواد الأعمال التعرّف على توقعات العملاء وفهمها، مع السعي إلى معرفة احتياجاتهم ومحاولة توفيرها، مع شرح ما يُمكن عمله منها وما لا يُمكن عمله أيضًا؛ حتى تزداد مستويات سعادة العملاء.
- الأمن السيبراني: يُمكن أن تؤدي الهجمات السيبرانية إلى تعريض البيانات المالية وبيانات العملاء إلى الخطر؛ لذلك فإن الأمن السيبراني من العوامل الأساسي لازدهار الاقتصاد الرقمي في أيّة مؤسسة من المؤسسات.
هل هناك تحديات تواجه الاقتصاد الرقمي حاليًا؟
لا شك بأن هُناك العديد من التحديات التي تواجه استخدامات الاقتصاد الرقمي والاعتماد عليه في الوقت الراهن، ولا بُد من العمل على إيجاد الحلول المناسبة لهذه التحديات لضمان تعزيز الاقتصاد المذكور بشكل أفضل، وتضم القائمة الآتية أبرز 3 تحديات:
- التمويل: تحتاج المؤسسات إلى تمويل يكفي لاختبار المبادرات الرقمية والتعرف على مدى إمكانية تطبيقها بالشكل المناسب، بالإضافة إلى التحقق مما إذا كانت المبادرات مرغوبة أو لا. ويكمن التحدي في المبادرات المدفوعة التي لا توفر فائدة حقيقية.
- الخبرة: يحتاج الابتكار في المجال الرقمي إلى وجود خبراء في مجال التكنولوجيا ومجالات تحليل البيانات، بالإضافة إلى التفكير التصميمي السريع، وينبغي أن يكون الخبراء قادرين على قيادة المبادرات من خلال التنمية والتغلّب على عملية صنع القرار المنعزلة.
- القدرات التكنولوجية: في بعض الأحيان ينتهي الأمر بالشركة إلى تخصيص موارد كبيرة جدًا؛ من أجل تطوير قدرات تكنولوجية توفر الوظائف الأساسية دون المميزات التنافسية، وهو ما يُشكّل تحديًا من تحديات الاقتصاد الرقمي.
كيف تعمل عولمة الإنترنت على تغيير طبيعة التجارة الدولية؟
أسهمت عولمة الإنترنت في تطوير الاقتصاد الرقمي وازدهاره، كما أنها أثّرت على التجارة الدولية؛ إذ إنها أدّت إلى تحسين جودة النمو الاقتصادي ووفرت فرص عمل جديدة وعززت الشمول الاجتماعي، كما ساعدت هذه العولمة على تغيير طبيعة التجارة الدولية كما يأتي أيضًا:
- استخدام الإنترنت في التصدير: تستطيع المؤسسات الاعتماد على شبكة الإنترنت للتصدير، وهو ما شكّلَ فرصةً للشركات المتوسطة والصغيرة في الدول النامية، ومكّنها من الوصول إلى المستهلكين في مختلف أنحاء العالم عبر شبكة الإنترنت.
- تداول الخدمات بشكل متزايد: لا شك بأن عولمة الإنترنت أسهمت في تعزيز تداول الخدمات بشكل متزايد، وخاصة الخدمات التعليمية والمهنية والمالية، بالإضافة إلى خدمات تكنولوجيا المعلومات، وأصبحت العديد من خدمات الإنترنت مدخلات تجارية مهمة.
- دعم سلاسل القيمة العالمية: أسهمت تدفقات البيانات العالمية التي نشأت عن عولمة شبكة الإنترنت في دعم سلاسل القيمة العالمية كذلك، وهي من أبرز تأثيرات العولمة المذكورة على التجارة الدولية.
- تعقيد طبيعة المعاملات التجارية: نمت الكثير من التقنيات التي أدّت إلى تعقيد طبيعة المعاملات التجارية الدولية؛ مثل تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقنيات اتصالات الآلة إلى الآلة، وأثّر ذلك على طبيعة التعاون التنظيمي وبعض مبادئ التجارة الراسخة الأُخرى.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن العمل بتجارة التجزئة على الإنترنت؟
هل التوزيع المناسب للموارد من أهمية علم الاقتصاد؟