تحقيق مسبار
الغجر المعروفين باسم روما هم شعب متجول يعتقد أن أصلهم يعود إلى الهند، يعيشون بشكل أساسي في أوروبا، ويتوزعون بأعداد أقل في أجزاء أخرى من العالم.
يستعرض هذا المقال الغجر بشكلٍ واسع، وأصل كلمة غجر بالإضافة إلى عدد الغجر وديانتهم وطريقة عيشهم ومستوى جمالهم.
معنى كلمة غجر
بشكل عام تطلق كلمة غجر على الأشخاص ذوي الأصل الهندي وتحديدًا من بنجاب في شمال الهند، والذين انتقلوا منها إلى جميع المناطق المأهولة في الأرض وسكنوا فيها بأسماء متعددة مما يشكل صعوبة في معرفة عدد الغجر في العالم.
وصل الغجر إلى أوروبا بين القرنين الثامن والعاشر بعد الميلاد، واختلفت الأسماء حسب البلدان، ففي ألمانيا أطلق عليهم اسم (Zigeuner و Sinti)، وفي فرنسا اسم Gitans، وفي المجر Cigány، أما في إسبانيا Calo، وفي البرتغال Ciganos، بينما يطلق عليهم في الدول العربية اسم شعب الدوم.
يعد الغجر بمثابة قبائل أو أمم يعرفون بشكل واسع باسم جيبسي Gypsy، وهو أول اسم أطلق عليهم وذلك لاعتقاد الأوروبيين عن طريق الخطأ أن الغجر قادمون من مصر فتم اشتقاق اللقب من اسم مصر باللغة الإنجليزية Egypt، لكن اعتبر فيما بعد هذا اللقب عبارة عن تسمية عنصرية لهذه القبائل وتم رفضه من قبل العديد منهم.
تم الاعتراف العالمي بالغجر في عام 1971 باسم روما والذي يعني الرجل أو الزوج، حيث قامت قبائل الروما في هذا العام باختيار الاسم الذي يودون إطلاقه عليهم بالإضافة إلى اختيار علم يمثلهم ونشيد وطني ويوم عالمي لهم يصادف في الثامن من شهر أبريل.
هل يمكن معرفة عدد الغجر في العالم؟
لا يمكن معرفة عدد الغجر في العالم بشكل دقيق، حيث أن الغجر بطبيعتهم رحالة، وهم لا يعدون القبائل الوحيدة المتنقلة (مثلًا الرحالة الأيرلنديون والرحالة الاسكتلنديون)، مما يشكل صعوبة في تحديد عدد الغجر في العالم، لذا لا يمكن تحديد إحصائية موثوقة لعددهم. لكن بالاعتماد على تقارير الدول المستضيفة، يمكن القول بأن عدد الغجر في العالم تتراوح ما بين مليونين إلى خمسة ملايين شخصًا.
الغجر العرب
تعيش مجتمعات الدوم أو الغجر العرب في دول مثل مصر وإيران والعراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين وتركيا والمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، حيث يعتبر الدوم أنفسهم مواطنين (مثل اللبنانيين والأردنيين والإيرانيين.. إلخ).
يطلق على الغجر عدة أسماء تختلف حسب أصل المجتمع أو القبيلة أو المهنة، ولعل جميعها يندرج تحت مصطلح جيبسي، لكن قد تستخدم هذه الأسماء كإهانات، فمثلًا يطلق على الغجر العرب كلمة شائعة جدًا في الدول العربية وهي "النور"، وتستخدم هذه الكلمة للتقليل من الأشخاص، كما أنه في اللغة التركية توجد كلمة شينجين التي تدل على الغجر لكنها تستخدم كصفة إزدرائية.
وبسبب طبيعية عيش الغجر وضرورة اختلاطهم إلى حدٍ ما بالمجتمعات التي يعيشون فيها، اضطر الغجر العرب إلى التحدث بأكثر من لغة بالإضافة إلى تعلم اللهجات المحلية، لكن اللغة الأساسية الخاصة بهم يطلق عليها اسم اللغة الدومرية، وهي عبارة عن كلمات مستعارة نتجت من مزيج ما بين اللهجات المحلية وكلمات عربية، ويستخدم الغجر العرب هذه اللغة للتواصل فيما بينهم ولرواية القصص والحكايات والأغاني، لتكون طريقة لتناقل لغتهم ما بين الأجيال وللحفاظ على تاريخهم وموروثهم الثقافي.
وتعتبر الغجر قبائل أميّة لا تستطيع القراءة والكتابة، لذا تعد الأغاني أو الحكايات أو الرقصات هي السبل الوحيدة لاستمرار إرثهم. كما تتسم جميع قبائل الغجر العرب بصفات مشتركة، تتمثل في أماكن تواجدهم والتي تكون بعيدة عن مراكز المدن بالإضافة إلى أسلوب الحياة البدوي أو شبه البدوي مما يزيد من صعوبة معرفة عدد الغجر في العالم.
ديانة الغجر
لا يعتمد الغجر دين واحد فهم يتخذون الدين الذي يتبعه غالبية سكان البلد الذي يعيشون فيه، حيث يوجد غجر روم كاثوليك وأرثوذكس ومسلمين وخمسينيين، ويعتمدون على هذا الدين فقط من أجل تأدية الطقوس التي تتطلب وجود تقاليد معينة مثل الزواج والموت والولادة.
يعتبر كبار السن هم القادة الروحيين للقبائل حيث لا يوجد لديهم كهنة أو شيوخ إلا عند الخمسينيين، ويكونون تابعين للدين بالاسم فقط، ويعتقد الغجر أن الدين هو عبارة عن أمور شخصية يتجنبون النقاش بها، والفكرة الأهم منه هي عبادة الخالق وتفسير الأمور التي تحدث في العالم.
بالإضافة إلى ذلك فقد حافظ الغجر على معتقدات ممتدة من الديانة الهندوسية، فهم يؤمنون بتوازن عالمي يسمى كونتاري، حيث تقوم فكرته على ضرورة أن يكون لكل شيء مكانه الطبيعي، وإذا لم يكن كذلك يعد غير متوازن وبالتالي يجلب الحظ السيء ومثالًا على ذلك الدجاج الذي يملك جناحين ولكنه غير قادر على الطيران وبالتالي هو كائن غير متوازن لذا يتجنب الغجريون تناول بيض الدجاج، بالإضافة إلى استمرار ممارستهم الشاكيتية، وهي عبادة الإله من خلال قرينة أنثى، وهكذا بينما يعبد الغجر الله بحسب الدين المسيحي حيث يصلون إليه من خلال مريم العذراء أو القديسة آن.
لدى الغجر خوف كبير من الإصابة باللعنات، حيث يوجد عدة أمور قد تعرض مفتعلها للإصابة بلعنة وبالتالي ضرورة محاكمته من قبل كبار الغجر في القبيلة، وقد ينتج عن هذه المحاكمة إما نفي خارج القبيلة وهو أمر نادر أو عزله عن باقي الأفراد لمدة زمنية معينة، وأحد أسباب الإصابة بلعنة أو التلوث كما يصفونه هو مخالفة أو كسر إحدى العادات أو الممارسات المحرمة التي تشمل الجزء العلوي أو السفلي من الجسم.
كيف يعيش الغجر
الصورة النموذجية القديمة للأسرة الغجرية هي عبارة عن الزوجين مع أطفالهم غير المتزوجين وشاب واحد منهم متزوج بالإضافة إلى وجود زوجته وأطفالهم ضمن أسرة الزوج، وذلك لفترة زمنية معينة من أجل إطلاع الزوجة التي قد تكون من قبيلة أخرى على عادات عائلة زوجها، وعندما يكون هذا الابن جاهزًا للعيش بعيدًا عن والديه ويرغب بالانتقال؛ غالبًا ما يكون الوقت قد حان لزواج الابن الذي يليه، لكن تغيرت هذه العادات في الوقت الراهن ولم يعد هناك حالات كثيرة من الزواج المدبر من قبل كبار القبيلة.
أما بالنسبة لعمل الغجر فقد عرف عنهم أنهم يقومون بالعديد من الأعمال والتي تتناسب إلى حدٍ ما مع طبيعة حياتهم المنتقلة، فقد عملوا ببيع الأغراض المستعملة أو الخردة التي يقومون بجمعها من أماكن مختلفة بالإضافة إلى عمل الرجال بتجارة المواشي وتربية الحيوانات والحدادة وكانوا حرفيين وتجار خيول وصانعي أدوات، بالإضافة إلى عملهم كموسيقيين وراقصين ومدربين لحيوانات السيرك، كما عملت النساء في الترفيه والتسول وبيع الخلطات أو نبات الخلنج الأبيض (المحظوظ) وهو نبات بري.
مع بداية القرن العشرين تخلى جزء كبير من الغجر عن حياة الترحال واختاروا الاستقرار والحصول على وظائف بمكان ثابت، فمثلًا عمل قسم منهم كميكانيكيين سيارات، وامتلكوا متاجرًا للبيع حتى أنهم وصلوا للعمل في الخدمة البريدية الألمانية، كما بدأوا بالعمل في بيع وتجارة السيارات والمقطورات المستعملة، مما يزيد من صعوبة معرفة عدد الغجر في العالم.
جمال الغجر
يعرف عن الغجر تمتعهم بملامح معينة تمنحهم جمالًا من نوع خاص، لكن مفهوم الجمال عند الغجر نفسهم يختلف عن مفهوم الجمال السائد في الدول الأوروبية، حيث تعتمد النساء الغجريات على تغطية الجزء السفلي من الجسد بشكل كامل إلى حدود أصابع القدمين عن طريق ارتداء تنانير طويلة مزينة وملونة.
وبشكل عام اعتمد الغجر خلال حياتهم على شراء أرخص الأقمشة وصنع الملابس منها، لذا اتسموا بالبساطة بشكلٍ عام، ويمكن تحديد معايير الجمال لدى الغجر عن طريق الأغاني والأساطير والقصص الخيالية التي وصفت النساء الجميلات بأنهن يتمتعن بوجه قريب من القلب ضحوك ومبهج ولطيف بالإضافة إلى عيون كبيرة ولامعة وشعر طويل وخشن وسميك وجسد مرن ونحيف وتكون قادرة على الرقص بشكل مبهر.
يوجد عدد كبير من الشخصيات كأمثلة عن جمال الغجر نذكر منها ريتا هايورث والتي تتمتع بجذور غجرية من طرف والدها، وهي ممثلة مشهورة وعارضة أزياء وراقصة محترفة، كان لها شهرة واسعة جدًا في عالم الأفلام وتتمتع بجمال لطيف وآخاذ، بالإضافة إلى سوليداد ميراندا الإسبانية والتي عرفت بجمالها وإشراقها في كل أنحاء العالم والتي كانت أيضًا راقصة ومغنية وممثلة.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد فرق بين المغول والتتار؟
الطفلة الفقيرة بين الثلوج ليست سورية، بل من أقلية غجر رومانيا