تحقيق مسبار
يظن البعض بأن تأثير السوشيال ميديا على المجتمع يكون سلبيًا دائمًا؛ إلا إن الحقيقة على خلاف ذلك؛ فإن لها الكثير من الفوائد والإيجابيات، وبرز عدد من إيجابياتها عند انتشار وباء كوفيد-19 واللجوء إلى التعليم عن بعد، كما أنها تساعد في توعية المجتمع وتثقيفه إذا تم استخدامها بشكل صحيح وعقلاني دون إفراط.
ما هو تأثير السوشال ميديا على المجتمع؟
كثيرًا ما يكون تأثير السوشيال ميديا على المجتمع سلبيًا -كما هو الحال بالنسبة إلى تأثير مشاهير السوشيال ميديا على المجتمع أيضًا- نظرًا لما تتسبب به هذه المواقع من الانفصال عن المجتمع والعزلة، إلى جانب نشر الكثير من المفاهيم الخاطئة. وينبغي على الآباء اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لوقاية أبنائهم من الآثار السلبية لشبكات السوشيال ميديا، وتعزيز قيمتها الإيجابية.
هل الآثار السلبية للسوشيال ميديا على المجتمع كثيرة؟
إن الآثار السلبية للسوشيال ميديا على المجتمع كثيرة بالفعل، ولا يقتصر تأثير السوشيال ميديا على الأطفال وإنما يشمل الكبار أيضًا، ومن هذه الآثار السلبية على المجتمع ما يأتي:
- زيادة الفجوة بين الأبناء والآباء: كانت زيادة الفجوة العاطفية بين الآباء وابنائهم من أبرز الآثار السلبية لشبكات السوشيال ميديا، وذلك لأن كل واحد من الطرفين منشغل في جهازه الإلكتروني دون مراعاة مناقشة مشاكل الأبناء ومناقشتهم.
- نشر ثقافة الاستهلاك: كان لشبكات السوشيال ميديا دورًا كبيرًا في نشر ثقافة الاستهلاك داخل المجتمعات، وهي ثقافة يقوم الأفراد من خلالها بشراء الكماليات التي تفوق إمكانياتهم المادية.
- التفكك الأسري: أدى انتشار شبكات السوشيال ميديا وكثرة استخدامها إلى ضعف الروابط بين أفراد الأسرة الواحدة، وأصبح الطابع الفردي سائدًا بين أفراد الأسرة في كثير من الأحيان.
- الحد من مناقشة الأمور الأسرية: أدى انتشار مواقع السوشيال ميديا وكثرة استخدامها إلى الحد من مناقشة الأمور الأسرية بين الزوجين في الأسرة الواحدة، وهو ما تسبب بزيادة مستويات التفكك الأسري في المجتمع.
- نشر أسرار الآخرين: يقوم البعض بالاعتماد على شبكات السوشيال ميديا لنشر أسرار الآخرين وإفشائها دون وجود أي رادع ديني أو أخلاقي من نشر هذه الأسرار، وهو ما يعد اختراقًا لخصوصية الأفراد.
- تعزيز التعصب: يستخدم بعض الأفراد وسائل السوشيال ميديا لإثارة نعرات التعصب والقبلية بين أفراد المجتمع الواحد بدلًا من تعزيز أواصر الترابط المجتمعي، ويتضح تأثير السوشيال ميديا على المجتمع بهذا الشكل في كثير من الأحداث.
- تقليل الزيارات بين الأقارب: تسببت شبكات السوشيال ميديا بتقليل الزيارة المتبادلة بين الأقارب من أفراد العائلة الممتدة، وذلك للاكتفاء بالرسائل النصية كثيرًا من الأحيان بدلًا من زيارتهم بشكل شخصي.
- الابتزاز: مع زيادة عدد مستخدمي شبكات السوشيال ميديا تشكّلت أنواع جديدة من الابتزاز التي تهدد بالتشهير عبر هذه الشبكات، ما يُشكّل خطورةً كبيرةً على أفراد المجتمع وينتهك راحتهم وخصوصيتهم.
- تراجع استخدام العربية الفصحى: إن تراجع استخدام العربية الفصحى من آثار السوشيال الميديا السلبية على أفراد الوطن العربي؛ فإن الأفراد يستخدمون اللهجات العامية والأحرف والرموز غير العربية أحيانًا أثناء التواصل عبر مواقع السوشيال ميديا.
- نشر الشائعات: صارت شبكات السوشيال ميديا وسيلة من وسائل نشر الشائعات وإثارة الفتن بين أفراد المجتمع خلال الوقت الراهن، وهو ما يؤدي إلى كثير من الآثار السلبية، ومنها نشر الخوف بين الأفراد.
- ضياع الهوية الثقافية: تسهم شبكات السوشيال ميديا في ضياع الهوية الثقافية للمستخدمين وانتشار الهوية العالمية على حسابها، وذلك نتيجةً للتواصل مع الأفراد من مختلف أنحاء العالم والانفتاح على الثقافات الأخرى بشكل كبير.
ما هو تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
لا يقتصر تأثير السوشيال ميديا على المجتمع وحده وإنما هُناك العديد من الآثار الفردية السلبية التي يتعرض إليها المستخدمون على الصعيد الشخصية أيضًا، ومن ذلك: آثار السوشيال ميديا على الصحة النفسية بعدة أشكال سلبية، ومنها الآثار النفسية السلبية الآتية:
- الاكتئاب والقلق: يؤدي التواصل مع الآخرين وجهًا لوجه إلى تحسين المزاج بشكل أفضل، ومع تقليل التواصل وجهًا لوجه وزيادة مستويات التواصل عبر السوشيال ميديا تزداد احتمالية الإصابة بالقلق والاكتئاب واضطرابات المزاج.
- عدم الرضى عن الذات: في كثير من الأحيان تؤدي شبكات السوشيال ميديا إلى عدم الرضى بالذات، والشعور بالدونية فيما يتعلق بالمظهر أو غير ذلك مما يؤثر على الحالة النفسية بشكل سلبي.
- الشعور بالوحدة: ربما يؤدي الاستخدام المفرط لشبكات السوشيال ميديا إلى الاعتزال وزيادة الشعور بالوحدة، ويؤدي الحد من استخدام شبكات السوشيال ميديا والتواصل عبر العالم الحقيقي إلى تقليل الشعور بالوحدة.
- الندوب العاطفية: كثيرًا ما يتعرض المستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي إلى الإساءة والتنمر الإلكتروني، وهو ما يؤدي إلى الكثير من الآثار السلبية العاطفية التي تنتج عن التنمر.
- فكرة تفويت بعض الأشياء: مع كثرة متابعة شبكات السوشيال ميديا يتولد لدى المرء شعورٌ بتفويت الكثير من الأشياء التي تعزز من مستويات المرح؛ نظرًا لأن الآخرين يمتلكونها، وهو ما يقلل من الاحترام للذات ويزيد من القلق.
- الاستغراق في الذات: يتسبب الانخراط في شبكات السوشيال ميديا أحيانًا بالاستغراق في الذات والتمركز غير الصحي حولها، والابتعاد على الاتصال بالحياة الواقعية التي يعيشها المرء.
هل تأثير السوشيال ميديا على الفرد والمجتمع سلبي دائمًا؟
ربما يكون تأثير السوشيال ميديا على الأطفال والكبار من الأفراد إيجابيًا في بعض الأحيان، وكذلك بالنسبة إلى تأثير السوشيال ميديا على المجتمع أيضًا، وليست هذه الآثار سلبية دائمًا. تتضمن القائمة الآتية عدة من الآثار الإيجابية لشبكات السوشيال ميديا:
- الوصول إلى المعلومة بسرعة: من خلال شبكات السوشيال ميديا أصبح بمقدور الأفراد الوصول إلى المعلومات بسرعة أكبر، وذلك بالاعتماد على الحسابات الموثوقة؛ بما في ذلك حسابات مؤسسات الصحافة والإعلام الكبيرة.
- سهولة التواصل بين الناس: لا شك بأن شبكات السوشيال ميديا جعلت التواصل بين الناس أكثر سهولة من ذي قبل، وأصبح التواصل اليوم متاحًا عبر قنوات الاتصال المرئي عن بعد إلى جانب الرسائل النصية والكثير من التقنيات الأخرى.
- تكوين الصداقات: لم يعد تكوين الصداقات مقصورًا على البيئة التي يعيش فيها المرء خلال الوقت الراهن، وإنما ساعدت شبكات السوشيال ميديا الأفراد على تكوين الصداقات مع الآخرين حول العالم دون التقيد بأي حدود جغرافية.
- التجارة الإلكترونية: توجه الكثير من الأفراد إلى شبكات التواصل الاجتماعي لتوفير فرصة وظيفية عن طريق تسويق المنتجات وبيعها، كما أصبح التعامل التجاري والاستيراد والتصدير أكثر سهولة مع تطوير شبكات السوشيال ميديا.
- إعادة روابط الصداقة القديمة: توفر شبكات السوشيال ميديا الكثير من خيارات البحث التي تساعد في العثور على الأصدقاء السابقين في العمل أو الدراسة، وكذلك تُمكّن من التواصل مع هؤلاء الأصدقاء بسهولة بعد الانقطاع عنهم.
هل الترويج للمخدرات من أضرار السوشيال ميديا على المراهقين؟
يعد الترويج للمخدرات من أبرز أضرار السوشيال ميديا على المراهقين؛ فإنها أصبحت من أهم قنوات الترويج خلال الوقت الراهن، كما أن هناك العديد من الآثار السلبية الأخرى لشبكات التواصل الاجتماعي على هذه الفئة من الأفراد، ويشمل ذلك: تدني مستويات التواصل في العالم الحقيقي، وزيادة فرصة التعرض إلى المشاكل النفسية.
كيف يمكن الحد من أضرار السوشيال ميديا على المراهقين؟
في بعض الأحيان يكون المراهقون الشريحة الأكثر عُرضةً لتأثير مشاهير السوشيال ميديا على المجتمع، كما أنهم يتعرضون إلى عدة من الآثار السلبية الأخرى التي يجب على الآباء اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد منها والتعامل معها، وأبرزها حسب مايو كلينيك: وضع الحدود المعقولة لاستخدام شبكات السوشيال ميديا، ومراقبة حسابات المراهقين، والتشجيع على التواصل الوجاهي، والتحدث مع المراهقين حول تأثير السوشيال ميديا على المجتمع والأفراد.
لماذا يتم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؟
ينتج تأثير السوشيال ميديا على حياتنا بشكل سلبي عن الاستخدام المفرط دون مراعاة الضوابط الصحية الصحيحة؛ فإن هناك العديد من الدوافع والأسباب التي تؤدي إلى استخدام شبكات السوشيال ميديا والانخراط فيها، ومنها: تفشي البطالة والبحث عن مكان لتفريغ الطاقات والهروب من الواقع، وكذلك كثرة أوقات الفراغ التي يتم ملؤها على مواقع السوشيال ميديا، ويلجأ البعض إلى السوشيال ميديا للهروب من المشاكل الأسرية التي يعاني منها أيضًا.
هل توجد إرشادات لتعزيز آثار السوشيال ميديا الإيجابية؟
بالفعل هناك العديد من الإرشادات لتعزيز تأثير السوشيال ميديا على الفرد والمجتمع بشكل إيجابي والحد من الآثار السلبية، ومن هذه الإرشادات: التقيد بالقيم عند استخدام هذه الوسائل، وكذلك معرفة الخيارات الأمنية الصحيحة حول استخدام هذه المواقع ومنع الآخرين من الوصول إلى المعلومات الشخصية التي لا يريد المستخدم مشاركتها.
يجب على مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي كذلك تجنب التواصل مع الأفراد والمستخدمين الآخرين الذين ليست لديهم أهداف ومصالح مشتركة لضمان الاستخدام الإيجابي. من الإرشادات الأخرى لاستخدام السوشيال ميديا بشكل إيجابي: احترام الآخرين وعدم التعدي عليهم، وتجنب الإفراط في قضاء الساعات على السوشيال ميديا.
كيف يمكن الحد من تأثير السوشيال ميديا على المجتمع والفرد؟
للحد من تأثير السوشيال ميديا على حياتنا بشكل سلبي ينبغي اتخاذ العديد من الاحتياطات؛ بما في ذلك استخدام شبكات السوشيال ميديا بشكل عقلاني، وتوعية الآخرين بأهمية هذه الشبكات مع ضرورة التعبير بهدوء والتزام حدود الذوق والأدب في طرح الأفكار ومناقشتها، ومن الضروري تفعيل الرقابة الأسرية كذلك للحد من تأثير السوشيال ميديا على المجتمع والأسرة والفرد.
اقرأ/ي أيضًا: