تحقيق مسبار
تطرقت العديد من المصادر التاريخية إلى تحديد أول من كسا الكعبة، بالإضافة إلى التطورات والمراحل التاريخية التي مرت بها هذه الكسوة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم؛ فإن كساء الكعبة اليوم يعد الكساء الأغلى في العالم على الإطلاق، ويتضمن كثيرًا من الأجزاء الذهبية، كما يتم نسجه بشكل أساسي من الحرير الخالص.
من هو أول من كسا الكعبة؟
اختلف أهل التاريخ في تحديد أول من كسا الكعبة على عدة أشخاص؛ فمنهم من يرى بأنه إسماعيل ابن إبراهيم -عليهما السلام- في حين يرى بعضهم بأنه عدنان من أجداد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن بعض الابحاث ترجّح كونه الملك اليماني تبّع أبي كرب أسعد، وهو أحد ملوك حِمْيَر.
من هي أول من كست الكعبة المشرفة من النساء؟
بالنظر إلى تاريخ كسوة الكعبة يتضّح بأن نبيلة بنت الحباب هي أول من كست الكعبة المشرفة من النساء، وكان ذلك في الجاهلية عندما نذرت نبيلة كسوة الكعبة ثم قامت بكسوتها فعلًا. يجدر الذكر بأن نبيلة تكون أم العباس بن عبد المطلب عم رسول الله، وهذا يعني أنها من زوجات عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي جد النبي.
من هو أول من كسا الكعبة بالديباج؟
لم يتفق أهل التاريخ على تحديد أول من كسا الكعبة بالديباج؛ فمنهم من يرى بأنه خالد بن الوليد، بينما يرى البعض بأنها نبيلة بينت الحباب، ويقول البعض بأنه معاوية ابن أبي سفيان، ويرى البعض بأنه يزيد بن معاوية، ويرى بعضهم بأنه عبد الله بن الزبير، بينما يرى آخرون بأنه الحجاج بن يوسف الثقفي، وأما عن الديباج؛ فإنه كساء تكون سداه ولحمته من الحرير.
متى بدأت كسوة الكعبة بالسواد؟
عند الرغبة في معرفة لماذا ثوب الكعبة أسود يتبين بأنها عادة ترجع إلى الخليفة أبو العباس الناصر لدين الله، أحد الخلفاء العباسيين؛ فإنه قام باختيار اللون الأسود كساءً للكعبة. لم يزل استخدام هذا اللون في كسوة الكعبة من وقتها وحتى الوقت الراهن، وكُسيت الكعبة قبلها بعدة ألوان أخرى، ومنها: اللون الأبيض.
ما اسم من كسا الكعبة المشرفة بالبياض أول مرة؟
يتطلع الكثيرون لمعرفة ما اسم من كسا الكعبة المشرفة بالبياض أول مرة، ويجدر الذكر بأنه الخليفة المأمون من خلفاء العباسيين، وهو من الخلفاء المعروفين بفتنة خلق القرآن في التاريخ الإسلامي؛ فإنها فتنة تعذب فيها العديد من أئمة الإسلام، وكان أبرزهم الإمام أحمد بن حنبل الشيباني صاحب المذهب المعروف من المذاهب الإسلامية.
ما هي أبرز محطات تاريخ كسوة الكعبة في الإسلام؟
بالرغم من اختلاف المؤرخين في تحديد أول من كسا الكعبة إلا أنه لم يكن من المسلمين، ولم يكن اسم كسوة الكعبة حديثًا بعد الإسلام، وإنما عرفت الجاهلية كسوة الكعبة وتعظيمها قبل الإسلام، ثم جاء الإسلام ولم يترك عادة كسوة الكعبة وتعظيمها. وفيما يأتي بعضًا من أبرز المحطات التاريخية لكسوة الكعبة خلال الحقبة الإسلامية:
- كسوة النبي للكعبة: لم يتمكن النبي -صلى الله عليه وسلم- من كسوة الكعبة قبل فتح مكة، وكان كساؤه لها في العام 9 هجري، وكان معه أبو بكر، وتمت كسوتها يومئذ بثياب يمنية.
- الكسوة بالقباطي المصرية: في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بدأ استخدام القباطي المصرية في كسوة الكعبة، وهي ثياب رقيقة كانت تُصنغ في الأراضي المصرية داخل مدينة الفيوم وقتها.
- ظهور عادة الكسوة بالسواد: عندما جاء الخليفة العباسي الناصر لدين الله قام باستخدام اللون الأسود في كسوة الكعبة، ولم يزل اللون الأسود مستخدمًا منذ ذلك الوقت وحتى اليوم.
ماذا يفعل بثوب الكعبة القديم؟
يتم تحديد ماذا يفعل بثوب الكعبة القديم من قبل الجهات المعنية في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعادة ما يتم تسليم الكسوة إلى لجنة مختصة من الحكومة السعودية، وتقوم هذه اللجنة بتقطيع الكسوة ثم توزيعها على العديد من كبار الشخصيات، بالإضافة إلى توزيعها على السفارات الموجودة في المملكة أو الدول الأخرى.
متى يتم تغيير كسوة الكعبة؟
في البداية جرت العادة على تغيير كسوة الكعبة في يوم عاشوراء قبل الإسلام، وفي عهد الدولة الأموية كانت تُكسى مرتين اثنتين خلال العام الواحد، وأما المرة الأولى بينهما؛ فكانت يوم عاشوراء، والمرة الأخرى كانت في آخر شهر رمضان استعدادًا لمجيء عيد الفطر السعيد، وذلك على خلال الموعد الذي يتم تغيير كسوة الكعبة فيه اليوم.
حتى السنوات القليلة التي سبقت عام 2023 كانت الجهات المسؤولة في المملكة العربية السعودية تحرص على تغيير كسوة الكعبة يوم النحر، وكانت الكسوة القديمة تُرفع مع بداية شهر ذي الحجة تمهيدًا لتغييرها، ولكن الكسوة تغيرت حتى أصبحت مع بداية شهر محرم منذ عام 1444 هجري الموافق 2022 بدلًا من تغييرها في يوم النحر.
ما هي مراحل تبديل كسوة الكعبة المشرفة؟
لا شك بأن طريقة تبديل الكسوة اختلفت منذ زمن أول من كسا الكعبة وحتى الوقت الراهن، وفيما يأتي مراحل تبديل كسوة الكعبة اليوم وفق حساب الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين على تويتر:
- رفع الثوب القديم: عند اقتراب حلول موعد تبديل كسوة الكعبة المشرفة يقوم فريق مختص برفع الثوب القديم تمهيدًا لإزالته واستبداله، وتقوم الجهات المختصة بتقطيع الثوب القديم بعد إزالته لتوزيعه.
- نزع المذهبات: تحتوي كسوة بيت الله الحرام على العديد من المذهبات التي تغطيها وتبدو بمظهر أنيق، وعند الرغبة بتبديل الثوب يتم نزع هذه المذهبات بعد الانتهاء من رفع الثوب القديم.
- وضع الثوب الجديد: عندما ينتهي الفريق المختص من رفع الثوب القديم وإزالة المذهبات؛ تتم إزالة الثوب القديم بالكلية، وبعدها يتم وضع الثوب الجديد فوق الكعبة المشرفة.
- الإسدال: في النهاية بعد وضع الثوب الجديد فوق الكعبة المشرفة يتم إسداله ليغطي أجزاءها المختلفة، وبعد ذلك يتم تثبيت الكسوة جيدًا من قبل فريق مختص بهذا العمل.
أين صنع أول لباس الكعبة؟
تمت صناعة أول لباس للكعبة المشرفة في أراضي المملكة العربية السعودية خلال عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود؛ فإنه أمر بإنشاء مصنع أجياد لكسوة الكعبة، ولكن المملكة أنشأت مصنعًا آخر لكسوة الكعبة فيما بعد، وهو مصنع قائم إلى الوقت الراهن لصناعة كسوة الكعبة، ويمكن لزوار المملكة الذهاب إلى هذا المصنع بعد الحصول على تصريح من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
ما هي أبرز العناصر في كسوة الكعبة الحالية؟
لا شك بأن كسوة الكعبة تتضمن العديد من العناصر البارزة في الوقت الراهن، ومنها: الحزام، والتطريزات المذهبة، وكذلك ستار الباب، والزخارف الإسلامية، والقناديل. يتم إنتاج كسوة الكعبة من الحرير الخالص، وتصل تكلفة إنتاجها إلى قرابة 20 مليون ريال سعودي، وهو ما يعادل 5.3 مليون دولار أمريكي، وهي بذلك الكسوة الأغلى في العالم على الإطلاق.
هل يمر إنتاج كسوة الكعبة بعدة مراحل؟
تمر كسوة الكعبة بعدة مراحل بالفعل خلال الوقت الراهن، وفيما يأتي توضيح لهذه المراحل:
- الصباغة: تعد الصباغة أولى مراحل إنتاج كسوة الكعبة، وذلك بعد تزويد القسم المختص بالحرير الطبيعي على شكل خيوط مُغطاة بطبقة من الصمغ، الذي يجعل لون الحرير مائلًا إلى الأصفر. تكون الصباغة على مرحلتين كما يأتي:
- إزالة الصمغ: في البداية يقوم القسم المختص بإزالة الصمغ عن الحرير، ويكون ذلك بالاعتماد على بعض الأحواض الساخنة التي تتضمن موادًا محددة حتى يعود الحرير إلى لونه الأبيض.
- صباغة الحرير: عند الانتهاء من إزالة الصمغ يتم وضع الحرير في أحواض ساخنة خاصة لتحصل على اللون الأسود المعروف، كما أن الكسوة الداخلية تحصل على صبغة خضراء في هذه المرحلة.
- النسيج: بعد تغيير لون نسيج الحرير إلى الأسود تبدأ مرحلة النسيج حتى تصبح على شكل الغطاء والستار المطلوب ذي اللون الأسود، ويكون النسج آليًا ويدويًا في نفس الوقت.
- التصميم: إذا أصبح النسيج جاهزًا يقوم بعض المختصون من الفنيين بعمل الدراسات المطلوبة للخطوط والزخارف التي تعود إلى الفن الإسلامي، وذلك لوضع التصميم المناسب والدقيق ثم رسمه على كسوة الكعبة.
- الطباعة: بعد الانتهاء من مرحلة التصميم للزخارف يتم نقل الكسوة إلى القسم المختص لطباعة هذه الزخارف بعد المرور بالعديد من الخطوات الدقيقة، قبل أن تصبح التصاميم جاهزة للطباعة على كسوة الكعبة الجديدة.
- التطريز: إن التطريز آخر مراحل إنتاج كسوة الكعبة، وفي هذه المرحلة يتم تطريز الأشياء المكتوبة بالأسلاك الذهبية والفضية، وإذا صارت الكسوة جاهزة تنتظر حتى يحين الموعد المقرر لتغطي بيت الله الحرام.
هل تحتوي كسبة الكعبة على الكثير من المذهبات؟
تحتوي كسوة الكعبة على الكثير من المذهبات بالفعل، ولا شك بأن هذه المذهبات لم تكن موجودة بذاتها في عهد أول من كسا الكعبة؛ لأنها تشير إلى العديد من المعالم الإسلامية بما فيها الصمديات. تحتوي الكسوة على 35 قطعة مختلفة من المذهبات، ومنها: حلية الميزاب، وكذلك الصمديات، والقناديل، وبعض القطع على الأحزمة وتحتها.
اقرأ/ي أيضًا:
