تحقيق مسبار
بيّنت الكثير من المصادر أول من وضع التاريخ الهجري، بالإضافة إلى توضيح الأسباب التي أدت إلى اعتماد هذا التقويم في العالم الإسلامي، وهو تقويم يعتمد على القمر بشكل أساسي لتحديد الشهور والسنوات. لم يأت التقويم الهجري بأسماء جديدة للأشهر، وإنما اعتمد على أسماء كانت معروفة للأشهر عند العرب قبل الإسلام.
هل عمر بن الخطاب أول من وضع التاريخ الهجري؟
صرّحت المصادر التاريخية بأن الذي وضع التاريخ الهجري، هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين بعد أبي بكر الصديق. اعتمد هذا التقويم على العام الذي هاجر فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، ليكون العام الأول الهجري بالرغم من تأخره عن زمن الهجرة وقتًا طويلًا.
متى بدأ التاريخ الهجري ولماذا؟
بدأ التاريخ الهجري سنة 17 هجرية، ويذكر في قصة التاريخ الهجري واعتماده وصول رسالة إلى أبي موسى الأشعري من عمر بن الخطاب مع ذكر شهر شعبان على هذه الرسالة؛ فقام أبو موسى الأشعري بتوضيح وصول العديد من الرسائل وعدم معرفة العام الذي كُتبت فيه عندما ردّ على رسالة عمر بن الخطاب، وبعد ذلك قام عمر -الذي يعد أول من وضع التاريخ الهجري- بجمع الصحابة وإخبارهم بضرورة اعتماد تاريخ محدد، وتم اعتماد التاريخ الهجري المعروف.
هل الشهور الهجرية كانت موجودة قبل الإسلام؟
بعد البحث لمعرفة هل الشهور الهجرية كانت موجودة قبل الإسلام يتضّح بأن الشهور بذاتها كانت موجودة عند العرب بالفعل، وكذلك كانت معروفة بهذه الأسماء إلى جانب معرفتها بأسماء أخرى، ولكن العرب لم تُطلق عليها اسم التقويم الهجري؛ فإن هذا التقويم يؤرخ بدايةً من هجرة النبي إلى المدينة.
هل عَرف العرب الأشهر الحرم قبل الإسلام؟
يتضمن التقويم الهجري 4 أشهر حُرم كما أقرها الإسلام، وهي: شهر رجب، وشهر محرم، وشهر ذي الحجة، وشهر ذي القعدة، وكانت هذه الأشهر معروفة عند العرب قديمًا بالفعل قبل مجيء الإسلام ودعوتهم إليه، وكانوا يبتعدون عن القتال خلال هذه الأشهر لمعرفتهم بحرمتها وعدم جواز القتال فيها.
على الرغم من معرفة حرمة الأشهر الحرم من قبل العرب قبل الإسلام؛ إلا إن بعض العرب كانت عندهم عادةً يُطلق عليها اسم النسيء، وتمثلت هذه العادة باستبدال شهر مكان شهر؛ فيقوم العرب بالقتال في الشهر الحرام ثم جعل أحد الأشهر الحلال مكانه، وكان ذلك احتيالًا منهم على حُرمة هذه الأشهر.
لماذا تبدأ السنة الهجرية بشهر محرم؟
اختار من وضع التاريخ الهجري شهر محرم ليكون أول شهر في السنة نظرًا لسببين اثنين بشكل أساسي، وتمثل السبب الأول في كونه الشهر الذي دخل بعد بيعة العقبة الذي حضر فيه وفد أهل يثرب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة، وكان أول هلال يأتي بعد هذه البيعة هلال شهر محرم.
إلى جانب أهمية شهر محرم فيما يتعلق بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بعد العذاب الذي شهده المسلمون من العرب يعد شهر محرم أول الأشهر التي تدخل بعد انصراف الناس من موسم الحج، وهو الموسم الذي كان يختمون فيه أسواقهم، وأضف إلى ذلك كون شهر محرّم أول الأشهر القمرية عند العرب أيضًا.
متى يبدأ الشهر حسب التاريخ الهجري؟
إن بداية الشهر حسب التاريخ الهجري تكون مع رؤية الهلال المتزايد، وهو الهلال الذي يلي المحاق؛ فإن للقمر عدة مراحل في ظهوره، وتبدأ هذه المرحلة بالهلال التزايد، ثم تزداد نسبة الجزء الذي يظهر من القمر شيئًا فشيئًا حتى الوصول إلى مرحلة البدر في منتصف الشهر، وبعدها يبدأ الجزء المرئي بالتناقص حتى الوصول إلى هلال نهاية الشهر، ثم المحاق بعدها حسب وكالة ناسا.
ما هو سبب تسمية الشهور الهجرية؟
يختلف سبب تسمية الشهور الهجرية بين شهر وآخر، ولم يكن أول من وضع التاريخ الهجري نفسه الذي اختار أسماء هذه الأشهر، وإنما كانت معروفة عند العرب قبل الإسلام. فيما يأتي قائمة بجميع الأشهر الهجرية وسبب تسمية كل واحد منها:
- شهر محرم: يطلق على أول شهور السنة الهجرية اسم محرم، وعُرف بهذا الاسم لأن العرب كانوا يرون القتال فيه حرامًا قبل الإسلام، وكان اسم هذا الشهر يُضاف إلى الله تعالى؛ فيُقال: شهر الله الحرام، أو شهر الله المحرم.
- شهر صفر: عُرف ثاني أشهر السنة الهجرية باسم شهر صفر، ويشير اسم هذا الشهر إلى غزو القبائل مرة أخرى بعد انتهاء شهر محرم؛ فيخرج من تم غزوه صفرًا من المتاع، أو لأن الديار كانت تصفر -أي تخلو- من ديارها للحرب فيه.
- شهر ربيع الأول: عندما قام العرب بتسمية الأشهر القمرية جاءت تسمية الشهر الثالث في بداية شهر الربيع؛ فأطلقوا على هذا الشهر اسم شهر ربيع الأول نسبةً إلى الفصل الذي وقع فيه.
- شهر ربيع الآخر: لم ينته فصل الربيع خلال الشهر الرابع من أشهر السنة القمرية عندما قام العرب بتسمية الأشهر، وإنما صادف هذا الشهر نهاية فصل الربيع، ولذلك أطلق عليه اسم شهر ربيع الآخر.
- شهر جمادى الأولى: عندما قام العرب بتسمية الشهر الخامس من أشهر السنة القمرية وافق ذلك الوقت الذي تتجمد فيه المياه من فصل الشتاء، ولذلك أطلقوا عليه اسم شهر جمادى الأولى.
- شهر جمادى الآخرة: استمر تجمد الماء في الشهر السادس من شهور السنة القمرية أثناء قيام العرب بتسمية الأشهر، ولذلك أطلقوا على هذا الشهر اسم شهر جمادى الآخرة للتفريق بينه وبين الشهر الذي يسبقه.
- شهر رجب: كان شهر رجب أحد الأشهر الذي تعظمه العرب من خلال ترك القتال فيه، ولذلك أطلق عليه اسم شهر رجب؛ فإن معنى هذه الكلمة تشير إلى الهيبة من الشيء أو تعظيمه، وهو في هذا الموضع تعظيم القتال والهيبة منه.
- شهر شعبان: بعد القعود عن القتال في شهر رجب؛ كان العرب يتشعبون للقتال والغزو في الشهر الثامن من أشهر السنة الهجرية، ولذلك أطلقوا على هذا الشهر اسم شهر شعبان نسبة إلى تشعبهم.
- شهر رمضان: وافقت فترة تسمية الشهر التاسع من أشهر السنة القمرية شدة الحر، ولذلك أطلق عليه العرب اسم شهر رمضان؛ فإن اسمه مشتق من الرمضاء، وهو الشهر الذي يصوم فيه المسلمون الفريضة.
- شهر شوّال: عندما قام العرب بتسمية الأشهر القمرية وافقت تسمية الشهر العاشر فترة شولان النوق بأذنابها عند الحمل، وهي الفترة التي تصبح فيها النوق هزيلة ويجف لبنها، ولذلك أطلق عليه اسم شوال.
- شهر ذي القعدة: يُعرف الشهر الحادي عشر من أشهر السنة الهجرية باسم شهر ذي القعدة، وأطلق عليه هذا الاسم لأنه من الأشهر التي قعد فيها العرب عن القتال تعظيمًا لها، وقال البعض بأنه سمي بذلك لقعود العرب خلاله عن الرحال والأوطان.
- شهر ذي الحجة: يُنسب الشهر الثاني عشر من أشهر السنة القمرية الهجرية إلى فريضة الحج التي عرفها العرب قبل الإسلام، ولذلك أطلق عليه اسم شهر ذي الحجة.
ما أبرز المناظير التي يُعتمَد عليها لرؤية هلال بداية الشهر؟
هناك العديد من المناظير التي يمكن الاعتماد عليها لرؤية هلال بداية الشهر الهجري، وأبرزها ما يأتي:
- المناظير الكاسرة: تتكون المناظير الكاسرة بشكل أساسي من عدستين زجاجيتين اثنتين يتم تثبيتهما في الأنبوب الذي يستخدمه الراصد، ويساعد في تكبير الصورة، ولكنه لا يخلو من بعض المشاكل الفنية.
- المناظير العاكسة: بدلًا من العدسات تعتمد المناظير العاكسة بشكل أساسي على المرايا المقعرة والعدسات لجمع الضوء وتكبير الأشياء، وهو أسهل في الاستعمال من المناظير الكاسرة.
- المناظير التصويرية: يمكن أن تكون المناظير التصويرية من المناظير الكاسرة أو العاكسة؛ إلا إنها تتميز باستخدام كاميرات التصوير لتجميع الضوء على المرآة الثانوية، ويتم الاعتماد على هذه المناظير لتحديد أشكال الأجرام الفلكية.
ما الفرق بين التاريخ الهجري والميلادي؟
يكمن الفرق بين التاريخ الهجري والميلادي بشكل أساسي في اعتماد التقويم الهجري على القمر في تحديد بداية الشهور ونهايتها، بينما يعتمد التقويم الشمسي على حركة الشمس وتعاقب الليل والنهار، كما أن التقويم الهجري يُنسب إلى هجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، ولكن التقويم الميلادي يُنسب إلى ميلاد نبي الله عيسى، ويُطلق عليه اسم التقويم الجريجوري نسبة إلى البابا جريجر الثالث عشر.
ما هي أبرز أنواع التقويم المعروفة؟
على الرغم من كونه أول من وضع التاريخ الهجري إلا أن عمر بن الخطاب لم يكن أول من استخدم التقويم القمري الذي كان معروفًا منذ القدم، وهو واحد من أبرز أنواع التقويم المعروفة. فيما يأتي قائمة بأنواع التقويم الأبرز مع التفريق بينها:
- التقويم القمري: يعتمد التقويم القمري على مسيرة القمر في تحديد الشهور، ويكون الشهر بناءً عليه 29 يومًا أو 30 يومًا بالاعتماد على رؤية الهلال، وتستمر السنة القمرية 355 يومًا، وهو التقويم الذي كان معروفًا عند العرب قديمًا.
- التقويم الشمسي: يرتبط هذا التقويم بشكل أساسي مع الشمس ونزولها في 12 برجًا، وتستمر السنة الشمسية حتى مرور قرابة 365 يومًا، وهو النظام الذي يعتمد عليه التقويم الميلادي، وكان معروفًا في الحضارات القديمة.
- التقويم النجمي: يعتمد التقويم النجمي بشكل أساسي على مراقبة حركة النجوم في تحديد الأشهر والسنوات، وتستمر السنة في هذا التقويم 360 يومًا، وهو تقويم اعتمد عليه المصريون القدماء.
اقرأ/ي أيضًا:
هل هناك فرق بين السنَة والعام؟
