تحقيق مسبار
يعاني الفلسطينيون من المحاولات المستمرة للحكومة الإسرائيلية وحلفائها لنقلهم من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل فلسطين، أو إعادة توطين الفلسطينيين في دول أخرى، وعادة ما يتم ذلك بالقوة أو بالضغط الاجتماعي أو الاقتصادي.
ما هو توطين الفلسطينيين؟
تعرف إعادة التوطين وفقًا للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR بتمكين اللاجئين من الانتقال إلى بلد آخر وافق على قبولهم بوضع قانوني يضمن الحماية الدولية والإقامة الدائمة في نهاية المطاف.
حيث لا يستطيع الكثير من اللاجئين حول العالم البقاء في موطنهم الأصلي بسبب الحرب القائمة والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتدهورة وعلى رأس هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون. ووفقًا لخبراء حقوق الإنسان، لا يوجد برنامج محدد لإعادة توطين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتقدم الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) الخدمات الاجتماعية والتعليم والرعاية الصحية والمأوى وبعض المساعدات الطارئة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات التابعة للدول المستضيفة والتي تم وضعها تحت تصرف الأونروا، وهي عبارة عن 58 مخيمًا يعيش فيها ثلث اللاجئين الفلسطينيين في كل من الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، أما الثلثين الباقيين من اللاجئين فيعيشون في مدن وبلدات الدول المضيفة وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، وخدمات الوكالة متاحة لجميع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين فيها سواء ضمن المخيمات أو خارجها.
توطين اللاجئين الفلسطينيين
وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) يُعرّف اللاجئون الفلسطينيون بأنهم "الأشخاص الذين كان مكان إقامتهم الطبيعي هو فلسطين خلال الفترة من 1 يونيو 1946 إلى 15 مايو 1948، والذين فقدوا منازلهم ووسائل عيشهم نتيجة لصراع عام 1948" وهم حوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني.
ويعتبر توطين الفلسطينيين اللاجئين موضوعًا حساسًا ومثيرًا للجدل، حيث يرفض الفلسطينيون فكرة نقلهم من مناطقهم والتخلي عن حق العودة إلى ديارهم، وتعتبر هذه المسألة واحدة من القضايا الرئيسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد اعتقدت اسرائيل أن إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين ودمجهم تحت سيادة الحكومة الإسرائيلية أو في دول عربية أخرى هو الحل في تخلي الفلسطينيين عن الأمل بالعودة.
يُذكر أنّه تم إنشاء صندوق ائتمان سري في سبعينيات القرن الماضي لهذا الغرض والبدء في محاولة توطين فلسطينيي غزة في الضفة الغربية والعريش، إلا أن إسرائيل تجاهلت حقيقة أن سكان غزة الذين يشعرون بعبء الاحتلال أكثر من أي منطقة أخرى، مكنهم ذلك من التمسك بأرضهم وحقوقهم أكثر وتصعيد المقاومة الفلسطينية.
وأعربت كل من روسيا بتصريح من قبل وزير خارجيتها سيرغي لافروف، والولايات المتحدة الأمريكية عبر بيان صحفي رسمي في ظل الأحداث الأخيرة بعد السابع من تشرين الأول 2023، رفضهما خطط إعادة توطين الفلسطينيين خوفًا من زرع عناقيد الغضب وزيادة وتيرة الأحداث موضحين أن غزة هي أرض فلسطينية وستبقى كذلك.
توطين الفلسطينيين في سيناء
يعود تاريخ فكرة توطين الفلسطينيين في سيناء إلى عقود عديدة، حيث تتضمن الفكرة نقل الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء في مصر، حيث تم طرح هذه الفكرة بهدف حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولإيجاد وطن آخر للفلسطينيين خارج مناطق سيطرة إسرائيل، وقد عادت هذه الفكرة إلى الظهور بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول عام 2023. وفيما يلي نستعرض أهم المراحل التي تم طرح الفكرة بها:
- عام 1949 عندما نزح حوالي 200 ألف فلسطيني إلى غزة عقب النكبة الفلسطينية، عندها قدمت الولايات المتحدة الأمريكية اقتراحًا للأمم المتحدة لإعادة توطين الفلسطينيين في صحراء سيناء.
- بدأت الأونروا حينها بالفعل بالبحث عن مخططات لاستصلاح الصحراء في سيناء وإشراك الفلسطينيين في هذه المخططات، بهدف مساعدتهم على الاندماج في وطنهم الجديد.
- انتفض فلسطينيو غزة على الولايات المتحدة والأونروا ومصر بما يعرف بانتفاضة آذار عام 1955 للتخلي عن خطط إعادة التوطين..
- بعد العمليات الإسرائيلية العسكرية العنيفة على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول عام 2023، أوصت وثيقة مسربة من وزارة المخابرات الإسرائيلية بإعادة توطين 2.3 مليون فلسطيني من غزة قسرًا في شبه جزيرة سيناء المصرية وبناء منطقة أمنية على الحدود الإسرائيلية لمنع عودتهم.
- كذلك دعا كل من الوزيرين الإسرائيليين بيزاليل سموترش وإيتامار بن غفير لإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة.
- أثار الطرح الجديد استنكارًا فلسطينيًا وتوترًا مع مصر.
هل مصر تقبل الفلسطينيين؟
تستضيف مصر آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا من فلسطين خلال نكبة فلسطين بعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، وما تلاها خلال حروب أخرى في المنطقة، وتقدم الدعم للفلسطينيين وتعمل على إيجاد حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وعقب عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول عام 2023 في غزة، والعملية العسكرية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي ضد فلسطينيي القطاع، أبدت مصر تخوفها من احتمالية الضغط عليها لاستقبال سكان غزة وتوطين الفلسطينيين فيها، مما يسمح بدخول الكتائب المسلحة إلى أراضيها واحتمالية دخولها بشكل مباشر في الصراع بين إسرائيل وفلسطين والذي قد يهدد أمن واستقرار البلاد.
وقد كرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رفض بلاده بشكل قاطع إخلاء الفلسطينيين عبر معبر رفح إلى سيناء، رغم الضغوط الإسرائيلية وعرضها تقديم المساعدات الاقتصادية بالمقابل، مؤكدًا على أحقية الفلسطينيين البقاء في أرضهم وحماية القضية الفلسطينية، وموضحًا أن ذلك يهدد اتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل عام 1979.
كما صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري أن هذا الخيار غير مقبول إطلاقًا ويعد انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي. وقد خرج العديد من المتظاهرين المصريين لدعم الفلسطينيين رغم الحظر الرسمي على الاحتجاجات العامة.
كم يبلغ عدد الفلسطينيين في العالم؟
يصنف الفلسطينيون بشكل عام إلى ثلاثة فئاتK وهم فلسطينيون يعيشون في دولة فلسطين أي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفلسطينيون لاجئون خارج أراضي فلسطين التاريخية في الدول العربية بشكل أساسي وبعض الدول الأخرى، وفلسطينيون يعيشون داخل دولة إسرائيل وهم مواطنون فيها> وتقدر أعدادهم كما يلي:
- وفقًا للمكتب المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن عدد الفلسطينيين في العالم يقدر بحوالي 14.5 مليون فلسطيني وذلك في آخر إحصائية خلال منتصف عام 2023.
- حوالي 5.48 من الفلسطينيين يعيشون في دولة فلسطين (يقدر عدد سكان الضفة الغربية بحوالي 3.25 مليون نسمة أما عدد سكان قطاع غزة فيبلغ 2.23 مليون وذلك خلال نفس العام) بنسب متساوية تقريبًا بين الذكور والإناث (2.78 مليون ذكر و2.70 مليون أنثى).
- أما بالنسبة للفئات العمرية في دولة فلسطين فإن نسبة الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين (0-14) عام يشكلون حوالي 38% من السكان في حين أن كبار السن (65 سنة وأكثر) يشكلون حوالي 3% فقط من مجمل السكان، ومتوسط العمر في دولة فلسطيني هو 19.6 سنة.
- حوالي 1.6 مليون فلسطيني هم مواطنون في إسرائيل في المناطق الخاطعة لسيطرة الحكومة الإسرائيلية ويشكلون 21% من مجموع سكانها.
- بشكل عام إن عدد الفلسطينيين الذين يعيشون خارج دولة فلسطين أكبر من عددهم ضمنها ومعظمهم يعيشون في الدول العربية المجاورة، وعدد أقل يعيشون في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية.
- حوالي نصف مجموع اللاجئين الفلسطينيين هم عديمي الجنسية ويفتقرون إلى أبسط الحقوق الإنسانية.
عدد الفلسطينيين خارج فلسطين
- أفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني والموقع الرسمي لقناة الجزيرة إن إجمالي عدد السكان الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم يبلغ 14.5 مليون نسمة. ويبلغ عدد الفلسطينيين خارج فلسطين حوالي 6.5 ملايين في الدول العربية الأخرى كلاجئين في المقام الأول وخصوصًا في الأردن، و0.8 مليون نسمة يعيشون في بلدان أخرى وذلك في إحصائيات لعام 2023، فقد تمكن بعضهم من الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة لكن ضمن إجراءات صعبة ومعقدة.
- يستضيف لبنان حوالي 450 ألف لاجئ فلسطيني ويعيش العديد منهم في المخيمات الاثني عشر في لبنان مثل مخيم عين الحلوة والذي يضم أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين من سوريا ولبنان، ومخيم برج البراجنة ومخيم نهر البارد، وتعاني هذه المخيمات من اكتظاظ سكاني وبنى تحتية متهالكة وظروف معيشية سيئة.
- أما في الأردن فيبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين حوالي 2 مليون نسمة أغلبهم ضمن مخيماتها العشرة من مجمل 58 مخيم فلسطيني ضمن فلسطين والدول المجاورة.
- وفي سوريا إن غالبية اللاجئين الفلسطينيين المتبقين يبلغ عددهم حوالي 438 ألف فلسطيني، وهذا العدد أقل مما كان عليه قبل أحداث سوريا عام 2011، فقد اضطر العديد من الفلسطينيين إلى النزوح عدة مرات داخل سوريا وإلى خارجها بسبب أوضاع البلاد الأمنية، كما توقفت كل من الأردن ولبنان عن استقبال النازحين الفلسطينيين من سوريا في وقت مبكر من النزاع وذلك وفقًا لموقع منظمة الأونروا.
- أما بالنسبة لمصر فإن أعداد الفلسطينيين أقل من تلك الموجودة في الشرق الأوسط حيث تستضيف البلاد حوالي 70-135 ألف فلسطيني معظمهم وصلوا بعد النكبة عام 1948 والحرب التالية بين إسرائيل والدول العربية عام 1967.
اقرأ/ي أيضًا:
ما حقيقة اختفاء اسم سيناء من خريطة مصر على غوغل؟