` `

ما هو خط بارليف؟

سياسة
30 يونيو 2024
ما هو خط بارليف؟
يتكون خط بارليف من 31 نقطة حصينة، كل منها تشكل حصنًا معقدًا (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يعتبر خط بارليف من أقوى التحصينات الدفاعية التي تم انشاؤها في العالم، وقد كان عبوره من أهم الإنجازات للقوات المسلحة المصرية في حرب أكتوبر عام 1973.

صورة متعلقة توضيحية

ما هو خط بارليف؟

خط بارليف هو نظام دفاعي كان يقع على الضفة الشرقية من قناة السويس، تم إنشاؤه من قبل الجيش الإسرائيلي، وذلك بإشراف القائد العسكري الإسرائيلي حاييم بارليف. كان خط بارليف عبارة عن سلسلة من التحصينات والنقاط العسكرية المقامة على طول قناة السويس، والمصممة لمقاومة القصف المدفعي وغيره من أنواع الأسلحة، وكان يهدف إلى خفض تعداد القوة البشرية اللازمة لحماية الجبهة، وتقليل الخسائر المحتملة نتيجة أي هجوم مصري.

تم تحطيم خط بارليف في هجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري، وذلك في الساعات الأولى من حرب أكتوبر في العام 1973.

مكان خط بارليف

قامت إسرائيل ببناء خط بارليف بعد حرب عام 1967، حيث احتلت كامل شبه جزيرة سيناء، ووصلت ضمن الأراضي المصرية إلى ضفة قناة السويس، لتقوم هناك بإنشاء سلسلة من التحصينات الدفاعية المنيعة، التي امتدت بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، لتشكل مع بعضها البعض خط بارليف الشهير.

إذًا مكان خط بارليف هو الضفة الشرقية لقناة السويس، حيث يمتد على طول القناة، من الشمال إلى الجنوب، وبعرض 12 كيلومترًا من ضفتها غربًا وإلى عمق شبه جزيرة سيناء شرقًا.

لماذا تم بناء خط بارليف؟

تم بناء خط بارليف من قبل الجيش الإسرائيلي، بهدف حماية الجنود الإسرائيليين الذين يخدمون ضمن نقاط المراقبة على الضفة الشرقية لقناة السويس، وذلك من القصف المدفعي من جانب الجيش المصري.

خلال النكسة عام 1967، احتل الجيش الإسرائيلي كامل شبه جزيرة سيناء حتى الضفة الشرقية من قناة السويس، إن تغلب إسرائيل على الجيوش العربية حينئذٍ لم يقد إلى تهدئة عسكرية طويلة الأمد، فقد شرع الجيش المصري إلى عملية إعادة تسليح سريعة، وبدأ يرسم خطة طويلة المدى لهجوم معاكس.

 كان الهجوم المعاكس المصري عبارةً عن حرب استنزاف، تقوم على القصف المدفعي، والهجمات المحدودة، والضغط السياسي المستمر، وفي نفس الوقت كان الجيش المصري يعد خطة متكاملة تهدف إلى عبور قناة السويس، واستعادة شبه جزيرة سيناء.

في سياق الرد الإسرائيلي على حرب الاستنزاف المصرية، وبهدف الحماية من أي هجوم عسكري مصري في المستقبل، تم الشروع بتصميم وبناء إنشاء عسكري على طول قناة السويس، وهو ما بات يعرف باسم خط بارليف.

كانت تحصينات خط بارليف مصممة لتقديم الحماية الشخصية الكاملة من أي هجوم مباشر قد يتعرض له الجنود. على الرغم من أن هندسة وبناء هذه النقاط المحصنة قد تم بنجاح، وعلى الرغم من أنها قد أدت غرضها في الحماية من القصف المدفعي المباشر بشكل جيد، إلا أن هذا النجاح لم يستمر، وكانت القيمة الفعلية لخط بارليف من الناحية الدفاعية الإستراتيجية قصةً أخرى.

كم مدة بناء خط بارليف؟

إن مدة بناء خط بارليف امتدت على عدة مراحل وهي:

  • المرحلة الأولى: استمرت حتى بداية حرب الاستنزاف، وذلك بين نوفمبر 1968 وحتى مارس 1969، وتم خلال هذه الفترة إنشاء معظمه.
  • المرحلة الثانية: حتى انتهاء الحرب في أغسطس 1970.
  • المرحلة الثالثة: وتمت فيها إعادة تأهيل خط بارليف بعد الحرب، وتحديدًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وقف إطلاق النار.

على الرغم من أن مدة بناء خط بارليف قصيرة نسبيًا، وأن عمر تشغيله غير طويل، حيث امتد لخمس سنوات فقط، منذ البدء بإنشائه، وحتى سقوطه في حرب أكتوبر عام 1973، إلا أن خط بارليف عانى من الإهمال والتغيّر في سياسة استخدامه وعمله، فحوالي نصف التحصينات فيه (14 من 30) قد تم إغلاقها، كما أنه كان خاليًا من الجنود في وقت الهجوم عليه في حرب أكتوبر.

إضافة إلى ذلك لم تكن القوات المدرعة والمدفعية والدعم الجوي لخط بارليف قيد التفعيل عندما تم الهجوم المصري، وهو ما يعود إلى أن المبادرة المصرية بالعمل العسكري كانت مفاجئةً تمامًا للجانب الإسرائيلي.

خط بارليف من الداخل

يتكون خط بارليف من 31 نقطة حصينة، كل منها تشكل حصنًا معقدًا متعدد الطبقات، تتكون من الداخل من عدة طوابق، وتحتوي على عدة مخابئ محصنة مبنية من الإسمنت المسلح، وتحيط بها حقول من الألغام والأسلاك الشائكة، والتي تمتد لمسافة تصل إلى 800 مترًا.

بعض النقاط في خط بارليف كانت مجهزة من الداخل بخزانات تحتوي على النابالم الذي يستخدم في صناعة القنابل الحارقة، والذي كان يفترض أن يتم استخدامه في صدّ الهجمات، حيث كان قادرًا على تغطية سطح مياه القناة جوار النقطة المحصنة، ليشكل جدارًا من اللهب بارتفاع 1 متر، وكانت له القدرة على رفع درجة حرارة المياه إلى نقطة الغليان.

كانت النقاط المحصنة تستعمل كمراكز مراقبة في الأساس، وكانت تفصل فيما بينها مسافة 10 كيلومترات تقريبًا، وقد شكلت مواقع ممتازة للرصد، سواء من قبل الجنود، أو باستخدام المعدات الإلكترونية.

وقد جهزت كل نقطة في خط بارليف من الداخل لتتسع لحامية مكونة من 15 عسكريًا، وخطط لها أن تكون خطًا أماميًا يستخدم للإنذار عند أي هجوم من الطرف المصري، ولرصد التحركات والأنشطة العسكرية المصرية في الطرف المقابل. وكان مخططًا أن يتم دعم خط بارليف بقوات مدرعة متحركة، تتوضع بعيدًا في الداخل خلف القناة، وذلك بهدف صد أي قوات مصرية متوغلة.

ولعل أكثر ما اشتهر به خط بارليف هو الساتر الترابي، والذي كان ارتفاعه يصل إلى ما يقارب 22 مترًا، وكان منحدرًا من الطرف المواجه للمياه بزاوية مقدارها 45 درجة، ليعطي انطباعًا باستحالة اختراقه.

عبور خط بارليف

كان عبور خط بارليف من قبل قوات الجيش المصري مفاجأة كبيرة للجانب الإسرائيلي وللعالم كله، حيث وُصف هذا الخط بأنه منيعٌ ولا يمكن اختراقه، وربما كان أقوى خطٍ دفاعي بُنِي في التاريخ، لذلك كان عبور خط بارليف إنجازًا عسكريًا كبيرًا يُحسب للجيش المصري أنه استطاع تحقيقه بنجاح، ويمكن تلخيص مراحل عبور خط بارليف كما يلي:

  • تم عبور خط بارليف في الساعات الأولى من حرب أكتوبر عام 1973، في عملٍ عسكري منسقٍ ومفاجئ من قبل القوات المصرية، حيث بدأ الهجوم في الساعة الثانية ظهرًا في يوم 6 أكتوبر، بنزول آلاف الجنود المصريين إلى مياه قناة السويس، واعتلائهم للقوارب المطاطية، متجهين إلى الضفة الشرقية من القناة.
  • تمت تحركات الجنود المصريين عبر قناة السويس مدعومةً بغطاءٍ كثيفٍ من القصف المدفعي المركز، وبحمايةٍ من سلاح الجو المصري.
  • في البداية قامت حوالي 4000 قطعة من بطاريات الصواريخ ومدافع الهاون على طول الجانب المصري من القناة بفتح نيرانها مستهدفة خط بارليف، تحميها ضربات جوية من أكثر من 300 طائرة حربية. 
  • بعد 50 دقيقة من بداية القصف المكثف، قام حوالي 8000 جندي مصري في 1000 قارب مطاطي بعبور مياه القناة نحو الضفة الشرقية.
  • وفي الوقت الذي كان يتم فيه إشغال حصون المراقبة على خط بارليف من قبل الجنود المصريين المتقدمين، كان المهندسون يجرفون السواتر الترابية المقامة على طول الخط، مستخدمين مضخات المياه ذات الضغط العالي، حيث تمكنوا من اختراق الساتر في 80 موقعًا، وذلك خلال 4,5 ساعة فقط، لتتمكن نتيجة ذلك قوات المشاة والمدرعات المصرية من عبور خط بارليف بنجاح.
  • جرى الاستيلاء على أغلب التحصينات العسكرية الإسرائيلية في عملية عبور خط بارليف بخسائر محدودة، أما من الجانب الإسرائيلي، فقد تم قتل 126 جنديًا وأسر 161 من بين 441 كانوا يتمركزون على طول الخط، بينما لم تصمد سوى نقطة واحدة من نقاط خط بارليف، هي نقطة بودابست المواجهة لبورسعيد عند الطرف الشمالي من القناة.

كيف تم تحطيم خط بارليف؟

كانت صعوبة تحطيم خط بارليف تتمثل في جزء كبير منها بالتعامل مع الساتر الترابي، فإضافةً إلى التحصينات العسكرية التقليدية المتواجدة على طول الخط، كان الجدار الترابي الضخم والملاصق لمياه القناة يعد عائقًا من الصعب التغلب عليه.

تم تحطيم خط بارليف استنادًا على اقتراحٍ من أحد مهندسي القوات المصرية المسلحة، وهو اللواء الراحل المهندس باقي زكي يوسف، والذي أشار إلى إمكانية استخدام مضخات مياه ذات ضغط ٍعالٍ، كي تعمل على إزاحة الرمال، وبالتالي فتح ثغرات في الساتر الترابي تسمح بعبور الدبابات.

كانت فكرة المهندس باقي زكي ترجع إلى خبرته السابقة في العمل بالسد العالي، بين عامي 1964 و1967، حيث كان يجري استخدام المياه بضغطٍ عالٍ لتجريف الرمال، ومن ثم استعمالها في بناء جسم السد.

ومن أجل تحطيم خط بارليف قام المهندس باقي زكي بوضع تصميم لمدفع مائي لقذف المياه تحت ضغطٍ عالٍ، بحيث يزيح الرمال بوقت سريع وبتكلفة منخفضة، وتم تصنيع هذه المدافع من قبل شركة ألمانية، بحجة أنها ستستخدم في إطفاء الحرائق.

وقد تم تنفيذ العديد من التجارب العملية من قبل إدارة المهندسين لاختبار قدرة المدافع المائية على تحطيم خط بارليف على أرض الواقع، وقد زاد عددها عن 300 تجربة، أجريت بين عامي 1969 و1972، وذلك في جزيرة البلاح في الإسماعيلية، وفي ضوء هذه التجارب تم إقرار صلاحية استخدام المياه المضغوطة لتجريف الساتر الترابي في خط بارليف، لتصبح فيما بعد حجر الزاوية الأساسي في عبور خط بارليف في بداية حرب أكتوبر.

اقرأ/ي أيضًا:

السادات لم يذكر أن عرفات رفض مشاركة الفلسطينيين في حرب أكتوبر

كم استمرت الحرب اللبنانية الإسرائيلية الأخيرة؟

لماذا سميت حرب النكبة بهذا الاسم؟

هل غزة كانت مصرية؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على