تحقيق مسبار
يعتبر فهم دور الهرمونات في تنظيم الشهية أمرًا حاسمًا في فهم عمليات التحكم في الوزن وإدارته، حيث تلعب الهرمونات دورًا رئيسيًا في تنظيم الشهية ويعد كل من اللبتين والغريلين من بين الهرمونات الرئيسية التي تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم عمل الجسم مثل ما يسمى هرمون الجوع أو هرمون الشبع، وبالتالي يمكن أن يكون فهم كيفية التحكم في هذه الهرمونات مفتاحًا لإدارة الوزن بشكل فعال.
ما الهرمون الذي يسبب الجوع?
غالبًا ما يُشار إلى الغريلين Ghrelin بأنه "هرمون الجوع" لأنه يحفز الشهية ويعزز استهلاك الطعام، يتم إنتاجه بشكل أساسي في المعدة وبكميات أقل من البنكرياس والأمعاء الدقيقة ثم يسافر عبر الدم ويصل إلى الغدة النخامية في الدماغ ليعمل على زيادة الجوع.
ويتمثل دوره الأساسي في سرعة عودة الشهية بعد تناول الطعام، حيث تبدأ المعدة بإفرازه عندما تكون فارغة وتكون مستوياته مرتفعة قبل تناول الطعام مباشرة وأثناء الصيام مما يعكس حالة الجوع، ثم ينخفض لمدة ثلاث ساعات بعد الوجبة ويكون بأدنى مستوياته بعد ساعة من تناول الطعام.
وبالإضافة لدوره في تنظيم الشهية، تبين الدراسات أن لهرمون الجوع دور أساسي في تنظيم سكر الدم وطاقة الجسم وحماية القلب والعضلات، كما له دور في تكوين العظام، ويرتبط بزيادة نمو السرطانات، وقد يؤثر أيضًا على دورة النوم وإحساس التذوق.
وتبين بعض الدراسات مؤخرًا أن دور الغريلين في تحديد الشهية في الواقع أقل مما كان يعتقد سابقًا، بل يتمثل دوره الأساسي في تنظيم وزن الجسم بطريقة معقدة، فقد تم بالفعل إثبات أن مستويات الغريلين تكون مرتفعة لدى الأشخاص المصابين بالقهم العصبي (عدم وجود شهية للطعام) ومنخفضة لدى الأشخاص المصابين بالسمنة، وبالتالي الغريلين ليس سببًا للسمنة، مما يجعل دوره غير واضح تمامًا في تنظيم الشهية وبحاجة للمزيد من الأبحاث.
ما هو الهرمون المسؤول عن الشبع؟
يُعرف اللبتين Leptin باسم "هرمون الشبع" أو "مثبط الشهية" لأنه يقلل من الشهية ويُرسل إشارات الشبع إلى الدماغ ليخبره بأن الجسم لديه ما يكفي من الوقود، يتم إنتاجه بواسطة الخلايا الدهنية (الشحمية) ويمارس تأثيره على الغدة النخامية لتقليل استهلاك الطعام.
ويعتقد أن اللبتين هو المنظم الأكبر لطاقة الجسم كما أنه ينظم مستويات هرمون الجوع (الغريلين)، ومن المفارقة أنه كلما زادت نسبة الشحوم في الجسم تزداد مستويات اللبتين في الدم (بسبب زيادة التصنيع من الخلايا الدهنية البدينة)، إلا أن الاستجابة له تقل، حيث يتطور ما يعرف بـ "مقاومة اللبتين" لدى الأشخاص مفرطي الوزن الذين يعانون من السُمنة، أي أن الدماغ لا يستجيب لإشارات الشبع ويعتقد أن الجسم بحاجة للمزيد من الطاقة فيرسل أوامر لاستمرار تناول الطعام، وهذا يؤدي لحلقة مفرغة من زيادة تناول الطعام وزيادة الوزن دون الشعور بالشبع.
كما للبتين وظائف عديدة أخرى في الجسم مثل التكاثر وضغط الدم وتأثيرات واسعة على جهاز المناعة بالإضافة إلى أنه يحفز عملية حرق الدهون للحصول على الطاقة وبحالة عوزه يحدث تناول الطعام بشكل مفرط وغير منضبط.
هل يمكن إزالة هرمون الجوع؟
لا يوجد حاليًا طريقة دوائية للتقليل من هرمون الجوع لكن يمكن اتباع بعض الطرق لإدارة الشهية والحفاظ على وزن صحي، مثل اعتماد نظام غذائي متوازن مع تجنب إبقاء المعدة فارغة كي لا يزداد إفراز هرمون الجوع، وهذا النظام الصحي يشمل الخضار والفواكه والألياف بشكل عام والحبوب والألبان والبروتين الخالي من الدهون.
بالإضافة لما سبق ينصح الباحثون بتقليل مستويات التوتر، وإيلاء أهمية للحصول على قسط كافٍ من النوم (ما لا يقل عن 7 ساعات باليوم)، وممارسة التمارين البدنية بانتظام.
وبما أن هرمون الجوع (الغريلين) يفرز من المعدة، تم الاتجاه لعمليات قص وطي المعدة أو ما يعرف بـ "جراحة البدانة" بهدف تقليل حجم سعتها بالإضافة إلى التقليل من إفراز هرمون الجوع وبالتالي التقليل من الرغبة المستمرة بالطعام، وبالفعل تمت ملاحظة أن هرمون الغريلين ينخفض بشكل كبير بعد هذا النوع من العمليات.
ومن الإجراءات الحديثة التي أحدثت ثورة في هذا المجال هو حرق جزء من بطانة المعدة (قاع المعدة بشكل خاص حيث يتم إنتاج القسم الأكبر من الغريلين) بشكل موجه بالمنظار للتقليل من إفراز هرمون الجوع، وبالفعل وفقًا للتجربة فقد انخفض مستوى هرمون الجوع بالدم بنسبة 45% خلال ستة أشهر من الإجراء.
ما هي الهرمونات التي تنقص الوزن؟
تلعب الهرمونات دورًا حاسمًا في تنظيم العمليات الفيزيولوجية المختلفة في الجسم، بما في ذلك الاستقلاب وتنظيم الوزن، وقد تم تحديد العديد من الهرمونات التي لها تأثير على فقدان الوزن، سواء عن طريق زيادة استهلاك الطاقة أو تقليل الشهية ومن هذه الهرمونات:
- اللبتين: وهو الهرمون الرئيسي المسؤول عن إيقاف الشعور بالجوع، حيث يقوم بإرسال إشارات إلى الدماغ عندما يكون لدى الجسم مخزونات كافية من الطاقة وبالتالي يمكنه تقليل تناول الطعام وزيادة إنفاق الطاقة وتعزيز فقدان الوزن.
- هرمونات الغدة الدرقية: لها مجموعة واسعة من الوظائف وأهمها هو التحكم بالاستقلاب (معدل حرق السعرات الحرارية)، وعند حدوث زيادة في هذه الهرمونات يزداد الاستقلاب وبالتالي يزداد حرق الدهون وينقص الوزن وبالعكس تحدث زيادة الوزن.
- الهرمونات الجنسية: وجدت الدراسات أن كل من هرمون التستسترون والبروجستيرون يحفزان الشهية بينما هرمون الاستروجين يثبطها، وبالتالي نقص هرمون الاستروجين بعد سن الضهي قد يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل مفرط خاصة حول البطن.
- الكورتيزول: وهو هرمون التوتر، يتم إفرازه من الغدة الكظرية ويلعب دورًا في الاستقلاب وتخزين الدهون، ويمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى زيادة مستويات كورتيزول، مما قد يسهم في زيادة الشهية والوزن والعديد من المشاكل الصحية الأخرى.
- الببتيد الشبيه بالجلوكاجون -1 ((GLP-1 والببتيد YY: كلاهما يفرزان من الأمعاء ويعملان على تثبيط الشهية وزيادة الشعور بالشبع.
هرمون الجوع وكيفية التحكم فيه
يُمكن تحقيق التحكم في هرمون الجوع والشبع من خلال استراتيجيات حياتية وغذائية مختلفة، ومن بعض الطرق المتفق عليها لتنظيم هذه الهرمونات:
- تناول نظام غذائي متوازن: غني بالبروتين والألياف والكربوهيدرات الجيدة (مثل الحبوب الكاملة) يساعد في تقليل متسويات هرمون الجوع، حيث تزيد الأطعمة الغنية بالبروتين من الشعور بالشبع وتقلل مستويات الغريلين، بينما تساعد الألياف في بطء عملية الهضم وتعزز شعور الشبع، أما تناول الأطعمة عالية الدهون يؤدي إلى الرغبة بتناول المزيد من السعرات الحرارية
- الإماهة: ينصح بشرب الماء والسوائل بشكل عام لإبقاء المعدة ممتلئة مما يبطل إفراز الغريلين ويعطي شعورًا كاذبًا بالشبع.
- التقليل من التوتر: يُمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى اختلال مستويات هرمون الجوع والإفراط في تناول الطعام، وبالتالي ممارسة أنشطة تقليل التوتر مثل التأمل واليوغا أو تمارين التنفس العميق يمكن أن تساعد في تنظيم مستويات هذا الهرمون.
- نوم كاف: وفقًا لبعض الدراسات فقد ارتبطت قلة النوم بارتفاع مستويات هرمون الجوع (الغريلين) وانخفاض هرمون الشبع (اللبتين)، مما يؤدي إلى زيادة الشهية والرغبة في تناول أطعمة ذات سعرات حرارية عالية لذلك يجب الحصول على ما لا يقل عن 7-8 ساعات من النوم يوميًا.
- ممارسة التمارين بانتظام: على الرغم من أن الدراسات حول تأثير التمارين على هرمون الجوع لا تزال متضاربة، إلا أن التمارين البدنية يمكن أن تساعد في تحقيق حياة صحية والمساعدة في فقدان الوزن.
اقرأ/ي أيضًا:
هل الغدّة الدرقية تسبب ألمًا في الحنجرة؟