` `

هل يوقف التحقق من المعلومات تسرب الأخبار الكاذبة في الجسم السياسي؟

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
سياسة
7 يوليو 2021
هل يوقف التحقق من المعلومات تسرب الأخبار الكاذبة في الجسم السياسي؟
ارتفع عدد منصات التحقق عام 2020 ليصل إلى 290 منصة (Getty)

نشرت صحيفة  ماينيتشي شيمبون اليابانية مقالاً حول تأثير عمل منصات التحقق في إيقاف نزيف الأخبار الكاذبة والمضللة، ضمن سلسلة مقالات من جزأين. وعنونت جزأها الأول بـ"جهاز كشف الكذب السياسي".

وذكرت أنّ قنوات المعلومات باتت ملوثة - وأحيانًا مسمومة – بالأخبار الكاذبة أو المضللة. ما دفع إلى إحداث منصات للتدقيق في الحقائق، من خلال جهود المنافذ الإخبارية والمنظمات التي أخذت على عاتقها تصويب الأمور. 

وتساءلت، “هل يمكن لمنصات التحقق إيقاف المعلومات الخاطئة أو المضللة عن إحداث فوضى في الجسم السياسي؟”

ليس هناك شك، وفق الصحيفة اليابانية، في أن حركة التحري من الحقائق آخذة في الازدياد. وفقًا للشبكة الدولية لتقصي الحقائق (IFCN) - وهي وحدة تابعة لمعهد بوينتر للدراسات الإعلامية ومقره الولايات المتحدة - لم يكن هناك سوى 44 مبادرة للتحقق في جميع أنحاء العالم في عام 2014. 

وارتفعت الأرقام إلى 188 في 60 دولة بحلول عام 2019، و290 في 83 دولة بحلول عام 2020، حيث تشكل المؤسسات الإخبارية المهنية جزءًا كبيرًا من الوافدين الجدد. وتُرجَع الزيادة إلى "المخاوف العالمية بشأن انتشار المعلومات المضللة". 

اليابان لديها مبادرة FactCheck Japan  (FIJ)، وهي ليست من الدول الموقعة ضمن الشبكة، لكنها تتعاون مع المنظمة لتعزيز التحقق المحلي من المعطيات.

رغم هذا الحماس للتحري والتدقيق في الأخبار المتداولة، تشير الأبحاث الحديثة، وفق ماينيتشي، إلى غياب إجابة حاسمة حول مدى فعاليتها. إذ "يركز التدقيق الرسمي للحقائق وكشف الزيف عمومًا على الخطاب العام والمعلومات من الشخصيات الرئيسية مثل السياسيين، وعلى المزاعم التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي". وأضافت "على الرغم من أن ذلك يساعد، إلا أنه يتعارض أيضًا مع رغبتنا في تأكيد وجهات النظر الموجودة مسبقًا، بينما يحتاج حراس بوابات المعلومات مثل الصحفيين إلى توخي الحذر بشأن من ماذا وكيف يتحرون بالضبط".

وفق هيرويوكي فوجيشيرو، أستاذ الصحافة بجامعة هوسي في طوكيو: "أولاً وقبل كل شيء، يجب التحري من الحقائق". واصفًا الطفرة العالمية في التحقق بأنها "تطور إيجابي وأمر ينبغي القيام به لمواجهة الأخبار المزيفة". 

لكنه شدد على "أننا بحاجة إلى توخي الحذر بشأن كيفية القيام بذلك وإلا سيتم استخدام عمليات التحقق في المواجهة" من قبل أنصار السياسيين.

أجرى فوجيشيرو واثنان من المؤلفين المشاركين دراسة حول تأثير التحقق من المعلومات في الصحف المحلية خلال انتخابات حاكم جزيرة أوكيناوا 2018، من خلال تحليل استجابة تويتر للمقالات. بينما كانت تقنية جمع البيانات الخاصة بها تعني أن حجم العينة كان صغيرًا إلى حد ما، أشارت النتائج إلى أن مقالات التحقق من صحة البيانات الخاصة بالمرشحين والمواد الانتخابية لم يتم التقاطها من قبل الجمهور باعتبارها تصحيحات للمعلومات، بل كانت بمثابة هراوات ضد المعارضين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتوصلت دراسة مختلفة أُجريت في الولايات المتحدة إلى استنتاجات مماثلة. أشار التحليل البعدي Meta-Analysis لعام 2019 إلى 30 دراسة تجريبية حول فعالية التحقق في تصحيح المعلومات السياسية الخاطئة، بحجم إجمالي للعينة يقارب 21  ألفًا، ووجد أن عمليات تدقيق الحقائق كان لها التأثير الأكبر عند فضح آراء معارضيها. في حين أن التصحيحات الواقعية لمعتقدات الناس كانت أقل فعالية بكثير، وهو مثال على "الاستدلال المحفز".

يقول المشرف على الدراسة ناثان والتر، الأستاذ المساعد في قسم دراسات الاتصالات في جامعة نورث وسترن في شيكاغو: "يريد الناس أن يكونوا متسقين في معتقداتهم السياسية. التفكير المحفز يدور حول الانتماء، والتأكيد على أنك جزء من المجموعة، والتأكيد على أن مجموعتك جيدة وأن المجموعة الخارجية سيئة".

وتلاعبت دراسة أخرى بإشراف والتر في عدم اليقين في المعلومات، بناءً على فرضية أن هذا من شأنه أن يدفع الناس إلى اللجوء إلى مدققي الحقائق أكثر. "ولكن ما وجدناه هو أن عدم اليقين ليس له أي تأثير. ما يؤثر حقًا على نية الأشخاص في التحقق من المعلومات هو عندما يعتقدون أنها ستدعم موقفهم. لذلك، يقوم الأشخاص بالتحقق بشكل أساسي لتأكيد وجهات نظرهم بدلاً من التأكيد أو تقييم صحة شيء ما "، وفق المشرف.

وتساءلت الصحيفة: "هل تقع على عاتق منظمات التحقق المهنية والصحفيين مسؤولية معالجة هذا الأمر؟". "ليس بالضرورة"، كما يقول والتر. يعتمد ذلك على كيفية رؤيتهم لدورهم. إذا رأى الصحفيون أن وظيفتهم هي مجرد الاحتفاظ بسجل دقيق، فإن كيفية تلقي جهودهم قد تكون أقل أهمية".

ويُضيف "مع ذلك، فإن الثقة في التحقق من المعلومات تتوقف أيضًا على كيفية القيام بذلك. لدى الشبكة الدولية للتقصي من الحقائق مدونة مبادئ تلزم الموقعين عليها بعدم التحيز والإنصاف، ووضع المعايير، وشفافية المصادر، والتمويل، والتنظيم، والمنهجية، بالإضافة إلى سياسة التصحيحات المفتوحة". 

ولتعزيز الثقة وتحسين اختيار ما يتم التحقق منه، يرى والتر أن "الممارسة تحتاج إلى أن تكون أكثر تفاعلية مثل الاستعداد لقبول الاقتراحات من الجمهور الذي يهدف المدققون إلى خدمته، خاصة في عالمنا المشبع بوسائل التواصل الاجتماعي".

ويُشير والتر إلى أنّ "الصحفيين والمؤسسات الإخبارية لديهم الكثير من الخبرة في التحقق من صحة المحتوى الخاص بهم، لذا فهم في حاجة إلى أن يكونوا جزءًا من الحل (للمعلومات المضللة)". وتابع "لست متأكدًا من أن التحقق من المعلومات بالطريقة التي نتحقق بها الآن هو الحل".

المصادر

Japan Daily News - The Mainichi

الأكثر قراءة