` `

نظرية التطعيم العقلي ضد الأخبار الكاذبة في قضايا التغير المناخي

محمد العتر محمد العتر
علوم
29 أكتوبر 2021
نظرية التطعيم العقلي ضد الأخبار الكاذبة في قضايا التغير المناخي
يُرجح العلماء أن يكون تغير المناخ السبب الرئيسي في الفيضانات الأخيرة (Getty)

لم يعد التغير المناخي مجرد مادة للاستهلاك الإعلامي بين الحين والآخر، نظرًا  لما تتعرض له البشرية من آثار مباشرة له، تتفاقم سنويًا.

ويُرجح أن يكون التغير المناخي السبب الأساسي، في الفيضانات التي اجتاحت مناطق مختلفة من أوروبا خلال العام الجاري. إذ قال علماء وباحثون إنه ربما  يقف وراء فيضانات شهر يوليو/تموز الفائت التي تسببت في مقتل نحو 220 شخصًا في أوروبا بعد أن أغرقت قرى وبلدات كاملة.

وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كذلك، يُتهم التغير المناخي بالوقوف وراء ارتباك النظام المناخي في بلد مثل مصر، التي بلغت درجات الحرارة فيها مستويات غير مسبوقة في مايو/أيّار 2019 (50 درجة مئوية)، بينما شهد عام 2020 هطول أمطار غزيرة بكثافة عالية في فترات زمنية قصيرة، وهي ظاهرة غير معتادة بالنسبة للطقس في البلاد.

الأثر المباشر للتغير المناخي على حياة الناس، جعل منه قضية ذات حضور قوي في العديد من المجتمعات، من ذلك ما كشف عنه استطلاع رأي أُجري في بريطانيا حديثًا، ووجد أنّ أكثر القضايا التي تشغل البريطانيين، إلى جانب الاقتصاد، هي قضية الاحتباس الحراري.

لكن من جهة أخرى، خلق هذا الانشغال فرصة سانحة لتداول المعلومات المضللة حول التغير المناخي بشكل متزايد. ولا يبدو أن نصف الناس، على الأقل في بريطانيا، قادرون على التفريق بين المحتوى الصحيح والزائف الذي يتناول قضية المناخ، فقد وجد استطلاع رأي أجراه الباحثان في جامعة كامبريدج، ميكي بيدلستون وساندر فان دير ليندن، أن 50% من عينة تجاوزت 1700 شخص بالغ في بريطانيا، لم يتمكنوا من تحديد عناوين الأخبار الزائفة عن التغير المناخي.

من بين الأخبار الزائفة التي استخدمها الباحثان في استطلاع الرأي، خبر يدعي أن العلماء يعتقدون أن الشمس تؤثر في ارتفاع درجة حرارة الأرض، وقد صدّق 35% ممن شملهم استطلاع الرأي هذا الخبر الزائف، فيما صدّق 46% منهم خبرًا زائفًا آخر يدعي أن العلماء مختلفون حول أسباب التغير المناخي. 

كذلك صدّق 85% ممن أجري عليهم الاستطلاع، خبرًا زائفًا يدعي أن اعتماد الطائرات على الوقود المصنع من نبات الخردل، سيقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70%. والحقيقة أن صناعة الطيران كلها تساهم بـ3.5% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا، بحسب دراسة نشرت في يناير/كانون الثاني 2021.

 مع ذلك، فإن 78% ممن شملهم الاستطلاع أكدوا أن المعلومات المضللة حول التغير المناخي، تضر بشكل كبير في الجهود المبذولة لحل أزمة المناخ. إذًا، يمكن القول إن ما يحتاجه هؤلاء وغيرهم هو الإرشاد للتحقق من الأخبار التي يتعرضون إليها بشأن قضية المناخ.

التطعيم ضد الأخبار الكاذبة

يقترح الباحثان في هذا الصدد الاعتماد على نظرية مُطورة في علم النفس الاجتماعي تُعرف بنظرية التطعيم. وبنفس التقنية الأساسية للتطعيم بالأجسام المضادة في حالة اللقاحات البيولوجية، تقترح هذه النظرية تطعيم العقل بجرعات ضئيلة استباقية من أخبار كاذبة ومعلومات مضللة مع تفنيدها وتصحيحها، بما يُساعد المتلقي على تكوين "أجسام مضادة" عقلية هذه المرة، لمواجهة الزيف والتضليل من تلقاء نفسه.

تبرز هنا أهمية أدوار المؤسسات الصحفية المعنية بفحص الحقائق، في تكثيف جهود تتبع الأخبار الزائفة والمضللة حول التغير المناخي وتفنيدها، وأيضًا تكثيف جهود الوصول بتحقيقاتها إلى أكبر قطاع ممكن من الجمهور. وفي هذا الإطار، وجدت دراسة نشرت حديثًا في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)، أن فحص وتدقيق الحقائق هو الطريقة الأكثر فاعلية لمواجهة الزيف والتضليل.

المصادر: 

BBC

Scientific American

I news

The Conversation

Atmospheric Environment

PNAS

اقرأ/ي أيضًا:

غوغل تحظر الإعلانات التي تنكر التغير المناخي على يوتيوب

التغير المناخي بين تداعيات الحقيقة والأخبار المزيفة

الأكثر قراءة