التحقت النيجر، يوم الأربعاء 26 يوليو/تموز الفائت، بقائمة الدول التي شهدت انقلابًا في منطقة الساحل غرب أفريقيا في الثلاث سنوات الأخيرة، بعد الجارتين بوركينا فاسو ومالي، وذلك إثر تنحية جماعة من الحرس الرئاسي، للرئيس محمد بازوم عن الحكم.
بازوم الذي أدى اليمين الدستورية في الثاني من إبريل/نيسان 2021، في أول تداول سلمي على السلطة منذ استقلال النيجر عن الاستعمار الفرنسي في الثالث من أغسطس/آب 1960، طالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية، بمساعدة بلاده على استعادة النظام الدستوري والديمقراطية، في بيان نشره في صحيفة ذا واشنطن بوست، في الثالث من أغسطس/آب الجاري.
ومنذ وقوع الانقلاب في النيجر، أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المعروفة اختصارًا باسم “إيكواس”، فرض عقوبات اقتصادية على النيجر وأعطت مهلة زمنية بسبعة أيام لقادة الانقلاب لإعادة الرئيس بازوم، مهددة بالتدخل العسكري في حال لم يتم الاستجابة للأمر.
فيما اعتبرت كلٌ من مالي وبوركينا فاسو أن أيّ تدخّل عسكري في النيجر بمثابة "إعلان حرب عليهما". وقالت الجزائر من جهتها، إنّّها تعارض التدخل عسكريًّا في النيجر.
رغم ذلك، انتشرت عدة ادّعاءات، زعمت أنّ قوات عسكرية جزائرية بصدد التدخل في النيجر وأنّ هناك تصعيدًا في الموقف الرسمي الجزائري، ونُشرت العديد من المشاهد والأخبار في هذا الصدد. فما صحة هذه الادّعاءات؟
مشاهد مضللة ولم تتدخل القوات الجزائرية في النيجر
انتشرت على تطبيق "تيك توك" مقاطع فيديو، يقول ناشروها إنّها لدخول القوّات الجزائريّة إلى النيجر. وجاء الادّعاء في سياق التوتّر بين المجلس العسكري الحاكم في النيجر -الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم- والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي هدّدت بالتدخّل العسكري من أجل إعادة الرئيس النيجري إلى السلطة.
أحد تلك المقاطع حمل عنوان "كتيبة من القوات الخاصة للنيجر على الحدود تطلب من الجيش الجزائري التدخّل"، وحقق عشرات آلاف المشاهدات على تيك توك.
وبالبحث وجد "مسبار" أنّ الادّعاء مضلّل، إذ إنّ الفيديو المتداول قديم ونُشر سابقًا في حساب "قناة المعرفة" على موقع يوتيوب في 20 نوفمبر/كانون الثاني 2021، أي قبل اندلاع الأحداث الأخيرة في النيجر بأكثر من سنة، بعنوان "شاهد كيف يتعامل جنود ماليون مع الجيش الجزائري و كيف يلتقطون معهم الصور و يعبرون عن سعادتهم"، ولم يتسنّ لـ"مسبار" التثبّت من سياقه الأصلي.
كما نشرت عدّة حسابات في موقعي "فيسبوك" و"تيك توك" مشاهدًا تدّعي أنّها لقوات الجيش الجزائري وهي في طريقها إلى الحدود النيجرية للتدخّل هناك.
وبالتحقق، وجد "مسبار" أنّ الادّعاء مضلّل أيضًا، إذ إنّ مقطع الفيديو المُشار إليه قديم، ويعود إلى احتفالية الذكرى الستين لاستقلال البلاد في يوليو 2022، وتبدو فيه بوضوح شوارع الجزائر العاصمة، ويظهر شعار "ستينيّة الاستقلال" في المركبات العسكرية.
وعثر “مسبار” على مقاطع فيديو في وسائل إعلام جزائرية تتطابق فيها عناصر الادّعاء، من مركبات وشعار الستينية والشارع والخطوط الصفراء.
كما تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، مقطع فيديو لجنود مظلّيين جزائريين بصدد ركوب طائرة عسكرية، وادّعت أنّه لاستعدادات عسكرية من الجيش الجزائريّ للتدخّل في النيجر.
تحقّق “مسبار” من مقطع الفيديو المتداول واتّضح أنّه مضلّل؛ إذ إنّ مقطع الفيديو قديم ونُشر على موقع يوتيوب في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، مع تعليق “الجيش الجزائري القوة العسكرية رقم واحد في أفريقيا برمتها”.
البرلمان الجزائري لم يوافق على التدخل في النيجر
وانتشر على تطبيق تيك توك مقطع فيديو قصير، يُظهر استعداداتٍ عسكرية، وأُرفق بعنوان "البرلمان يوافق على التدخّل العسكري في النيجر - النيجر تستغيث والقوات الخاصة الجزائرية حاضرة بقوة".
وبالتحقق تبين أنّ الادّعاء مضلّل، إذ إنّ البرلمان الجزائري حاليًا في عُطلة برلمانية بدأت منذ 20 يوليو الفائت، أي قبل حدوث الانقلاب بستة أيام، ولم يصدُر منه أيّ قرار متعلّق بالوضع في النيجر.
أما مشاهد مقطع الفيديو فهي مقتطعة من عرض عسكري للقوات الخاصة الجزائرية خلال الاحتفال بذكرى الاستقلال، في الخامس من يوليو 2022.
الجزائر ترفض التدخل العسكري في النيجر وتدعم بازوم
أكدت السلطات الجزائرية، على لسان الرئيس عبد المجيد تبّون، أنّها ترفض التدخّل العسكري في النيجر، ودعت إلى حل الأزمة عن طريق الوسائل السلميّة. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية تعليقًا على الوضع في النيجر، نُشر في الفاتح من أغسطس الفائت أنّ "الحكومة الجزائرية تؤكّد دعمها للسيد محمد بازوم كرئيس شرعي لجمهورية النيجر، وينبغي أن تتحقق هذه العودة إلى النظام الدستوري بواسطة وسائل سلمية".
وتُجري الجزائر التي تملك حدودًا مع دولة النيجر تبلغ 950 كيلومترًا، مشاورات دبلوماسية بعد الانقلاب، إذ التقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطّاف بمسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل وتباحثا حول الوضع في النيجر، كما استقبل عطّاف أيضًا مبعوثًا خاصًا من رئيس دولة نيجيريا (الدولة المحوريّة في إيكواس، المنظمة التي تهدّد النيجر بالتدخل العسكري) للتشاور حول الوضع.
وكانت السلطات في النيجر قد أعلنت إغلاق المجال الجويّ ردًا على التهديدات بالتدخل العسكري من طرف مجموعة "إيكواس" بقيادة نيجيريا. وتباينت المواقف الدولية من الوضع السياسي في النيجر وإمكانية التدخل العسكري، وسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية في منطقة الساحل.
المصادر:
قناة المعرفة
صحيفة الشروق الجزائرية
حساب وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية - فيسبوك
المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا
اقرأ/ي أيضًا:
الفيديو قديم وليس لوصول طائرة عسكرية تابعة لقوات فاغنر إلى النيجر حديثًا