` `

تشبيه حماس بداعش.. مزاعم إسرائيلية زائفة لحشد المجتمع الدولي

إسلام عزيز إسلام عزيز
سياسة
14 أكتوبر 2023
تشبيه حماس بداعش.. مزاعم إسرائيلية زائفة لحشد المجتمع الدولي
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى إن حماس هي داعش (Getty)

أعلنت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، عن عملية طوفان الأقصى، يوم السبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في منطقة غلاف غزة. شملت العملية إطلاق آلاف الصواريخ، وأدت إلى مقتل وأسر جنود ومستوطنين إسرائيليين، وجرح آخرين في عمليات اقتحام المستوطنات. 

إثر العملية دأبت الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية والعديد من وسائل الإعلام، على الربط بين حركة حماس وتنظيم داعش.

تصريحات رسمية تربط حماس بداعش

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب متلفز بعد العملية "حماس هي داعش، وسنسحقها وندمرها كما دمّر العالم داعش". كما صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي ياوف جالانت في رسالة مماثلة إلى وزراء دفاع الناتو "حماس هي داعش غزة، منظمة متوحشة، تمولها وتدعمها إيران. حماس هي داعش".

كما أجرت الإدارة الأميركية أيضًا مقارنة بين حماس وداعش في وقت سابق، إذ قال الرئيس جو بايدن في مؤتمر صحفي "إن وحشية حماس، وهذا التعطش للدماء، يعيد إلى الأذهان أسوأ فترات داعش". بينما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن "الوحشية واللا إنسانية التي تمارسها حماس تستحضر أسوأ ما في داعش".

لماذا المقارنة بين حماس وداعش؟

عند الحديث عن مجازر وممارسات تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على مساحات من العراق وسوريا، تعود إلى الأذهان بعض الجرائم المروعة التي ارتكبها، مثل عمليات الإعدام الجماعية والذبح والمجازر. الأمر الذي كان يفخر به التنظيم وينشره ضمن إصدارات مرئية مصورة على مستوى عال.

شنّ تنظيم داعش هجومه الواسع داخل العراق في يونيو/حزيران 2014، واستولى على مدن عراقية رئيسية مثل الموصل وسامراء وتكريت. كما سيطر على محافظات سورية بأكملها مثل الرقة ودير الزور، وأجزاء من محافظات حلب والحسكة والسويداء ودرعا وحماة وحمص وإدلب، وأعلن زعيم التنظيم آنذاك أبو بكر البغدادي إنشاء "دولة الخلافة" في العراق وسوريا. 

تعالت الإدانات الدولية لعنف داعس وانتهاكه لحقوق الإنسان في سوريا والعراق، فتحالفت بعض الدول لمحاربته في سوريا والعراق، وأسست ما يُعرف باسم "التحالف الدولي ضد تنظيم داعش" عام 2014، ليبدأ بالتدخل العسكري المباشر والقصف الجوي، لانتزاع المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم.

صورة متعلقة توضيحية
تنظيم داعش في الرقة عام 2014 (AP)

لماذا تروج إسرائيل لتشبيه حماس بداعش؟

تحاول إسرائيل حاليًا أن تصور وتروج للعالم فكرة أن حركة حماس مثل تنظيم داعش، وأنها تمارس الأفعال نفسها، لكسب تعاطف الدول والحصول على شرعية دولية لخوض حربها ضد أهالي غزة بحجة محاربة "إرهاب حماس".

بدأت سلطات الاحتلال في فبركة وتأليف العديد من القصص بعد عملية طوفان الأقصى، لإظهار حماس وكأنها "فصيل مجرم" يقتل ويقطع الرؤوس ويحرق الأطفال، إذ تساهم هذه الصورة في جذب التعاطف العالمي.

مثل الخبر الذي أذعته قناة i24 نيوز الإسرائيلية بنسختها الإنجليزية، ويفيد بأن مقاتلي حماس ذبحوا 40 رضيعًا إسرائيليًّا، غالبيتهم مقطوعي الرأس في مستوطنة "كفار عزّة"، القريبة من السياج الفاصل مع قطاع غزة، خلال عملية طوفان الأقصى.

وجاءت تلك المزاعم على لسان مراسلة القناة نيكول زيديك، في تقرير أعدّته من "كفار عزّة" بالصوت والصورة أثناء تجوالها بالمكان، قالت إنّها تحدثت إلى جنود الجيش الاسرائيلي الذين أشاروا إلى رؤيتهم لأطفال ورضّع برؤوس مقطوعة.

ونشرت الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية الخبر دون التحقق منه، حتى أن الرئيس الأميركي جو بايدن وقع في الفخ وساهم في نشره، وقال في تصريحات له إنه رأى صور فوتوغرافية لمقاتلي حماس وهم يقطعون رؤوس الأطفال. لكن البيت الأبيض أوضح في وقت لاحق، أن بايدن كان يشير إلى تقارير إخبارية حول عمليات قطع الرؤوس، والتي لم تتضمن أو تشير إلى أدلة واضحة حول مزاعم ذبح الأطفال.

وبعد ساعات من انتشار الخبر أيضًا، توجهت وكالة الأناضول بسؤال إلى الجيش الإسرائيلي عن حقيقة جثث الأطفال، لينفي المتحدث باسم الجيش علمه بالحادثة، مؤكدًا عدم امتلاكه معلومات حولها. 

صورة متعلقة توضيحية

كما نشرت حسابات إسرائيلية منها حساب المحامي الأميركي الإسرائيلي مارك زيل، وحساب المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للعالم العربي، أوفير جندلمان، مقطع فيديو مع ادعاء أنه لرضيعة إسرائيلية خطفتها المقاومة في غزة خلال عملية طوفان الأقصى. وانتشر مقطع الفيديو بأكثر من لغة، لكن "مسبار"  كشف أن الادعاء مضلل، لأن المقطع نُشر عبر حساب على تيك توك، في التاسع من سبتمبر/أيلول الفائت، قبل نحو شهر من انطلاق العملية.

صورة متعلقة توضيحية

ومقطع آخر انتشر بشكل واسع على حسابات وصفحات معظمها إسرائيلية مع ادعاء أنه يُظهر خمسة أطفال إسرائيليين محتجزين كرهائن لدى حماس في أقفاص الدجاج، وذلك بعد أسرهم من قبل مقاتلي حماس مع بداية عملية طوفان الأقصى الأخيرة. تحقق "مسبار" منه وتأكد أن المقطع نُشر قبل العملية بأيام من عملية طوفان الأقصى عبر حساب على تطبيق تيك توك، كشف صاحبه لاحقًا أن الأطفال الظاهرين فيه هم أقاربه وأنهم ليسوا أسرى فلسطينيين.

صورة متعلقة توضيحية

التضليل في رواية أن حماس تستخدم سكان غزة كدروع بشرية 

ومن أكثر الادعاءات المضللة التي يروج لها الاحتلال، هي أن حركة حماس تستخدم سكان غزة كدروع بشرية في حربها، لتبرير قصفهم العنيف لمنازل المدنيين.

على سبيل المثال، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، يوم الجمعة، أن القصف الأخير على قطاع غزة تسبب في  مقتل أكثر من 700 طفلًا فلسطينيًا في غزة حتى الآن، مشيرة إلى أن هناك تقارير بأن العدد قابل للارتفاع. موضحة أنّ الحصار الكامل سيؤدي إلى كارثة إنسانية في غزة.

كما وثقت الكاميرات قصف الكثير من منازل المدنيين وتدمير مناطق بأكملها دون سابق إنذار، على الرغم من أن قوات الاحتلال تقول إن حربها في الأساس ضد حركة حماس.

صورة متعلقة توضيحية
جثامين بعض الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية الأخيرة على غزة (Getty)

خبير أميركي يكشف لماذا استغلت إسرائيل المقارنة بين حماس وداعش

يكشف الخبير الأميركي ديفيد آي فرينش، في مقال نُشر في صحيفة ذا نيويورك تايمز خلال الحرب الأخيرة، تحت عنوان "ماذا يعني التعامل مع حماس مثل داعش؟"، أن قوات الدفاع الإسرائيلية تعاملت مع حماس بعد عملية طوفان الأقصى بالطريقة نفسها التي تعاملت بها الولايات المتحدة وحلفاؤها مع داعش في العراق.

وأضاف أن هدف إسرائيل ليس معاقبة حماس، بل هزيمتها، وإزاحتها من السلطة في غزة بالطريقة التي أزال بها الجيش العراقي والولايات المتحدة وحلفاؤهما داعش من الموصل والفلوجة وكل مدينة أخرى كانت يسيطر عليها داعش في العراق. موضحًا "لا يمكن تحقيق ذلك بالقوة الجوية وحدها. وإذا كان الهدف هو إزاحة حماس من السلطة، فمن شبه المؤكد أن هذا يعني قتال الجنود والدبابات في مدن غزة، من مبنى إلى مبنى، من منزل إلى منزل في منطقة يسكنها ما يقرب من مليوني نسمة".

صورة متعلقة توضيحية
مقال ديفيد آي فرينش عن تشبيه حماس بداعش

تعامل حماس مع الأسرى يفند مزاعم ربطها بداعش

لا يوجد ما يشير أن حركة حماس تتبنى نهجًا مشابها للذي مارسته داعش، إذ لم تنشر الحركة الفلسطينية على امتداد تاريخها أي مشاهد للتمثيل بالجثث أو حرقها أو ذبح المدنيين كما كان يفعل تنظيم داعش. وأغلب الادعاءات الإسرائيلية جاءت من خلال نشر صور ومشاهد مضللة لا علاقة لها بعمليات حماس.

وردًا على هذه الحملة أطلقت كتائب عز الدين القسام سراح امرأة إسرائيلية وطفليها وأمنت وصولهم إلى حدود غلاف غزة طوعًا. وتكمن هذه الرسالة وسط اهتمام كبير تُبديه حماس تجاه الرأي العام الدولي، ردًا على الحملة الإسرائيلية التي تعمل على تشويه صورة الحركة في العالم وتقارنها بداعش.

وظهرت المستوطنة الإسرائيلية التي نشرت كتائب القسام مقطع لإطلاق سراحها، على قناة إسرائيلية وروت تفاصيل الإفراج عنها، ولم يظهر عليها أي آثار تعذيب. وقالت إن أحد مقاتلي المقاومة كان يحمل طفلها نيغيف على كتفه، في حين كانت هي تحمل طفلتها إيشيل.

وأضافت المستوطنة إن مقاتلي المقاومة "عندما أخرجوها من الغرفة الآمنة التي كانوا يتحفظون عليها وطفليها فيها، أعطوها ثيابًا لستر جسدها من باب الاحترام، ثم أشاروا إليها بالعودة إلى بيتها".

موضحة أنها أكملت طريقها باتجاه بيتها سيرًا على الأقدام برفقة طفليها، دون أن تتعرض لأي ضرر من جنود المقاومة.

كما نشرت كتائب القسام مقطع فيديو آخر من اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، وتُظهر حسن تعامل جنودها مع الأطفال الإسرائيليين خلال المعارك الأخيرة.

وفي هذا الصدد، أعاد مستخدمون نشر لقاء قديم مع امرأة إسرائيلية اقتحمت المقاومة مكان اختبائها هي وأولادها، وتحدثت عن تعامل جنود المقاومة معهم عندما دخلوا إلى المكان دون أن يلحقوا بهم أي ضرر.

في المقابل، بعدما طلب الاحتلال الإٍسرائيلي من سكان غزة النزوح إلى جنوب القطاع لضمان نجاتهم من الغارات، وثقت الكاميرات استهداف الطيران الإسرائيلي نحو 70 شخصًا كانوا في طريقهم إلى جنوب القطاع.

صورة متعلقة توضيحية

اقرأ/ي أيضًا

بلا أدلة.. البروباغندا الإسرائيلية تحاول الربط بين حماس وداعش

أوجه التضليل في المقارنة بين القوة العسكرية الإسرائيلية والفلسطينية

الأكثر قراءة