` `

هل القرفة تخفض الضغط؟

صحة
24 يونيو 2020
هل القرفة تخفض الضغط؟
أعواد القرفة أو المسحوق الناتج عن طحنها، تستخدم منذ القدم في الطعام والتجميل والتطبيب (AgriCare)
صحيح

تحقيق مسبار

من منّا لا يحب القرفة؟ ولكن هل تساءلت يومًا عن أثرها على الجسم؟ وهل القرفة ترفع الضغط أم لا؟

نألف القرفة كثيرًا في أصناف طعامنا والحلويات التي نصنعها. ولعلّ كأس سحلبٍ مغطّى برشةٍ من مسحوقها هو أفضل ما قد نحصل عليه في ليلة شتاءٍ باردة. هذه العيدان هي لحاءٌ لشجرةٍ استوائية عرفها البشر قديمًا جدًا، وأخذت مساحةً مهمّةً في تاريخه وحضرت في الطبّ والطعام والتحنيط.

صورة متعلقة توضيحية

تاريخ القرفة

يرجع تاريخ القرفة إلى أكثر من 2700 سنة قبل الميلاد. وُجدت كتابات يرجّح أنّها الأولى عنها في النّصوص الصينية القديمة، إذ كان الصينيون يستخدمونها بكثرةٍ في الطعام والتجميل والتطبيب. لكنّ منشأها الأصلي يعود إلى قبل هذا وإلى مكانٍ آخر غير الصين. إذ تعود إلى سريلانكا. لكن على ما يبدو كان الصينيون أول من كتبوا عنها وقاموا بتصديرها إلى خارج شرق آسيا، وتحديدًا إلى المصريين القدماء الذين أعجبوا برائحتها الزكية واستخدموها في عمليات التحنيط.

لاحقًا، سيطر العرب لقرونٍ عديدةٍ على تجارة القرفة، وطوّروا من طرق زراعتها والاعتناء بها. وكانت في مرحلةٍ ما تقدّم كهديةٍ معتبرةٍ للملوك والأمراء، إلى أنْ أصبحت سببًا وجيهًا لاحتلال سريلانكا على يد البرتغاليين ومن ثمّ الإنجليز للسيطرة على مزارعها وطرق تجارتها.

صورة متعلقة توضيحية

أنواع القرفة

هناك أكثر من نوع للقرفة، لكن هناك نوعان معروفان وهما.

  1. القرفة السيلانية (Cinnamomum verum).
  2. قرفة كاسيا (Cinnamomum aromaticum).
صورة متعلقة توضيحية

القرفة في الطب الشعبي

نظرًا لتاريخها القديم والممتد، حضرت القرفة في الثقافات المختلفة وأخذت حصّةً وافرةً في الطب الشعبي. إذ لطالما اعتبر أجدادنا، ولا يزالون، أنّ لهذه النبتة آثارًا صحيّة وفيرة تعود بها على الإنسان. تحضر في حالات الحمل والولادة على سبيل المثال بالاعتقاد أن القرفة تساهم في تسهيل عملية الولادة من خلال توسيع عنق الرحم، كما يعتقد أنها تخفف آلام الحيض وتساعد في تنظيف الرحم.

علاوةً على ذلك، يقال أنّ للقرفة فوائد في علاج نزلات البرد وألم المفاصل، كما ويُنصح  بالعض على أعوادها لتخفيف وجع الأسنان، أو لتخفيف الوزن، وغيرها الكثير الكثير من الحالات.

صورة متعلقة توضيحية

ماذا يقول العلم عن القرفة؟

أجريت العديد من التجارب العلمية على الفئران والأرانب والقليل منها على البشر لمعرفة فوائد مستخلصات القرفة الطبية، حيث خرجت العديد من الدراسات والأبحاث بفوائد علاجية للقرفة، لكن مثلها مثل العديد من الأعشاب الطبيعية لم يتم الموافقة عليها طبيًا للوقاية أو للعلاج بسبب قلة الإثباتات العلمية على البشر.

ومن فوائد القرفة المحتملة:

  • تحسين مستويات السكر في الدم

في بحثٍ نشر عام 2007 في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية وجد أن 6 غرام من القرفة يبطئ إفراغ المعدة ويقلل بشكلٍ كبيرٍ من ارتفاع سكر الدم بعد الوجبات دون التأثير على الشبع.

  • التخلّص من الدهون

لاحظ باحثون أن ألدهيد القرفة (Cinnamaldehyde) أحد مكونات القرفة الرئيسية يحمي الفئران من السمنة وفرط سكر الدم. لكن الآليات الكامنة وراء التأثير لم تكن مفهومة جيدًا. حيث أشارت نتائج  الأبحاث إلى أن ألدهيد القرفة يحسن صحة التمثيل الغذائي من خلال العمل مباشرة على الخلايا الدهنية، مما يدفعها إلى بدء الحرق لتوليد الحرارة للجسم. وعندما تم اختبار المادة على الخلايا الدهنية البشرية لمتطوعين يمثلون مجموعة مختلفة من الأعمار والأعراق وكتل الجسم، لاحظوا زيادة الإنزيمات التي تعزز حرق الدهون.

  • الوقاية من أمراض القلب

أشارت بعض الأبحاث التي أجريت في المختبرات على الفئران بأن مادتي حمض السيناميك (Cinnamic acid) وألدهيد القرفة (Cinnamaldehyde) المستخلصتان من القرفة لهما تأثيرات وقائية على مرض نقص تروية القلب، لكن ما زالت الأبحاث قليلة حول نتائج هاتين المادتين على الإنسان.

  • القرفة والضغط

أشار بحث نشر سنة 2017 إلى قدرة مادة ألدهيد القرفة المستخلصة على تخفيض ضغط الدم في الكلاب وخنازير غينيا عن طريق الحد من انقباض الأوعية الدموية. أمّا عند البشر فقد أظهرت أبحاث أخرى إضافية على القرفة، بأن القرفة من التوابل الخالية من الآثار الجانبية، حيث يمكن استهلاكها كتوابل في الحياة اليومية، كما خرجت هذه الأبحاث أنه يمكن استخدامها كعلاجٍ لخفض مستويات ضغط الدم، خاصةً في المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني.

صورة متعلقة توضيحية

هل القرفة تخفض الضغط؟

يحاول الطب تقديم الحلول الدوائية لعلاج الأمراض المختلفة حول العالم، وتعد مشكلة ضغط الدم ضمن هذه الأمراض وأهمها. ولكن تبقى الطبيعة مليئةً بالأسرار والعلاجات البديلة عن تلك التي يقدمها الطب الدوائي، لذلك تكثر الأسئلة حول نبات القرفة ومدى قدرته على تخفيض ضغط الدم، فهل القرفة تخفض الضغط؟
فيما يلي دراسات علمية حول مدى تأثير القرفة على ضغط الدم في جسم الإنسان: 

  • في دراسةٍ أُجريت على الكلاب وخنازير غينيا نُشرت سنة 2015، وُجد أنّ القرفة تساعد في عملية إرخاء الأوعية الدموية وتوسيعها، إنه الأمر الذي يساهم في تخفيض مستويات ضغط الدم في جسم الكائن الحي.
  • في دراسة أجريت على 59 شخصًا، من خلال تناول الأطعمة المضاف إليها القرفة، تبين وجود انخفاضٍ واضحٍ في ضغط الدم الانقباضي.
  • أثبتت دراسة نُشرت سنة 2013 أن في تناول القرفة على المدى القصير دور ملحوظ في تخفيض كل من ضغط الدم الانقباضي وضغط الدم الانبساطي لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني، وممن لديهم مقدمات ما قبل السكري. ولكن تبقى هناك حاجة إلى أدلة ودراسات عن تأثير تناول القرفة طويل المدى على ضغط الدم، وبحاجة إلى مزيدٍ من البحوث والتجارب. ولذلك يجب التعامل مع القرفة بحذرٍ دون اعتمادها كعلاجٍ مباشرٍ وطويل الأمد في معالجة مشكلة ضغط الدم المرتفع لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني.

في النهاية، يمكن القول أن الإجابة على سؤال هل القرفة تخفِّض الضغط هي صحيح، تساعد القرفة على خفض الضغط. وقد يعود السبب وراء قدرة القرفة على خفض ضغط الدم هي الخاصية المريحة التي تقدمها القرفة للأوعية الدموية كونها تُنتج أكسيد النيتريك (Nitric oxide) الذي يعمل كموسِّعS للأوعية الدموية، وبدوره يحافظ على العضلات الملساء الوعائية، الأمر الذي يخفض من ضغط الدم.

صورة متعلقة توضيحية

هل القرفة ترفع السكر؟

لقد تمت دراسة دور القرفة ومدى تأثيرها على مستويات السكر في الدم إلى جانب عدد من النباتات الأخرى. وكان للقرفة بشكلٍ خاصٍ تأثيرٌ واضحٌ على مستويات السكر في الدم في بعض الحالات، وتأثيرٌ غير ملموسٍ في حالاتٍ أخرى. ومن أجل الإجابة على سؤال هل القرفة ترفع السكر، من المهم التعرّف على أهم الدراسات التي بحثت في علاقة القرفة مع السكر في الدم.
من الجدير بالذكر أن مشكلة مرض السكري تكمن خلف عدم قدرة البنكرياس على إنتاج كمياتٍ كافيةٍ من الإنسولين، أو عدم قدرة الخلايا على الاستجابة للإنسولين بالشكل المطلوب في الجسم، وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم.

فيما يلي مجموعة من الدراسات التي استندت إلى التجارب والأبحاث العلمية في مدى تأثير القرفة على مستويات السكر في جسم الإنسان:

  • في دراسة نشرت سنة 2001، فإن القرفة تخفض من مستويات السكر في الدم، ويتم ذلك من خلال دورها في محاكاة عمل الإنسولين في الجسم وقدرتها على نقل الغلوكوز إلى الخلايا في جسم الإنسان. وقد تتسبب القرفة بالإصابة بحساسية الإنسولين، والتي ينتج عنها تعزيز عمل الإنسولين في نقل الغلوكوز إلى الخلايا ومن ثم حدوث انخفاض في نسبة السكر في الدم.
  • في دراسة أجريت على 543 مريضًا، تبيَّن أن لتناول 120 ميليغرام إلى 6 غرامات يوميًا من القرفة لمدة أربعة أشهرٍ القدرة على خفض مستويات الغلوكوز عند إجراء اختبار الغلوكوز في الدم الصائم، بالإضافة إلى وجود تحسن ملحوظ في مستويات السكر في الدم.
  • في دراسة أجريت على ستين شخصًا مصابًا بالسكري، حيث تم تقسيمهم إلى ست مجموعاتٍ على أن تتناول المجموعة الأولى غرامًا واحدًا من القرفة، وتتناول المجموعة الثانية ثلاثة غراماتٍ من القرفة، وتتناول المجموعة الثالثة ستة غرامات، بينما تم إعطاء كل من المجموعة الرابعة والخامسة والسادسة كبسولات العلاج الوهمي، بالإضافة إلى تناول جميع المجموعات أدوية السلفونيل يوريا (Sulfonylurea). وبعد انقضاء أربعين يومًا على التجربة، تبيَّن أن الأشخاص أصحاب المجموعات الثلاثة الأولى أي الذين تناولوا من غرام حتى ستة غرامات من القرفة يوميًا ولمدة أربعين يومًا، طرأ عندهم انخفاض في مستويات السكر في الدم وبشكل ملحوظ بنسبةٍ تتراوح بين 18% وحتى 29% على غير مجموعات العلاج الوهمي التي لم تُظهِر أي تغيرات واضحة.
  • وفي دراسة أجريت على 79 مريضًا بداء السكري من النوع الثاني، ممن يُعالَجون بمضادات السكر عبر الفم أو باتباع نُظُم غذائية معينة دون العلاج بالأنسولين، تبين أن المجموعة العلاجية التي تناولت 3 غرامات ثلاث مراتٍ يوميًا من مستخلص مسحوق القرفة ولمدة أربعة أشهر، طرأ عندها انخفاض في مستويات السكر والغلوكوز في الدم بعد الأكل بمقدار 10.3% مقارنةً مع المجموعة التي تلقَّت علاجًا وهميًا والتي انخفض لديها مستوى الغلوكوز بمقدار 3.4%.
  • في دراسةٍ إكلينيكية تم إجراؤها على مجموعة من مرضى السكري من النوع الثاني، تناولت مجموعة من المرضى غرامًا واحدًا من كبسولات القرفة بشكل يومي ولمدة تسعين يومًا، إلى جانب الأدوية المضادة للسكري. أثبتت النتائج في النهاية قدرة القرفة على تقليل مستويات الهيموغلوبين السكري لدى مرضى السكري الذين تناولوا كبسولات القرفة.
  • في دراسة أخرى أجريت على 25 مريضًا بالسكري من النوع الثاني ممن هم بعد سن اليأس، من خلال تناول غرام ونصف من القرفة لمدة ستة أسابيع يوميًا، إلى جانب الأدوية المضادة لمرض السكري، مع المواظبة على النشاط البدني والغذائي لديهم. لم يتم الكشف في نهاية التجربة عن أي تغير في حساسية الإنسولين ومستويات كل من السكر والغلوكوز في الدم بعد تناول القرفة.
  • في دراسة أجريت على 72 مريضًا مراهقًا ممن يعانون من مرض السكري من النوع الأول، من خلال إعطائهم غرامًا واحدًا يوميًا من القرفة أو دواءً وهميًا حتى تسعين يومًا، مع الإستمرار بتناول الجرعة اليومية من الإنسولين والالتزام بالنظام الغذائي، أظهرت الدراسة أنه لم يتبين أي تأثير على مستويات كل من الهيموغلوبين السكري أو السكر في الدم.
  • أجريت تجارب سريرية أيضًا على 27 شخصًا لا يعانون من مرض السكري، من أجل التحقق من مدى قدرة القرفة على خفض السكر في الدم. تناول المشاركون في الدراسة وجبات عادية أو وجبات مكَمّلة بالقرفة أو 28 مل حمض الخلّيك أو مزيج منهما، وبعد ربع ساعة من تناولهم الوجبات أظهرت النتائج انخفاض في مستويات الغلوكوز في الدم.
  • دراسة أخرى أُجريت على 15 شخصًا سليمًا، من خلال تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات، تناولت مجموعتان الأرز بالحليب المضاف إليه من واحد وحتى 3 غرامات من القرفة، بينما تبقت مجموعة ثالثة تناولت الأرز بالحليب دون إضافة القرفة. أظهرت النتائج انخفاض واضح في نسبة الأنسولين لدى الأشخاص الذين تناولوا الأرز بالحليب المضاف إليه 3 غرامات قرفة.

في النهاية يمكن القول وبحسب التجارب والدراسات العلمية، إن للقرفة دور ملحوظ في خفض نسبة السكر في الدم لدى المصابين بالسكري من النوع الثاني على وجه الخصوص. ولكنها لم تقدِّم فعالية واضحة في خفض سكر الدم لدى مرضى معينين بالسكري كمرضى السكري من النوع الثاني ممن هم فوق سن اليأس، وكذلك مرضى السكري من النوع الأول. وعلى ذلك يجب الحرص من تناول القرفة بكميات عالية، أو حتى على المدى الطويل، وضرورة الاستعانة بالمشورة الطبية قبل الشروع بتناول القرفة خاصة لدى مرضى السكري وممن يتناولون الأدوية العلاجية حتى لا تتأثر النسب الحيوية لمستويات السكر في الدم.

صورة متعلقة توضيحية

طريقة عمل القرفة للولادة

تستخدم عدد من النساء مشروب القرفة على اعتباره محفزًا طبيعيًا للولادة منذ وقتٍ طويلٍ من الزمن. وعلى الرغم من أنّه لم تثبت أي أدلة أو دراسات علمية مدى فعالية وفوائد القرفة للولادة، إلّا أنّه يمكن تناول القرفة بمعدلات طبيعية أثناء فترة الحمل، ولكن يجب استشارة الطبيب حول إمكانية تناول القرفة وما هي الجرعة المناسبة للأم الحامل.

فيما يلي طرق سهلة وسريعة لعمل القرفة للولادة: 

يمكن إعداد القرفة للولادة من خلال تحضير المكونات التالية:

  • ملعقة كبيرة من القرفة.
  • القليل من الماء.
  • كوب حليب.
  • ملعقة صغيرة من الفانيلا.

طريقة التحضير:

  • إضافة ملعقة القرفة إلى الكمية القليلة من الماء، وتحريكهما جيدًا.
  • إضافة كل من الحليب والفانيلا إلى القرفة المُحرَّكة بالماء. وهكذا يصبح مشروب الحليب بالقرفة جاهزًا للشرب.

هناك طريقة أخرى لعمل مشروب القرفة والاستفادة منه كمشروبٍ للولادة دون إضافة الحليب، من خلال تحضير المكونات التالية:

  • كوبان من الماء.
  • ملعقة صغيرة من القرفة المطحونة.
  • نصف ملعقة صغيرة من الزنجبيل.
  • ملعقتان صغيرتان من السكر.

طريقة التحضير:

  • إضافة ملعقة القرفة إلى كوبي الماء في وعاءٍ على النار.
  • الانتظار حتى غليان الخليط على النار مدة خمس دقائق.
  • إضافة السكر والزنجبيل إلى المغلي وتركه يغلي ثلاث دقائق أخرى.
  • تصفية المشروب ومن ثم تناوله.

كما ومن الممكن صنع مشروب القرفة للولادة من خلال إضافة ملعقة صغيرة من القرفة إلى كوبٍ من الماء وغليهما على النار، وتحلية الخليط في النهاية إما بالسكر أو العسل وتناوله.

صورة متعلقة توضيحية

اقرأ أيضاً:

هل الزنجبيل يرفع الضغط؟

هل الليمون يرفع الضغط؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على