` `

هل الشخصية السيكوباتية خطيرة؟ 

صحة
2 فبراير 2021
هل الشخصية السيكوباتية خطيرة؟ 
بالرغم من ارتباط مصطلح الشخصية السيكوباتية بالإجرام والقتل، لكن لا تعمم هذه الصفة على الجميع (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

يسمع الكثير كلمة "الشخصية السيكوباتية" عند وصف بعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية أو المختلين عقليًا، وأول ما يتبادر إلى أذهان الكثيرين هو أنهم مجرمين خطيرين، حيث تم ربط فئة المجرمين بالاعتلال النفسي في كثير من الأفلام السينمائية على سبيل المثال.

في هذا المقال سيتم تعريف السيكوباتية، والبحث في أنواعها، والعلامات الدالة عليها، وسيتم الإجابة على سؤال هل الشخصية السيكوباتية خطيرة؟ 

 

الاعتلال النفسي (السيكوباتية)

يمكن تعريف الاعتلال النفسي (السيكوباتية) بأنها حالة اضطراب عقلي معادي للمجتمع، تتميز بغياب التعاطف ونقص القدرة على الحب وتقليل الحالات العاطفية الأخرى ونقص القدرة على إقامة علاقات شخصية عميقة، حيث يظهر الفرد سلوكًا غير اجتماعي أو حتى غير أخلاقي، كما يمكن أن يعبر عنها بالتمركز الشديد في الأنانية.

في الطب النفسي لا يعتبر أي من الاعتلال النفسي (السيكوباتية) أو حتى الاعتلال الاجتماعي (السيسوباتية) تشخيصًا رسميًا فريدًا، إذ يستخدم الأطباء مصطلح "اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع" في التشخيص، حيث يصف "اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع" شخصًا يظهر أنماطًا من التلاعب والانتهاك للآخرين، وهو التشخيص المضمن في "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الإصدار الخامس" (DSM-5) الصادر عن الرابطة الأمريكية للطب النفسي (APA).

والمصطلح لا يعني بالضرورة أن الشخص وحيد ومحجور ومنغلق على نفسه، بل يعني أن الشخص يتعارض مع المجتمع والقواعد والسلوكيات الأخرى الأكثر شيوعاً في المجتمع.

 

العلامات الشائعة للاعتلال النفسي

نظرًا لأن مصطلح مختل عقليًا ليس تشخيصًا رسميًا، يشير الخبراء إلى العلامات الموضحة في إطار اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والذي يُرمز إليه اختصارًا بـ (ASPD)، والتركيز الأساسي لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هي السلوكيات. 

ويشمل معيار "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الإصدار الخامس" (DSM-5) على الاستهانة بحقوق الآخرين والاعتداء عليها منذ عمر الخامسة عشر، وكما حددت بسبعة أنماطٍ مُحتملة، وهي :

  1. نمط سلوك من انعدام المسؤولية الإجتماعية.
  2. تجاهل عام وانتهاك لحقوق الآخرين. 
  3. عدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.
  4. صعوبة في إظهار الندم أو التعاطف.
  5. الميل إلى الكذب والخداع والتلاعب.
  6. السلوك المتهور والميل للمخاطرة والعدائية، كالاعتداء المتكرر على الآخرين وإيذائهم.
  7. تجاهل عام وانتهاك قواعد السلامة الذاتية والمسؤولية.
  8. تكرار المشاكل مع القانون وعدم الامتثال بالقوانين والأعراف.

 

تشخيص الشخصية السيكوباتية

يواجه الاختصاصيون النفسيون بعض الصعوبات والتحديات الفريدة عند تشخيص حالة اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.

وعادة ما يبدأ السلوك المعادي للمجتمع منذ عمر الخامسة عشر أو في سنوات المراهقة، لكن لا يتم التشخيص الحقيقي حتى عمر الثامنة عشر، حيث يظهر السلوك بشكل واضح في أواخر سنوات المراهقة خلال العشرينات.

كما تظهر على بعض الأشخاص علامات اضطراب السلوك في وقت مبكر من سن 11 عامًا، ويعتبر ذلك مؤشرًا مبكرًا على اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.

تبدأ عملية التشخيص بإجراء تقييم كامل للصحة العقلية من قبل الأخصائيين، حيث يتم تقييم أفكار الشخص ومشاعره وعلاقاته وأنماط سلوكياته، لمقارنة أعراضه بأعراض اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع اعتمادًا على "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية – الإصدار الخامس" (DSM-5).

ومن أهم الخطوات الحاسمة في التشخيص هو البحث في التاريخ الطبي للشخص، نظرًا لإمكانية إظهار الاعتلال المشترك مع اضطرابات الصحة العقلية والإدمان الأُخرى.

ويُذكر أنه يتم تشخيص "اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع" لدى الرجال أكثر من النساء بشكل عام، كما أن معدلات الوفيات أعلى لدى الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع ويعزى ذلك إلى سلوكهم.

 

أنواع السيكوباتية

تم تمييز وجود نوعين من الاضطراب السيكوباتي، سيكوباتية أوليّة وسيكوباتية ثانوية.

  • السيكوباتية الأولية

وهنا يعتبر الفرد شخصًا سيكوباتيًا كاضطراب أساسي، ويتميز هؤلاء الأشخاص بوجود قلق استباقي تجاه المخاطر، ونقص التفاعل العاطفي بشكل واضح، ويتضح عدم قدرتهم على الفهم العاطفي لعواقب أفعالهم، إضافة إلى نقص واضح في انشاء علاقات عاطفية حتى مع أفراد العائلة.

  • السيكوباتية الثانوية

وهنا تظهر على الفرد أحد المظاهر الخاصة بالشخص السيكوباتي نتيجة لاضطراب نفسي آخر أو نتيجة لظروف اجتماعية محددة، ويظهر هؤلاء الأشخاص استجابة طبيعية للمخاطر وأحيانًا أعلى من المعتاد، وغالبًا ما تكون جرائمهم اندفاعية وغير مخطط لها، كما يتمتعون بمزاج حاد وقابلية للتصرف بعدوانية، وهم يسعون للإثارة بعيدًا عن الملل، كما أن نمط حياتهم يمكن أن يؤدي للإكتئاب أو الإنتحار.

 

علاج الشخصية السيكوباتية

لا يمكن علاج السيكوباتية بشكل كامل، بل يتم العمل على التحكم بها قدر الإمكان، لذلك يُنصح الأشخاص بطلب المساعدة الاختصاصية للوصول إلى حياة نفسية أكثر طبيعية، وتجنب المضاعفات المحتملة للحالة، وتشمل أهم طرق معالجة الشخصية السيكوباتية ما يلي:

  • العلاج السلوكي المعرفي

يمكن أن يساعد تطبيق العلاج السلوكي المعرفي في الكشف عن الأفكار والسلوكيات السلبية، كما يمكنه تدريب الشخص على إبعاد الأفكار والسلوكيات السلبية واستبدالها بأخرى ايجابية.

  • العلاج النفسي الديناميكي

حيث يُمكن أن يزيد العلاج النفسي الديناميكي من وعي المريض بالأفكار والسلوكيات السلبية وبالتالي زيادة إمكانياته للعمل على تغييرها.

  • العلاج الدوائي

لا توجد أدوية مصممة خصيصًا لمعالجة السيكوباتية بشكل خاص، لكن أحيانًا يقوم الأطباء بوصف أدوية لمعالجة بعض الأعراض المرافقة للحالة، والتي قد تساعد على التخفيف من حدة التهيُّج والعدوانية والاندفاع التي تصاحب الإضطراب، ومن هذه الأدوية:

  • بعض مضادات الإكتئاب
  • مثبتات المزاج
  • الأدوية المضادة للقلق
  • الأدوية المضادة للذهان

قد يوصي الطبيب أيضًا بالبقاء في مستشفى للصحة العقلية حيث يمكنك تلقي علاج مكثف.

ويذكر أن الدراسات حول هذا الموضوع ما زالت مستمرة، حيث أن يتم العمل على زيادة المعرفة عن الركائز العصبية وراء السيكوباتية، بهدف زيادة فرصة تطوير علاجات مفيدة.

  • طرق علاجية أخرى

قد يوصي الأطباء بطرق علاج أخرى مثل العلاج في مجموعات أو بمساعدة العائلة، والتي أثبتت فعاليتها في بعض الحالات تبعًا لشدة الحالة، إضافة إلى إمكانية استخدام مزيج من العلاج النفسي (العلاج بالكلام) والأدوية.

 

هل الشخصية السيكوباتية خطيرة؟

بالرغم من ارتباط مصطلح "الشخصية السيكوباتية" أو "المختل عقليًا" بالإجرام والقتل، ووجود بعض الارتباطات الإحصائية بين درجات السيكوباتيين والسلوك العنيف، لكن لا يمكن تعميم هذه النتيجة على جميع السيكوباتيين، فليس كل الأشخاص السيكوباتيين مجرمين أو خطيرين، كما أن العديد من الأشخاص السيكوباتيين يمتنعون عن الأعمال الإجرامية أو المعادية للمجتمع.

ومن ناحية أخرى يوجد سمات شخصية وأشكال أخرى من الأمراض غير السيكوباتية قد تساهم في السلوك العدواني.

بالرغم من ارتباط مصطلح "الشخصية السيكوباتية" بالإجرام والقتل لكن لا يمكن تعميم هذه النتيجة على جميع السيكوباتيين

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على