` `

هل الثقب الأسود حقيقي؟

علوم
6 يونيو 2021
هل الثقب الأسود حقيقي؟
تمكّن العلماء من رؤية الثقوب السوداء بواسطة تيليسكوبات مزودة بأدوات خاصة (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

تُقدِّم بعض أفلام الخيال العلمي تصوُّرًا عما يسمى بالثقب الأسود، وقد يجهل عدد كبير من الناس معنى هذا المصطلح الذي يحيطه مجموعة من التساؤلات، وأهمها: هل الثقب الأسود حقيقي؟
هذا المقال يجيب على سؤال: هل الثقب الأسود حقيقي؟ كما ويقدم بعض الحقائق عن الثقب الأسود وعن كيفية حدوثه.

صورة متعلقة توضيحية

 

ما هو الثقب الأسود؟

الثقب الأسود هو مكانٌ في الفضاء الخارجي يملك جاذبيةً قويةً لدرجةٍ لا يستطيع الضوء الهروب منه. ويعود السبب وراء الجاذبية القوية التابعة لهذا المكان من الفضاء، هو تعرض النجوم بعد موتها لضغطٍ كبيرٍ في مساحة ضيقة. 
ومن الجدير بالذكر، أن الثقوب السوداء كانت في أصلها نجومًا كبيرة، ولذلك لا يمكن أن تتحول الشمس في يوم من الأيام إلى ثقب أسود، كون الشمس ليست كبيرة بما يكفي لتكوينه.

 

هل الثقب الأسود حقيقي؟

قد تكون الإجابة على سؤال هل الثقب الأسود حقيقي بحاجة لبعضٍ من التوضيح. يعود ذلك كون الثقوب السوداء غير مرئية، والسبب ذُكر فيما سبق ألا وهو عدم قدرة الضوء على الخروج منها، وهذا يجعلها سوداء وساحبة للضوء. ولكن يجدر القول بأن العلماء تمكنوا من ملاحظة الثقوب السوداء بواسطة تلسكوبات فضائية مزوَّدة بأدوات خاصة، والتي تبيَّن من خلالها أن النجوم التي تحيط بالثقوب السوداء تتصرف بطريقة مغايرة عن النجوم التي لا تحيط بها. وكلما اقترب نجم من ثقبٍ أسود يشعُّ ضوءٌ قويٌ لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ولكن تمكن العلماء من رؤيته من خلال التلسكوبات الفضائية والأقمار الصناعية.
وفي النهاية، يمكن القول أن الثقب الأسود حقيقي ويتواجد في الفضاء الخارجي على النحو الذي يجعله حقيقيًا ومؤثرًا بما حوله.

صورة متعلقة توضيحية

 

لماذا تتحول بعض النجوم لثقوب سوداء؟

تتأثر حياة النجم بقوتين رئيسيتين هما قوة الجاذبية وقوة الضغط، إذ تعمل كل من قوة الجاذبية وقوة الضغط عكس بعضهما البعض، وعندما تتساوى القوَّتان سيكون النجم محافظًا على حجمه من الانهيار أو التوسع. 
لكن عندما ينفذ الوقود النووي للنجم، سيبدأ بفقدان طاقته تدريجيًا، دون الحصول على وقود نووي تعويضي، حينها ستصبح قوة الجاذبية أقوى من قوة الضغط، بالتالي سينكمش النجم ببطء أو ينهار بسرعة، وهذا يعتمد على تكوينه وهيكله الداخلي، وبالتالي سيتحول إلى ثقب أسود.

 

استدلالات على وجود ثقوب سوداء

على الرغم من عدم قدرة علماء الفلك على رؤية الثقوب السوداء بشكلٍ واضحٍ ومباشر، تبقى الدلالات الكونية وآثارها القوية بيِّنةً أمامهم كمُرشدٍ ودليلٍ على وجود الثقوب السوداء في الفضاء. 
فيما يأتي أهم الاستدلالات التي يعتمد عليها الفلكيون في اكتشاف أماكن وجود الثقوب السوداء:

  • وميض الأشعة السينية، يحدث الوميض عندما يجذب الثقب الأسود الغاز والغبار إليه وأحيانًا قد يجذب نجمًا كاملًا نحوه، فترتفع درجة حرارة المواد المنجذبة نحو حافة الثقب، حتى تصل إلى ملايين الدرجات، ومن ثم تختفي وتغرق داخل الثقب الأسود. يضيء الغاز الساخن في ضوء الأشعة السينية، ويصبح مرئيًا في تلسكوب الأشعة السينية الفضائي على شكل قرصٍ مضيءٍ يستدل العلماء من خلاله على وجود ثقبٍ أسود. 
  • النفاثات فائقة القوة، إذ تصدر الثقوب السوداء العملاقة نفاثات عملاقة من خارج حافة الثقب الأسود، أي عندما تكون حرارتها ومجالاتها المغناطيسية في أعلى درجاتها، وتسير هذه النفاثات بسرعة قريبة من سرعة الضوء. 
  • حركة النجوم السريعة، تتحرك النجوم وتتصرف على نحوٍ مختلفٍ في وجود الثقوب السوداء، ويعود ذلك بسبب الجاذبية القوية التابعة لهذه الثقوب. إذ تدور أعدادٌ من النجوم حول الثقب الأسود وتبقى تحت تأثيره. ويمكن من خلال حركة النجوم المدارية توقُّع موقع وحجم الثقب الأسود التي تدور حوله.
صورة متعلقة توضيحية

 

أنواع الثقوب السوداء

الثقوب السوداء أنواع، وفيما يلي توضيح لأبرز أنواع الثقوب السوداء استنادًا إلى الكتلة والحجم:

  • الثقوب السوداء الصغيرة: وهي ثقوبٌ لا تتعدى حجم الذرَّة الواحدة، ولكن عند النظر إلى كتلتها فهي تُقدّر بكتلة جبل كبير.
  • الثقوب السوداء النجمية: وهي التي تفوق كتلتها كتلة الشمس عشرين مرة.
  • الثقوب السوداء عظيمة الكتلة: وهي أكبر أنواع الثقوب السوداء، وإن كتلتها تزيد عن كتلة الشمس مليون مرة. 

أما عن أنواع الثقوب السوداء على أساس الدوران والشحنة فهي كالتالي:

  • ثقب شوارزتشيلد الأسود (Schwarzschild)، ويسمى أيضًا بالثقب الثابت، يتميز بكونه لا يحتوي على شحنة كهربائية، وهذا ما يجعله ساكنًا لا يدور.
  • ثقب كير الأسود (Kerr)، يمكن لهذا النوع من الثقوب السوداء الدوران ولكنه لا يملك على شحنة كهربائية.
  • الثقب الأسود المشحون، ويندرج منه نوعان، الأول الثقب المشحون وغير الدوَّار كالثقب الأسود ريزنر نوردستورم (Reissner-Nordstrom)، والثاني هو الثقب الأسود المشحون والدوَّار كالثقب الأسود كير نيومان (Kerr-Newman).
صورة متعلقة توضيحية

 

حقائق عن الثقوب السوداء

يثير مسمى الثقوب السوداء اهتمام عددٍ من محبي الفلك والمهتمين بأسرار الكون، وفيما يلي مجموعة لأبرز الحقائق التي توَصَّل لها العلماء حول الثقوب السوداء:

  • أول من توقع بوجود الثقوب السوداء هو العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين سنة 1916 في نظريته النسبية العامة.
  • تم صياغة مصطلح "الثقب الأسود" بواسطة عالم الفلك الأمريكي جون ويلر سنة 1968.
  • كتلة النجم الذي يتحول لثقبٍ أسود أكثر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، وأما النجوم ما دون تلك الكتلة، تتحول في نهاية طورها لنجمٍ نيتروني أو قزم أبيض.
  • الأشياء التي يضمها الثقب الأسود إليه تسقط فيه فقط، ولا يتم امتصاصها. فالثقب الأسود لا يمتص، بل يعمل كما تفعل الأرض في إطار الجاذبية.
  • أي نجم يقترب من الثقب الأسود فهو معرض للتمزُّق. 
  • يوجد في مجرة درب التبانة ما بين عشرة ملايين وحتى مليار ثقب أسود نجمي، وتُقدَّر كتلتها ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، وهذا بحسب تقديرات علماء الفلك.
  • يسمى أول ثقب أسود بثقب (Cygnus X-1) وتم تحديده سنة 1971.
  • بحسب النظريات، في حال وقع شخص ما في ثقب أسود، فإن الجاذبية ستجعل جسمه يتمدد كالسباغيتي. وفي دراسة أجريت عام 2012، سوف تتسبب التأثيرات الكمومية بحدوث ما يسمى بجدار النار، والذي قد يحرق أي جسم يعبره فورًا.
صورة متعلقة توضيحية

 

الثقب الأسود (Cygnus X-1)

يعتبر (Cygnus X-1) أول وأكبر ثقبٍ أسودٍ نجمي تم اكتشافه، ويبعد عن كوكب الأرض 7200 سنة ضوئية دون الاستعانة بموجات الجاذبية، ويعد أقرب ثقب أسود للأرض.
يعود تاريخ ثقب (Cygnus X-1) لرهانٍ علمي حدث سنة 1974 بين كلٍ من الفيزيائيين ستيفن هوكينغ وكيب ثورن، إذ راهن هوكينغ أنه ليس ثقبًا أسودًا، فيما أعلن هوكينج أنه مخطئًا سنة 1990 موضحًا في ذلك أن ثورن كان على حق. 

وبحسب البروفيسور إيليا ماندل من جامعة موناش، فإن ثقب الأسود (Cygnus X-1) بدأ حياته كنجمٍ بكتلةٍ تقارب كتلة الشمس بستين مرة، قبل أن ينهار منذ عشرات الآلاف من السنين.

 

هل للثقب الأسود عمر محدد؟

قد يستمر الثقب الأسود بابتلاع ما حوله للأبد بحسب النظرية النسبية العامة. ولكن لو تم أخذ ميكانيكا الكم بالحسبان، فإن الثقوب السوداء سوف ينتهي بها المطاف بالتبخر نظرًا لتسرُّب إشعاع هوكينغ منها ببطء. وعلى ذلك، يمكن قياس عمر الثقب الأسود وفقًا لكتلته، فالثقوب السوداء ذات الكتلة الكبيرة ستحتاج عمرًا أطول حتى تتبخر، فلو كانت كتلة الثقب الأسود تعادل كتلةً شمسيةً واحدة، سيحتاج إلى 1067 سنة ليتبخر. أما لو كان وزنه 1011 كغم، سيحتاج إلى ثلاثة مليار سنة ليتبخر.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل الأرض كوكب؟

هل بلوتو كوكب؟ 

هل الأرض كروية؟ 

هل من المؤكد وجود حياة خارج كوكب الأرض؟ 

هل الشمس كوكب؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على