` `

هل يوجد أساليب معينة للتعامل مع سلوكيات الأطفال؟

صحة
15 نوفمبر 2021
هل يوجد أساليب معينة للتعامل مع سلوكيات الأطفال؟
التربية ليست مجرد نظريات وأوامر، بل هي ممارسات يومية يتعلّم منها الطفل (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

قد يكون التعامل مع سلوكيات الأطفال مرهقًا في بعض الحالات؛ بسبب العجز عن إدراك السلوكيات الخاطئة أو العجز عن التعامل معها، لكن التعامل معها أمر غايةً في الأهمية؛ لتأثيره القوي على سلوكيات الطفل في المستقبل وتأثيره على شخصيته بشكل عام. هنا سنتحدث عن أهم الطرق المُتبعة في التعامل مع الطفل بحسب دراسات وأبحاث علمية تشرح طريقة التعامل مع الطفل من منطلق الحرص على بناء شخصيته المتزنة في المستقبل، ومن منطلق التركيز على تعليم الطفل الخطأ من الصواب في السنوات الأولى من عمره، التي تُعتبر سنوات بناء الشخصية. 

كيف يمكن التعامل مع سلوكيات الأطفال؟

يجب اتباع بعض الاستراتيجيات والطرق في التعامل مع الأطفال بشكل صحيح، ومن أهم هذه الطرق:

  • الاتساق: ويعني التفاعل مع سلوكيات الطفل بنفس الطريقة يوميًا؛ إذ لا يجوز تغيير ردود الأفعال من يوم لآخر؛ لأن هذا سيسبب الحيرة للطفل، كما يجب على جميع الأشخاص المجاورين للطفل التعامل بنفس الطريقة مع سلوكه.
  • عدم المبالغة: يجب الابتعاد عن المبالغة في ردود الأفعال وعدم تحميل الطفل أعباء الحياة العامة، كما يجب ضبط الغضب والإحباط من تكرار السلوكيات الخاطئة أيضًا.
  • التحدث مع الطفل: يجب التحدث مع الطفل باستمرار حول أسباب الأفعال المطلوبة منهم؛ إذ يمكن إخبار الطفل عن مخاطر الاقتراب من مصدر الحرارة، أو ضرورة الإمساك بيده عند قطع الشارع، وغيرها من الأمور حتى في السنوات الأولى من عمر الطفل؛ لأنه يبدأ بفهم الأمور قبل الكلام، كما يُمكن تعليم الطفل كيف يتحدث عن الأشياء التي تزعجه؛ لأن ذلك سيُقلّل من الشعور بالإحباط لديه.
  • الإيجابية في التعامل: قد تكون معظم سلوكيات الطفل سلبيةً ومزعجةً، لكن يجب التركيز على السلوكيات الإيجابية وإخبار الطفل عن مدى السعادة بهذه السلوكيات؛ لأن هذا سيحفّز السلوك الجيد لديه.
  • تقديم المكافآت: قد لا تكون المكافآت دائمًا مادية، بل قد تكون مديحًا أو هدية بسيطة أو احتضان أو غيرها من الأمور التي تُشعره بالسعادة، لكن يجب تقديم المكافآت بعد إنجاز الأعمال وليس قبلها؛ لأنها ستكون رشوة.
  • تجنُب الضرب: الضرب يمنع الطفل من فعل السلوك الخاطئ في الوقت الحالي، لكنّ تأثيراته المستقبلية وخيمة وتُؤثر على شخصيته مستقبلًا، كما سيشعر ضمنيًا أن الضرب وسيلة لحلّ الخلافات، وهذا سبب وجود أطفال عدوانيين أكثر من غيرهم.

ما هي الأشياء المؤثرة على سلوك الطفل؟

عند الحديث عن التعامل مع سلوكيات الأطفال يجب أولًا فهم الأسباب المؤثرة على سلوكيات الطفل بالفعل، والأسباب الكامنة وراء اختلافها؛ إذ يُمكن أن تحدث هذه التغيّرات نتيجة أحد الأسباب التالية:

  • تغير نمط الحياة: قد يتأثر سلوك الطفل نتيجة أيّ تغيير يطرأ على نمط الحياة؛ مثل ولادة طفل جديد، أو تغيير المربية، أو الإنتقال إلى منزل جديد، وغيرها من الأمور التي قد يكون التكيّف معها صعبًا على الطفل.
  • وجود مشاكل في الأسرة: قد يتأثر الأطفال كثيرًا بالمشاكل العائلية أو النفسية للوالدين.
  • التعامل الخاطئ مع سلوك الطفل: يحفظ الأطفال ردود أفعال الوالدين في كلّ مرة، ويربط بينها وبين الأفعال بشكل كبير؛ كأن يحصل على الحلوى داخل المتجر لإبقائه هادئًا مثلًا؛ فيعتقد أنه سيحصل عليها في كلّ مرّة يذهب إلى المتجر، أو أن يتذكر حصوله على لعبة ليتوقّف عن الصراخ؛ فيظن أنه سيحصل على لعبة في كلّ مرّة؛ لذلك يجب الانتباه إلى ردود الأفعال لأنها قد تصبح عادة.
  • الحاجة إلى الاهتمام: في بعض الحالات تكون السلوكيات الغريبة للطفل لمجرد لفت الانتباه لحاجته للاهتمام والعناية؛ لذلك يجب منح الطفل الاهتمام الكافي معظم الوقت؛ مثل الاحتضان والتقبيل، لتقليل سلوكياته المزعجة.

ما هي سلوكيات الأطفال وكيفية التعامل معها؟

التعامل مع سلوكيات الأطفال أمر صعب إن لم تفهم الأسباب وراء تصرفاته وطرق التعامل الصحيحة معها، لذلك سنحاول الحديث عن أنواع معينة من السلوك وطرق التعامل معها فيما يلي:

الكذب

يُعتبر الكذب من أهم السلوكيات المزعجة التي تحتاج لطرق معينة للتعامل معها، ويمكن إجمال أسباب كذب الأطفال في جذب الانتباه، أو إخفاء الحقائق لتجنّب الوقوع في المشاكل، أو لتقدير الذات والشعور بشكل أفضل؛ لذلك يجب أولًا محاولة فهم سبب الكذب لتحديد طريقة التعامل الملائمة، ويتم ذلك عن طريق فتح حوار مع الطفل وسؤاله هل هذا الأمر حصل حقًا، أم أنه كان يرغب في حدوثه، وهذا قد يُعطي الطفل فرصةً لقول الحقيقة، كما يجب غرس قيمة الصدق وقول الحقيقة في نفسه وحثّه على قول الحقيقة ومدحه على ذلك، كما يُمكن التأكيد على فكرة الفخر بأنه صادق؛ ولأنه كذلك فلن يُعاقب على فعل السلوك الخاطئ.

سلوك التحدي

يُمارس الأطفال التحدي للأهل ورفض القيام ببعض المهام، وقد يُحاول الطفل اختبار الحدود في مرات متعددة، لذلك يُمكن منح الطفل أمرًا يريده ووعده بالمزيد في حال إتمام المهمة المطلوبة؛ مثل متابعة برنامجه المفضل مع تحذيره من المنع في حال عدم إتمامها، وفي حال استمراره في الرفض يجب تنفيذ التحذير بصرامة؛ ليتعلم الاستماع في المرات المقبلة.

الإفراط في مشاهدة التلفاز

بعض الأطفال يفرطون في مشاهدة التلفاز دون حدود، وهذا أمر غير مقبول صحيًا أو نفسيًا؛ لذلك يجب تحديد وقت معين لمشاهدته أو لممارسة اللعب على الهاتف؛ وفي حال رفض الطفل للتوقّف يجب منعه بصرامة؛ لأن ذلك لا يُعتبر سلوكًا صحيحًا بالمجمل، ويمكن التخلص من الأجهزة الإلكترونية في حال استمرار الطفل بالرفض.

التعامل مع الغذاء

يجب تعليم الطفل أن الطعام هو هدف للتغذية والحصول على الطاقة وليس للمتعة أو التهدئة، كما يجب تحديد أوقات لِتناول الطعام وتناول الوجبات الخفيفة والحرص على عدم تجاوزها، وعدم السماح له بالأكل كلما أراد ذلك، كما يتوجب اختيار الألفاظ والمصطلحات لإخبار الطفل بضرورة تناول الخضار؛ لأنها لذيذة وليس لأنها صحية؛ لأن الطفل قد يعتقد أن مذاقها سيء لمجرد القول بأنها صحية، كما يجب تقديم وجبة واحدة مُغذية لجميع أفراد الأسرة وعدم محاولة إرضاء الجميع، إضافةً إلى الحذر من الإفراط في الطعام لأيّ سبب، وتقليل تناول السكريات بأنواعها؛ مثل العصير، واستبدالها بالماء، والتركيز على العادات الصحية منذ الصغر.

السلوك غير المحترم

وهذا يشمل السخرية ورمي الأشياء والكلام البذيء أو مناداة الأهل بأسمائهم، وهذه السلوكيات يجب منعها مباشرةً؛ لأنها قد تتطوّر مع مرور الوقت ويصعُب السيطرة عليها، مع الحذر من التفكير في أن الطفل صغير وغير مُدرك وأنه سيتغيّر مع مرور الوقت، ومن المعلوم أن الطفل قد يلجأ لهذه السلوكيات لجذب الانتباه عندها يجب تجاهله لحين تغيير سلوكه وإخباره بعدم السماح بهذه السلوكيات في المنزل، وعدم الاستجابة له إلّا بعد التغيير.

الأنين ونوبات الغضب

بعض الأطفال يُمارسون النحيب للحصول على الأشياء التي يريدونها؛ لذلك يجب منع الأنين والنحيب وعدم الاستجابة لرغباته؛ لأنه سيعتقد أنها وسيلة للحصول على ما يريد، ويمكن تجاهله والحزم والتأكيد على عدم تغيير الرأي بسبب النحيب والبكاء والاهتمام به وتحقيق رغباته في حال التوقّف، كما يجب تعليم الطفل طرق التعبير عن رأيه ورغبته وطريقة طلب الأشياء، فضلًا عن تعليمه كيفية التعامل مع مشاعر الغضب واخباره بأسباب المنع؛ مثل تعليمه قول: أنا حزين لأني لا أستطيع الذهاب في نزهة بدلًا من التذمر من عدم الذهاب أثناء العاصفة، كما يُمكن أن يُصاب الأطفال قبل المدرسة بنوبات الغضب وقد تستمر بعد المدرسة إن لم يتم التعامل معها بحزم، وقد تكون الطريقة الأمثل للتعامل مع هذه الحالة هي التجاهل وعدم الإستجابة لطلباتهم في حالات الصراخ أو ضرب أنفسهم، أيضًا يجب تعليم الطفل طريقة التعبير عن احتياجاته بطريقة مُهذبة.

الاندفاع

إن الأطفال مندفعون جدًا تجاه حالات الغضب، فقد يُعبّرون عنها بالضرب أو التلفظ بألفاظ نابية؛ لذلك يجب تعليمهم كيفية التحكّم في انفعالاتهم عن طريق مدح الطفل في حال التفكير قبل التصرف الاندفاعي؛ مثل قول: أحسنت لأنك استطعت التحكّم بغضبك، أو هذا تصرف جيد، ويُمكن تعليم الطفل مهارة التحكّم في المشاعر التي ستؤثر على التحكّم بدورها على السلوك.

مشاكل قبل النوم

بعض الأطفال يرفضون البقاء في السرير أو النوم لوحدهم، لكن هذه المشكلة إن لم يتم حلّها بالطريقة المناسبة فإنها ستؤثر على سلوك الطفل بالكامل؛ بسبب قلة النوم؛ لذلك يجب إنشاء روتين نوم صحي لا يُمكن تجاوزه عن طريق تحديد وقت ومكان النوم المناسب بشكل يومي، ما يُساعد الطفل على تكوين عادات نوم صحية، وهذا الأمر ليس سهلًا دائمًا، بل يجب المثابرة وإعادة الطفل عشرات المرات إلى سريره يوميًا؛ ليتأكّد أن النوم سيكون في وقت مُعيّن ومكان مُحدد.

العدوانية

إن التصرفات العدوانية كثيرة وتختلف من طفل لآخر، وقد تكون على شكل إلقاء الكتب أو ضرب الأصدقاء في حالات الغضب، وهذه من الحالات التي يجب التعامل معها بحزم ومحاولة تخفيضها مع مرور الوقت عن طريق تدريب الطفل على السلوك الجيد، وتعليمه مهارات معينة للتعامل مع حالات الغضب، كما يجب تحذير الطفل من العدوانية ومعاقبته في حال استمرارها وحثّه على الاعتذار في حال التصرّف بعدوانية مع الآخرين.

ما هي أفضل الطرق لتأديب الطفل؟

من أهم وظائف الوالدين تأديب الطفل والتعامل مع سلوكيات الأطفال بطريقة صحيحة، لكن هذه المهام تتطلب وقتًا وجهدًا وبعض الاستراتيجيات لضبط التعامل مع الأطفال؛ ومن أهمها:

  • الكلام الصريح: يجب تعليم الأطفال السلوكيات الإيجابية ووصفها بالفعل والقول بطريقة هادئة ومتكررة؛ مثل التحدث الدائم عن الصدق والأمانة وغيرها من السلوكيات النموذجية؛ لأن الطفل لا يستطيع توقّع المطلوب منه، بل يجب الحديث معه بلغة واضحة تتناسب مع عمره.
  • وضع قواعد واضحة: يجب وضع قواعد ثابتة وواضحة لاتباعها ويُمنع تمامًا تخطيها، ويُمكن شرح هذه الحدود بكلمات ملائمة لعمر الطفل؛ إذ لا يُمكن وضع قواعد مختلفة كل يوم أو فرض أمور غير اعتيادية، بل يجب الاتساق في الحدود والقواعد لخلق روتين معين عند الطفل وتمكينه من فهم المسموح والممنوع، فلا يُمكن تحديد وقت النوم مثلًا على الساعة الثامنة وتغييره في يوم آخر للساعة العاشرة، ثم العودة يوم آخر للساعة الثامنة.
  • الحديث عن العقاب: يجب وضع عقوبات ملائمة لعمر الطفل في حال تخطي الحدود؛ مثل منعه عن لعبته المُفضّلة إن لم يرتب سريره وغيرها من العقوبات البسيطة.
  • الاستماع للطفل: يجب محاورة الطفل وسماع شكواه بالكامل قبل إعطاء الحلول، ومحاولة فهم سبب المشكلة التي يعاني منها.
  • منح الطفل الاهتمام: من أهم طرق التأديب منح الطفل الاهتمام الكامل والكافي؛ لتعزيز السلوك الجيد وتصويب الخاطئ.
  • التفريق بين السلوك الجيد والخاطئ: يجب تعليم الطفل كيفية التفريق بين السلوك الجيد والخاطئ، والثناء على تصرفاته الجيدة؛ مثل المساعدة في تنظيف المنزل، مع تنبيه لتصرفاته الخاطئة وتعليمه طريقة تصويبها.
  • ترك المساحة للطفل للتعلّم: أحيانًا يجب منح الطفل المساحة الكافية للتعلّم من أخطائه وعدم التدخل؛ إلّا في حالات الخطر؛ مثل متابعة الطفل وهو يرمي ألعابه خارجًا عندها يُمكن إخباره أنه لن يستطيع اللعب بها مرةً أُخرى بدل منعه من رميها؛ وبذلك سيتعلم الطفل العواقب لبعض أفعاله عندها سيتوقف عن فعلها.
  • توجيه الطفل: أحيانًا تكون التصرفات السيئة ناتجة عن الملل أو عدم معرفة الطفل للسلوك الأفضل؛ لذلك يُمكن توجيهه بفعل الصواب دون إجباره على ذلك.
  • التركيز على القدوة: الحقيقة أن الطفل يتعلّم سلوكياته من والديه ويكتسب منهم عاداته المتنوعة؛ لذلك يجب تعليمه السلوكيات المناسبة من خلال الأفعال وليس الأقوال فقط، لأن التربية ليست مجرد نظريات وأوامر، بل هي ممارسات يومية يتعلّم منها الطفل، فلا يُمكن حثّ الطفل على تناول الخضار والفواكه دون تناولها أمامه يوميًا.
  • تجنّب الحُب المُفرط: جميع الآباء يحبّون أبناءهم، لكن الدلال المُفرط قد يُفسد الأبناء أحيانًا؛ لذلك يجب الموازنة بين المشاعر والحدود؛ إذ لا يُمكن منح الطفل كلّ الأشياء التي يطلبها، ولا يُمكن التساهل في بعض الأمور؛ لأنها ضد رغبته؛ مثل السماح له بمشاهدة التلفاز طوال اليوم.
  • معاملة الطفل باحترام: يجب معاملة الطفل بأدب واحترام ولطف؛ إذ يُمكن مجاملته عند طلب بعض الأمور منه؛ لأن طريقة تعامل والديه معه ستنعكس على تعامله مع الناس.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل يعد نوم الطفل كثيرًا أمرًا طبيعيًا؟

هل يوجد أضرار للوجبات السريعة على الأطفال؟

هل جدول وزن الطفل الطبيعي يكون حسب العمر؟

هل يمكنني معرفة أن طفلي سليم من التوحد بسهولة؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على