تحقيق مسبار
يتبادر سؤال السعرات الحرارية في اللبن إلى أذهان الكثيرين، وذلك كون منتجات الألبان تُعد جزءاً لا يتجزأ من النظام الغذائي في جميع أنحاء العالم، كما أنها تدخل كمُكون رئيسي في تحضير الكثير من الأكلات والحلويات، وذلك لما تتميز به من مذاق مٌحبب. كما أنها تحتوي على العديد من العناصر الغذائية الضرورية لجسم الإنسان، يتساوى في ذلك الحليب مع سائر المنتجات التي يتم تصنيعها منه، وعلى رأسها اللبن.
يُجيب هذا المقال على سؤال السعرات الحرارية في اللبن، وهل يُعد حقاً خياراً صحياً للجميع بما في ذلك المُهتمون بإنقاص وزنهم أو الحفاظ على وزنهم دون زيادة؟
ما هو اللبن؟
اللبن مشروب تقليدي في الدول العربية بالإضافة إلى عدد من الدول غير العربية مثل تركيا والهند. يتم تحضيره من خلال تخمير وخض حليب الأبقار، الجاموس، أو الماعز، إلا أن الأكثر انتشاراً هو اللبن المصنوع من حليب الأبقار. له مذاق مالح وذو حموضة ملحوظة، حيث تؤدي عملية التخمير الى تحول السكر الموجود في الحليب (اللاكتوز) الى حمض اللاكتيك، في حين تهدف عملية الخض الى استخلاص الزبدة من الحليب. تُشير الأسماء المختلفة للبن الى عِدة مشروبات تختلف من حيث طريقة التحضير و بلد الأصل (العَيران يعود الى تركيا في حين يُنسب الرايب الى عموم الدول العربية)، إلاّ أن جميعها تتمتع بمذاق متشابه، كما أن الفوارق بين ما تحتويه جميع هذه المشروبات من سعرات حرارية وعناصر غذائية صغير جداً.
كم تبلغ السعرات الحرارية في اللبن؟
تختلف القيمة الغذائية والسعرات الحرارية في اللبن بناءً على عدة عوامل، منها مصدر الحليب الذي تم تحضير اللبن منه (حليب أبقار أم حليب ماعز مثلاً) وكذلك طريقة التحضير.
الطريقة التقليدية أو اليدوية تُنتج لبناً أكثر حموضة ويحتوي على سُكر لاكتوز أقل، لأن مرحلة التخمير في هذه الطريقة تستمر لفترة طويلة نسبياً. كما أن اللبن الناتج يحتوي على دهون أقل لكون المرحلة الثانية من إنتاج اللبن بهذه الطريقة هي مرحلة الخض. بينما تعتمد الطريقة الحديثة على التخمير فقط، ويتم ذلك عن طريق إضافة أنواع مُعينة من البكتيريا إلى الحليب، بالتالي تُنتج لبناً يحتوي على مقدار أكبر من الدهون، لكن كما سبق أن ذكرنا تبقى الفوارق في القيمة الغذائية والسعرات الحرارية في اللبن بأنواعه بسيطة.
ومهما بلغ مقدار التفاوت في القيمة الغذائية، لا يُمكن القول أن السعرات الحرارية في اللبن مرتفعة، حتى في حال كان اللبن كامل الدسم. يُوضح أحد المصادر السعرات الحرارية في اللبن ومقدار ما يحتويه من عناصر غذائية على النحو التالي:
العنصر الغذائي |
لكل 100 مللتر |
لكل كوب (250 مللتر) |
السعرات الحرارية |
42 سعر حراري |
105 سعر حراري |
البروتين |
2.6 - 5 غرام |
6.5 - 12.5 غرام |
الكربوهيدرات |
4 غرام |
10 غرام |
الدهون |
1.3 - 3.1 |
3.25 - 7.75 |
كما يحتوي اللبن على عدد من العناصر الغذائية الصُغرى أي المعادن والفيتامينات. مثل الكالسيوم، الفوسفور، فيتامين B2، فيتامين B12، وفيتامين B5. وكذلك تقوم بعض شركات صناعة الألبان بتدعيم منتجاتها بفيتامين D.
ما هي فوائد اللبن الصحية؟
لا شك أن هناك تشابهاً بين اللبن والحليب من ناحية القيمة الغذائية، وبالتالي الفوائد الصحية المُترتبة على تناول كل منهما، إلا أن اللبن يتمتع بخصائص تجعل منه مشروباً مميزاً، لا من حيث المذاق فحسب، بل من حيث فوائده أيضاً، فيما يلي أهم فوائد اللبن:
1- يُعد اللبن خياراً مُتاحاً لبعض من يُعانون من حساسية اللاكتوز
اللاكتوز هو أحد أنواع السكريات والذي يتواجد في الحليب بشكل طبيعي، ولكي يتم هضمه يجب أن يمتلك الجهاز الهضمي القدرة على إنتاج إنزيم اللاكتيز، تشير إحصائية إلى أن 65% من البشر تتراجع لديهم القدرة على هضم اللاكتوز بعد سِن الرضاعة. وبالرغم من أن اللبن لا يخلو تماماً من اللاكتوز، إلا أن احتوائه على حمض اللاكتيك وبطبيعة الحال البكتيريا التي أنتجت هذا الحمض يجعل بعض الأشخاص الذين يُعانون من حساسية اللاكتوز قادرون على تناول اللبن دون أن تظهر لديهم أعراض العجز عن هضم اللاكتوز.
2- يعمل اللبن على تقوية العِظام.
يحتوي اللبن على الكالسيوم والفوسفور، وكذلك فيتامين K2 ما لم يكُن منزوع الدسم، كما أن بعض الأنواع التجارية من اللبن مُدعمة بفيتامين D، جميع هذه العناصر الغذائية لها دور مُباشر في بناء وتقوية العظام، كما أنها تُساهم في الوقاية من مرض هشاشة العظام. في دراسة أُجريت على مدى خمس سنوات توصل الباحثون إلى نتيجة مفادها أن تناول مقداراً أكبر من الأطعمة الغنية بالفسفور والكالسيوم أدى إلى زيادة ملحوظة في المُحتوى المعدني للعظام، كما أدى إلى تراجع خطر الإصابة بهشاشة العظام بنسبة 45%، كما وجد الباحثون دليلاً يُشير إلى إمكانية استخدام فيتامين K2 في علاج مرض هشاشة العظام.
3- يعمل اللبن على مكافحة التهاب اللثة
منتجات الألبان المُتخمّرة، وبالطبع اللبن منها، تعمل على مكافحة التهاب بطانة الفم، كما أن تناول مثل هذه المنتجات من شأنه التخفيف من حدة التهاب اللثة.
4- يُؤدي تناول اللبن الى خفض ضغط الدم، الكولسترول، والدهون الثلاثية.
5- مصدر للبكتيريا النافعة
بعض أنواع اللبن تحتوي على الخمائر النشطة، وهذا يعني أنها مصدر للبكتيريا النافعة. تتواجد البكتيريا النافعة (probiotics) في الأمعاء بشكل دائم وكذلك البكتيريا الضارة، إذا كانت أعداد البكتيريا النافعة أكبر، هذا يعني أن الأمعاء تخلو من الالتهابات وتعمل بشكل سليم. يُشير مقال نُشر في موقع المنشورات الصحية التابع لكلية الطب بجامعة هارفارد إلى ثلاث فوائد رئيسية للبكتيريا النافعة:
- تعمل البكتيريا النافعة على رفع كفاءة الجهاز المناعي
- الوقاية من البكتيريا الضارة
- تحسين وظائف الجهاز الهضمي ورفع كفاءة امتصاص العناصر الغذائية.
هل يوجد أضرار لتناول اللبن؟
إن الإفراط في تناول أي نوع من أنواع الأغذية لا بد أن تترتب عليه بعض المخاطر الصحية، وليس اللبن استثناءً من هذه القاعدة. يُمكن تلخيص أضرار الإفراط في تناول اللبن في نٌقطتين رئيسيتين:
- قد يحتوي اللبن على نسبة عالية من الصوديوم، وهناك رابط مباشر بين أملاح الصوديوم و الأضرار التي تلحق بالقلب، الكليتين، الدماغ، والأوعية الدموية. ويجب أن يحذر الأشخاص الذين يُعانون من ارتفاع ضغط الدم من هذا الأمر بصورة خاصة، لذا من الضروري التحقق من جدول القيمة الغذائية المطبوع على العُبوة واختيار النوع المُناسب.
- على الرغم من كون اللبن خياراً مُمكناً بالنسبة لبعض من يُعانون من حساسية اللاكتوز، إلا أنه لا يُمكن تعميم هذا الأمر على جميع من يُعانون من هذا النوع من الحساسية. كما أن هناك نوع آخر من الحساسية وهو حساسية الحليب، وعلى الأشخاص الذين يُعانون منها أن يتجنبوا تناول اللبن تماماً.
أخيراً وليس آخراً وجب التنويه على أن اللبن ولكونه أحد مُشتقات الحليب، يُنصح الأشخاص البالغين بتناول ثلاث أكواب بحد أقصى خلال اليوم الواحد، وذلك لضمان الاستمتاع بمذاقه وفوائده دون التعرض لمخاطر الإفراط في تناوله.