تحقيق مسبار
يعد نوم الأطفال حديثي الولادة موضوعًا يؤرق الكثير من الأمهات؛ لأن الطفل معتاد على النوم الطويل داخل الرحم، ويحتاج لفترة للتكيّف مع الحياة الجديدة؛ لهذا يكثُر التساؤل: هل نوم الطفل كثيرا طبيعي، وهل تختلف احتياجات الأطفال من حيث عدد الساعات والجودة أم أنها متشابهة عندهم؟... سنتطرق في هذا المقال إلى العديد من الأسئلة ذات الصلة؛ أهمها: هل نوم الرضيع كثيرًا مضر؛ إذ يعتبر هذا من الأسئلة الشائعة للأمهات الجدد، اللواتي تزداد لديهُن مشاعر القلق والخوف؛ نتيجة عدم المعرفة أحيانًا والخوف من التأثيرات والتغيرات التي تحدث على الطفل.
هل نوم الطفل كثيرًا طبيعي؟
ينام الأطفال حديثي الولادة عادةً بين 16 -18 ساعة يوميًا؛ وذلك حسب إحصائيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، كما تتغير أنماط نومهم بسبب عدم امتلاكهم ساعةً بيولوجيةً داخليةً تُنظم أوقات نومهم، لكن هذا يُثير القلق أحيانًا ويجعلك تتسائل هل نوم حديثي الولادة كثيرًا ضروريّ؟...
الحقيقة أن الطفل يميل إلى النوم الكثير في معظم الأحيان بشكلٍ متواصلٍ أو متقطعٍ؛ نتيجة صغر حجم المعدة لديه، بالتالي استيقاظه بشكلٍ متكررٍ للرضاعة، لكنّ بعض الأطفال ينامون معظم النهار دون الرغبة في الاستيقاظ للرضاعة، وهذا يستدعي إيقاظه مرةً كل 3 ساعات على الأقل، خصوصًا عند ملاحظة تغيّر لون البول إلى اللون الأصفر؛ لأن هذا يعد مؤشرًا على نقص التغذية، كما يجب متابعة وزن الطفل حديث الولادة الذي قد ينخفض قليلًا في أيامه الأولى، ثم يبدأ في اكتساب الوزن مرةً اخرى، كما يجب متابعة عدد مرات الإخراج، وكمية الحليب التي يشربها؛ إذ يحتاج الطفل عادةً إلى 25 أوقية من حليب الأم يوميًا خلال الأشهر الستة الأولى من عمره، ثم تزداد الكمية تدريجيًا، أمّا بالنسبة للأطفال الذين يعتمدون على الحليب الصناعي؛ فيحتاجون لعدد مراتٍ أقل من الرضاعة؛ لأن معدتهم ستبقى ممتلئة لفترة أطول، ممّا يجعلهم ينامون لوقتٍ أطولٍ، والحقيقة أن قلة نوم الطفل بشكلٍ كافٍ تجعله يشعر بعدم الراحة والانزعاج، وهذه الاضطرابات في النوم تستمر حتى الشهر السادس؛ لأن الطفل لا يستطيع التمييز بين الليل والنهار وبحاجة لوقت أكثر ليستطيع تأسيس إيقاعه الثابت.
معدل النوم الطبيعي للطفل
يختلف المعدل الطبيعي لنوم الطفل حسب العمر؛ فكلما زاد عمر الطفل قلّت ساعات نومه بشكلٍ طبيعيٍّ؛ بحيث تكون ضمن النطاقات التالية:
- حديثي الولادة: الذين تقل أعمارهم عن 3 أشهر ينامون من 14 -17 ساعة يوميًا، وقد تصل إلى 22 ساعةٍ لدى البعض منهم، وهذه الساعات تكون موزعة بين الليل والنهار؛ بمعدل ساعة أو ساعتين في كل مرة.
- الأطفال من عمر 4-12 شهرًا: في هذه المرحلة تقلُ ساعات النوم بازدياد وعي الطفل وتفاعله مع العالم الخارجي، وينام بمعدل 12-16 ساعة تقريبًا خلال اليوم، وتكون ساعات النوم في الليل أكثر من النهار، وقد تصل أطول ساعات النوم ليلًا إلى 6-8 ساعات، وهذا يمنح الأم والطفل راحةً أكبر مع بدء تأقلم الطفل وتعرّفه على الليل والنهار.
هل من الطبيعي نوم الرضيع كثيرًا؟
ذكرنا أن الرضيع يقضي معظم وقته في النوم خلال الأيام الأولى من حياته، لكنه لا يتّبع نظامًا محددًا ولا ينام بشكلٍ منتظمٍ، وهذا يجبر الأم على التكيّف مع وقت نومه، لكن في حال زادت ساعات نومه عن الأوقات الطبيعية؛ فإنّ ذلك يستدعي البحث عن أسباب الزيادة؛ للتأكّد من صحة الطفل وعدم تعرضه للمشاكل المعروفة، التي قد تؤثر على نموّه، ويُذكر منها:
- طفرة في النمو، وهذه من حالات الزيادة في النمو عن المعدل الطبيعي.
- إصابة الطفل بمشاكل في التنفس؛ بحيث يكون الطفل مصابًا بمشكلة صحية تؤثّر على تنفسه وقدرته على النوم؛ لذلك ينام لوقت أطول عندما يستطيع ذلك.
- المطاعيم؛ إذ إنها بشكلٍ كبيرٍ على طبيعة نوم الطفل وتزيد من معدله.
- إصابة الطفل باليرقان، وهو عبارة عن مشكلةٍ صحيّةٍ تصيب حديثي الولادة تسبّب اصفرار الجلد وبياض العين، إضافةً إلى بعض الأغراض الأخرى؛ مثل: الخمول، وصعوبة تناول الطعام، وكثرة انزعاج الطفل وغضبه، مما يستلزم التدخل الطبي كيّ لا تتفاقم المشكلة ويتعرض لمشاكل أصعب؛ مثل فقدان الوزن فالجفاف.
- ظهور علامات تدل على وجود مشاكل في الجهاز التنفسي؛ مثل: لهث الطفل ومحاولته البحث عن الهواء، أو الصفير أحيانًا.
- تنفس الطفل بصوتٍ عالٍ.
- ارتفاع درجة حرارة الرضيع.
كيف يمكن مساعدة الطفل على النوم بشكل أفضل
الطفل لا يحتاج فقط للنوم، ولكن يحتاج إلى النوم بشكلٍ جيدٍ وتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق الغاية والهدف من نومه؛ إذ يمكن مساعدة الطفل على النوم وتنظيم ساعته البيولوجية عن طريق:
- تعريض الطفل للضوء الطبيعي عن طريق اصطحابه في نزهة خارجية أثناء النهار.
- تطوير روتين الطفل عن طريق منحه حمامًا دافئًا في المساء؛ لمساعدته على الاسترخاء والنوم في الليل بشكلٍ أفضلٍ.
- تخفيف الملابس عن الطفل؛ لمساعدته على الاستيقاظ وقت الجوع.
- عدم إرهاق الطفل باللعب أثناء النهار؛ لأن هذا الإرهاق يجعله ينام رغم الجوع.
كيف ينام الأطفال؟
تعتبر مرحلة ولادة الطفل وتهيئة غرفته من أهم وأصعب المراحل في حياة الوالدين؛ إذ يبدأن بالبحث عن طرق نوم الأطفال بشكلٍ أفضل؛ حيث توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بمشاركة الغرفة للطفل الرضيع، مع تجنب مشاركة السرير؛ بمعنى وضع سرير الطفل في غرفة الوالدين؛ لمراقبته أثناء النوم، وتجنّب نوم الطفل على نفس السرير مع الأم؛ لتفادي حدوث الاختناق. يُمكن اتباع بعض النصائح والتوصيات التي تجعل نوم الطفل أفضل؛ ومنها:
- وضع الطفل على ظهره وليس على بطنه، أو أحد الجانبين.
- تغطية السرير بغطاء مناسب من حيث الحجم؛ لمنع التفافه على الرضيع.
- تجنّب وضع الألعاب والوسائد على سرير الطفل؛ لمنع وقوعها أو التفافها عليه أثناء النوم.
- الحفاظ على درجة حرارة الرضيع وعدم الإفراط في تدفئته، بل متابعة درجة حرارة الغرفة.
- وضع الطفل بمكانٍ بعيد عن المدخنين.
- تجنّب إيقاظ الطفل كثيرًا في النهار؛ لمساعدته على النوم أثناء الليل؛ لأن هذا الإرهاق سيقلّل من ساعات نومه ليلًا.
ما هي فوائد النوم للأطفال؟
عادةًً تقلّ ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان مع الزيادة في العمر، لكن هل نوم الطفل كثيرا طبيعي، وهل يجب على الطفل أن ينام لساعاتٍ معينة، الحقيقة أن النوم الكافي ضروري للطفل ويحقق مجموعةً من الفوائد؛ نذكر منها:
- تحسين النمو: يُفرز الجسم هرمون النمو بشكلٍ أفضلٍ أثناء النوم، وهذا ما يمنح الطفل نموًا طبيعيًا؛ إذ يُعاني الأطفال الذين ينامون لفتراتٍ أقصرٍ من نقص في معدل وهرمون النمو.
- تحسين عمل عضلة القلب: جسم الطفل كجسم البالغ يتأثر إيجابيًا بزيادة النوم، الذي يحميه من مشاكل الأوعية الدموية المرتبطة بتكون الكوليسترول الضارّ وهرمونات التوتر المتنوعة، كما يحمي النوم من الإصابة بداء السكري والسمنة المفرطة؛ لأن قلة النوم تؤثر بشكلٍ مباشرٍ على افراز هرمون الشبع.
- مقاومة الأمراض: يُفرز جسم الطفل والإنسان عمومًا بروتينًا يقاوم الجراثيم المسببة للأمراض ويُقلّل العدوى، وهذا هو تفسير شفاء نزلات البرد والإنفلونزا مع النوم وحاجة المريض لساعاتٍ مطوّلةٍ منه.
- تقليل التوتر: تُشير العديد من الدراسات أن الأطفال الذين تقلّ ساعات نومهم عن المعدل الطبيعي معرضين للتوتر، الذي يصيبهم بحالات من التهور المُسبّبة للحوادث؛ كالسقوط وغيرها، الناتجة عن نقص التركيز.
- زيادة تركيز الطفل: يزيد النوم من قدرة الطفل على التركيز والتعلم؛ لأن دماغ الرضيع يبقى نشطًا وواعيًا لما يحيط به؛ فتزداد قدرته على التعلّم.
هل يجب إيقاظ الطفل أثناء النهار؟
تعد القيلولة في النهار ضروريةً للطفل، ومن الممكن أن يقل عدد مرات تكرارها مع مرور الوقت، لكن عند محاولة الإجابة عن سؤال بحثنا الأهم وهو هل نوم الطفل كثيرا طبيعي؟ سنجد أن قيلولة الطفل حديث الولادة إذا استمرت لوقتٍ يتجاوز الساعتين أو الثلاث ساعات؛ فهذا يستدعي القلق وإيقاظ الطفل لتناول الطعام، أمّا في حال الاعتماد على الرضاعة الصناعية فقد تزداد قيلولة الطفل إلى أربع ساعاتٍ متواصلةٍ دون الحاجة للرضاعة، وهذا طبعًا يعتمد على نمو الطفل وزيادة وزنه، وقد تجد بعض الأمهات صعوبةً في إيقاظ الطفل من قيلولته أحيانًا، لكن هذا مع مرور الوقت سيُساعد الطفل على تنظيم وقت وروتين نومه، وفي جميع الأحوال يجب أن يتناول الرضيع ثماني وجبات كاملة يوميًا؛ لمساعدته على النمو بالشكل المطلوب، كما يجب إيقاظ الطفل المُصاب بالحمّى أو القيء؛ لإعطائه السوائل المناسبة؛ لأنه سيرغب في هذه الظروف بالنوم لساعات أطول.
علامات تثير القلق
في بعض الحالات تكون الإجابة عن سؤالنا هل نوم الطفل كثيرا طبيعي بالنفي، مما يستدعي استشارة الطبيب خصوصًا عند شعور الرضيع بالتعب والنعاس المتواصل، ونومه بانتظام لمدة تزيد عن 17 ساعة، وعدم المقدرة على إطعامه 8 وجباتٍ كاملةٍ، خصوصًا عند ظهور بعض الأعراض التالية:
- خمول الرضيع بشكلٍ واضحٍ وإيجاد صعوبةً في إيقاظه.
- ظهور بعض علامات الجفاف؛ مثل: البكاء بدون دموع، أو جفاف الحفاض، كما قد تظهر عليه أعراض أخرى؛ مثل تشقق الشفاه.
- الانفعال الشديد عند إيقاظه.
- إظهار عدم الرغبة في تناول الطعام.
- عدم الاستجابة السريعة عند إيقاظه.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن تعلم كيفية النوم بسرعة؟