تحقيق مسبار
تشهد تقنية التزييف العميق كثيرًا من التطوّر في الوقت الراهن، وهي تقنية تهدف إلى إنشاء المقاطع المرئية المُزيفة للعديد من الغايات الإيجابية أو السلبية، ويُبيّن هذا المقال أبرز الإيجابيات التي يُمكن الحصول عليها من تقنية التزييف المذكورة، بالإضافة إلى بيان السلبيات والأضرار، ويوضّح كذلك طريقة التفريق بين المقطع المرئي المُزيف والحقيقي، خاصةً وأن هنالك الكثير من مقاطع الفيديو التي استُخدمت فيها تقنية التزييف العميق عام 2021.
هل التزييف العميق من أخطر برامج تحرير الصور؟
تعد برامج التزييف العميق من أكثر برامج تحرير النصوص والتعديل عليها خطورةً؛ ذلك لأنها تستطيع تشكيل صورة وهمية ومزيّفة للشخصية والتأثير عليها بشكل سلبي أو نشر الشائعات بالاعتماد عليها، وكثيرًا ما تتم ملاحظة هذا النوع من التزييف على منصة لينكد إن أو مواقع التواصل الاجتماعي الأُخرى المشهورة للبحث عن الوظائف، كما تمّ اكتشاف عشرات الآلاف من الصور والمقاطع المرئية المزيفة بالاعتماد على هذه التقنية حتى الآن؛ فبدا وأن التزييف العميق هو سلاح التضليل الجديد الذي يُعرقل كشف الحقائق ومحاربة الإشاعات.
ما الفرق بين التزييف السطحي والتزييف العميق؟
يتم تصنيف المحتويات المزيفة إلى فئتين أساسيتين؛ تُعرف إحداهما باسم التزييف السطحي والأُخرى باسم التزييف العَميق، ويشمل التزييف السطحي تغيير سرعة الكلام مع الإبقاء على طبقة الصوت الطبيعية في المقطع المرئي، ويشمل كذلك تغيير التاريخ أو الموقع. أما برنامج التزييف العميق؛ فيتم الاعتماد عليه لبناء وجه يُحاكي الوجه الحقيقي، ثم إنشاء مقاطع مرئية مزيفة بالكامل؛ حيث طالت هذه التقنية بوتين وزيلينسكي في حرب روسيا على أوكرانيا كما كشف موقع مسبار في تحقيقٍ سابق.
ما هي الأنواع الرئيسية للتزييف العميق؟
للتزييف العميق 4 أنواع رئيسية كما يأتي:
- استبدال الوجه: في هذا النوع من التزييف العميق يتم اقتطاع الوجه من المقطع المرئي الأصلي وتركيب وجه لشخصٍ آخرٍ؛ لإخفاء هوية الشخص الأصلي، ويُعرف الوجه الاصلي باسم المصدر، بينما يُعرف الوجه الثاني باسم الهدف.
- إعادة تمثيل الوجه: تشمل عملية إعادة التمثيل تغيير ملامح الوجه المُختلفة؛ بما في ذلك الحاجبان والفم والعينان، وكذلك التغييرات في موضع الرأس، ويهدف هذا التزييف إلى تغيير التعبيرات حتى يبدو على الشخص بأنه يريد قول شيء مُعين.
- إنشاء الوجه: يشمل هذا النوع إنشاء صورة جديدة مُزيفة بالكامل خلافًا للأنواع السابقة التي تشمل بعض التعديلات على مقطع مرئي أصلي، وذلك بالاعتماد على الشبكات التوليدية الخصومية.
- تخليق الكلام: في بعض الأحيان يتم إنشاء نموذج لمحاكاة صوت أحد ما حتى يبدو حقيقيًا، ويسمح هذا التزييف بتكوين مقطع صوتي يتمتع بذات طريقة كلام الشخص الهدف مع ذات النغمة والإيقاع أيضًا.
هل يمكن استخدام برنامج التزييف العميق بسهولة؟
مع التقدّم الذي يشهده العالم على مستوى الحوسبة والشبكات العصبونية الاصطناعية أصبح التزييف أكثر سهولة، ويستطيع أيُّ واحدٍ من الأفراد استخدام برامج التزييف العَميق بسهولة لإنشاء المقاطع المرئية؛ ذلك بالاعتماد على البرامج الحاسوبية أو التطبيقات التي تتوافق مع الهواتف الذكية، لكنه من الصعب توليد مقطع مرئي ذي جودة كبيرة دون التمتع بالخبرة اللازمة لذلك.
هل يعمل برنامج التزييف العميق بكفاءة كبيرة؟
تستطيع كثيرٌ من برامج التزييف العَميق العَمل بكفاءة كبيرة وتشكيل صورة واقعية عن الشخص الهدف بالفعل؛ لذلك يسعى كثيرٌ من الخُبراء في مجال الحاسوب ابتكار التقنيات التي تستطيع التفريق بين المقاطع المرئية المزيفة والحقيقية، ولكن التزييف العَميق يُمكن أن يتطوّر بشكلٍ كبيرٍ يَمنع من اكتشافه بسهولة في المستقبل مع تطوّر التقنيات والأساليب التي يعتمد عليها.
هل يوجد إيجابيات لتقنية التزييف العميق؟
هُناك العديد من الفوائد والآثار الإيجابية لتقنية التزييف العميق، وفيما يأتي بعضًا منها:
- الترفيه: بالاعتماد على التزييف العميق يُمكن للمحترفين إنشاء الأصوات والصور المزيفة، ثم إضافة التأثيرات الإبداعية إليها لتشكيل مقطع مرئي يُسهم في المحافظة على تماسك البرامج أو القصص الترفيهية؛ ذلك عندما يكون الشخص المَعني غير متاح.
- تجربة الملابس: يُمكن أن يساعد هذا التزييف العُملاء في تجربة الملابس والتحقّق من أناقتها دون الحاجة إلى زيارة المتجر بشكلٍ فعليٍّ أو ارتداء أيّة ملابس.
- خدمة العُملاء: تتجه بعض المؤسسات التجارية وغيرها إلى الاعتماد على المُساعد الافتراضي؛ لتقديم الخدمات إلى العملاء في مراكز الاتصالات، وذلك من خلال تشكيل صورة وصوت المُساعد عن طريق التزييف العميق.
- إظهار القدرة على التحدّث باللغات الأُخرى: يستطيع العاملون في مراكز الاتصال الاعتماد على التزييف العميق؛ لتشكيل صورة تُظهر قدرتهم على التحدّث بلغةٍ أُخرى عند تحريك الشفتين، مع تركيب الصوت المناسب على هذه الصورة.
ما هي سلبيات انتشار تطبيق التزييف العميق؟
تضم القائمة بعضًا من أبرز سلبيات استخدام برنامج تزييف الفيديو العميق:
- نشر المعلومات المضللة: عادةً ما تنتشر المعلومات المضللة بشكلٍ أسرعٍ عند الاعتماد على تقنيات التزييف العميق بدلًا من التضليل النصّي فحسب؛ ذلك لأنها توفر مقطعًا مرئيًا بالصوت والصورة ممّا يزيد مصداقيتها.
- تكذيب الحقائق: عند انتشار التزييف العَميق يستطيع المشاهير من الأفراد تكذيب الكثير من الأخبار الحقيقية التي تمّ تسجيلها لهم بالكاميرا، وذلك بحِجّة كونها من المقاطع المزيفة التي تمّ تصميمها بالاعتماد على برامج التزييف العميق.
- استنفاد القدرة النقدية: يحتاج المرء إلى بذل مزيدٍ من الجهد والوقت؛ للتحقّق من صحة المقاطع المرئية وعدم كونها مزيفة إذا انتشرت تقنيات التزييف العميق، وهو ما يؤدي إلى استنفاد الجهود النقدية عند الأفراد.
- عدم نشر المعلومات الدقيقة: إذا لم يستطع المرء التحقّق من صحة المقطع المرئي؛ فإنه يتوقّف عن نشره وإرساله إلى الآخرين في كثيرٍ من الأحيان، وهو ما يتسبب بانحسار نشر المعلومات الدقيقة وانتشار المعلومات المغلوطة على حسابها.
كيف يمكن اكتشاف التزييف العميق؟
يستطيع الشخص اكتشاف المقاطع المرئية التي تمّ إنتاجها عن طريق تطبيق التزييف العميق بالاعتماد على الإرشادات الآتية:
- الانتباه إلى الشَعر: كثيرًا ما يواجه المُزيّفون تشكيل شعرٍ واقعي بالاعتماد على تقنيات التزييف العَميق؛ لذلك فإنه ينبغي الانتباه إلى التجعّد أو التطاير للشعر حتى يكتشف المرء المقاطع المرئية المزيفة في كثيرٍ من الأحيان.
- المشاهدة على شاشة كبيرة: لا تظهر الكثير من مؤشرات تزييف المقاطع المرئية عند المشاهدة باستخدام شاشة الهاتف ذات الحجم الصغير؛ لذلك فإنه من الأفضل الاعتماد على الشاشات الكبيرة عند مشاهدة المقاطع التي توجد شكوك حول مصداقيتها.
- مراقبة النظارات: إذا كانت مقاطع الفيديو مُزيفة؛ فيُمكن أن يظهر وميض أو وهج غير طبيعي على النظارات، وفي بعض الأحيان يظهر هذا الوهج عندما يتحرك الشخص.
- النظر إلى العينين: تتحرك عين الإنسان مع الشخص الآخر عند الحديث، كما أنها تُومِض أثناء الحديث، وربما يجد المُزيفون صعوبةً في إنشاء هذه الحركات بدقة عند إنشاء المقاطع المرئية المزيفة، وتُعد الحركات الغريبة للعين علامةً على التزييف.
- التأكّد من حجم الشفتين: يكون حجم الشفتين متناسقًا مع حجم الوجه عند الإنسان الطبيعي، هذا يعني أن الاختلال في هذا التناسق يُشير إلى كون المقطع المرئي مُزيفًا وليس حقيقيًا.
- إبطاء الفيديو: في بعض الأحيان يمكن الاعتماد على برامج التشغيل التي تستطيع إبطاء سرعة الفيديو وتكبير الصورة؛ للتأكّد من المقاطع المزيفة ومعرفة الصحيحة منها.
- ملاحظة الشيخوخة: يجب أن تتوافق مستويات الشيخوخة في الجلد مع الشيخوخة الظاهرة على العينين أو الشعر عند الإنسان الطبيعي؛ ولذلك يُعد الاختلاف في هذه التفاصيل دليلًا على تزييف المقطع المرئي.
- التحقّق من الأسنان: حتى الآن لا تتمتّع الخوارزميات بالقدرة الكافية لتشكيل الأسنان على نحوٍ دقيقٍ عند إنشاء مقاطع الفيديو المزيفة، هذا يعني ضرورة مُراقبة الأسنان والنظر إلى الفم عند مشاهدة المقاطع للتأكّد من صحتها.
- مُراقبة تحركات الوجه: إذا تمّ إنشاء مقاطع الفيديو المُزيفة من خلال تبديل الوجوه بين المصدر والهدف؛ فإن المُشاهد يُلاحظ حركات غريبة للوجه؛ مثل التحرّك نحو اتجاهٍ خاطئٍ، أو وجود خطأ في نسبة ميل الوجه عند النظر بعيدًا.
ما التحديات التي تواجه تقنيات اكتشاف التزييف العميق؟
تحاول الكثير من الدراسات تطوير تقنية لاكتشاف التزييف العميق بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي؛ إلّا إنّ هذه التقنيات تواجه عِدّة تحديات، وأبرزها ما يأتي:
- حجم البيانات المطلوب: تحتاج تقنيات الكشف عن المقاطع المرئية أو الصوتية المزيفة كمًّا كبيرًا من المعلومات؛ ذلك حتى تستطيع العَمل بكفاءة وموثوقية، ولا يتوفر هذا الحجم من البيانات خلال الوقت الراهن.
- التكيّف مع اكتشاف التزييف: تميل التقنيات التي يُعتمد عليها في اكتشاف التزييف العميق إلى تطوير التزييف نفسه وجعله أكثر تعقيدًا، ولا بُدّ من إجراء التحديث على هذه التقنيات بشكلٍ مستمرٍ حتى تستطيع العمل بكفاءة أكبر.
- عدم القدرة على الحدّ من التزييف: حتى وإن استطاعت التقنيات اكتشاف المقاطع المرئية المزيفة التي تهدف إلى التضليل؛ فإنها لن تكون قادرة على منع هذه المعلومات والمقاطع المزيفة من الانتشار والوصول إلى الأفراد.
- اختلاف المعايير: لا تلتزم جميع مواقع التواصل الاجتماعي ذات المعايير فيما يتعلق بالتزييف العميق، وهو ما يُشكّل تحديًا أمام تطوير التقنيات التي تهدف إلى اكتشاف هذا النوع من التزييف والتعامل معه.
- المشاكل القانونية: يُمكن أن تُثير القوانين واللوائح، التي تهدف إلى الحدّ من التزييف، العديد من الأسئلة لدى الأفراد؛ أبرزها الأسئلة التي تتعلق بحرية التعبير وحقوق الخصوصية وغيرها.
ما هي آلية عمل برنامج تزييف الفيديو؟
تبدأ آلية عمل برامج التزييف العميق للمقاطع المرئية بجمع الصور ذات الدقة الكبيرة، ثم يتم استخراج الإطارات من الوجه بالاعتماد على وحدة المُعالجة المركزية ووحدة مُعالجة الرسوميات عند إدخال هذه الصور، وبعد الانتهاء من المُعالجة يتم استخراج المقطع المرئي المُزيَّف، وربما يحتاج المقطع إلى بعض العَمل اليدوي؛ لإزالة الإشارات التي تدل على التزييف وإضافة الظلال المُناسبة عند الحاجة إلى ذلك.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يمكن عمل بحث بالصورة على جوجل؟
هل يمكن استعادة الصور المحذوفة من آيفون؟