تحقيق مسبار
إن الشيخ القرطبي واحد من أشهر علماء الإسلام، ولا يزال تفسيره للقرآن معروفًا حتى اليوم بين طلبة العلم، ولم يكن التفسير الكتاب الوحيد الذي قام بتأليفه، وإنما له الكثير من المؤلفات والتصانيف المفيدة الأخرى لأهل الاختصاص، ومنها: كتاب الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى، وكتاب المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس.
من هو الشيخ القرطبي؟
حرصت الرابطة المحمدية للعلماء على بيان من هو الشيخ القرطبي الذي له تفسير مشهور على القرآن الكريم؛ فإنه أحد العلماء البارزين في العديد من المجالات، وأخذ العلم عن العديد من الشيوخ والأساتذة خلال فترة حياته في قرطبة، ثم انتقل إلى مصر بعد سقوط بلده ليتلقى العلم فيها ويقوم بتعليم الكثير من التلاميذ.
متى ولد القرطبي؟
عند البحث لمعرفة متى ولد القرطبي يتضح بأنه مولود عام 600 للهجرة في مدينة قرطبة داخل الأراضي الأندلسية، وعاش في الأندلس حتى سقطت في أيدي الفرنجة، وبعد احتلالها؛ ذهب إلى أراضي مصر ليتنقل بين مدنها ويستقر في المنية حتى وفاته، وخلال حياته ألف الإمام القرطبي كثيرًا من الكتب النافعة التي لا زالت مشهورة حتى اليوم.
رحلات القرطبي بعد الخروج من الأندلس
بعد خروجه من الأندلس قام الشيخ القرطبي بالعديد من الرحلات في مصر حتى استقر بالمنية، وتتضمن القائمة الآتية جميع هذه الرحلات حسب كتاب الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير:
- الرحلة إلى الإسكندرية: كانت الإسكندرية أول مدينة يدخلها الإمام القرطبي في العالم العربي، ومكث في هذه المدينة وقتًا، وأخذ فيها العلم من بعض العلماء، ومنهم: أبو العباس القرطبي، وأبو محمد بن رواج، وعبد المعطي اللخمي.
- الرحلة إلى الفيوم: سافر الإمام القرطبي إلى الفيوم برفقة الإمام القرافي، وربما كانت هذه الرحلة واحدة من الرحلات العلمية التي خرج فيها، ولم ترو المصادر تفاصيل هذه الرحلة التي خرج بها هذين الإمامين.
- الرحلة إلى المنصورة: عاش الإمام القرطبي في المنصورة مدة من الوقت، وأخذ فيها العلم من الشيخ أبي علي الحسن بن محمد البكري، وكان ذلك خلال أربعينيات القرن السابع الهجري.
- الرحلة إلى القاهرة: عاش الشيخ القرطبي في مدينة القاهرة مدة من الزمن، وأخذ عن العديد من علمائها، وفي ذلك الوقت كانت القاهرة عاصمة مصر وحضارتها، وهي عاصمة جمهورية مصر العربية اليوم.
- الرحلة إلى المنية: رحل الإمام القرطبي إلى منية بني الخصيب واستقر بها، وهي واحدة من المدن المعروفة في مصر حتى اليوم، وعاش فيها القرطبي حتى توفي.
أصل الإمام القرطبي
بالرغم من ولادته في قرطبة وقضاء أول 3 عقود من حياته فيها إلا أصل الإمام القرطبي يرجع إلى الخزرج من الأنصار، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح، وهذا يعني أنه أنصاري الأصل، وقرطبي المولد والنشأة، ومصري الوفاة، وأما عن مذهبه الفقهي؛ فإنه كان من علماء المذهب المالكي.
أساتذة وشيوخ الشيخ القرطبي
أخذ الشيخ القرطبي العلم عن العديد من الأساتذة والشيوخ خلال فترة حياته، وتتضمن القائمة الآتية عدة من مشايخه وأساتذته:
- ابن أبي حجة: كان ابن أبي حجة واحدًا من شيوخ الإمام القرطبي في الأندلس، وأخذ عنه القرطبي القراءات السبع، وكان ممن تصدر للإقراء واللغة العربية في قرطبة؛ إلا أنه انتقل إلى إشبيلية بعد سقوطها.
- أبو العباس القرطبي: أخذ الشيخ القرطبي عن الإمام أبو العباس القرطبي في مصر، وكان واحدًا من العلماء المحدثين، وله شرح على صحيح مسلم.
- أحمد بن عمر القرطبي: كان أحمد بن عمر القرطبي واحدًا من أكبر شيوخ وعلماء الأندلس المحققين، واشتهر باسم ابن المزين، ودرس عليه الإمام القرطبي مشافهة، كما أنه طالع العديد من كتبه وأخذ منها العلم أيضًا.
- أبو الحسن علي بن قطرال: كان الإمام أبو الحسن علي بن قطرال واليًا لبلدة صغيرة في الأندلس، وأحال عليه القرطبي في تفسيره، وكان أحد العلماء والشيوخ الذين أخذ منهم.
- أبو محمد بن رواج: عُرف ظافر بن علي بن فتوح الأزدي القرشي بلقب أبو محمد بن رواج، وسمع منه الإمام القرطبي بأحد المساجد في ثغر، وأخذ عنه العديد من أصناف العلوم.
- أبو عامر الأشعري: اشتغل الإمام أبو عامر الأشعري في القضاء، وكان واحدًا من العلماء الذين أخذ منهم الشيخ القرطبي، كما أنه تعلّم من فضله وحُسن خلقه أيضًا.
- أبو علي الحسن البكري: كان أبو علي الحسن البكري واحدًا من العلماء المحققين المطلعين، وله العديد من الرحلات الكبيرة في طلب العلم، وأخذ منه الإمام القرطبي بعض العلوم في مصر.
- أبو الحسن علي اللخمي: يُطلق على أبو الحسن علي اللخمي اسم ابن الجيزي، وهو عالم وفقيه أخذ الشيخ القرطبي منه السمت كما أنه تلقّى العديد من العلوم عنه أيضًا.
- أبو محمد بن حوط الله: كان محمد بن حوط الله أحد العلماء المجازين من أبو الطاهر بن عوف وغيره من العلماء، وأخذ عنه الشيخ القرطبي العديد من الأسانيد عندما كان في الأندلس قبل الهجرة إلى مصر.
هل مؤلفات الإمام القرطبي كثيرة؟
يحرص علماء الإسلام على تحديد كم عدد مؤلفات القرطبي؛ فإن لهذا العالم الكثير من المؤلفات، وأبرزها: الجامع لأحكام القرآن والمُبين لما تضمن من السنة وأحكام الفرقان، وهو الكتاب الذي يُطلق عليه اسم تفسير النسفي، وفيه قام بتوضيح الكثير من المسائل الفقهية، بالإضافة إلى غيرها من المسائل التي تعرض له أثناء التفسير.
قام الشيخ القرطبي بتأليف كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، وكتاب التذكار في أفضل الأذكار، وكتاب قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد السؤال بالكَسب والشفاعة، وكتاب يوم الفزع الأكبر - مشاهد يوم القيامة وأهوالها، وكتاب الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى، وكتاب الإعلام بما في دين النصاري من الأوهام، وإظهار محاسن الإسلام، وإثبات نبوة محمد.
تلاميذ الشيخ القرطبي
هناك العديد من التلاميذ الذين أخذوا العلم عن الشيخ القرطبي، وتتضمن القائمة الآتية عدة منهم:
- شهاب الدين أحمد: إن شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر القرطبي أحد أبناء الشيخ القرطبي، وأخذ العلم من أبيه، وكانت لديه مشاركة في العديد من فنون العلم.
- أبو جعفر أحمد ابن إبراهيم بن الزبير الثقفي: كان أبو جعفر أحمد ابن إبراهيم بن الزبير الثقفي شيخًا للقرّاء والمحدثين في الأندلس، وروي بأنه أحد تلاميذ الشيخ القرطبي صاحب التفسير.
- إسماعيل بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد الخراستاني: سمع إسماعيل بن محمد بن عبد الكريم الخراستاني وأخذ العلم من القرطبي، كما أنه سمع العلم من السخاوي والعز ابن عساكر وغيرهم من العلماء المحققين.
- أبو بكر محمد ابن الإمام كمال الدين القسطلاني المصري: أخذ الإمام أبو بكر محمد ابن الإمام كمال الدين أبي العباس أحمد بن أمين الدين بن محمد ابن الحسن بن الميمون القسطلاني المصري العلم من القرطبي، وكان من فقهاء المالكية.
متى توفي القرطبي؟
نصّ الكثير من العلماء على تحديد متى توفي القرطبي؛ نظرًا لكونه أحد الأئمة البارزين في العلم؛ فإنه توفي عام 671 حسب التقويم الهجري، وهذا يعني أن عمره كان يبلغ 71 سنة عند الوفاة تقريبًا، وكان ذلك بعد مرور قرابة 38 سنة من مغادرة قرطبة والذهاب إلى أراضي مصر لتلقي العلوم وتدريس الناس.
أين دفن الإمام القرطبي؟
لا يخفى على أهل مدينة المنية في جمهورية مصر العربية أين دفن الإمام القرطبي؛ فإنه دُفن في هذه المدينة التي قضى وقتًا طويلًا من حياته فيها، ولا يزال قبره معروًا حتى الوقت الراهن بمنطقة يطلق عليها اسم أرض السلطان، وكانت المدينة معروفة باسم منية بني خصيب وقتها نسبة لرجل يُسمى الخصيب أو ابن الخصيب.
اقرأ/ي أيضًا: