تحقيق مسبار
استطاع أول من صنع الصاروخ تقديم ابتكار متميز تعتمد عليه الكثير من التقنيات الحديثة اليوم في المجالات المدنية والعسكرية على حدٍّ سواء. يُسلّط هذا المقال الضوء على تاريخ إنتاج الصواريخ في العالم، كما أنه يعتني بتوضيح أنواع الصواريخ المختلفة، بالإضافة إلى بعض المعلومات التي تتعلق بأطول وأصغر الصواريخ في العالم أيضًا.
هل ألمانيا هي أول من صنع الصاروخ في العالم؟
بدأت الصواريخ بالظهور بشكلها البدائي منذ آلاف السنوات ولم تكن ألمانيا صاحبة السبق في إنتاج أول صاروخ في العالم، ويُروى قيام الفيلسوف الإغريقي أرخيتاس بصنع جهازٍ صغيرٍ يتم دفعه بواسطة نفّاث يعتمد على البخار أو الهواء المضغوط؛ ممّا يعني أنه أول جهاز يعتمد على الدفع الصاروخي. وبحلول عام 1232 تم استخدام الصواريخ البدائية لصدّ المغول بعد إرفاقها بالسهام من قبل الصينيين، وهذا يعني أن الصاروخ البدائي لم يظهر في ألمانيا بدايةً وإنما في الحضارات الصينية والإغريقية.
من هو مخترع أول صاروخ يعمل بالوقود السائل في العالم؟
بحلول عام 1926 استطاع الأمريكي روبرت هتشينجز جوددارد اختراع أول صاروخ ناجح يعمل بالوقود السائل، وهو ما أدّى إلى ثورة كبيرة وتحوّل في عالم صناعة الصواريخ، كما أنه قام بتصميم مِدوار للتحكّم في الصواريخ أثناء الطيران، وصمَّم مقصورات لحمل الأجهزة أيضًا، ويُعرف جوددارد بأنه أب الصواريخ الحديثة لما قدّمه في هذا المجال.
ما هو تاريخ صناعة الصواريخ؟
مرّت الصواريخ بكثيرٍ من الاختراعات والابتكارات حتى انتقلت من شكلها البدائي ووصلت إلى الشكل والتطور الحالي، وفيما يأتي تسلسل زمني لأبرز الأحداث في تاريخ إنتاج الصواريخ حسب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا:
- الصواريخ عند فلاسفة الإغريق: قام الإغريقي أرخيتاس بتصميم طائر خشبي مُعلّق على أسلاك، وتم دفع هذا الطائر عن طريق البخار، وكذلك قدّم هيرو السكندري تصميمًا لأداة يتم دفعها بشكل دائري بالاعتماد على نفث البخار.
- تطوير البارود: تم تسجيل العديد من التطورات التي تتعلق بالدفع الصاروخي عندما تمكّن الصينيون من اكتشاف البارود في القرن التاسع الميلادي، وفي عام 1232 تم تسجيل أول استخدام عسكري للدفع الصاروخي من قِبل الصينيين ضد المغول.
- الطوربيد الصاروخي الأرضي: تم ابتكار طوربيد صاروخي أرضي من قِبل الإيطالي جوان دي فونتانا عام 1420؛ حتى يتم استخدامه في إحراق سفن العدو وإضرام النيران فيها.
- مخطوطات كازيميرز سيمينوفيتش: عاش كازيميرز سيمينوفيتش بين العامين 1600-1651 وقام بتقديم مخطوطات نُشرت جزئيًا قبل وفاته، وتضمنت تقنيةً للصواريخ متعددة المراحل، وهي التقنية التي يفترض أن تُصبح معتمدة أساسية لإطلاق صواريخ الفضاء.
- إسهامات غاليليو غاليلي ونيوتن: قام غاليليو غاليلي بدراسة القصور الذاتي، وهو المبدأ الذي اعتمد عليه إسحاق نيوتن فيما بعد لتقديم قوانين الحركة، وهي القوانين التي وفّرت الأساس لجميع الصواريخ الحديثة.
- تطويرات السير ويليام كنغرف: بعد تعرض الجيش البريطاني إلى وابل من الصواريخ من قِبل قوات تيبو سلطان الهند، وهو ما دفع السير ويليام كنغرف الذي عاش بين العامين 1772-1828 إلى تطوير صواريخ يزيد مداها على 5,486 متر.
- إسهامات كونستانتين تسيولكوفسكي: اعتنى كونستانتين تسيولكوفسكي بدراسة الرحلات إلى الفضاء، ودعى إلى استخدام المحركات الصاروخية التي تعمل بالوقود السائل، وكان أشهر أعماله البحث في الفضاء بين الكواكب بوسائل القوة الصاروخية عام 1903.
- ابتكار أول صاروخ وقود سائل: بحلول عام 1926 قام الأمريكي هتشينجز جوددارد بتجربة صاروخ جديد يعتمد على الوقود السائل، وهو أول صاروخ في العالم من هذا النوع، ثم قام بكثير من التجارب للتطوير وتحسين الأداء.
- تحسين أداء الصواريخ: حاول العلماء والمختصون تطوير الدفع الصاروخي في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين؛ لاستخدامه في الطائرات وسيارات السباق والسفن وغيرها، وجعلت هذه التجارب الصواريخ أكثر موثوقية وقوة.
- الصواريخ في الوقت الراهن: تم استخدام الصواريخ على نحوٍ واسعٍ في الحرب العالمية الثانية، واستخدمت بعد ذلك لغزو الفضاء، وفي هذه الأيام يتم الاعتماد على الصواريخ في الصناعات الدفاعية، بالإضافة إلى الأقمار الصناعية وغيرها.
هل اخترعت ألمانيا أول صاروخ باليستي طويل المدى؟
بالنظر إلى تاريخ الصواريخ الباليستية طويلة المدى يلاحظ بأن ألمانيا كانت صانعة أول صاروخ في العالم على الإطلاق من هذا النوع، وهو صاروخ فاو-2، الذي يعد سلف الصواريخ الكبيرة المختلفة، بالإضافة إلى منصات الإطلاق المستخدمة اليوم. ويجدر الذكر بأن ألمانيا جهزت 3 آلاف صاروخ فاو-2 للحرب العالمية الثانية، وعندما خسرت تمّ الاستيلاء على هذه الصواريخ من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والاعتماد عليها لتطوير الصواريخ الحديثة.
أي دولة صنعت أكبر صاروخ في العالم؟
لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية أول من صنع الصاروخ؛ إلا إنها استطاعت تطوير الصاروخ الأكبر في العالم على الإطلاق، وهو صاروخ ساتورن 5 الذي قدمته وكالة ناسا، ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وفيما يأتي بعضًا من المعلومات عن هذا الصاروخ:
- الإطلاق: تم إطلاق صاروخ ساتورن 5 من خلال منصة الإطلاق الموجودة في مركز كينيدي للفضاء، وكان ذلك في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1967، وكان واحدًا من صواريخ سلسلة أبولو التي قدمتها وكالة ناسا.
- الطول والوزن لأكبر صاروخ: وصل ارتفاع صاروخ ساترون 5 إلى 110.6 متر عند وجوده على منصة الإطلاق، وكان وزنه 2,965 ألف كيلوغرام عندما تم تزويده بالوقود بشكل كامل وأصبح جاهزًا للانطلاق إلى الفضاء.
- إصدارات صاروخ ساتورن 5: لم يكن هُناك إصدار واحد من صواريخ ساتورن 5؛ وإنما قامت وكالة ناسا بإطلاق 13 صاروخًا من هذا النوع بين العامين 1967-1973، واستمر إطلاق هذه الصواريخ مُدة 5 سنوات ونصف من الإطلاق الأول تقريبًا.
- مهمات الهبوط على القمر: بين العامين 1967-1973 نفذت صواريخ ساتورن 5 التي قدمتها ناسا 7 مهمات للهبوط على سطح القمر؛ بما فيها رحلة أبولو 13 التي لم تكن ناجحة.
- اختلاف الوزن: كان وزن ساتورن 5 يختلف بين رحلة وأُخرى، ولم يكن ثابتًا لجميع رحلات الإطلاق التي نفذها هذا النوع من الصواريخ، واعتمد تحديد الوزن على الحمولة والمهمة التي ينبغي تنفيذها.
ما هي أطول الصواريخ في العالم؟
لم يقم أول من صنع الصاروخ بتطوير أطول الصواريخ في العالم؛ وإنما تم تطوير الكثير من الصواريخ الطويلة المجهزة للخروج برحلات إلى الفضاء الخارجي فيما بعد، وتضم القائمة الآتية بعضًا من أطول هذه الصواريخ:
- صاروخ ساتورن 5: يُعد صاروخ ساتورن 5 أطول الصواريخ التي تم إنتاجها في العالم منذ إنتاجه عام 1967 وحتى يومنا هذا، وهو صاروخ أمريكي من تطوير وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وتم استخدامه لإطلاق روّاد الفضاء إلى القمر.
- صاروخ N-1: قام الاتحاد السوفييتي بتصميم صاروخ N-1 الذي يُعد ثاني أطول الصواريخ في العالم بارتفاع يبلغ 104 متر، وتم تقديمه لإطلاق رواد الفضاء إلى القمر في الفترة التي كان الاتحاد السوفييتي ينافس خلالها الولايات المتحدة الأمريكية.
- صاروخ آريس 1: في عام 2009 أطلقت وكالة ناسا صاروخ آريس 1، الذي يعد أطول الصواريخ التي تم إطلاقها في القرن الحادي والعشرين حتى الآن، وبلغ طول هذا الصاروخ 100 متر، ولم يتم إطلاق هذا الصاروخ بعد المرة الأولى.
- نظام الإقلاع الفضائي: يتم تطوير صاروخ أُطلق عليه اسم نظام الإقلاع الفضائي من قِبل وكالة ناسا، ومن المتوقع أن يبلغ طول هذا الصاروخ 98 مترًا مما يجعله واحدًا من أطول الصواريخ في العالم حتى الآن عندما ينتهي إنتاجه.
- صاروخ دلتا IV الثقيل: إن صاروخ دلتا IV الثقيل أطول صاروخ في القرن الواحد والعشرين ضمن الخدمة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية، ويبلغ طوله 72 متر، وتم تقديمه أول مرة عام 2004؛ إلا إنه كان يُعاني من مشكلة أُصلحت فيما بعد.
- صاروخ فالكون الثقيل: يصل طول صاروخ فالكون الثقيل إلى 70 مترًا مما يجعله في المرتبة الثالثة بين أطول الصواريخ، وهو صاروخ تم تقديمه من قِبل شركة سبيس إكس، ويُعد المُعزز الأقوى في القرن الواحد والعشرين حتى الآن.
ما هو أصغر صاروخ مداري في العالم؟
بالاعتماد على الابتكارات التي وصل إليها أول من صنع الصاروخ تم تطوير الكثير من الصواريخ ذات الأحجام المختلفة، وفي عام 2018 قامت منظمة استكشاف الفضاء اليابانية بإنتاج وإطلاق أصغر صاروخ مداري في العالم حتى الآن، وهو صاروخ SS-520-5 الذي بلغ طوله 9.54 متر فحسب، ويبلغ قُطر هذا الصاروخ 0.52 متر، وبالنظر إلى صاروخ ساتورن 5 العملاق الذي يزيد طوله على 300 متر يتبين الحجم الصغير جدًا لهذا الصاروخ.
هل توجد عدة أنواع من الصواريخ؟
هُناك العديد من الأنواع المختلفة للصواريخ الحديثة بالفعل،، وفيما يأتي قائمة بهذه الأنواع:
- صواريخ التجارب: يتم إطلاق هذا النوع من الصواريخ نحو الهواء بارتفاعات عالية غالبًا على أقواس باليستية، وعادةً ما تنحني في الفضاء مُدة تتراوح بين 5-20 دقيقة ثم تعود إلى الأرض مرةً أُخرى، ويتم استخدامها في بعض التجارب العلمية.
- الصواريخ دون المدارية: تمتلك هذه الصواريخ القوة الكافية للدخول في الفضاء بشكلٍ مؤقت، ويتم الاعتماد عليها لإجراء بعض التجارب العلمية أو إطلاق رحلات السياحة الفضائية، ومن الأمثلة عليها صاروخ نيو شيبرد.
- الصواريخ المدارية: لدى الصواريخ المدارية قوة كافية لإطلاق الأجسام في مدارات حول الأرض، ويمكن لهذه الصواريخ إرسال العديد من الأشياء إلى خارج الأرض بالاعتماد على حجم الحمولة، ومن ذلك حمل المسابير العلمية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل يوجد فرق بين بريطانيا وإنجلترا؟
هل ألمانيا من دول مجموعة العشرين؟