تحقيق مسبار
يكثر الحديث عن نظرية التطور في الأوساط الأكاديمية، يسعى هذا المقال إلى بيان بعض أهم التفاصيل الأساسية حول هذه النظرية، والملاحظات التي اعتمد عليها داروين للوصول إلى بعض التفسيرات حول نشأة الحياة، مع توضيح هذه التفسيرات، وينتهي ببيان بعض من أبرز المشاكل التي تواجه هذه النظرية مع عددٍ من الكتب التي تناقشها.
هل كان داروين مؤسس نظرية التطور؟
نعم يعدّ داروين مؤسس النظرية بمعناها الحديث، على الرغم من وجود أفكار سابقة عن التطور، نجدها عند جده الطبيب الإنجليزي إيراسموس داروين، والفيلسوف الإغريقي أناكسيماندر، الذي عاش في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، ولكن داروين استطاع أن يجعل من التطور نظرية متكاملة عندما ألّف كتاب أصل الأنواع.
ما هي نظرية التطور؟
تحاول نظرية التطور تفسير نشوء الحياة واختلاف أنواع الكائنات الحية على كوكب الأرض، ويرى أصحاب هذه النظرية بأن الحيوانات والنباتات لها أصولٌ في أنواعٍ أُخرى موجودة مسبقًا، وأن الاختلافات التي تميّز كل كائن منها ترجع إلى التعديلات التي طرأت على الأجيال المُتعاقبة، وكان البريطاني تشارلز داروين واحدًا من أبرز الأشخاص الذين حاولوا إثبات هذه النظرية.
ما هي أبرز الحقائق حول نظرية التطور لداروين؟
هُناك العديد من الحقائق حول نظرية التطور التي حاول تشارلز داروين إثبات صحتها، وأبرزها ما يأتي:
- ارتقاء التطور إلى نظرية: لم يرتقِ الكلام في تطور أنواع الكائنات الحية ليصبح نظرية؛ حتى قام تشارلز داروين بنشر كتابه المعروف باسم أصل الأنواع خلال القرن التاسع عشر.
- التطور لا يزال نظرية: لم تصبح نظرية التطور حقيقة علمية غير قابلة للنقاش حتى الآن، وإنما هي واحدة من النظريات التي تخضع للدراسة، وتتعرض إلى النقد من بعض المختصين.
- حجم الدماغ البشري: يرى علماء التطور بأن الدماغ البشري لم يكن بهذا الحجم منذ البداية، وإنما توسّع حجمه مع التطور على مرّ السنين، وتضاعف حتى وصل إلى 3 أضعاف حجمه الأصلي في النهاية.
- سبب الفواق: حاول المُختصون في علم التطور معرفة سبب الفواق الذي يتعرض إليه البعض أحيانًا، ويتكهنون بأن السبب في ذلك يعود إلى ردّ فعل موروث من سلف مائي.
- التطور الجزئي: يمكن أن يؤدي الانتخاب الطبيعي إلى إحداث تغيُّرات صغيرة تؤثر على اللون أو الحجم، وتجري هذه التغيرات ضمن مدة قصيرة نسبيًا، وتعرف باسم التطور الجزئي.
- التطور الكبير: حسب نظرية داروين حول أصل الإنسان، يُمكن للانتخاب الطبيعي أن يؤدي إلى إيجاد أنواع جديدة تمامًا، مع تراكم التطورات الجزئية عند وجود الوقت الكافي لذلك، وتُعرف هذه التغيّرات الكبيرة باسم التطور الكبير.
- نظريات نشوء الحياة: إن نظرية التطور ليست النظرية الوحيدة لتفسير نشوء الحياة، وإنما هي واحدة من النظريات التي لا يقبلها كثير من المختصين، في حين يرى البعض منها نظرية صحيحة، وتُعد نظرية التصميم الذكي نظرية أخرى لتفسير نشوء الحياة.
- القناعة بنظرية التطور عند الأمريكيين: حسب إحدى الإحصائيات، التي تم إجراؤها في الولايات المتحدة الأمريكية، وُجد بأن عدد الأمريكيين الذين يؤمنون بظاهرة الاحتباس الحراري أكثر من أعداد الذين يعتقدون صحة نظرية التطور.
ما الملاحظات التي اعتمدت عليها نظرية داروين حول أصل الإنسان؟
اعتمد داروين على عدة ملاحظات حتى يستطيع الوصول إلى نظريته حول أصل الأنواع بما في ذلك أصل الإنسان، وهي الملاحظات الآتية:
- وراثة السمات: تكون الكثير من الخصائص موروثة في الكائنات الحية، وتنتقل من الآباء إلى الأبناء، وعرّف داروين ذلك دون علمه بتوريث السمات عن طريق الجينات كما هو معروف الآن، وهي أُولى الملاحظات التي اعتمدت عليها النظرية.
- التناسل بعدد كبير: لاحظ داروين أن الكائنات الحية تستطيع إنتاج النسل بأعداد أكثر ممّا تدعمه البيئة المُحيطة بها؛ لذلك فإن هناك منافسة على الموارد المحدودة ضمن البيئة في كل جيل من الأجيال.
- تفاوت الصفات الوراثية للنسل: حسب نظرية التطور لداروين، يكون النسل لأي جيل مختلفًا قليلًا في بعض السمات؛ مثل اللون والحجم والشكل، وتكون العديد من هذه المميزات المختلفة قابلة للتوريث إلى الجيل التالي.
ما هي النتائج التي وصل إليها صاحب نظرية التطور تشارلز داروين؟
من خلال التفاصيل التي لاحظها داروين حول الكائنات الحية وتوريث صفاتها تمكّن من الوصول إلى عدة نتائج كما يأتي:
- سمات البقاء والتكاثر: يكون لدى بعض الأفراد في مجتمعٍ ما سمات موروثة، تساعدهم على البقاء أكثر من الأفراد الآخرين، وتساعدهم بعض السمات على التكاثر كذلك، وذلك نظرًا للظروف البيئية المُحيطة؛ مثل مصادر الطعام.
- تكاثر الأفراد ذوي السمات المميزة: يستطيع الأفراد الذين حصلوا على سمات البقاء والتكاثر إنتاج ذرية أكثر من الأفراد الآخرين، وذلك بسبب السمات المميزة التي يتمتعون بها.
- شيوع السمات المميزة: بما أن السمات المميزة قابلة للتوريث ويستطيع الأفراد الذين يحملونها إنتاج ذرية أكثر؛ فإن هذه السمات تُصبح أكثر شيوعًا في الجيل الثاني، مقارنةً بالعدد الذي يحملها من الجيل الأول.
- التكيّف مع البيئة: مع تعاقب الأجيال يستطيع الأفراد الذين يتمتعون بالسمات المميزة التكيف مع البيئة المُحيطة بهم، وذلك لأنهم يستمرون في تحقيق نجاح إنجابي أكثر من أقرانهم الذين لا يحملون السمات المميزة.
ما هو التفسير الذي تقدمه نظرية تطور الإنسان؟
تشتمل عملية تطور الإنسان وغيره من الكائنات الحية الأُخرى على العديد من التغيرات الطبيعية، التي تؤدي إلى ظهور أنواع جديدة حسب نظرية التطور، وتُقدم هذه النظرية تفسيرات حول سبب التغيّرات وكيفيتها، بالإضافة إلى التفسيرات التي تتعلق بانقراض الكائنات، كذلك تكيُّفها مع البيئة المُحيطة بها.
هل يوجد اعتراضات على نظرية داروين في التطور؟
هُناك العديد من الاعتراضات على نظرية داروين في التطور؛ منها كون التاريخ الجيولوجي لا يدعم هذه النظرية حسب أحد العلماء في جامعة نيويورك الأمريكية، وكذلك يعترض البعض على التطور نتيجةً لعدم وجود آلية تفسّر توليد ما يُعرف باسم الحساء البدائي؛ حيث يرى المنظّرون التقليديون للتطور بأن الحياة نشأت عن سلسلة من التفاعلات الكيميائية غير الموجّهة، التي ظهرت على الأرض قبل مليارات السنوات، وتضمّنت الخطوة الأولى وجود حساء بدائي، لكن لم يتم إيجاد آلية فعّالة له حتى الآن.
ما هي أبرز مشاكل نظرية التطور؟
هُناك الكثير من المشاكل التي تواجه نظرية التطور، وأبرزها ما يأتي حسب معهد ديسكفري الأمريكي:
- تطور بدائيات النوى: تنصُّ نظرية التطور على أن بعض بدائيات النوى التي وُجدت قديمًا تطورت حتى أصبحت حقيقيات النوى، ولكن المختصين ليس لديهم فكرة عن آلية هذا التطور مع غياب بعض العناصر المهمة لذلك.
- تفسير أصل الكود الجيني من العمليات الكيميائية غير الموجّهة: إن العمليات الكيميائية غير الموجّهة كانت سببًا في ظهور الحياة على كوكب الأرض حسب التطور، ولكن هذه العمليات لا تستطيع تفسير نشوء أصل الكود الجيني.
- المكافحة لاستمرار السمة المفيدة: من الجهة النظرية ينبغي أن يستمر وجود الطفرة المفيدة للكائنات الحية وظيفيًا؛ لأنها تساعد على التكاثر والبقاء؛ إلّا إن هذه السمات تكافح حتى تنتقل وتصبح شائعةً في نوعٍ من الكائنات الحية على أرض الواقع.
- عدم دعم السجل الأحفوري: إن الظهور المفاجئ للأنواع المختلفة في السجل الأحفوري لا يدعم نظرية التطور التي تكلّم عنها البريطاني تشارلز داروين؛ فلم يتمكّن هذا السجل من العثور على الأنواع الوسيطة التي تُعد جزءًا من النظرية.
- الفشل في تحقيق شجرة الحياة: لجأ علماء التطور إلى بيانات تسلسل الحمض النووي؛ لتوضيح شجرة الحياة وإثبات السلف المشترك، وذلك بعد فشلهم في العثور على الأنواع الوسطية من خلال السجل الأحفوري، ولكنهم لم يتمكّنوا من تحقيق ذلك.
- أوجه التشابه للأنواع المختلفة: غالبًا ما تظهر أوجه التشابه البيولوجي بين الأنواع في الحالات التي لا يُمكن تفسيرها على أنها نتيجة للوراثة من سلفٍ مُشترٍك واحد، ويلجأ المختصون إلى ما يُعرف باسم التطور المُتقارب الذي يهدم الفرض الرئيس للنظرية.
- التعارض مع توقعات السلالة المشتركة: تظهر الاختلافات بين أجنّة الفقاريات تعارضًا كبيرًا مع التوقعات التي يضعها علماء التطور حول السلالة المشتركة، وهي واحدةٌ من المشاكل التي تواجه نظرية التطور لتشارلز داروين.
هل توجد كتب تناقش نظرية التطور؟
هُناك عدة كتب تناقش فرضيات نظرية التطور وتثير الكثير من التساؤلات حول هذه النظرية، التي تلقى جدلًا واسعًا في الوقت الحالي، ومن هذه الكتب ما يأتي:
- كتاب أيقونات التطور: قام الدكتور جونثان ويلز بتأليف كتاب أيقونات التطور، وتمّت ترجمته إلى العربية من قبل مركز تكوين للدراسات والأبحاث، وهذا يعني أنه في متناول القارئ العربي ليتمكّن من معرفة بعض الاعتراضات على التطور.
- كتاب العلم وأصول الإنسان: ألّف آن غوغر كتاب العلم وأصول الإنسان مع كل من دوغلاس آكس وكيسي لوسكين، وهو كتابٌ يهدف إلى نقد نظرية تطور الإنسان والأنواع الأُخرى التي تحدّث عنها داورين.
- كتاب تصميم الحياة: تم تأليف كتاب تصميم الحياة من قِبل ويليام ديمبسكي وجوناثان ويلز، ويُبيّن هذا الكتاب بعضًا من تفاصيل اكتشاف علامات الذكاء في النُظم البيولوجية، وهو أحد الكتب المَعنيّة بالرد على التطور وإثبات التصميم الذكي.
- كتاب شكوك داروين: يُعد كتاب شكوك داروين واحدًا من كُتب الأمريكي ستيفن سي. ماير، ويركز محتوى هذا الكتاب على بيان ظهور أعداد كبيرة من الكائنات الحية فجأة وذلك دون وجود سلف تطوري لها ضمن السجل الأحفوري.
إقرأ/ي أيضًا: