هل فوائد شجرة العشر مثبتة علميًا؟

تشتهر شجرة العشر أو العشار بصورةٍ شائعةٍ في دول الخليج العربي عمومًا، وتُسمّى بشجرة الجن في السعودية أو "الأشخر" في الإمارات، حيث يشيع استخدام هذه الشجيرة محليًّا لوجود اعتقاداتٍ عديدةٍ بفوائدها لعلاج العديد من الأمراض ولدغة الثعابين رغم التحذيرات الكثيرة من مخاطر استخدامها.

لذلك سيكون من المهم معرفة هل فوائد شجرة العشر مثبتة علميًا، وما هي أضرار شجرة العشر المحتملة، وما هي استخدامات حليب هذه الشجرة.

ما هي شجرة العشر

قبل الدخول في التفاصيل فيما يتعلّق بفوائد شجرة العشر، لا بدّ من معرفة ما هي شجرة العشر.

 تُعرَف شجرة العشر أو العشار أو تفاح سدوم باللغة الإنجليزية باسم (Auricula Tree)، واسمها العلمي (Calotropis procera) وتتبع الفصيلة العشرية (Apocynaceae). وتأتي التسمية العلمية لشجرة العشر من الكلمة اللاتينية "Calotropis" وتعني "جميلة"، إشارةً إلى أزهارها الجميلة، في حين أنّ الكلمة الثانية "procera" تشير إلى الشمع الجلدي الموجود على أوراقها وساقها.

وقد ذكرت شجرة العشر لأول مرة تصنيفيًا عام 1811 من العالم (William Aiton) في موسوعته النباتية للنباتات المزروعة في الحديقة النباتية الملكية في كيو (Hortus Kewensis)، حيث تعدّ العشار من الشجيرات دائمة الخضرة التي تنمو بشكلٍ أساسيٍّ في المناطق الأحيائية الصحراوية أو البيئات القاحلة والجافة وشبه الجافة. 

ولا يمكن تحديد الموطن الأصلي لشجرة العشر بدقةٍ، فهي تتواجد طبيعيًا في العديد من دول العالم وخصوصًا دول الخليج العربي والمغرب العربي واليمن والهند وإيران وحتى في بلاد الشام ودول إفريقيا، وقد تمّ استقدامها لاحقًا إلى العديد من دول العالم الأخرى كدول أمريكا اللاتينية وأستراليا وأمريكا وأوروبا.

وفي السعودية، تعدّ شجرة العشر من النباتات البرية الموجودة طبيعيًا فيها، وتصنّف على أنّها شجيرةٌ سامةٌ ويمكنها أن تنمو لارتفاع وافتراش 3-5 م.

شجرة العشر

تتميز شجرة العشر بأوراقها بيضاوية الشكل ذات اللون الأخضر القاتم والفضي من الأسفل، أمّا الأزهار فتكون متجمعةً في نوراتٍ إبطيةٍ وتتميز بلونها الرمادي في الجزء الخارجي وبنفسجية اللون من الداخل.

وتظهر ثمار شجرة العشر في الأجزاء العلوية من الشجيرة، وتكون كبيرةً تتفتح لتُعطي بذورًا داكنة اللون يكون لها شعيراتٌ طويلةٌ تساهم في انتشارها، حيث تتكاثر شجرة العشر جنسيًا بالبذور أو خضريًا بالعُقَل.

أمّا بالنسبة لجذور شجرة العشر، فإنّها تمتلك جذورًا وتديةً وتنمو جيدًا في الأراضي الرملية وأنواع الترب المفككة والملحيّة في الصحراء، حيث أنّ النبات يتحمل الملوحة العالية ولا تحتاج شجرة العشر إلى الريّ عندما تكون جذورها ممتدّةً بشكلٍ جيدٍ في التربة.

حليب شجرة العشر

يشيع استخدام حليب شجرة العشر شعبيًا في علاج الأمراض المختلفة. لكنّ وجهة نظر العلم مختلفةٌ حول استخدامات حليب شجرة العشر ونجاعته في العلاج، بل بالأحرى خطورة استخدامه. ويمكن إيجاد العديد من الحالات حول العالم وخصوصًا في البلدان العربية، التي تسبّب استخدام حليب شجرة العشر فيها لمشكلاتٍ في البصر.

أبلغ مريضٌ يبلغ من العمر 27 عامًا عن دخول قطرةٍ من حليب شجرة العشر إلى عينه اليسرى عن طريق الخطأ، وقد طوّر ذلك إحساسًا حارقًا على الفور واحمرارًا في العينين وخوفًا من الضوء. وقام المريض بغسل عينيه جيدًا وبعد ذلك تحسن الحرقان لكنّ بصره تضاءل ببطءٍ على مدى ساعتين. وفي صباح اليوم التالي أبلغ الطبيب الذي أحاله إلى طبيب العيون. وعند التقييم في مركز العيون اشتكى المريض من ضعفٍ في الرؤية، ولم يكن هناك ألمٌ مصاحبٌ لذلك حينها، وهذا ما يؤكّد خطورة استخدام حليب شجرة العشر للعيون.

ويُعدّ حليب شجرة العشر أو العصارة اللبنية المطاطية مادةً حمضيةً في التفاعل، ومع مضيّ بعض الوقت ينفصل الحليب الأبيض إلى خثراتٍ بيضاء ومصلٍ واضحٍ، حيث يكون المصل الناتج شديد السمية. وقد تم العثور على مادة الجيجانتين (Gigantin) البلورية البيضاء المعزولة من المصل والتي تكون سامةً بمقدار 15-20 مرة من الإستركنين.

وفي إحدى الدراسات العلمية، أظهرت النتائج أنَّ 70% من العينة قد أصيبوا في عينٍ واحدةٍ نتيجة استخدام حليب شجرة العشر أو التعرُّض له بطرائقٍ مختلفةٍ شملت تطايره من النبتة إلى أعينهم، أو من خلال لمسهم للعين بأيدي ملوثةٍ به، أو استخدمه للعلاج تقليديًا.

وبصورةٍ عامةٍ، عانى جميع المرضى من آلامٍ شديدةٍ في العين مصحوبةٍ باحمرارٍ في العين المصابة وصعوبةٍ في التعرض للضوء. بينما أصيب 73% منهم بعتامة القرنية، وأصبح 60% منهم يعانون من ضعف البصر وقت الإصابة. حيث خلصت الدراسة إلى خطورة وأضرار استخدام حليب شجرة العشر للعيون.

هل فوائد شجرة العشر مثبتة علميًا؟

خطأ، لا توجد حتّى الآن دراساتٌ علميةٌ على البشر تؤكّد أنّ جميع فوائد شجرة العشر مثبتة علميًا. لكن توجد دراساتٌ مخبريةٌ وعلى نماذجٍ حيوانيةٍ تثبت بعض تلك الفوائد. كما يوجد حاليًا دراساتٌ لاستكشاف خواص شجرة العشر الصيدلانية والدوائية المحتملة وتأثيراتها المزعومة وتحديد الجرعات الفعالة والآمنة الاستخدام منها.

فوائد شجرة العشر للسكر

• لا توجد دراسةٌ علميةٌ تثبت أو تؤكّد فوائد شجرة العشر للسكر عند البشر، لذلك لا يمكن الحكم على أنّ استخدام أوراق شجرة العشر يفيد حقًا في علاج أو تدبير مرض سكر الدم.
• في إحدى الدراسات العلمية المخبرية أظهرت بعض أجزاء شجرة العشر الموجودة فوق سطح الأرض نشاطًا قويًا خافضًا للحرارة ومسكنًا ومضادًا للاكتئاب ونشاطًا عصبيًا عضليًا.
• أظهرت المستخلصات من لحاء وأوراق شجرة العشر إمكاناتًا ملحوظةً كمضادٍ للبكتيريا ضد بعض الأنواع.
• بيّنت نتائج الدراسة أنّه من بين جميع المستخلصات المختبرة، تمتلك المستخلصات الإيثانولية والمائية لأوراق شجرة العشر أفضل تثبيطٍ لإنزيميّ ألفا-أميلاز وألفا-جلوكوسيداز بطريقةٍ غير تنافسيةٍ. ومن المتوقع أن تكون هذه الخاصية بسبب وجود بعض المواد الكيميائية النباتية مثل الفلافونويد والعفص والصابونين في أوراق شجرة العشر.
• تعزو دراسةٌ أخرى فوائد شجرة العشر للسكر المحتملة إلى وجود أنشطة النبات القوية المضادة للأكسدة، والتي ساهمت بها بعض مكوناته الكيميائية النباتية، مثل الفلافونويد وحمض أورسوليك واللوبيول وحمض الأولينوليك.
• خلصت الدراسة إلى أنَّ مستخلص أوراق شجرة العشر يمكن أن يكون مصدرًا للعوامل المضادة لمرض السكر. حيث تعمل على تقليل نسبة الجلوكوز في الدم إلى مستوى ملحوظٍ، ممّا يشير إلى قدرتها المحتملة على خفض نسبة السكر في الدم. لكنّ الأمر بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الدراسات العلمية وخصوصًا لمعرفة فوائد شجرة العشر للسكر وتأثيرها المحتمل عند البشر وتحديد الجرعة المناسبة والآمنة.

فوائد شجرة العشر للبهاق

يسعى الكثيرون لمعرفة فوائد شجرة العشر للبهاق وهل هي مثبتةٌ علميًّا، خصوصًا أنّ أوراق شجرة العشر تستخدم تقليديًا في علاج البهاق عند بعض المجتمعات.

في إحدى الدراسة العلمية الحديثة التي أجريت عام 2022 تم اختبار المادة اللبنية البيضاء المسماة حليب شجرة العشر وتأثير استخدامها الموضعي في علاج البهاق كعلاجٍ نانويٍّ مستهدفٍ لتعزيز نفاذية الجلد وترسب الدواء لعلاج البهاق. ومن خلال اختبار نشاط الميلانين والتيروزيناز، تبيّن أنَّ حليب شجرة العشر قد يعمل موضعيًا في علاج البهاق عن طريق تحفيز صباغ الميلانين، وهو الصبغة الطبيعية التي تلعب دورًا حيويًا في تصبغ الجلد، وزيادة تخليق التيروزيناز عبر نشاط cAMP وعن طريق البلمرة الضوئية للسلائف الميلانينية.

وفي خلاصة الدراسة، أظهرت علاجات البهاق بحليب شجرة العشر المحمل بالهيالوروسومات (CGHGF) الذي تم اختباره خلال هذه الدراسة خصائصًا ملحوظةً لعلاج البهاق بصورةٍ فعالةٍ، من خلال السماح بإيصاله إلى جلد الإنسان بمستوى ترسيبٍ مرتفعٍ. وهذه الخصائص تؤكد فوائد شجرة العشر للبهاق والتي ستكون واعدةً ومفيدةً للغاية في العلاج السريري للعديد من الاضطرابات الجلدية.

فوائد شجرة العشر للشعر

بالنسبة لفوائد شجرة العشر للشعر، هناك بعض الدراسات التي تؤكّد ذلك، وخصوصًا فوائد حليب شجرة العشر لعلاج الثعلبة. حيث أنَّ الثعلبة تعدّ اضطرابًا جلديًّا وهي مصطلحٌ طبيٌّ لتساقط الشعر أو ترققه ويمكن أن يكون علامةً على أمراضٍ خطيرةٍ خاصةً إذا كان الشعر يتساقط بسرعةٍ.

وفي اختبارٍ لمستخلصاتٍ نباتيةٍ إحداها يعود لحليب شجرة العشر، تمت مقارنة ملاحظات ونتائج الدراسة مع المينوكسيديل في تحفيز نمو الشعر في نموذجٍ حيوانيٍّ للثعلبة الناجمة عن الإجهاد. وهكذا، عند المقارنة بين المستخلصات المختلفة والمينوكسيديل، لوحظ أنّ تطبيق تركيبةٍ عشبيةٍ تضم حليب شجرة العشر يُظهر نموًا أفضل للشعر من استخدام المينوكسيديل.

وحسب بعض الدراسات، يُستخدم حليب شجرة العشر تقليديًا في الهند لعلاج الدوار والصلع وتساقط الشعر والروماتويد. لكن ما تزال هناك حاجةٌ لإثبات فوائد شجرة العشر للشعر بصورةٍ مباشرةٍ عند البشر لتأكيد تلك الخواص.

أضرار شجرة العشر

كفوائدها المختلفة، هناك العديد من أضرار شجرة العشر للإنسان والحيوانات والبيئة أيضًا:

• أحد أبرز أضرار شجرة العشر للإنسان هو السميّة المحتملة، وخصوصًا عندما تؤخذ عن طريق الفم، حيث أنّ جذور وأوراق ومستخلص وحليب شجرة العشر غير آمنةٍ على الأرجح، وخاصةً في الجرعات العالية، نظرًا لاحتوائها على موادٍ كيميائيةٍ يمكن أن تتداخل مع وظائف القلب.
• يمكن أن يسبب تناول أوراق أو مستخلص شجرة العشر آثارًا جانبيةً خطيرةً بما في ذلك القيء والإسهال وتباطؤ ضربات القلب والتشنجات وحتى الموت.
• عند وضع حليب شجرة العشر على الجلد، قد يكون غير آمنٍ وقد يسبب رد فعلٍ تحسسيٍّ لدى بعض الناس. لكن لا توجد معلوماتٌ موثوقةٌ كافيةٌ لمعرفة ذلك تمامًا، كما أن استخدام قطرات حليب شجرة العشر في العين قد تسبب التهاب العين وضعف البصر وحتى فقدانه.
• تمتلك شجرة العشر سميةً خلويةً حادةً سواءً للبشر أو الحيوانات أو النباتات، لكنّ العلاقة بين السمية والنشاط الحيوي لشجرة العشر لا تزال غير مدروسةٍ بشكلٍ جيدٍ. وقد اقترحت بعض الدراسات أنّ النبات يسبب سمية القلب الحادة والسمية الكبدية.

أمّا أضرار شجرة العشر للحيوانات فتتمثّل في سميّتها الشديدة عندما تتغذى عليها، وقد أثبت ذلك في إحدى الدراسات العلمية حيث تم تغذية 5 أغنامٍ على الأوراق الطازجة لشجرة العشر، وقد ظهرت على 4 منها علامات التسمم والموت بعد 33-83 يومًا. وقد شملت العلامات السريرية الرئيسية فقدان الشهية والإسهال وضيق التنفس والثعلبة، والتدهور المستمر للحالة بسبب الالتهابات والمشكلات والفشل في الكبد والطحال والدم والكلى والنزف القلبي.

اقرأ/ي أيضًا:

هل فوائد زهرة الكرز مثبتة علميًا؟

هل فوائد ورق الجوافة مثبتة علميًا؟

هل هنالك وجود لشجرة الموز الأحمر؟

هل تتم صناعة الورق من الأشجار؟