تحقيق مسبار
تمكّنت الدولة العثمانية من إتمام سكة حديد الحجاز خلال فترة وجيزة مقارنةً بالظروف التي كانت تحِفُّ بها عند إنشاء هذه السكة، وهي سكة استخدمت لنقل الركاب بين بلاد الشام وحتى الوصول إلى المدينة المنورة، كما أنها استخدمت لعدة أغراض أخرى أيضًا؛ بما فيها نقل المواد الغذائية بين المحطات التي كانت تمر بها.
متى بُنيت سكة حديد الحجاز؟
على الرغم من طولها الذي يزيد على ألف كيلومتر مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تعاني الدولة العثمانية منها؛ إلا إنّها استطاعت الانتهاء من سكة حديد الحجاز خلال 8 سنوات انتهت عام 1908، وذلك في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، كما أنها بدأت في عهد السلطان ذاته عام 1900 حسب موسوعة بريتانيكا.
كم يبلغ طول سكة حديد الحجاز؟
وصل طول سكة حديد الحجاز إلى 1,320 كيلومتر، ومرّ بالعديد من المدن في بلاد الشام وصولًا إلى المدينة المنورة في الحجاز، وكانت بداية هذا الخط في العاصمة السورية دمشق كما يتبين عند النظر إلى خريطة سكة حديد الحجاز، ومر الخط الحديدي بالأراضي الأردنية والأراضي الفلسطينية، ثم وصل إلى معان الواقعة جنوب المملكة الأردنية الهاشمية اليوم، ومنها إلى محطة سكة حديد الحجاز في تبوك ثم إلى المدينة.
ما أبرز المحطات في تاريخ قطار الحجاز الدولة العثمانية؟
لا شكّ بأنّ سكة حديد الحجاز العثمانية مرّت بالعديد من المراحل التاريخية المهمّة حتى الانتهاء من تشييدها وتشغيلها، وفيما يأتي قائمة بأبرز هذه المحطات التاريخية:
- الإعلان عن عزم السلطان على بناء السكة: أعلن السلطان عبد الحميد الثاني عن رغبته بتشييد سكة حديد الحجاز خلال شهر أبريل/نيسان من عام 1900، حتى يكون بديلًا عن طرق الحج البرية الأخرى التي تستغرق وقتًا طويلًا.
- بدء العمل لإنشاء سكة حديد الحجاز: بدأ العمل على إنشاء سكة حديد الحجاز يوم 1 سبتمبر/أيلول من عام 1900، وكان ذلك من قبل شركة ألمانية كلفتها الدولة العثمانية بهذا العمل، وتم البدء من المزيريب جنوب دمشق.
- افتتاح المسار من درعا إلى دمشق: خلال شهر سبتمبر/أيلول من عام 1901 شهدت سكة حديد الحجاز افتتاح الخط الذي يربط بين مدينة دمشق ومدينة درعا في الأراضي السورية.
- الانتهاء من الخط بين درعا وعمّان: استطاعت الشركة المَعنيّة الانتهاء من الخط الذي يربط بين مدينة درعا ومدينة عمّان خلال شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 1903، وتم الاعتماد على عائدات هذا الخط في التمويل.
- وصول مسار السكة إلى معان: تابع مشروع سكة حديد الحجاز طريقه من عمّان إلى مدينة معان، ووصل الخط إلى مدينة معان خلال شهر سبتمبر/أيلول من عام 1904، وهذا يعني أنه شقّ طريقه إلى المدينة في أقل من عام واحد.
- الوصول إلى محطة تبوك: كانت محطة سكة حديد الحجاز في تبوك إحدى المحطات الأساسية، ووصلت القطار عبر السكة إلى هذه المحطة أول مرة في شهر سبتمبر/أيلول من عام 1906.
- متابعة سكة الحديد إلى العلا: تابع خط سكة حديد الحجاز مساره من مدينة تبوك إلى مدينة العلا داخل أراضي الحجاز، ووصل إلى هذه المدينة بالفعل خلال شهر سبتمبر/أيلول من عام 1907.
- وصول أول قطار من دمشق إلى المدينة: وصل أول قطار من مدينة دمشق إلى محطة الأنبارية في المدينة المنورة على سكة حديد الحجاز يوم 28 أغسطس/آب من عام 1908، وكان هذا إنجازًا كبيرًا.
- استمرار عمل السكة حتى الحرب: على الرغم من الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني بعد تمرّد جمعية الاتحاد والترقي عام 1908، إلا إن عمل السكة استمر دون توقف حتى بداية الحرب العالمية الأولى.
هل عمل خط حديد الحجاز بعد الحرب العالمية الأولى؟
تعرّضت سكة حديد الحجاز إلى الكثير من الأضرار خلال الحرب العالمية الأولى، مع وجود العديد من الأضرار التي تسببت بها الثورات والحروب الأخرى داخل الدول التي تمرّ فيها السكة. لم يعمل خط حديد الحجاز على النحو الذي أُنشئ لأجله بشكل مستمرّ بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن هناك عدة محاولات إصلاح شهدها هذا الخط.
تم استخدام خط حديد الحجاز أول مرة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1919 للانتقال من المدينة المنورة إلى دمشق، وكان على متنه الأمير علي بن الحسين، ولكن السكة تضررت كثيرًا نظرًا للظروف التي شهدتها المنطقة بعد ذلك، وحاولت الدول التي يمر فيها القطار إقامة عدة مشاريع لإعادة إحيائه، إلا إن هذه المشاريع لم ترَ النور.
ما هي مراحل إنشاء مسار سكة حديد الحجاز؟
لم يكن تشييد مسار سكة حديد الحجاز على مرحلة واحدة، وإنما مر إنشاء المسار بالمراحل الآتية:
- مرحلة المسح: عادةً ما تكون مرحلة المسح أولى مراحل المشاريع الإنشائية، وشملت هذه المرحلة مسح الأرض في المناطق التي يمر بها القطار حتى يتم حساب التكاليف المالية المتوقعة للمشروع.
- مرحلة تحديد المعالم والارتفاعات: في المرحلة الثانية -بعد إجراء المسح- تم تحديد المعالم الأساسية التي يمر القطار فيها، إلى جانب تحديد الارتفاعات لتصميم مسار السكة على أفضل نحوٍ مُمكن.
- مرحلة التنفيذ: بعد انتهاء المسح وتحديد المعالم بدأت الشركة المُخوّلة من قبل الدولة العثمانية بتنفيذ خط حديد الحجاز، وشمل التنفيذ كلًا من أعمال التسوية، وأعمال إنشاء الجسور والأنفاق، وإعداد الخط الترابي، ووضع السكة الحديدية.
ما الغاية من إنشاء قطار الحجاز في الدولة العثمانية؟
لا شكّ بأنّ هُناك العديد من الغايات التي تمّ إنشاء قطار الحجاز في الدولة العثمانية لتحقيقها، ومنها ما يأتي حسب إحدى الدراسات:
- تعزيز قوة الدولة: من خلال إنشاء سكة حديد الحجاز أراد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني تعزيز قوة الدولة العثمانية، وإظهار قدرتها على التجديد والتطور بالرغم من الظروف التي كانت محفوفة بها.
- تشديد القبضة على الدول العربية: كان تشديد القبضة على الأقطار العربية المتبقية من أهداف إنشاء سكة حديد الحجاز، حتى لا تقع في الاحتلال الأوروبي كما وقعت الكثير من الأقطار العربية الأخرى في القرن التاسع عشر.
- تخفيف الأعباء على الحجاج: في السابق تعرض الحجاج إلى الكثير من الصعوبات والمشاق خلال رحلتهم إلى بيت الله الحرام، وكان من غايات إنشاء خط حديد الحجاز تخفيف هذه الصعوبات والمشقات.
- تعزيز الروابط بين المسلمين: مرّ خط حديد الحجاز في العديد من دول الوطن العربي، وأسهم في تسهيل التنقل فيما بينها، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الروابط بين المسلمين، وكان ذلك من غايات إنشاء السكة.
- توسيع نفوذ الدولة العثمانية: أرادت الدولة العثمانية توسيع نفوذها في أطراف شبه الجزيرة العربية من خلال خط حديد الحجاز الذي وصل ما بين دمشق -القريبة من تركيا- والمدينة المنورة.
كيف تم تمويل سكة قطار الحجاز في الدولة العثمانية؟
إن خريطة سكة حديد الحجاز توضح مدى كونه كبيرًا مقارنةً بالمشاريع الأخرى في بداية القرن التاسع عشر، ولذلك احتاج هذا المشروع إلى تمويل كبير، وكانت هناك عدة مصادر أساسية للتمويل، وأبرزها التبرعات الداخلية والخارجية، كما تم الاعتماد على ريع السكة نفسها في إتمام المشروع؛ فإن القطار عمل بشكل تدريجيّ قبل الانتهاء من المشروع كاملًا.
هل واجهت سكة حديد الحجاز أية معارضات؟
كانت سكة حديد الحجاز من المشاريع التي واجهت معارضة داخلية وخارجية، ومن ذلك معارضة القبائل التي كانت تسكن في المناطق بين دمشق والمدينة المنورة وكذلك معارضة أشراف مكة؛ فإن القبائل كانت ترى السكة تهديدًا لمصدر رزقهم، وأما الأشراف؛ فإن خشيتهم كانت من زيادة نفوذ الدولة العثمانية في الحجاز.
إلى جانب المعارضة الداخلية عارضت العديد من الدول إنشاء سكة حديد الحجاز في الدولة العثمانية، ومن ذلك: معارضة فرنسا لهذا المشروع حتى لا تزداد سيطرة الدولة العثمانية على بلاد الشام، ومعارضة المملكة المتحدة نظرًا لمرور السكة قرب البحر الأحمر مما يشكّل تهديدًا لبعض طرقهم الاستراتيجية، كما أن روسيا عارضت هذا المشروع أيضًا.
هل محطة سكة حديد الحجاز في تبوك هي الأكبر؟
تعد محطة سكة حديد الحجاز في تبوك أكبر محطات السكة على الإطلاق، وهي محطة تم افتتاحها عام 1906 مع توفير العديد من المرافق التي يحتاجها المسافرون؛ فإنها تضمنت مستشفى، ومنطقة حجر صحي، بالإضافة إلى استراحة، وكان افتتاح هذه المحطة من أبرز الإنجازات التي تم تحقيقها خلال فترة التشييد.
أعمال التخريب بحثًا عن دفائن سكة حديد الحجاز
يقوم البعض بالبحث عن دفائن سكة حديد الحجاز من الذهب والمقتنيات الثمينة الأخرى مما يتسبب بأعمال تخريب في السكة نفسها أحيانًا، وهو ما يلحق أضرارًا بالغة بهذه السكة التي تعد من المواقع التاريخيّة، التي تقف شاهدًا على تاريخ الدولة العثمانية حتى الوقت الراهن إلى جانب كونها جزءًا من تاريخ الدول التي تمر بها.
نقل المواد الغذائية عبر سكة حديد الحجاز العثمانية
تمر سكة قطار الحجاز الدولة العثمانية بكل من الأردن، وفلسطين، وسوريا، والمملكة العربية السعودية، وفي العام الثاني من إنشائها استطاعت هذه السكة نقل عشرات مليارات الكيلوجرامات من المواد الغذائية. وصلت المواد الغذائية والصناعية التي نقلتها هذه السكة إلى قرابة 112 مليار كيلوغرام في عام 1910، ما يعني أن استخدامها لم يقتصر على نقل الركاب من الحجاج فحسب.
اقرأ/ي أيضًا:
هل عدد أقطار الوطن العربي 22 قُطرًا؟