تحقيق مسبار
تتم تجربة تقنيات الاستمطار الصناعي في الكثير من الدول حول العالم لغايات بحثية، أو لتحقيق بعض الفوائد بما فيها تصفية السماء من الغيوم عند حلول بعض المناسبات الرسمية. لا تزال تقنيات الاستمطار الصناعي للسحب قيد التطوير حتى الوقت الراهن، ويعتمد نجاح هذه التقنيات على الظروف المحيطة بشكل أساسيّ؛ بما فيها الظروف الجوية والطبيعة الطبوغرافية للأرض.
ما هو الاستمطار الصناعي؟
يُعرف الاستمطار الصناعي بأنّه تقنية تسهم في تعديل الطقس، وتقوم بتحسين قدرة السحاب على إنتاج المطر والثلج. وبمعرفة ماهو الاستمطار الصناعي يتبين بأنّه من التقنيات التي تزيد من كفاءة السحب في إنتاج المطر. وشهد العالم كثيرًا من التجارب على الاستمطار الصناعي منذ القرن العشرين وحتى الوقت الراهن.
إلى متى يعود تاريخ الاستمطار الصناعي؟
تمّ إجراء التجارب الأولى لمعرفة طريقة الاستمطار الصناعي من قبل الأمريكي فينيست جيه شيفر خلال أربعينيات القرن العشرين حسب موسوعة بريتانيكا، وسبق هذه التجارب العديد من المحاولات والنظريات. فيما يأتي أبرز المحطات التاريخية التي تتعلق بالاستمطار الصناعي:
- محاولات لويس جاثمان: بدأت المحاولات الأولى للاستمطار الصناعي من قبل لويس جاثمان عام 1891، ثم تبع ذلك وضع أساس نظرية تكون بلورات الثلج من قبل ألفريد فيجنر.
- تطوير نظريات بلورات الثلج: بعد وضع الأسس لنظرية بلورات الثلج من قبل ألفريد فيجنر قام تور بيرغيرون بتطوير هذه الأسس عام 1922، ما شكّل قفزة فيما يتعلق بالنظريات المرتبطة بالاستمطار الصناعي.
- تجربة فينسنت شيفر: قام العالم الأمريكي فينسنت جيه شيفر بإجراء التجربة الميدانية الأولى للاستمطار عن طريق رش كميات من الثلج المسحوق داخل السحب عام 1946.
- استخدام يوديد الفضة: استخدم العالم برنارد فيجونيت يوديد الفضة لتكون مادة تستخدم في الاستمطار الصناعي وتجتذب قطرات الماء البارد لتحويلها إلى جزيئات ثلجية، وكان ذلك عام 1946.
أي مادة تستخدم في الاستمطار الصناعي؟
يتم الاعتماد على بعض المواد لزيادة إنتاج المطر وتكوين الثلج في الاستمطار الصناعي، وتعمل هذه المواد بمثابة نويات للتجمد أو التكاثف، ويتم استخدام مادة سائلة تتكون من نترات الأمونيوم واليوريا مع بعض المواد إذا كانت درجة حرارة السحب أكبر من الصفر المئوي، لتنخفض درجة حرارتها وتصبح ثقيلة وتنتج مزيدًا من المطر، ويمكن استخدام بعض المواد الأخرى أحيانًا لتحفيز إنتاج الأمطار من قبل السُحب.
هل طريقة الاستمطار الصناعي واحدة؟
منذ بداية تاريخ الاستمطار الصناعي وحتى الوقت الراهن تم التوصل إلى عدة طرق، ولا يقتصر هذا الاستمطار على طريقة واحدة فحسب. من أبرز طرق الاستمطار الصناعي ما يأتي:
- الرش ببخار الماء الكثيف: تعتمد حدى طرق الاستمطار الصناعي على رش السُحب التي تحمل بخار الماء الكثيف برذاذ الماء، ويتم الرش باستخدام الطائرات حتى يتم إشباع الهواء ويعزز من سرعة هطول الأمطار.
- قذف بلورات الثلج الجاف: في بعض الأحيان يتم استمطار السحب صناعيًا عن طريق قذف بلورات الثلج الجاف فيها باستخدام الطائرات، وهو ما يتسبب بانخفاض درجة حرارة الهواء وتكوّن بلورات الجليد، ما يسهم في هطول المطر.
- رش يوديد الفضة: في إحدى الطرق يتم رش مسحوق يوديد الفضة باستخدام الطائرات أو في التيارات الهوائية الصاعدة باستخدام أجهزة خاصة، وذلك لتعزيز تجميع جزيئات الماء ثم سقوط الأمطار الغزيرة.
ما العوامل التي تسهم في نجاح الاستمطار الصناعي؟
توجد عدة عوامل تسهم في نجاح عملية الاستمطار الصناعي، وينبغي مراعاة هذه العوامل عند إجراء التجارب لضمان الحصول على النتيجة الأفضل، وهي العوامل الآتية:
- توفر السحب المستهدفة: للحصول على أفضل نتيجة من الاستمطار الصناعي ينبغي توفر أكبر كمية من السحب المستهدفة، التي يمكن استمطارها، مع وجود كمية مائية مناسبة في هذه السحب.
- طبيعة المنطقة المستهدفة: لا بد من مراعاة طبيعة المنطقة الطبوغرافية التي يتم استهدافها لإجراء الاستمطار الصناعي لزيادة كفاءة العملية؛ فإن طبوغرافية الأرض تؤثر على كفاءة هذه العملية.
- استخدام المواد المناسبة: عند الرغبة بإجراء عملية الاستمطار الصناعي لا بُد من استخدام المواد المناسبة، للحصول على كميات الأمطار الأفضل.
- وجود الماء بدرجات الحرارة تحت التجمد: عند الاعتماد على مادة تستخدم في الاستمطار الصناعي يجب التحقق من وجود كميات مياه درجة حرارتها تحت التجمد داخل الغيمة، أو وجود قطرات مياه تبقى سائلة تحت الصفر المئوي داخل الغيوم.
- استغلال الزمن بأفضل شكل: يجب على الجهات المسؤولة عن الاستمطار الصناعي استغلال الزمن المتاح بأفضل شكل ممكن، لإجراء عملية البذر في السحب الركامية والحصول على أفضل نتيجة.
- الفرق في الضغط فوق الماء والثلج: يجب أن يكون ضغط بخار الماء فوق الثلج أقل من ضغط بخار الماء فوق المياه التي تحت درجة حرارة التجمد، حتى يتم الوصول إلى النتيجة المرجوة من عملية الاستمطار الصناعي.
هل هناك عدة آليات لتطبيق الاستمطار الصناعي؟
لا شك بأن هناك عدة آليات لتطبيق الاستمطار الصناعي خلال الوقت الراهن، وتتضمن القائمة الآتية بعض التفاصيل حول هذه الآليات:
- الاستمطار الصناعي بواسطة الطائرات: عند تطبيق هذه الآلية تُحلّق بعض الطائرات الخاصة تحت السحب أو فوقها أو داخلها، ويهدف ذلك إلى نثر الغيوم بالاعتماد على الأنظمة المجهزة لهذا الغرض في الطائرات.
- الاستمطار الصناعي بواسطة المدافع: في بعض الأحيان يتم استخدام مدافع مضادة للطيران في الاستمطار الصناعي، وتستطيع هذه المدافع نثر الغيوم بأنوية يوديد الفضة لتحفيزها على إنزال المطر.
- الاستمطار الصناعي بواسطة الانبعاث الأيوني: في هذه الطريقة يتم استخدام محطات البواعث الأيونية، التي تستطيع نشر الأيونات سالبة الشحنة ونقلها بواسطة ذرات الغبار إلى السحب، لتحفيزها وتعزيز هطول المطر منها.
لماذا يتم اللجوء إلى الاستمطار الصناعي؟
يتم اللجوء إلى الاستمطار الصناعي لعدة من الغايات، وهي: زيادة مستويات هطول الأمطار في المناطق التي تعاني من قلة الأمطار، وكذلك تبريد الهواء وتنظيفه، والتقليل من الأعاصير التي تنتج عن هطول الأمطار المبكر، بالإضافة إلى تقليل أشعة الشمس نظرًا لزيادة كتلة السحب الناتج عن تقنيات الاستمطار الصناعي.
ما هي فوائد عملية الاستمطار الصناعي؟
يتم تحقيق الكثير من الفوائد المختلفة بالاعتماد على تقنيات الاستمطار الصناعي، وفيما يأتي قائمة بعدة من هذه الفوائد:
- مساعدة الدول التي تعاني من الجفاف: يمكن لتقنيات الاستمطار الصناعي أن تساعد في زيادة مستويات الأمطار داخل المناطق والدول التي تعاني من الجفاف حسب جامعة الكوفة، وهو ما يسهم في تحسين أوضاعها الاقتصادية أيضًا.
- تعزيز كميات المياه المتوفرة للزراعة: تسهم تقنيات الاستمطار الصناعي في زيادة كميات الأمطار التي تهطل من السحب، وهو ما يساعد في الحصول على كميات مياه إضافية يمكن تخزينها لاستخدامها في الزراعة.
- تقليل حدوث الأعاصير: يُعد تقليل حدوث الأعاصير من أبرز الفوائد التي يسهم الاستمطار الصناعي في تحقيقها، وخصوصًا الأعاصير التي تحدث نتيجة لهطول الأمطار المبكر.
- تعديل الطقس: إلى جانب تعزيز وجود الظل تساعد عمليات الاستمطار الصناعي في زيادة وصول أشعة الشمس إلى بعض المناطق أيضًا، مما يعزز من عمليات البناء الضوئي الضرورية للنباتات.
- زيادة كميات الثلوج على الجبال: يمكن للاستمطار الصناعي أن يسهم في زيادة كميات الثلوج على الجبال، وهو ما يساعد على توفير إمدادات طبيعية من المياه التي تحتاجها المناطق المحيطة بهذه الجبال.
- تقليل الأضرار الناتجة عن الأمطار الغزيرة: بما أن تقنيات الاستمطار الصناعي تسهم في تنظيم الطقس؛ فهذا يعني أنها تقلل من الأضرار التي تنتج عن هطول الأمطار بكميات غزيرة على الأرض.
ما أبرز سلبيات ومخاطر الاستمطار الصناعي؟
إلى جانب الإيجابيات الكثيرة التي يحققها الاستمطار الصناعي توجد الكثير من السلبيات والمخاطر التي تنطوي عليها هذه العملية. فيما يأتي قائمة بأبرز سلبيات ومخاطر الاستمطار الصناعي:
- الاعتماد على الظروف الجوية: لا تقف تقنيات الاستمطار الصناعي بمعزل عن الظروف الجوية، وإنما تعتمد على الظروف الجوية بشكل أساسيّ، وتتوقف نتائجها على ما يمكن أن توفره هذه الظروف.
- الحاجة إلى مزيد من التطوير: لا تزال تقنيات الاستمطار الصناعي غير مطورة بشكل كافٍ، وتحتاج إلى المزيد من التطوير، ولذلك لا يمكن ضمان نتائجها مما يجعل تكلفة الاستمطار الصناعي باهظة أحيانًا دون فائدة.
- الوقت الطويل لتقييم النتائج: لا يمكن تقييم نتائج الاستمطار الصناعي خلال فترة قصيرة، وإنما تحتاج عمليات التقييم إلى مدة تبلغ 5 سنوات على الأقل للتحقق من الوصول إلى نتائج مرجوة.
- زيادة درجات الحرارة نهارًا: يمكن أن يؤدي الاستمطار الصناعي إلى زيادة درجات الحرارة خلال فترة النهار، وذلك مع انخفاض الحرارة بشكل كبير خلال الليل.
- المشاكل السياسية: تنطوي عملية الاستمطار الصناعي على بعض المشاكل السياسية المتوقعة؛ إذا اتهمت الدول بعضها بعضًا باختلاس بعض الموارد الطبيعية بسبب الاستمطار؛ بما فيها الرطوبة الجوية التي تحتاجها.
هل الصين من الدول التي تستخدم الاستمطار الصناعي؟
تعد الصين واحدةً من الدول التي تستخدم الاستمطار الصناعي بالفعل، واعتمدت جمهورية الصين الشعبية على بعض تقنيات الاستمطار الصناعي للتخلص من الغيوم أثناء الاحتفال بذكرى مرور 100 عام على تأسيس الحزب الحاكم. يجدر الذكر بأن الصين لديها أكبر برنامج للاستمطار الصناعي في العالم خلال الوقت الراهن.
هل تجري الدول العربية تجارب الاستمطار الصناعي؟
إن الدول العربية ليست بمعزل عن تجارب الاستمطار الصناعي، وإنما قامت الكثير منها بتجربة تقنيات الاستمطار للسحب، ومنها: الإمارات العربية المتحدة التي يركز برنامجها على المسار البحثي حاليًا، وكذلك استخدمت تقنيات الاستمطار لفترة قصيرة في الأردن، وتمت تجربة تقنيات الانبعاث الأيوني في الاستمطار الصناعي داخل سلطنة عُمان.
اقرأ/ي أيضًا:
هل خط الاستواء أطول دوائر العرض؟
هل يمكن صناعة الثلج الجاف في المنزل؟