تحقيق مسبار
شهد نشوب حرب البوسنة والهرسك كثيرًا من التنديد إلى جانب التحذيرات التي صدرت عن الأمم المتحدة للصرب؛ بسبب اعتدائهم على أراضي البوسنة والهرسك، ولكن هذه التنديدات لم تلق أي اكتراث من قبل الصرب حتى التضييق عليها اقتصاديًا ودخول بعض القوى عسكريًا إلى جانب البوسنة والهرسك؛ لإنهاء الحرب بشكل كامل خلال تسعينيات القرن العشرين.
متى نشبت حرب البوسنة والهرسك؟
نشبت حرب البوسنة والهرسك عام 1992 واستمرت حتى توقيع معاهدة دايتون للسلام في المدينة الأمريكية التي تحمل الاسم نفسه. أدت هذه الحرب إلى تشريد عدد كبير من مواطني البوسنة والهرسك، كما أنها تضمنت بعض المجازر التي قام بها الجيش الصربي، وتسببت بخسارة الكثير من الأرواح.
أين تقع دولة البوسنة والهرسك؟
تقع دولة البوسنة والهرسك في الجزء الجنوبي الشرقي من أوروبا، وهي إحدى الدول المُطلّة على البحر الأدرياتيكي، ولديها حدود مشتركة مع كلّ من صربيا وكرواتيا والجبل الأسود، ويبلغ طول شريطها الحدودي البري كاملًا 1,543 كيلومتر موزّعة على النحو الآتي:
- الحدود مع كرواتيا: تُشكّل حدود البوسنة والهرسك مع كرواتيا قُرابة ثلثي الحدود البرية؛ فإنه طولها يصل إلى 956 كيلومتر، وهي الحدود البرية الأطول على الإطلاق للبوسنة والهرسك.
- الحدود مع صربيا: يصل طول الحدود البرية للبوسنة والهرسك مع صربيا إلى 345 كيلومتر، وعلى الرغم من قصر هذا الشريط الحدودي مقارنةً بالحدود مع كرواتيا إلا أنه يحتل المرتبة الثانية من حيث الطول.
- الحدود الجبل الأسود: يمتد طول الشريط الحدودي للبوسنة والهرسك مع الجبل الأسود مسافة تبلغ 242 كيلومتر فحسب، وهذا يعني أنه أقصر حدود البوسنة والهرسك البرية على الإطلاق.
هل أسباب حرب البوسنة والهرسك كثيرة؟
هناك الكثير من الأسباب التي أدت إلى نشوب حرب البوسنة والهرسك بالفعل، ويتضمن ذلك العديد من الأسباب الاقتصادية والسياسية وغيرها. تتضمن القائمة الآتية عدة من أسباب حرب البوسنة والهرسك حسب أحد الأبحاث:
- الموقع الجغرافي: تحتل البوسنة والهرسك موقعًا جغرافيًا مميزًا؛ فإنها في منطقة جغرافيّة تساعدها على الاستقلال بشكل جديّ، إلى جانب بعض المميزات الجغرافية الأخرى التي جعلتها من أطماع الصرب.
- البعد الديني: كان للبُعد الديني مدخلٌ في اندلاع الحرب بين الصرب والكروات من جهة وشعب البوسنة والهرسك المسلم من جهة أخرى، ويمتد الصراع الديني بينها إلى القرون الوسطى، ولم يكن حديثًا عند اندلاع الحرب.
- اعتقاد الصرب بأنهم الأكثر قوة: اعتقد الصرب بأنهم الأكثر قوّة مما زاد من أطماعهم في بقاء جمهوريات يوغسلافيا الاتحادية نحو قيادتهم، وكان ذلك من أسباب اندلاع حرب البوسنة والهرسك.
- المصادر الطبيعية: إن أراضي البوسنة والهرسك تتضمن العديد من المصادر الطبيعية التي يمكن أن يطمع بها الأعداء، ومنها الفحم والحديد، كما أنها تتمتع بالأراضي الصالحة للزراعة أيضًا.
- الطبيعية الخلابة في البوسنة والهرسك: تتمتع البوسنة والهرسك بالعديد من المميزات الطبيعية التي يُمكن أن تجعلها ضمن مطامع أعدائها، ومنها كثرة الأنهار التي تتضمن الماء العذب.
- رفض الحدود الجديدة: لم يرضَ الصرب بالحدود الجديدة للجمهوريات المستقلة بعد تفكك يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية، وذلك لأن التقسيم الجديد يُنهي سيطرة الصرب على بعض الأقاليم التي كانت تحت سيطرتهم سابقًا.
ما هي أطراف حرب البوسنة والهرسك؟
لم تكن أطراف حرب البوسنة والهرسك كثيرة، وإنما اشتملت على صربيا، وكرواتيا، والبوسنة والهرسك، وكانت هذه الحرب دمويّة راح ضحيتها ما يقارب 100 ألف حسب موسوعة بريتانيكا، وذلك إلى جانب أعداد اللاجئين التي وصلت إلى قرابة 2 مليون نسمة خلال فترة الحرب التي استمرت 3 سنوات تقريبًا، وهو عددٌ كبيرٌ جدًا من النازحين خلال هذه الفترة القصيرة.
هل تضمنت قصص حرب البوسنة والهرسك كثيرًا من روايات التعذيب؟
بالفعل تضمنت قصص حرب البوسنة والهرسك كثيرًا من روايات التعذيب التي تعرض لها الأفراد، وكان من ذلك: قصص التعذيب الجنسي للمسلمين من شعوب البوسنة والهرسك، واغتصاب الفتيات أمام أفراد العائلة، وكذلك قامت القوات الصربية بإعدام المئات من الناس بطرق مختلفة، ومنها: رمي الضحايا بالماء ثم رميهم بالنار بعد ذلك، وكان من القصص الأخرى تجذيع أنوف الأطفال وتقطيع آذانهم وبقر بطون النساء الحوامل والكثير من القصص الأخرى.
ما هي قصة مذبحة سريبرينيتسا في حرب البوسنة والهرسك؟
كانت قصة مذبحة سربرنيتسا واحدةً من قصص حرب البوسنة والهرسك البشعة التي قام الجيش الصربي خلالها باقتحام الملاذات الآمنة، وفيما يأتي بعضًا من أبرز الحقائق حول هذه المذبحة:
- تحديد سربرنيتسا مدينةً آمنة: كانت مدينة سربرنيتسا تحت سيطرة الحكومة البوسنية، وتم تحديدها من قبل الأمم المتحدة على أنها من الملاذات الآمنة عام 1993، واستمر ذلك حتى القيام بالمذبحة من قبل الجيش الصربي.
- نزع السلاح من مدينة سربرنيتسا: بعد تحديدها مدينةً آمنة من قبل الأمم المتحدة عام 1993 أصبحت مدينة سربرنيتسا واحدةً من المُدن منزوعة السلاح، على أن تتم حمايتها من قبل قوات حفظ السلام.
- تقدم القوات الصربية نحو سربرنيتسا: في يوم 11 يوليو/تموز من عام 1995 تقدمت القوات الصربية نحو مدينة سربرنيتسا واستطاعت هزيمة كتيبة قوات حفظ السلام، واقتحمت المدينة.
- فصل المدنيين ونقل النساء: قامت القوات الصربية بفصل المدنيين الموجودين داخل مدينة سربرنيتسا، وتم ترحيل النساء إلى أراضي أخرى مع تعريضهن للاغتصاب والاعتداء الجنسي.
- قتل الرجال والصبية: إلى جانب التعذيب الذي تعرضت له النساء من قبل الجيش الصربي تم قتل جميع الرجال والصبية الذين بقوا في مدينة سربرنيتسا بعد اقتحام الجيش الصربي، أو تم نقلهم إلى مواقع القتل الجماعي.
- تدخل المجتمع الدولي: بعد المجازر التي قام بها الجيش الصربي في مدينة سربرنيتسا ثم مدينة زيبا بعدها ورفض الاستجابة للأمم المتحدة؛ تدخل المجتمع الدولي وفرض العديد من العقوبات على صربيا إلى جانب التدخل العسكري.
ماذا كان دور العرب في حرب البوسنة؟
اشتمل دور العرب في حرب البوسنة على التنديد الرسمي من قبل الحكومات إلى جانب تنديد الشعوب ، كما أن العديد من الدول العربية في مجموعة عدم الانحياز أكدّن على ضرورة احترام أراضي البوسنة والهرسك وانسحاب القوات الأجنبية، وقامت بعض الدول بسحب سفرائها احتجاجًا على الاعتداء الصربي.
متى انتهى تاريخ حرب البوسنة والهرسك؟
انتهى تاريخ حرب البوسنة والهرسك بتوقيع اتفاقية دايتون للسلام عام 1995 بعد ارتكاب مذبحة سربرنيتسا وغيرها من المجازر وعدم الاستجابة لقرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدوليّ؛ فإن ذلك فرض حصارًا اقتصاديًا كبيرًا على الصرب إلى جانب دخول قوات الناتو الحرب مع البوسنة والهرسك مما أجرب الصرب على الخضوع لمعاهدة السلام.
كيف كانت نتائج حرب البوسنة والهرسك؟
كانت نتائج حرب البوسنة والهرسك كارثية على الشعب البوسني الذي تم تهجير وتقتيل عدد كبير من أفراده، وأما عن اتفاقية دايتون للسلام؛ فإنها منحت صربيا 49% من أراضي البوسنة والهرسك الاتحادية لتشكيل الجمهورية الصربية بينما منحت 51% من أراضي كرواتيا والبوسنة والهرسك، ولا شك بأن الصرب تعرضوا إلى كثير من الخسائر الاقتصادية على إثر هذه الحرب أيضًا.
هل جيش البوسنة من أضعف الجيوش في العالم حاليًا؟
يعد جيش البوسنة والهرسك من أضعف الجيوش في العالم فعلًا حسب تصنيف غلوبال فاير باور لعام 2023؛ فإنه يحتل المرتبة 133 من أصل 145 دولة تدخل في التصنيف، بينما تحتل صربيا -التي كانت الطرف الآخر في حرب البوسنة والهرسك- المرتبة 58 في هذا التصنيف مما يشير إلى الفارق الكبير في القوة العسكرية منهما، وأما كرواتيا؛ فإنها في المرتبة 69 حسب التصنيف ذاته متأخرة عن صربيا 11 مرتبة.
معلومات عن دولة البوسنة والهرسك
لا شك بأن حرب البوسنة والهرسك أثرت على الحدود الحالية لهذه الدولة بشكل كبير، كما أنها أدت إلى العديد من الصعوبات والأزمات، ولا تعد البوسنة والهرسك من دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن على الرغم من وقوعها داخل أراضي أوروبا، وفيما يأتي بعضًا من أبرز المعلومات حولها:
- الارتفاع: يبلغ معدل ارتفاع أراضي البوسنة والهرسك 500 متر عن مستوى سطح البحر، وتقع أخفض بقعة فيها على مستوى سطح البحر تمامًا، بينما يبلغ ارتفاع النقطة الأعلى فيها 2,386 متر عن سطح البحر.
- مساحة البوسنة والهرسك: تقع البوسنة والهرسك على مساحة إجمالية تبلغ 51,297 كيلومتر مربع، وتحتل اليابسة مساحة 51,187 كيلومتر مربع من أراضيها، بينما تبلغ مساحة مياه البوسنة والهرسك 10 كيلومتر مربع فحسب.
- الجماعات العرقية: يُشكّل البوسنيون النسبة الأكبر من المجموعات العرقية في البوسنة والهرسك بنسبة تبلغ 51.1% من مجموع السكان، ويليها العرق الصربي بنسبة 30.8% من مجموع السكان، ثم العرق الكرواتي بنسبة تبلغ 15.4% من مجموع السكان.
- نسبة الأراضي الزراعية: تُشكّل الأراضي الزراعية نسبة كبيرة من مجموع مساحة اليابسة على أراضي البوسنة والهرسك؛ فإن نسبتها تبلغ 42.2% حسب تقديرات عام 2018، وتتم زراعة المحاصيل الدائمة على جزء يسير منها.
- الموارد الطبيعية: هناك كثير من الموارد الطبيعية في البوسنة والهرسك، ومنها: الكروميت، والكوبالت، والنحاس، والرصاص، والزنك، والمنغنيز، والنيكل، والملح، وتعد هذه الموارد من أسباب نشوب حرب البوسنة والهرسك.
- مناخ البوسنة والهرسك: تتمتع البوسنة والهرسك بمناخ حار خلال فترة الصيف، كما أنها من الدول الباردة عند حلول فصل الشتاء عمومًا، وأما المناطق المرتفعة؛ فإن شتاءها شديد البرودة وصيفها معتدل خلافًا للمناطق الساحلية.
اقرأ/ي أيضًا:
هل البوسنة ضمن الاتحاد الأوروبي؟