تحقيق مسبار
يلاحظ الآباء أحيانًا ظهور سلوكيات دوران الطفل حول نفسه مما يثير قلقهم، ويجدر الذكر بأن هذه الحركة الدورانية تدل على الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية أحيانًا، ولذلك ينبغي على الآباء التوجه إلى الطبيب المختص عند ملاحظة هذه الحركة عند أطفالهم، للتحقق من الأسباب الكامنة وراءها والتعامل معها في وقت مبكر.
هل يمكن معرفة أسباب دوران الطفل حول نفسه؟
يمكن للمختصين معرفة سبب دوران الطفل حول نفسه بعد إجراء التشخيص المطلوب؛ فإن حركة دورانه حول نفسه تعد من سلوكيات التنبيه الذاتي، وتدل في بعض الأحيان على إصابة الطفل باضطراب نفسي، وربما يكرر الطفل هذه الحركة نظرًا للمتعة التي تتولد لديه عند القيام بها.
ما هي أبرز أسباب دوران الطفل حول نفسه؟
يرى أكثر المختصين بأن دوران الطفل حول نفسه أو قيامه بأي من سلوكيات التنبيه الذاتي الأخرى يرجع إلى التنظيم الذاتي العاطفي بشكل أساسي، مع وجود جدل حول السبب الحقيقي الذي يؤدي إلى تحفيز الاستجابة، ويمكن لهذا التحفيز أن يصرف الانتباه عن الانزعاج، أو يساعد في إدارة المشاعر سواءً كانت إيجابية أو سلبية، وربما تتولد هذه السلوكيات بهدف التقليل من التحفيز، أو تقليل الألم حسب الفرضيات التي وضعها بعض المختصين.
هل يعد دوران الطفل حول نفسه سلوك التنبيه الذاتي الوحيد؟
لا يعد دوران الرضيع حول نفسه أو دوران الطفل حول نفسه سلوك التنبيه الذاتي الوحيد، وإنما هناك العديد من سلوكيات التنبيه الذاتي الأخرى أيضًا، ويمكن تقسيمها إلى الأنواع الآتية حسب كليفلاند كلينك:
- سلوكيات التنبيه الذاتي السمعية: تتعلق سلوكيات التنبيه الذاتي السمعية بحاسة السمع، ويمكن أن تشتمل على الصفير أو الهمهمة أو قيام الطفل بترديد بعض الكلمات أو العبارات.
- سلوكيات التنبيه الذاتي الشميّة والذوقية: تتعلق بعض سلوكيات التنبيه الذاتي بحاسة الشم وحاسة التذوق، ويمكن أن تتضمن هذه السلوكيات الاستنشاق المتكرر للأشياء أو لعقها بشكل متكرر لتذوقها.
- سلوكيات التنبيه الذاتي اللمسية: هناك كثير من سلوكيات التنبيه الذاتي اللمسية، ومنها الرفرفة باليد، وكذلك فرك الجلد، ومد الأصابع، وقبض اليد وإرخاؤها، وغير ذلك من حركات اليد المتكررة.
- سلوكيات التنبيه الذاتي البصرية: كما يظهر من اسمها تتعلق سلوكيات التنبيه الذاتي البصرية بحاسة البصر، وتشتمل على الرمش وتحريك العين والتحديق بالأضواء وغيرها.
- سلوكيات التنبيه الذاتي الدهليزية: تعد حركة دوران الطفل حول نفسه من حركات سلوكيات التنبيه الذاتي الدهليزية، وتشتمل هذه المجموعة على التأرجح وغيرها من الحركات المشابهة.
هل دوران الطفل حول نفسه من علامات التوحد؟
إن دوران الطفل حول نفسه من علامات التوحد بالفعل حسب مايو كلينيك، ويطلق عليه كذلك اسم اضطراب طيف التوحد، وهو من الاضطرابات التي تتعلق بنمو الدماغ، وتؤثر على طريقة إدراك الشخص للآخرين والتواصل معهم. يؤدي التوحد إلى العديد من المشاكل التي تتعلق بالتواصل مع الآخرين والتفاعل معهم اجتماعيًا.
ما هي معايير الإصابة بالتوحد؟
ربما يكون تشخيص الإصابة باضطراب التوحد صعبًا أحيانًا، ويتم تشخيص هذا الاضطراب بناءً على المعايير الآتية:
- التبادل الاجتماعي والعاطفي: عند الإصابة بالتوحد لا يقوم الطفل بإجراء المحادثات العادية مع الآخرين، كما أنه لا يشارك عواطفهم، ولا يبدأ التفاعلات الاجتماعية، كما أنه لا يستجيب لها أحيانًا.
- الاتصالات غير اللفظية: لا يفهم المصابون باضطراب طيف التوحد الإشارات الاجتماعية بشكل جيد، أو أنه يقوم بالتعبير عن نفسه معتمدًا على الأشكال غير اللفظية بما في ذلك تعابير الوجه.
- تطوير العلاقات والحفاظ عليها وفهمها: يصعب على المصابين بالتوحد تعديل السلوكيات للتوافق مع المواقف الاجتماعية، وكذلك الحال بالنسبة إلى الانخراط في اللعب الخيالي أو إظهار الاهتمام بالصداقات وتكوينها.
هل هناك الكثير من العلامات التي تصاحب التوحد؟
إلى جانب دوران الطفل حول نفسه وغير ذلك من سلوكيات التنبيه الذاتي يمكن أن تظهر العديد من العلامات عند الإصابة بالتوحد، وتتضمن القائمة الآتية بعضًا من أبرز هذه العلامات:
- عدم الرد على الاسم: في بعض الأحيان لا يستجيب الأطفال المصابون بالتوحد عندما يناديهم شخص آخر باسمهم، كما يبدو أن الأطفال لا يسمعون أحيانًا عند المناداة عليهم.
- مقاومة احتضان الطفل أو الإمساك به: يمكن أن يقوم الطفل الذي يعاني من التوحد بمقاومة الشخص الذي يحاول أن يحتضنه أو يمسك به، ويفضل اللعب وحده والبقاء في عالمه الخاص على مشاركة الآخرين.
- الضعف في التواصل البصري: يعاني الأطفال المُصابون بالتوحد من ضعف في التواصل البصري مع الآخرين، وكذلك يفتقر هؤلاء الأطفال إلى تعبيرات الوجه في كثير من الأحيان.
- القيام بأنشطة مؤذية للنفس: ربما يقوم الأطفال الذين يعانون من التوحد بأنشطة تعود عليهم بالأذى، ومن ذلك أنشطة العض، أو سلوكيات ضرب الرأس.
- عدم الكلام أو التأخر في الكلام: إذا كان الطفل مصابًا بالتوحد؛ فإنه يمتنع عن الكلام أو يتأخر عنه في بعض الأحيان، وكذلك يمكن أن يفقد قدراته السابقة التي تتعلق بنطق الكلمات أو الجمل أيضًا.
- التحدث بنبرة غير طبيعية: ربما يتحدث الأطفال الذين يعانون من التوحد بنبرات أو إيقاع غير طبيعي، ويقوم هؤلاء الأطفال باستخدام أصوات تشبه صوت الروبوت أو كلامًا غنائيًا في بعض الأحيان.
- صعوبات التعرف على الإشارات غير اللفظية: إلى جانب الصعوبات التي يواجهها المصابون بالتوحد فيما يتعلق بفهم الكلام؛ تواجه هذه الفئة من الأطفال صعوبةً في التعرف على الإشارات غير اللفظية مثل تعبيرات وجه الآخرين وتعابير الوجه.
- عدم الاستمرار في المحادثات: لا يستطيع المصابون بالتوحد بدء المحادثة، كما لا يمكنهم الاستمرار في المحادثات أيضًا، ويكون بدء المحادثات من قبلهم لتصنيف بعض العناصر أو لتقديم الطلبات فحسب.
- تكرار الكلمات دون فهمها: ربما يستطيع الأطفال الذين يصابون بالتوحد ترديد الكلمات بلفظها في بعض الأحيان، ولكنهم لا يستطيعون فهم الطريقة التي يتم استخدام الكلمات بها.
- عدم فهم التوجيهات اليسيرة: عندما يتلقى الأطفال المصابون بالتوجه تعليمات يسيرة يبدو وكأنهم لا يفهمونها، وكذلك الحال عندما يتلقى هؤلاء الأطفال أسئلة يسيرة يمكن الإجابة عنها بسهولة.
- التعامل بشكل غير لائق: فيما يتعلق بالتفاعل الاجتماعي يمكن للأطفال المصابين بالتوحد التعامل بشكل غير لائق، سواءً كان ذلك من خلال كون الأطفال عدوانيين أو تخريبيين أو سلبيين.
- القيام بحركات متكررة: يشير دوران الطفل حول نفسه إلى الإصابة بالتوحد في بعض الأحيان، وهي واحدة من الحركات النمطية المتكررة التي يقوم بها هؤلاء الأطفال، ويمكن أن تظهر منهم حركات التأرجح أو رفرفة اليدين أو غيرها أيضًا.
- الانبهار ببعض التفاصيل العادية: تظهر علامات الانبهار على الأطفال المصابين بالتوحد عند مشاهدة بعض التفاصيل العادية أحيانًا؛ مثل الانبهار عند رؤية العجلات الدوارة في سيارات الألعاب.
- الحساسية غير الطبيعية: لا يبالي الطفل بالألم أو درجات الحرارة أحيانًا عند الإصابة بالتوحد، وعلى الرغم من ذلك إلا أن حساسيته تكون شديدة للضوء أو الصوت أو اللمس أحيانًا.
هل توجد إرشادات للتعامل مع دوران الطفل حول نفسه؟
لا شك بأن هناك العديد من الإرشادات للتعامل مع دوران الطفل حول نفسه وغير ذلك من سلوكيات التنبيه الذاتي، وتتضمن القائمة الآتية عدة من أبرز هذه الإرشادات:
- التعامل مع المحفزات: عادةً ما توجد بعض المحفزات وراء سلوكيات دورات الطفل حول نفسه، وينبغي على الآباء التعامل مع هذه المحفزات والحد من وجودها لضمان التقليل من حركة الدوران.
- تناول الأدوية: في بعض الأحيان تستدعي حالة الطفل تناول بعض الأدوية التي يصفها الطبيب المختص للتعامل مع حركة دورانه حول نفسه، وربما يستمر تناول الأدوية فترة طويلة حتى يستطيع الطفل التخلص من دورانه حول نفسه.
- الذهاب إلى سلوكيات أخرى: يمكن أن يتم استبدال حركة الطفل بالدوران حول نفسه بسلوكيات دقيقة أخرى لا يمكن ملاحظاتها، ومن ذلك سلوكيات الضغط على الكرة حسب هيلث لاين.
- تجنب معاقبة السلوكيات: يقوم البعض بما يطلق عليه اسم معاقبة السلوكيات للتوقف عن الدوران دون معالجة الأسباب الكامنة وراءه، وينبغي تجنب ذلك لأن الطفل ربما يقوم باستبدال سلوك الدوران وتطوير سلوك غيره.
- الالتزام بنظام غذائي حسي: يعد النظام الغذائي الحسي واحدًا من أشكال العلاج الوظيفي، الذي يعتني بتقليل التحفيز عن طريق جدولة الأنشطة اليومية للطفل بالشكل الذي يلبي احتياجاته الحسية المختلفة.
- إجراء التغييرات البيئية المناسبة: من الجيد إجراء التغييرات البيئية المناسبة التي تضمن الحد من الضغط النفسي الذي يتعرض إليه الطفل المصاب بالتوحد، ومن ذلك نقله إلى صفوف دراسية أصغر حجمًا، وتوفير نوافذ عازلة للصوت.
- إجراء الفحوصات الطبية اللازمة: ربما تتعلق حركة دوران الطفل حول نفسه أو سلوكيات التحفيز الذاتي الأخرى بأسباب جسدية مثل الصداع المزمن أو التهاب الأذن، وينبغي إجراء الفحص الطبي للتحقق من أية أسباب جسدية تكمن وراءها.
- ممارسة التمارين الرياضية: ربما تساعد التمارين الرياضية في تقليل الحاجة إلى سلوكيات التحفيز الذاتي، وذلك لأن الرياضة ترتبط بالمركب الكيميائي الذي ترتبط معه سلوكيات التحفيز.
ما هي مخاطر دوران الطفل حول نفسه؟
تنطوي سلوكيات دوران الطفل حول نفسه على بعض المخاطر، وأبرزها: صعوبة الاندماج في المجتمع لعدم قبول هذه السلوكيات اجتماعيًا، وكذلك يمكن أن تنطوي حركات الدوران وغيرها من سلوكيات التحفيز الذاتي على مخاطر جسدية في بعض الأحيان، ولذلك ينبغي التواصل مع الطبيب المختص لمعرفة طريقة التعامل الصحيحة مع هذه السلوكيات والحد منها.
اقرأ/ي أيضًا:
هل هناك نصائح للتعامل مع توحد الأطفال في المنزل؟