تحقيق مسبار
تؤدي سياسة الحزام الناري إلى إلحاق الكثير من الأضرار بالمباني والبنية التحتية للمدن، وهي من السياسات التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة خلال معركة طوفان الأقصى التي أطلق عليها اسم السيوف الحديدية، ويجدر الذكر بأن بداية استخدام هذا الأسلوب كانت خلال الحرب العالمية الثانية.
ما هي سياسة الحزام الناري؟
تُعرف سياسة الحزام الناري بأنها أسلوب يتم من خلاله قصف أطراف المدن بشكل دائري، ويكون القصف في هذه السياسة على مرحلتين اثنتين ينتج عنهما حلقة من النار تحيط بالمنطقة المقصودة. لم يتم ابتكار هذا الأسلوب من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي التي استخدمته في بعض حروبها، وإنما هو سابقٌ على تأسيسها، ويعود تاريخه إلى الحرب العالمية الثانية.
ما هي استراتيجية الحزام الناري في الحرب العالمية الثانية؟
تم الاعتماد على استراتيجية الحزام الناري لقصف مدينة وارسو البولندية من قبل الجيش الألماني النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك استخدمته القوات البريطانية أثناء الحرب ذاتها، وكان ذلك من خلال قصف أطراف المدن على شكل حزام بهدف إخلائها. يجدر الذكر بأن بريطانيا استخدمت مئات الطائرات البريطانية إضافة إلى مئات الطائرات الأمريكية في الحزام الناري الذي شكّلته حول مدينة دريسدن الألمانية خلال الحرب.
هل تم استخدام أسلوب سلاح الحزام الناري في غزة؟
بالفعل تم الاعتماد على أسلوب سلاح الحزام الناري في غزة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي بالفعل، وأدى هذا الأسلوب إلى إلحاق الكثير من الأضرار بالمدنيين الذين يسكنون القطاع، وهناك العديد من أنواع القنابل التي يستخدمها جيش الاحتلال لهذه الغاية، ومنها: قنبلة 1 B GBU 31 V الموجهة الذكية.
وشهد العالم اتباع جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة الحزام الناري خلال معركة طوفان الأقصى التي بدأتها المقاومة الفلسطينية عام 2023، مع انتشار العديد من المقاطع التي تدعي بأنها تظهر قصف الاحتلال الإسرائيلي لغزة، وأثبتت تحقيقات مسبار بأن العديد من هذه المقاطع مضللة بعد تتبعها.
متى بدأ استخدام مصطلح الحزام الناري في غزة؟
بدأ استخدام مصطلح الحزام الناري في غزة -حسب صحيفة العربي الجديد- خلال عام 2021 في حرب سيف القدس التي أطلق عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي اسم حارس الأسوار. فيما يأتي بعضًا من أبرز التفاصيل حول هذه الحرب وسياسة الحزام الناري الذي شهدتها:
- بداية الحرب: بدأت حرب سيف القدس يوم الإثنين الموافق لتاريخ 10 مايو/آذار من عام 2021 عندما قامت كتائب الشهيد عز الدين القسام بتوجيه ضربة صاروخية إلى أراضي الداخل المحتل في فلسطين.
- البدء من قبل المقاومة: كانت حرب سيف القدس أولى الحروب التي تبدأ من طرف المقاومة الفلسطينية في التاريخ، كما أنها ثاني الحروب العربية التي تبدأ من طرف المقاومة لا من طرف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
- سبب الحرب: صرّحت كتائب القسام بأنها قصفت الأراضي التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي، بسبب جرائمه المتواصلة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح الذي كان سكانه مهددون بالتهجير.
- عدم تضرر البنية التحتية للمقاومة: بالرغم من القصف العنيف الذي تعرضت إليه غزة في معركة سيف القدس؛ إلا أن البنية التحتية للمقاومة لم تتضرر إلا بشكل طفيف، وذلك لأنها تعتمد على الأنفاق تحت الأرض.
- الخسائر المادية للاحتلال: وصلت خسائر دولة الاحتلال الإسرائيلي في معركة سيف القدس إلى 368 مليون دولار أمريكيًا، وذلك بسبب القصف الذي تعرضت إليه المصانع وغيرها من الأحداث والأضرار التي نتجت عن الحرب.
- الحزام الناري في سيف القدس: استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي أسلوب الحزام الناري أول مرة في هذه المعركة، من خلال ممارسة القصف المتواصل والعنيف مدة ساعة كاملة بالاعتماد على الصواريخ الثقيلة.
- عمق الحزام الناري: في معركة سيف القدس سعت دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض حزام ناري يمتد بين 9-10 كيلومتر بداية من السياج الحدودي، ويبلغ عمقه 5-7 كيلومتر، وكان ذلك في الجزء الشمالي من قطاع غزة.
يُذكر أنّ مقطعًا مرئيًا يتضمن خطابًا ليحيى السنوار -رئيس مكتب حركة حماس في غزة- خلال معركة سيف القدس التي وقعت عام 2021 قد انتشر مع الادعاء بأنه من خطابات السنوار في معركة طوفان الأقصى، ولكن فريق تحقيقات مسبار تحقق من هذه الادعاء ووجد بأنه مضلل.
هل تسببت سياسة الحزام الناري بأضرار كبيرة في غزة؟
بينت العديد من المصادر ما هو الحزام الناري غزة خلال حرب طوفان الأقصى والمعارك التي سبقتها، وهي سياسة تتسبب بالكثير من الأضرار فعلًا؛ فإن الاحتلال الإسرائيلي كان يهدف إلى مسح أحياء بكاملها عندما استخدم هذا الأسلوب عام 2021، كما أنه أدى إلى قصف عدد كبير من المباني في حرب غزة 2023 المعروفة باسم طوفان الأقصى أيضًا.
هل نجحت سياسة الحزام الناري في غزة بإيقاف المقاومة؟
على الرغم من القوة النارية الكبيرة التي تعتمد عليها سياسة الحزام الناري؛ إلا أنها لم تنجح في إيقاف المقاومة الفلسطينية داخل قطاع غزة، وإنما تعرّض جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى الكثير من الخسائر بعد دخوله إلى القطاع بريًا، واستطاعت كتائب الشهيد عز الدين القسام وفصائل المقاومة الأخرى تدمير عشرات الآليات وقتل عدد كبير من الجنود.
منذ بداية الاجتياح البري لأراضي غزة على إثر معركة طوفان الأقصى وحتى يوم 5 ديسمبر/كانون الأول من عام 2023 وصل عدد قتلى جنود الاحتلال المُعلن عنهم رسميًا إلى 75 جنديًا، وهو ما يوضح حجم الخسائر الكبير في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأما عن العدد الإجمالي للقتلى منذ بداية الحرب؛ فإنه يصل إلى أكثر من 400 جندي.
ما هي تداعيات فشل الاحتلال الإسرائيلي في معركة طوفان الأقصى؟
فشلت سياسة الحزام الناري في القضاء المقاومة الفلسطينية أو الحد من قدرتها داخل قطاع غزة خلال معركة طوفان الأقصى، كما أن هناك العديد من مظاهر الفشل الأخرى التي يعاني منها الاحتلال أثناء هذه الحرب؛ بما في ذلك الفشل الاستخباري، وفيما يأتي أبرز التداعيات التي يمكن حدوثها إذا استمر فشل الاحتلال الإسرائيلي ولم يستطع تحقيق أهدافه:
- تغير معادلات الصراع: لا شك بأن فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أهدافه يؤدي إلى تدهور مكانة جيشه على المستوى الإقليمي والدولي، وهو ما يمكنه أن يؤثر على معادلات الصراع.
- الإطاحة باليمين المتطرف: ربما يؤدي فشل تحقيق أهداف الاحتلال الإسرائيلي في معركة طوفان الأقصى إلى الإطاحة باليمين المتطرف الذي يتولى زمام الحكم حاليًا، إلى جانب الإطاحة بالعديد من القادة السياسيين.
- تعزيز المكانة السياسية لحماس: إن فشل الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أهدافه من الحرب يعني تعزيز المكانة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية -حماس- في أية ترتيبات تتعلق بالقضية الفلسطينية.
ما هي أهم أهداف سياسة الحزام الناري في غزة؟
هناك العديد من الأهداف التي يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تحقيقها بالاعتماد على استراتيجية الحزام الناري في حربه على غزة، وتتضمن القائمة الآتية أهم هذه الأهداف:
- قصف مقاتلي المقاومة: في عام 2021 أراد جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف عشرات الجنود من كتائب القسام أثناء نزولهم إلى الأنفاق بالاعتماد على الحزام الناري؛ إلا أن هذه الخطة لم تنجح.
- التأثير على البنية التحتية: من خلال سياسة الحزام الناري والقصف العنيف الذي تتضمنه يريد جيش الاحتلال الإسرائيلي التأثير على البنية التحتية في قطاع غزة عمومًا، والبنية التحتية لفصائل المقاومة بشكل خاص.
- نشر الرعب في غزة: سعى جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى نشر الرعب بين السكان في قطاع غزة من خلال الحزام الناري، وهو ما يتسبب بنزوح الأهالي من منطقة إلى أخرى.
ما هي أبرز المعلومات عن سياسة الحزام الناري؟
بعد معرفة ما هو الحزام الناري في الحرب يتضح بأنه من الأساليب العسكرية التي يتم الاعتماد عليها بهدف إلى إخلاء المدن، وفيما يأتي بعضًا من أبرز المعلومات حول سياسة الحزام الناري:
- الحزام الناري محرم دوليًا: إن استراتيجية الحزام الناري من أساليب وأسلحة الدمار الشامل، وهذا يعني أنها من أساليب القصف المحرمة دوليًا بالرغم من قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي باتباعها أحيانًا في غزة.
- أول استخدام للحزام الناري: تم استخدام استراتيجية الحزام الناري في الحرب أول مرة من قبل الجيش الألماني النازي بقيادة أدولف هتلر، ثم أخذ سلاح الجو البريطاني هذه الفكرة من هتلر واستخدمها في الحرب العالمية الثانية.
- طبيعة قصف الحزام الناري: عند اتباع استراتيجية الحزام الناري يتم القصف أولًا بقنابل ذات قدرة على تدمير المباني، ثم يتم استخدام القنابل الحارقة الموجهة نحو كل من المباني والأطراف حتى تتشكل دائرة نارية حول المدينة.
اقرأ/ي أيضًا: