تحقيق مسبار
وقت تطويرها كانت الكتابة المسمارية واحدة من أكثر أنماط الكتابة تطورًا على الإطلاق، وتميزت بالتعبير عن النغمات الصوتية برموز محددة لتشير إلى كلمات ومعاني معينة عند جمعها مع بعضها البعض، وربما كانت أساسًا لتطوير أنماط الكتابة المعروفة التي تعتمد على الحروف خلال الوقت الراهن.
ما هو معنى الكتابة المسمارية؟
عند البحث لمعرفة ما هو معنى الكتابة المسمارية يتضح بأنه نمط كتابة قديم اشتُق اسمه من جذور لاتينية تعني بأنها على شكل إسفين؛ نظرًا للشكل الذي كانت تتمتع به هذه الكتابة في البداية. تميّزت الكتابة المسمارية بعدم اعتمادها على أشكال وصور الفعل للتعبير عنه، وإنما كانت تعتمد على رموز يشير كل منها إلى صوت محدد لتشكيل الكلمات.
كيف انتشرت الكتابة المسمارية؟
بعد معرفة لماذا تسمى الكتابة المسمارية بهذا الاسم لا بد من التعرف على العوامل التي ساهمت في انتشار هذه الكتابة قديمًا، وكان من بينها: العامل العسكري؛ فإن التوسع العسكري للحضارة الآكادية وتأسيس أول إمبراطورية في العالم من قبلها ساعد على انتشار نمط الكتابة، الذي استخدمته هذه الحضارة ضمن المناطق المحيطة.
إلى جانب العامل العسكري كان هنالك عامل اقتصادي تسبب بانتشار الكتابة المسمارية على نحو واسع أيضًا؛ فإن اتساع رقعة النشاط التجاري بين شعوب العالم القديم ساعد في الانتشار كثيرًا، كما أنها تميزت بسهولة أيصال المعلومة إلى الآخرين، وعدم الحاجة إلى كثير من الصور والرسومات لذلك.
ما هي الحضارة المسمارية؟
لا توجد حضارة يطلق عليها اسم الحضارة المسمارية، وإنما هي تسمية لنمط كتابة كان منتشرًا خلال فترة من الزمن، وتم تطويره وابتكاره في حضارة ما بين الرافدين، كما أن لهذه الحضارة كثيرًا من الابتكارات الأخرى، ومنها ما يأتي وفق وورلد هيستوري:
- تطوير العربات: بعد تطوير العجلات قامت حضارات ما بين الرافدين بتطوير العربات التي تتضمن عجلتين وتجرها الحيوانات، ولم يتم تطوير العربات التي لها 4 عجلات إلى في وقت لاحق.
- ابتكار العجلات: تم اختراع أولى العجلات في العالم عام 3500 قبل الميلاد، واستخدمت هذه العجلات في عملية إنتاج السيراميك، ولم يتم استخدامها للنقل حتى مرور وقت من ابتكارها وتطويرها في حضارة ما بين الرافدين.
- تطوير الأختام الأسطوانية: استُخدمت الأختام الأسطوانية منذ القدم للمصادقة على الاتفاقيات، وتم تطويرها بداية في حضارة ما بين الرافدين، وصنعها الحرفيون وقتها من الأحجار شبه الكريمة مثل الجمشت واللازورد.
- ابتكار المدن: لم تكن المدن معروفة قبل مدينة أوروك في حضارة ما بين الرافدين، ولذلك توصف بأنها أول مركز حضري مسور، ويعود تاريخها إلى عام 4500 قبل الميلاد تقريبًا.
- تطوير الرياضيات: قبل تطوير الكتابة المسمارية قامت بعض حضارات ما بين الرافدين بتطوير الرياضات، وشمل ذلك فهم المبادئ والتطبيقات الرياضية، بالإضافة إلى استخدام الهندسة في قياس وتقسيم قطع الأراضي وغيرها.
- ابتكار مفهوم الوقت: استطاعت حضارات ما بين الرافدين تطوير مفهوم الوقت بالاعتماد على النظام الستيني، وذلك من خلال قسمة اليوم إلى 12 ساعة من النهار، وغيرها 12 ساعة من الليل مع تقسيم الساعات والدقائق كما هي عليه اليوم.
- هندسة الهيدروليك: استطاعت حضارات ما بين الرافدين تطوير طريقة لتوجيه مياه فيضان دجلة والفرات ثم استخدامها للسقي، وتمكّنت هذه الحضارات من تصميم أنظمة قنوات معقدة مع بناء السدود التي تفتح وتغلق أبوابها لتنظيم المياه.
- تطوير المحراث: قامت حضارات ما بين الرافدين بابتكار المحراث الذي يتم استخدامه في الزراعة، ولا زال المحراث مستخدمًا حتى الوقت الراهن؛ إلا أنه تطور بشكل كبير مقارنةً لما كان عليه قديمًا.
كم عمر الكتابة المسمارية؟
تم تطوير الكتابة المسمارية في بلاد ما بين النهرين قرابة عام 3500 قبل الميلاد، وهذا يعني أن عمرها يبلغ 5,524 عامًا تقريبًا خلال الوقت الراهن من عام 2024؛ إلا أن استخدام هذا النمط من الكتابة توقف بعد عدة قرون، ويتم استخدام أنماط أكثر تطورًا من الكتابة المعروفة خلال الوقت الراهن.
من أول من طور الكتابة المسمارية؟
كان السومريون أول من طور الكتابة المسمارية على الإطلاق، وكان المجتمع السومري من المجتمعات المتقدمة جدًا خلال عصرها، ولذلك تمكّن من تطوير عدة ابتكارات لا زالت مستخدمة حتى الوقت الراهن، وهو مجتمع اشتهر بالزراعة والعمارة والكتابة المتقدمة والأدب والأنظمة الدينية والحكومات.
يرى بعض المختصين بأن سكان مدينة أوروك السومرية كان يصل إلى 80 ألف نسمة، وهو عدد كبير جدًا مقارنةً بالتجمعات السكانية التي كانت سائدة وقتها، وطيلة تاريخهم لم يحكم السومريين سوى امرأة واحدة فحسب، بينما كان جميع الحكام الآخرين لهذا المجتمع المتقدم من الرجال حسب موقع هيستوري.
ما هي أبرز حضارات ما بين الرافدين التي استخدمت الكتابة المسمارية؟
إلى جانب الحضارة السومرية توجد عدة من حضارات ما بين الرافدين التي استخدمت الكتابة المسمارية، ومنها ما يأتي:
- الحضارة الآكادية: كانت الإمبراطورية التي أسستها الحضارة الآكادية أول كيان سياسي متعدد الجنسيات في العالم، وهي إمبراطورية أسسها سرجون الكبير الذي وحد بلاد ما بين النهرين تحت حكمه، واستخدمت الكتابة المسمارية.
- الحضارة العيلامية: استوطنت الحضارة العيلامية منطقة عيلام وخوزستان الحديثتين داخل الأراضي الإيرانية، بالإضافة إلى بعض الأجزاء من العراق، وهي حضارة امتدت منذ عام 3200 قبل الميلاد وحتى عام 539 قبل الميلاد.
- الحضارة الحاتيونية: استخدمت الحضارة الحاتيونية الكتابة المسمارية، وهي من الحضارات التي استطاعت السيطرة على الكثير من المدن والممالك، مما جعلها تؤسس تجارة مربحة مع سومر في الألفيتين الأولى والثانية قبل الميلاد.
ما هي الأدوات التي كانت تستعمل في الكتابة المسمارية؟
تم استخدام بعض الأدوات في الكتابة المسمارية القديمة، وعلى رأسها القلم الذي صُنع من القصب، وهو قلب ذو رأس مثلث تمكن من إعطاء الحروف شكلها المسماري الذي يميزها عن بعضها البعض خلافًا لما كان عليه الرسم من الخطوط المستقيمة قبل ذلك، وكُتبت فيها الحروف بشكل أفقي وعامودي مائل ومستقيم.
لتدوين حروف الكتابة المسمارية تم استخدام ألواح الطين، وهي ألواح تخلو من الشوائب، واستطاع المختصون العثور على عدد كبير منها فيما بعد. يجدر الذكر بأن الخط المسماري كان يكتب على الألواح من اليسار إلى اليمين، ومن الأعلى إلى الأسفل، وتبدأ الكتابة على وجه اللوح ثم على ظهره بعد ذلك.
أول من فك رموز الكتابة المسمارية
كان الألماني جورج فريدريش جروتفيند أول من فك رموز الكتابة المسمارية قبل عام 1823، وفي عام 1837 تمكّن هنري كريسويك رولينسون من فك رموز أخرى، ثم استمرت جهود المختصين في هذا المجال حتى حل كثير من الرموز واستيعاب المعاني التي تشير إليها وطرق النطق بها، وغيرها من التفاصيل الأساسية الأخرى.
مراحل تطور الكتابة المسمارية
لا شك بأن الكتابة المسمارية مرّت بالعديد من الأطوار حتى استقرت على شكلها النهائي كما هي حالة أنماط الكتابة الأخرى، وفيما يأتي مراحل تطورها حسب بحث أهمية الكتابة المسمارية التعليمية والدينية في نهضة حضارة بلاد الرافدين:
- المرحلة الصورية: كانت الكتابات الصورية أول مراحل أنماط الكتابة المعروفة في مختلف بلاد ما بين الرافدين، وتم اكتشاف آلاف الألواح التي تحتوي عليها حتى الآن.
- المرحلة الرمزية: كانت المرحلة الرمزية مرحلة جديدة في التعبير عن الكلمات والمعاني، وتميزت بعدم رسم الصورة كاملة، وإنما التعبير عنها برمز محدد ليتبادر المعنى إلى الذهن فور رؤية الرمز.
- المرحلة الصوتية: كانت المرحلة الصوتية أكثر مراحل تطور الكتابة المسمارية تعقيدًا، وهي مرحلة جعلت لكل رمز نغمة صوتية محددة، وعند الدمع بين الأصوات تتشكّل كلمة تدل على المعنى المطلوب.
اقرأ/ي أيضًا: