` `

كيف تُموّل العلامات التجارية مواقع المحتوى المضلل ونظريات المؤامرة؟

محمد العتر محمد العتر
أعمال
23 سبتمبر 2021
كيف تُموّل العلامات التجارية مواقع المحتوى المضلل ونظريات المؤامرة؟
من المتوقع وصول قيمة سوق الإعلانات الرقمية هذا العام إلى 455 مليار دولار (Getty)

بشكل غير مباشر، موّلت عشرات من أكبر العلامات التجارية في العالم، بما في ذلك شركتي أمازون ونايك، مواقع إلكترونية تنشر ادعاءات مضللة وتروج لنظريات مؤامرة، خاصة حول فايروس كورونا المستجد.

ووجد مكتب الصحافة الاستقصائية ومقره لندن، بعد تحليل أجراه على مدار ثلاثة أشهر لإعلانات العلامات التجارية الكبرى على الإنترنت، أنّ إعلانات هذه العلامات التجارية، تظهر على قرابة 60 موقعًا إلكترونيًا ينشر ادعاءات حول كورونا واللقاحات، بعضها ادعاءات فائقة التضليل وتتبنى نظريات مؤامرة، مثل أنّ أصحاب النفوذ في العالم هم الذين خلّقوا فايروس كورونا للسيطرة على العالم.

تملك شركات تكنولوجية، مثل غوغل، مساحات الإعلانات التي تظهر على المواقع، بينما تستفيد هذه المواقع من استضافتها لهذه المساحات الإعلانية بعدة طرائق، أشهرها النقرات، بحيث يحصل الموقع المستضيف للمساحة الإعلانية على مقابلٍ لكل نقرة على الإعلان. من يَدفع لهذه العملية هو المُعلن، أي العلامة التجارية التي يظهر إعلانها. لكنها تدفع للشركات التي تصمم المساحات الإعلانية، مثل غوغل، ثُمّ تدفع غوغل صاحبة المساحات الإعلانية، للموقع المستضيف. 

بهذه الطريقة، تجد هذه المواقع مصدر دخل لا يمكنّها من الاستمرار فحسب، "بل التكاثر أيضًا"، بتعبير أوغسطين فو، الخبير في سوق الإعلانات والباحث في الاحتيال الدعائي.

نظام إعلاني يفتقر للشفافية

من المتوقع أن تبلغ قيمة سوق الإعلانات الرقمية، هذا العام، أكثر من 455 مليار دولار أميركي. رقم ضخم، يُحرّكه نظام إعلاني يفتقر للشفافية، فشركات التكنولوجيا (مثل غوغل)، التي تصمم المساحات الإعلانية، لا توضح بشكلِ كافٍ طريقة عمل نظامها الإعلاني. ما يعني أنّ العلامات التجارية المُعلنة، مثل أمازون، قد لا تعلم بالضرورة أنها تمول مواقع تنشر محتوى مضلل عبر إعلاناتها التي تظهر على هذه المواقع. 

تكون النتيجة، أنّ مواقع إلكترونية، تُروّج لادعاءات مضللة بما يهدد الصحة العامة، خاصة وأنها ادعاءات حول وباء كورونا واللقاح؛ تجد ما يساعدها على الاستمرار في صورة إعلانات لشركات كُبرى، والأدهى أنّ بعض الإعلانات هي لمؤسسات صحة حكومية، مثل هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS)، إذ وجد مكتب الصحافة الاستقصائية إعلانًا عن خدمات NHS الخاصة بمرض السكري، على مواقع تنشر محتوى كاذب بشأن لقاحات كورونا، بل يدّعي أن فايروس كورونا مجرد أكذوبة.  

في تحليلهم، يستنتج صحفيو مكتب التحقيقات الاستقصائية، أنّ بعض الإعلانات الرقمية تظهر وفقًا لسلوك المستخدم، عبر خوارزمية تعرض الإعلانات وفقًا لسجل التصفح الخاص بالمستخدم. يُعرف هذا النظام بـ"إعادة الاستهداف"، وهو نظام من بين أنظمة مختلفة صُممت بها الإعلانات الرقمية. ويستهدف هذا النظام تحقيق زيادة في المبيعات على المدى القصير.

ورغم أن علامات تجارية مُعلِنة قالت إنها تراجع باستمرار المواقع التي تظهر فيها إعلاناتها، لضمان أنها تظهر على مواقع متوافقة مع قيمها، إلا إعلانات إعادة الاستهداف، تخلق الكثير من الثغرات، وتظهر رغم ذلك إعلانات العلامات التجارية على مواقع تنشر المحتوى المضلل.

 في الواقع، من يتحمل المسؤولية الأكبر هي الشركات التي تضع الإعلانات بالنيابة عن العلامات التجارية، أي الشركات مثل غوغل. وعلى كل حال، فإنّ غوغل تهيمن بشكل كبير على هذه السوق.

تقول شركة غوغل إنّ لديها نظام إجراءات تجاه المواقع التي تنتهك سياساتها الخاصة بمكافحة المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة، من ذلك أنه إذا كرّر موقع خرق هذه السياسات، فإن غوغل ستمنعه من الحصول على الأموال مقابل الإعلانات التي تظهر عليه. أحيانًا يحدث الأمر تدريجيًا، فيُمنع المقابل المادي عن الإعلانات في صفحات بعينها داخل الموقع، ترى “غوغل” أنها تنتهك سياساتها الخاصة بالتضليل، ثُم يمنع المقابل المادي عن الموقع بأكمله.

رغم ذلك، رصد مكتب التحقيقات الاستقصائية ظهور إعلانات لقرابة 30 علامة تجارية كبيرة، على مساحات إعلانية تابعة لشركة غوغل في مواقع تنشر محتوى مضلل.

عند إثارة هذه القضية، تُحاجج شركات التكنولوجيا العاملة في صناعة الإعلانات الرقمية، بأنّ جزءًا بسيطًا فقط من أموال الإعلانات تصل إلى المواقع الخطأ. لكن وكما يقول أوغسطين فو، فإنّ هذا الجزء مهما كان بسيطًا سيمثل الكثير من الأموال، وذلك لأن حجم سوق الإعلانات الرقمية يصل لأكثر من 400 مليار دولار أميركي.

المصادر:

The Bureau of Investigative Journalism

اقرأ/ي أيضًا:

وول ستريت جورنال: شركة فيسبوك تسمح لمشاهير بانتهاك قواعدها

دراسة: فحص الحقائق هو الطريقة الأكثر فاعلية لمواجهة الأخبار الكاذبة

الأكثر قراءة