` `

إيلون ماسك يُغرد وأسواق الأسهم تستجيب

لينا الرواس لينا الرواس
أعمال
21 أغسطس 2022
إيلون ماسك يُغرد وأسواق الأسهم تستجيب
يتابع حساب ماسك على تويتر قرابة 103 ملايين شخص (Getty)

يُعدّ "تويتر" منصة مفتوحة للجميع، بمن فيهم المدراء التنفيذيين للشركات الكبرى، الذين يستخدمون المنصة العالمية وسيلة لنشر معلومات أساسية حول شركاتهم، طالما أنّها تتوافق مع قواعد الإفصاح العادل للوائح التي أصدرتها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية SEC. لكنّ المدراء التنفيذيين لا يستخدمون "تويتر" لتلك الغاية فحسب، بل من أجل التفاعل مع الجمهور أيضًا وخاصة المستثمرين الجدد منهم والتأثير على آرائهم وخياراتهم الاقتصادية.

يوضّح بحث أجرته البروفيسورة W. Brooke Elliott وآخرون، نُشر في مجلة البحوث المحاسبية عام 2018، أنّ الرؤساء التنفيذيين الذين يستخدمون “تويتر” لنقل أخبار الشركة يصنعون روابطًا اجتماعية وشكلًا من أشكال الثقة مع المستثمرين أيضًا، مما يؤدي إلى مزيد من الاستعداد للاستثمار من قبل المستثمرين. 

يصعب التنبؤ حول إذا ما كان تأثير "تويتر" على عائد الأسهم إيجابيًا أم سلبيًا، لكنّ تأثيره الهائل على السوق هو أمر واضح بشدة، ففي السياق ذاته، يؤكد بحث أجراه راو وسيرفاستافا. عام 2012. أنّ هناك ارتباطًا وثيقًا بين العواطف التي تنطوي عليها منشورات تويتر وأسعار الأسهم، وأنّ سعر المؤشرات يتأثر على المدى القصير بالمحتوى الذي يثير الجدل على موقع تويتر. 

أحد أشهر المدراء التنفيذيين الذين لهم حضورًا فعالًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر، هو الملياردير والرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك. "يعبّر البعض عن أنفسهم عبر تسريحات شعرهم، أما أنا فاستخدم تويتر"،هكذا يصف ماسك نشاطه على "تويتر"، والذي يبدو أنّه ينجح فعلًا في تمرير رسائل سياسية واقتصادية تترك أثرًا واضحًا على أسواق المال العالمية، وعلى سوق الأسهم بشكل خاص. 

ويعدّ حساب إيلون ماسك الذي يتابعه قرابة 103.7 مليون شخص، الحساب الخامس الأكثر متابعة على تويتر وفقًا لإحصائيات الموقع. تغريداته تتناول العديد من الموضوعات وتوجَّه إلى جمهور واسع بطريقة مباشرة وبلا تكلف، حتى أنّ بعضها يأتي على شكل صور وميم إنترنت. 

لكنّ تغريدات ماسك ليست بريئة تمامًا كما يرى بعض المتابعين، بل بات العديد يصفها بـ "دس السم بالعسل" لما لها من تأثير واسع على سوق الأسهم وعلى عجلة الاقتصاد العالمي. آخر تلك التغريدات كان منذ أيام قليلة فقط، حين أعلن ماسك في 17 أغسطس/آب الجاري عبر حسابه على "تويتر"، عن رغبته في شراء فريق مانشستر يونايتد لكرة القدم.

أثارت التغريدة جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنّ الأهم من ذلك أنّها تسببت في زيادة كبيرة في أسهم الفريق وفقًا "لغوغل فاينانس"، فازدادت الأسهم بنسبة 17 في المئة، بعد ساعات فقط من إعلان ماسك. كما وذكرت وكالة بلومبيرغ أنّ عائلة غليزر التي تمتلك فريق مانشستر يونايتد منذ عام ،2005 قد تفكر فعلًا في بيع حصة صغيرة من الأسهم.

بعد مضي ما يقارب الأربع ساعات على التغريدة، صرّح ماسك عبر تعليق لأحد متابعيه، أنّ الأمر برمته كان مجرد مزحة على تويتر.    

لماسك تاريخ طويل في نشر مزحات مماثلة، ففي 27 إبريل/نيسان من العام الجاري، قال إيلون ماسك مازحًا إنّه سيشتري شركة كوكا كولا لإعادة الكوكايين إليها مرة أخرى. أدت تغريدته تلك إلى ارتفاع الدخل التشغيلي لشركة كوكاكولا بنسبة 25 في المئة، ليستقر عند 3.41 مليار دولار بعد فترة وجيزة من التغريدة، وفقًا لموقع Business Today In.  

وهكذا كان لتغريدات ماسك تأثير كبير، جدية كانت أم مازحة، فمن المعروف أنّ الملياردير الأميركي رفع من أسهم عملة Dogecoin عام 2020، بعدما نشر تغريدة مؤلفة من كلمة واحدة فقط: Doge. وفي عام 2021 غرّد ماسك بأنه "يحب إتسي نوعًا ما"، فارتفعت أسهم شركة التجارة الإلكترونية بشكل غير مسبوق، كذلك الأمر بالنسبة لشركة GameStop للألعاب الالكترونية، بعد تغريدة نشرها ماسك في 26 يناير/كانون الثاني عام 2021. 

ولا ينحصر أثر تغريدات ماسك على العلامات التجارية الأخرى، لكنه يطاول شركة تسلا أيضًا، إذ يصرح ريتش بليث، وهو رائد أعمال ومستثمر تكنولوجي لشبكة CNBC إنّ ماسك يمكنه "إثراء نفسه بتغريدة واحدة فقط". الأمثلة على ذلك كثيرة، إذ تقف تغريدات ماسك خلف عدد من القفزات والانتكاسات الهامة في تاريخ شركة تسلا، منها تغريدته الشهيرة حول خصخصة الشركة عام 2018، والتي تسببت في رفع أسهمها، لكنها أدت إلى اتهامه من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات بتضليل المستثمرين. 

وصل ماسك إلى صفقة مع اللجنة تضمنت وضع موظف داخلي مهمته الموافقة على المنشورات التي تحتوي على معلومات جوهرية عن الشركة قبل نشرها. وفي الأول من مايو/أيار عام 2020 خسرت تسلا قرابة 13 مليار دولار من قيمتها السوقية بعد أن غرد ماسك "سعر سهم تسلا مرتفع للغاية". كذلك تراجعت أسهم شركة   Tesla Inc بشكل حاد في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 بعد أن اقترح رئيسها إيلون ماسك بيع نحو عُشر ممتلكاته في شركة صناعة السيارات الكهربائية بعد استطلاع إجراه على "تويتر. 

يحذّر العديد من الاقتصاديين والمحللين من سلوك ماسك عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذي يتسبب بالتلاعب بالأسعار، ومن بينهم البروفيسور هواي شين الذي يرى أنّ لأفعال ماسك تأثير كبير على الأسواق، ويجب عليه حقًا أن يكون مدركًا للآثار المحتملة لها. ودعا المحلل في تطبيق التجارة البريطاني دان لين عبر شبكة سي إن بي سي إلى النظر في شرعية هذه الممارسات، مضيفًا أنّ على المشرعين اللحاق بالركب، وتطبيق القواعد بشكل استباقي وتوضيح ما هو مقبول. 

بعيدًا عن نواياها وعن مدى جديتها، لا تزال عواقب تلك الممارسات التي ينتهجها ماسك عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، غير واضحة حتى الآن على سوق الأسهم أو على الشركات العالمية. وكذلك من غير المعروف بعد إلى متى قد تتلقى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مزحات ماسك بصدر رحب. الأمر المؤكد أنّ المعطيات الجديدة التي تميز عالمنا المعاصر تستلزم نواظم قانونية جديدة ومرنة، تتناسب مع تعقيدها وتشابكها، وتحمي أصحاب العلامات الجديدة من تداول أسمها دون ضوابط واضحة. 

 

المصادر:

ACM

إيلون ماسك

Business Today

CNBC

Reuters

الأكثر قراءة