` `

هل وضعت النيجر ماكرون ضمن قائمة مطلوبين للعدالة إثر الانقلاب العسكري؟

فهمي ورغمي فهمي ورغمي
سياسة
10 أغسطس 2023
هل وضعت النيجر ماكرون ضمن قائمة مطلوبين للعدالة إثر الانقلاب العسكري؟
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (Getty)

نشرت حسابات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مؤخرًا، ادّعاء مفاده أنّ النيجر وضعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على قائمة المطلوبين لديها للعدالة.

وأرفقت الادّعاء، بصورة شبيهة ببطاقة الهوية، كُتب عليها باللغتين العربية والفرنسية ما نصّه "مطلوب مجرم: إيمانويل جان ميشيل فريديريك ماكرون".

لقطة شاشة لادّعاء وضع الرئيس الفرنسي على قائمة المطلوبين في النيجر
لقطة شاشة لادّعاء وضع الرئيس الفرنسي على قائمة المطلوبين في النيجر

وحددت الصورة معلومات عن ماكرون مثل جنسه وتاريخ ميلاده ومنصبه الحالي. وكُتب في أسفلها جملة جاء فيها "هذا الرجل مجرم على أراضي النيجر. أبلغ الشرطة إذا رأيته".

ويأتي هذا الادّعاء، على خلفية الانقلاب العسكري في النيجر في 26 يوليو/تموز 2023، الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وهو أول رئيس في تاريخ البلاد يخلف سلفه بطريقة ديمقراطية.

قوبل الادّعاء بتفاعل واسع على موقع تويتر، وعلى مواقع إلكترونية ناطقة باللغتين الروسية والفرنسية. فما حقيقته؟

بحث "مسبار"، في الادعاء المتداول، ولم يعثر عليه منشورًا في أي مصادر رسمية موثوقة (أمنية أو سياسية) في كلّ من النيجر وفرنسا.

كما لم تنشر أي من وسائل الإعلام الموثوقة والرسمية في فرنسا والنيجر (سواء الحكومية أو الخاصة) ما يفيد بصحة هذه الادعاءات، على غرار وكالة الأنباء الفرنسية (َAFP)، أو التلفزيون الرسمي في النيجر "Télé Sahel"، الذي تحوّل إلى قناة التواصل "الرسمية" لقادة الانقلاب مع الخارج.

وزارة الداخلية النيجيرية، هي الأخرى، لم تنشر أي مستجدات لها بعد الانقلاب الأخير.

حسابات روسية نشرت الادّعاء على تلغرام

هذا وأرشد البحث عن مصدر الصورة التي ادعت حسابات أن الرئيس الفرنسي أصبح مطلوبًا للعدالة في النيجر، إلى أنها تعود لمجموعة حسابات ناطقة باللغة الروسية على تطبيقي "تلغرام" و " فكونتاكتي".

بدأت الصورة في الانتشار بتاريخ السابع من أغسطس 2023، مع عنوان "مُجرم مطلوب: إيمانويل جان ميشيل فريديريك ماكرون". 

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية
لقطة شاشة لحساب روسي على تلغرام نشر ادّعاء وضع ماكرون كمطلوب للعدالة في النيجر
لقطة شاشة لحساب روسي على تلغرام نشر ادّعاء وضع ماكرون كمطلوب للعدالة في النيجر

و بالتحقق ممّا تنشره هذه الحسابات على الموقعين المذكورين، وجد "مسبار" أنها متخصصة في مشاركة أخبار تتعلّق بـالحرب الروسية الأوكرانية، مع التركيز على "وِجهة النظر الروسية" في الحرب.

كما يُلاحظ، أن صورة البروفايل الخاصة ببعض تلك الحسابات، تحمل شعارًا للحرف "Z" وهو نفس الرمز العسكري الذي ظهر على الدبابات والمركبات المدرعة الروسية في ساحات المعارك في أوكرانيا.

صورة متعلقة توضيحية
لقطة شاشة لحساب روسي على تلغرام يحمل شعار z

ويلاحظ "مسبار" أن صورة الادّعاء، التي زَعم الناشرون أنها "قائمة المطلوبين" التي وُضع ماكرون فيها، تعتمد تصميمًا بقياسات غير محددة وخطوط مختلفة.

كما أنّ القوائم التي تُصدرها جهات متخصصة، تقوم عادة على تفاصيل مُحددة ومعطيات دقيقة حول "الشخص المطلوب"، على غرار خدمة "النشرة الحمراء" التابعة لـ "المنظمة الدولية للشرطة الجنائية" المعروفة اختصارًا بـ "الانتربول"، وهو ما لايتوفّر في الادّعاء أعلاه. 

لقطة شاشة كنموذج لتعريف الشخص المطلوب للعدالة وفق الإنتربول
لقطة شاشة كنموذج لتعريف الشخص المطلوب للعدالة وفق الإنتربول

ويُشار إلى أنّ “مسبار” لم يعثر على أي قائمة معلنة لمطلوبين للعدالة في النيجر، إثر الانقلاب الأخير.

انقلاب النيجر

منذ انقلاب قوات الحرس الرئاسي في النيجر - مدعومة من قوات الجيش لاحقًا - على الرئيس محمد بازوم، في 26 يوليو 2023، تم احتجاز بازوم وعائلته في القصر الرئاسي والإعلان عن تشكيل المجلس الوطني لحماية الوطن كهيئة حاكمة جديدة.

وأغلق المجلس العسكري الحدود وعلّق عمل مؤسسات الدولة وفرض حظر تجول في جميع أنحاء البلاد. 

وقد تباينت ردود الفعل تجاه الانقلاب، إذ أدانت المجتمعات الإقليمية والدولية، مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي تعرف اختصار باسم إيكواس، والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الانقلاب ودعت إلى احترام سيادة الشعب والديمقراطية في النيجر. 

أما على مستوى دول الساحل الأفريقي، تحديدًا، فقد حذّرت السلطات في بوركينا فاسو ومالي في بيان مشترك (مساء 31 يوليو) من أن أيّ تدخل عسكري في النيجر لإعادة الرئيس المنتخب، محمد بازوم، سيكون بمثابة “إعلان حرب عليهما”.

وجاء البيان المشترك الذي صدر عن السلطات في البلدين، بعد تلويح قادة دول غرب أفريقيا باستخدام القوة في اجتماع عُقد في العاصمة النيجيرية، أبوجا، اليوم الذي سبق البيان المذكور. 

تطورات متسارعة في منطقة الساحل الأفريقي، كان آخرها إعلان المجلس العسكري الحاكم في النيجر، مساء الأحد السادس من أغسطس 2023، إغلاق المجال الجوي، تزامنًا مع انتهاء المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (خلال اجتماع أبوجا) للتدخل عسكريًّا لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم للسلطة.

ماكرون يندد بالانقلاب في النيجر

تعتبر فرنسا شريكًا اقتصاديًّا قويًّا للنيجر، (أو أقلّها كانت كذلك) ويُعتبر الرئيس بازوم، من بين آخر القادة الموالين لها في منطقة الساحل الأفريقي.

كما تُعد فرنسا حليفًا للنيجر في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، وتستضيف قاعدة عسكرية فرنسية بها نحو 1500 عنصرًا من القوات الفرنسية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أدان الجمعة 28 يوليو 2023، بالتزامن مع زيارته إلى غينيا الجديدة، الانقلاب العسكري في النيجر، ووصفه بالـ"خطير" على المنطقة، داعيًا إلى الإفراج عن الرئيس محمد بازوم.

لقطة شاشة لتغطية قناة تي أف 1 لتصريحات ماكرون عقب انقلاب النيجر
لقطة شاشة لتغطية قناة تي أف 1 لتصريحات ماكرون عقب انقلاب النيجر


ونفت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، يوم 30 يوليو على قناة BFMTV اتهامات المجلس العسكري الذي تولى السلطة في النيجر، بأن فرنسا ترغب في "التدخل عسكريًا" في البلاد.
وأكدت أنّ بلادها تدعم "كل المبادرات الإقليمية الهادفة إلى عودة الرئيس المنتخب محمد بازوم".

بالتزامن مع ذلك، تجمع آلاف المتظاهرين المؤيدين للانقلاب، أمام السفارة الفرنسية في نيامي عاصمة النيجر، قبل تفريقهم بقنابل الغاز المسيل للدموع.

وحاول بعضهم دخول المبنى، فيما قام آخرون بنزع اللافتة التي تحمل عبارة "السفارة الفرنسية في النيجر"، واستبدلوها بعلمي النيجر وروسيا.

كما ألغت السلطة الانقلابية في النيجر مساء الثالث من أغسطس 2023، عددًا من اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا.
فرنسا تهدد في حال تعرض رعاياها في النيجر لأي هجوم

هددت فرنسا بالرد "الفوري" على أي هجوم على مواطنيها  ومصالحها في النيجر في السابع من أغسطس الجاري.

وقال الرئيس إيمانويل ماكرون إنّه "لن يتسامح مع أي هجوم على فرنسا ومصالحها".

من جانبها، نقلت مجلة لوبوان عن وزيرة الخارجية كاثرين كولونا قولها "إنّ عدد الرعايا الموجودين في النيجر حتى السابع من أغسطس الجاري يبلغ ما بين 500 إلى 600 مواطن فرنسي" وأنّه "تم الاتصال بهم جميعًا، ويجري اتخاذ تدابير احترازية في شأنهم". وأشارت إلى أنّه سيتم تعزيز الإجراءات، نافية وجود قرار إجلاء لهم.
يشار إلى أنّ فرنسا أجلت في بداية شهر أغسطس الجاري 736 شخصًا بينهم 498 فرنسيًا" قرروا المغادرة بصفة طوعية.

اقرأ/ي أيضًا

ادّعاءات متداولة حول عزم الجيش الجزائري التدخل في النيجر، ما حقيقتها؟
ما حقيقة الادعاء بأنّ النيجر هي أفقر دولة في قارة أفريقيا؟

المصادر

مجلة جون أفريك

مجلس العلاقات الخارجية (مؤسسة أبحاث أميركية)

موقع إكسبريس
صحيفة لوباريزيان 

فرانس24

راديو تلفزيون النيجر

وزارة الداخلية في النيجر

المنظمة الدولية للشرطة الجنائية

المنظمة الدولية للشرطة الجنائية

ذا غارديان

ذا غارديان

 الأمم المتحدة

منظمة إيكواس

LSI AFRICA

قناة دويتشه فيله

مجلة لوبوان
قناة تي أف 1 الفرنسية

صحيفة ليبراسيون
بي أف أم تي في

القوات العسكرية الفرنسية

الأكثر قراءة