` `

كيف يمكن للباحثين الأوروبيين مكافحة التضليل المغرض قُبيل الانتخابات؟

نزهة خلالف نزهة خلالف
علوم
5 أكتوبر 2023
كيف يمكن للباحثين الأوروبيين مكافحة التضليل المغرض قُبيل الانتخابات؟
تصميم تعبيري (Getty)

هذا المقال مترجم عن مجلة نيتشر

أمام الباحثين في أوروبا، فرصة ذهبية للمساهمة في الدفاع عن المبادئ الديمقراطية وتوظيف العلم في مواجهة التضليل المغرض على الإنترنت.

سيشهد العام المقبل، تنظيم عدد من الاستحقاقات الانتخابية الهامة حول العالم، في بلدان من بينها الهند وتايوان والولايات المتحدة الأميركية وعلى الأرجح أيضًا في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى انتخابات البرلمان الأوروبي. ويُتوقع أن تؤدّي منصات التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في تقديم المعلومات لملايين الأشخاص المقبلين على الإدلاء بأصواتهم – وهو ما يثير قلق الباحثين المختصين في دراسة الانتخابات.

إتاحة الوصول إلى بيانات منصات التواصل الاجتماعي، ضروري بالنسبة للباحثين في الحملات السياسية ومخرجاتها. لكن، وخلافًا للسنوات السابقة، لن يتاح لهم الوصول بحرية إلى بيانات منصة إكس (تويتر سابقًا). لا يزال كُثر يعتبرون إكس واحدة من أكثر منصات التواصل الاجتماعي تأثيرًا في العالم، على مستوى النقاش السياسي، لكن الشركة ألغت سياستها التي كانت تمنح الباحثين صلاحية وصول خاصة لبياناتها.

يقول يولريكه كلاينجر، الذي يدرس الاتصال السياسي في الجامعة الأوروبية فيادرينا في فرانكفورت (أودر)، ألمانيا، “يُرجّح، في الأشهر المقبلة، أن تستفحل حملات التضليل المغرض التي يتسلّح بعضها بالتزييف العميق المولّد بالذكاء الاصطناعي”. وأضاف “ولا يمكننا رصدها لأننا لا نملك صلاحية الوصول إلى البيانات”.

إلى حين تغيير سياستها، كانت منصة إكس متفرّدة في مقاربتها المفتوحة لتوفير البيانات لأغراض البحث العلمي. ولأن وصول الباحثين إلى بيانات شركات التكنولوجيا تتحكم فيه الشركات نفسها، يمكن لهذه الأخيرة انتقاء الدراسات المسموح بإجرائها، ما قد يخلق تصورًا متحيزًا عن أدائها.

شرعت شركات التكنولوجيا في الإبلاغ عن كيفية تعاملها مع الأذى على منصاتها، وسبقتها أخرى في ذلك، من خلال تقارير سلّمتها، الأسبوع الفائت، لمركز الشفافية التابع للاتحاد الأوروبي.

لكن العلم الجيّد يحتاج دراسات يجريها أفرادٌ وفرق مستقلّون عن المنصات. مثل هذه الدراسات ستمكّن من التثبت من صحّة الادعاءات الواردة في بلاغات الشركات، أو تحديد مدى شيوع المعلومات المضللة وأيّ المجتمعات يتم استهدافها، ومدى فعالية أو ضرر تلك المعلومات المضللة.

وعلاوة على المخاوف الآنية بشأن الانتخابات، هنالك حاجة للبيانات الموثوقة لمعالجة مخاوف قائمة منذ وقت طويل، حول المنصات الرقمية، بما فيها تأثيرها على الصحة النفسية، وتفشّي التحرّش، وانتهاكات الخصوصية وخطاب الكراهية المرتبط بالجندر والعرق والجنسانية، إضافة إلى احترازات أخرى.

يقوم الاتحاد الأوروبي - على الأقل - بالتحركات الصحيحة. تمت المصادقة على قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي في عام 2022، ومن المقرر أن تدخل أغلب بنوده حيز التنفيذ مطلع العام المقبل. يفترض أن تضمن تلك البنود إتاحة المنصات الرقمية الكبيرة جدًا – تلك التي تُحصي أكثر من 45 مليون مستخدم – بيانات ذات صلة، لباحثين جرى التحقّق من خلفياتهم وقُدّر أنهم مستقلّون عن المصالح التجارية.

يُفترض أن يتيح ذلك "كنزًا" من بيانات مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث مثل غوغل ومنصات التجارة الإلكترونية مثل أمازون.

لكن عملًا كهذا، يتطلّب تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي بإنصاف، وذلك غير مضمون. ففي كلِّ بلد، تتولى سلطة مختصّة تُدعى "منسق الخدمات الرقمية"، تسليم طلبات الباحثين للنفاذ إلى البيانات. يُحدِث هذا تحولًا كبيرًا، لأنه يعني أنّ الباحثين لن يخضعوا لأهواء الشركات. غير أنّه لا يزال بإمكان الشركة رفض إتاحة البيانات أو اشتراط إدخال تعديلات على الطلب، على سبيل المثال، في حال قدّرت أنّ البيانات قد لا تكون في مأمن بين يدي الباحث، وأنّ المعلومات السرية، على غرار الأسرار التجارية، قد يتم إفشاؤها. كما لكل واحدة من الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي حرية تأويل مفاهيم الأمن، السرية وأسرار التجارة وفقًا لقوانينها الخاصة. إن كان تعريف ما واسعًا أكثر من اللازم، قد يؤدّي إلى رفض الكثير، أو حتى أغلب الطلبات.

لهذا السبب يحتاج الباحثون إلى التدخُّل والعمل مع المشرّعين لتحديد الإجراءات التي ستقرّر أيًّا من البيانات يحتمل أن تكشف أسرارًا تجارية، والكيفية المثلى لضمان الوصول المنصف إلى البيانات والكيفية التي يجب أن تقيّم بها جودة البيانات، كي يمكن حلُّ الخلافات بسرعة. في حال عدم تحقُّق ذلك، يمكن لطلبات إتاحة البيانات أن تعلق في النزاعات القضائية لفترات طويلة، لا تعود بعدها للمعلومات أيُّ فائدة.

كُلّما زادت التفاصيل المتفق عليها في البداية، قلت فرصة الشركات لاستغلال قلّة الوضوح لتأخير أو الاعتراض على طلبات إتاحة البيانات. على الباحثين إعلاء أصواتهم اليوم لضمان تلبية حاجاتهم وأهداف قانون الخدمات الرقمية المتمثلة في توفير تقييم مستقل لتأثير المنصّات على المجتمع.

ازدهار المجتمعات الديمقراطية مرهون بحصول الباحثين المستقلّين على الحق القانوني في الوصول إلى البيانات ودراستها، دون تدخّل الشركات المالكة لتلك البيانات. 

في علامة تدفع للتشاؤم مما هو قادم، أكّد إيلون ماسك، مالك شركة إكس، قبل أسبوع الشائعات حول حلّه فريق نزاهة الانتخابات، الخاص بالمنصة. عيّن هذا الفريقَ المالكون السابقون، في محاولة لوقف استغلال المنصة بهدف التسبب بالضرر خلال الانتخابات. خطوة ماسك تزيد من أهمية العمل البنّاء للمنصات مع الباحثين لضمان تجسيد كلٍّ من نص وروح قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي.

اقرأ/ي أيضًا

تقرير: إكس المنصة الأقل قدرة على مواجهة المعلومات المغلوطة حول المناخ

مارك زوكربيرغ: زُهْدٌ في الموضة أم ثراء خفي؟

الأكثر قراءة