` `

هل يمكن الحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات؟

سياسة
5 يوليو 2022
هل يمكن الحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات؟
الحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

هذا المقال من سلسلة مقالات، يستهدف فيها "مسبار" طلاب المدارس وطلاب الجامعات، بهدف التعريف بتقصي الحقائق والتحقق من الأخبار المُضللة والتزييف العميق، ضمن مشروع التوعية بالأخبار الزائفة الذي يُقدّمه "مسبار" في أنشطة متنوعة، تضم مقالات توعوية، وورشات تدريبية في مجال التحقق من الأخبار.

في الآونة الأخيرة، أصبح يرافق أي خبر يتم نشره في الفضاء الرقمي بشكل خاص ميزة هامة ألا وهي سرعة الانتشار. ومع تنوع طرق نقل وتناول الخبر، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإخبارية الإلكترونية، أصبح انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات أمرًا موجودًا ومُتَوَقَّعًا.

فهل يمكن الحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات؟ وكيف يمكن الحد من هذا الانتشار؟ ولماذا تنتشر الأخبار الزائفة والإشاعات بشكل كبير؟ وما هي أشكال التضليل؟ يجيب المقال التالي على جميع هذه الأسئلة ويقدم توضيحًا للفئات الأكثر عُرضةً للتضليل.

 

لماذا تنتشر الأخبار الزائفة والإشاعات بشكل كبير؟

يتراود إلى الأذهان تساؤلات حول أسباب انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات بشكل كبير، فيما يلي توضيح لأهم هذه الأسباب:

  • تنتشر الأخبار الزائفة والإشاعات بشكل كبير لوجود وتعدد الوسائل التي يمكن من خلالها نشر ومشاركة وإبداء الآراء والتعليقات على الخبر، مثل مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، الأمر الذي يزيد من سرعة انتشار الأخبار سواء صحيحة كانت أو زائفة عبر مستخدمي هذه المواقع.
  • وجود جهات مُنَظَّمَة وقادرة على التنكّر من خلال مواقع إعلامية مخصصة بتضليل الجمهور وخداعه، وبالتالي تعطيل وصول الحقيقة وتغيير الوقائع ومجريات الأحداث.
  • إن وجود ما يُعرف بالروبوتات الآلية على مواقع التواصل الاجتماعي ساعد في نشر الأخبار غير الصحيحة والمضللة للجمهور. ويحاول موقع فيسبوك السيطرة على الروبوتات الوهمية ومحاربتها، ولكن هذا لا ينفي أنها حاضرة وبقوة على موقع تويتر، ويتعامل الجمهور معها وكأنها حقيقية، وهذا ما يُمكِّنها من صنع مشهد يلامس الجمهور بشكل مباشر دون أن يُميِّز الأخير أنه روبوت.

 

أشكال التضليل 

تستخدم الجهات المعنية بنشر الأخبار الزائفة والإشاعات أشكالًا متنوعة لتضليل الجمهور، وتتمكن من خلال هذا التنوع تضليل أكبر عدد ممكن من الناس حول العالم، وذلك بحسب الكيفية التي يمكن أن يقع الشخص فيها في فخ التزييف وقلب الحقائق. وتشمل أهم أشكال التضليل:

  • Clickbait، وهي عبارة عن عناوين جذب، بمجرد أن يقرأها شخص ما ينجذب للنقر عليها لقراءتها، ولكن بمجرد فتح العنوان سيجد الشخص نفسه أمام محتوى غير مجدي. ويعود الهدف من هذه العناوين إلى زيادة عدد الزيارات للموقع، والتي تزيد من إيرادات الموقع، وهو هدف مالي بشكل أساسي.
  • الدعاية، والتي تقدم للجمهور جانبًا معينًا من الحدث، بينما تخفي جانبًا آخر، بهدف الترويج لشيء ما، والتي تعتبر شكلًا من أشكال التضليل. 
  • العناوين الساخرة، تستخدم بعض المواقع عناوين ساخرة بمعلومات مبالغ فيها أو زائفة من أجل لفت انتباه الجمهور.
  • صحافة فضفاضة أو صفراء، وهي الصحافة التي تقوم بنشر معلومات غير مؤكدة ولا تستند على معلومات موثوقة وتساهم في تضليل الجمهور. 
  • أخبار مضللة، وهي أخبار ليست زائفة بشكل كامل ولكنها تخفي أمرًا ما، بهدف إثارة الرأي وطمس الحقائق.
  • أخبار متحيزة، وهي أخبار تتعمد التحيز لإظهار جانب معين من الخبر، من خلال إخفاء الأدلة التي تدعم الجانب الآخر.

 

الفئات الأكثر عرضة للتضليل 

عند الحديث عن الفئات الأكثر عرضة للتضليل وخاصة التضليل الرقمي، الذي يتنوع ما بين صحف رقمية ومواقع إلكترونية إخبارية ومواقع تواصل اجتماعي، فالجميع قد يكون معرضًا للتضليل، خاصة لو لم يكن محاطًا بقدر جيد من الحصانة المعرفية بسُبل وأشكال التضليل التي تتخذها بعض المنصات والمواقع وأحيانًا الأشخاص.

ولكن هناك فئات معينة يقودها التضليل بشكل أكبر ويتمكن منهم وهي:

  • فئة كبار السن، وعلى الأغلب بسبب عدم مواكبتهم لعجلة التضليل المستمرة في صنع الأكاذيب، وقلة إدراكهم بالعمليات المُمَنهجة والتي تستغلها بعض الجهات في تضليل الجمهور.
  • فئة الشباب، بسبب الاندفاع خلف الأحداث المثيرة والتي يميلون لتصديقها بسرعة.
  • فئة غير المتعلمين، والذين ينساقون لكل معلومة جديدة أو خبر جديد يقرأونه، اعتبارًا منهم بأنه صحيح دون الانتباه لاحتمالية وجود التضليل.
  • الأشخاص المتطرفين سياسيًا، والمنحازين لأفكار معينة، فهم يميلون للأخبار والمعلومات التي تدعم معتقداتهم والتي تزيد من قناعاتهم الحزبية.

 

كيف يمكن الحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات؟ 

إن أحد أهم طرق الحد من انتشار الأخبار الزائفة هو الشخص المتلقي للخبر، وهنا يكمن التساؤل، كيف يمكن أن يكافح المتلقي الواحد مُجمل الأكاذيب والإشاعات التي تبثها عناوين الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية في حقبة تسير على عجلٍ؟
في عالم التكنولوجيا المُعاصِر، استطاعت الكثير من المنظمات والجهات المعنية سواء الصحفية وغير الصحفية تضليل العقول والآراء من خلال نشر الأخبار الزائفة والإشاعات التي تتناسب مع مصالحهم وأهدافهم، وهذا ما وضع الجمهور المتلقي أمام مسؤولية كبيرة تجاه ما عليه أن يُصدقه أو يُكذبه، ينتمي إليه أو يكافحه. وبناءً على ذلك، يمكن القول أن الشك وعدم تصديق كل ما يرد من أخبار هي أحد الوسائل الأولية المنيعة أمام هذا الكم الهائل من المعلومات غير الموثوقة.

ويعتبر التشكيك المستمر بصحة الأخبار وخاصة تلك التي تؤثر بشكل مباشر على الرأي العام، أو التي تميل لبث الفتن بين الناس، مسؤولية تقع على عاتق كل فرد قد يكون عرضة للتفاعل معها ويكون جزء من انتشارها بمجرد تصديقه لها، إلى جانب المسؤولية الواقعة على عاتق المؤسسات المختصة في توجيه وتوعية الناس في كيفية التعامل مع كل ما يرد من أخبار. لكن في النهاية، إن التشكيك بالخبر وحده لا يكفي للحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات.

ولتوضيح ذلك، فيما يلي أهم الطرق التي من الممكن أن يكون لها دور فاعل في الحد من انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات:

  • للصحافة الاستقصائية دورٌ مهم في محاربة التضليل والأخبار الزائفة، إذ يمكن من خلال المنصات المحاربِة للتضليل:
  • فلترة المنصات التي يعتمد الناس عليها في الحصول على أخبارهم، ومن ثم تصنيفها وتقديمها للجمهور بشكلها الحقيقي.
  • دور الصحافة الاستقصائية في عمل ورشات وندوات تُحسِّن من الوعي الجمعي، وتجعل الجمهور أكثر إدراكًا لحقيقة وأهداف ما يتم قراءته وسماعه ومشاهدته باستمرار، وحثهم على ضرورة عدم تصديق كل ما يُنشر ويُذاع على شبكة الإنترنت وغيرها من وسائل نشر الأخبار.
  • من الممكن أن تُساهم الحكومة في محاربة التضليل في حال كانت غير استبدادية وغير متعصبة لرأي ما أو جهات معينة، وذلك من خلال:
  • دور الحكومة في تشجيع عمل الصحافة المستقلة والمهنية، بعيدًا عن الانغماس في طرح قضايا معينة وإخفاء قضايا أخرى.
  • على الحكومات فسح المجال للصحافة للوصول إلى الحقيقة ومساعدتها على تغطية الخبر بشكل صحيح.
  • من المهم أن تفسح الحكومة للمنصات الاستقصائية الموجودة على الإنترنت المجال في رقابة المحتوى، دون فرض عقوبات عامة على من ينشر الأخبار الزائفة، وذلك منعًا من اختلاط المفاهيم الديمقراطية بما فيها من حرية تعبير مع الأخبار الزائفة والإشاعات. 
  • تمكين الأفراد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتعليمهم كيفية محاربة التضليل وعدم تصديق كل ما يرونه من خلال المؤسسات التعليمية، وخاصة الأشخاص الجدد في العالم الرقمي، بالإضافة إلى تحسين جودة استهلاكهم للإنترنت والمعلومات الموجودة فيه.

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على