` `

هل السائل الشفاف يسبب الحمل؟

صحة
8 يوليو 2020
هل السائل الشفاف يسبب الحمل؟
لم تثبت الأبحاث الطبية وجود حيوانات منوية في السائل الشفاف (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

ما هو السائل الشفاف (المذي)؟

السائل الشفاف أو سائل ما قبل القذف أو المذي كما يطلق عليه في اللغة العربية الفصحى، وهو عبارة عن سائل من سوائل الجسم يتم إفرازه من العضو الذكري أثناء التحفيز الجنسي أو الجماع أو في بعض الأحيان أثناء التفكير بممارسة الجنس. يتم إفراز هذا السائل من غدد كوبر (Cowper’s Glands) وهي عبارة عن غدتين صغيرتي الحجم تقع في عضلة الإحليل أسفل غدد البروستات في الجهاز التناسلي الذكري. أغلب الذكور لا يلاحظون عندما يتم إفراز هذا السائل ولا يستطيعون التحكم بإفرازه أو إيقافه، فما هي  وظيفة السائل الشفاف، وهل السائل الشفاف يسبب الحمل؟

 

وظيفة السائل الشفاف (المذي)

  • يساعد السائل الشفاف في تسهيل ممارسة العملية الجنسية، إذ يعمل على ترطيب القضيب والمهبل لتسهيل عملية الإيلاج، حيث يعمل كمادة مزلقة طبيعية.
  • يعتبر السائل الشفاف مادة منظفة ومطهرة طبيعية، إذ يعمل على تنظيف وتعقيم مجرى البول قبل أن يقوم الرجل بقذف المني، وذلك لضمان الحفاظ على نظافة السائل المنوي وعدم نقله أي ملوثات قد تكون موجود في المجرى البولي.
  • يعمل السائل الشفاف على تسهيل خروج السائل المنوي ذو الطبيعة اللزجة وتسهيل حركة الحيوانات المنوية.
  • معادلة الوسط الحمضي في عضلة الإحليل ومجرى القضيب الناجم عن البول، حيث أن الوسط الحمضي غير مناسب للحيوانات المنوية وقد تؤدي الحموضة إلى قتلها.
  • معادلة البيئة الحمضية في مهبل المرأة، وكما ذكرنا في النقطة السابقة فإن الحموضة من الممكن أن تؤدي إلى مقتل الحيوانات المنوية، فيقوم السائل الشفاف بمعادلة حمضية المهبل لضمان بقاء الحيوانات المنوية في مهبل المرأة على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة حتى تتمكّن من تخصيب البويضات في مهبل المرأة.

 

هل إفراز السائل الشفاف مشكلة صحية؟

تختلف كمية السائل الأبيض التي يفرزها  الرجل من شخص إلى آخر، حيث أن هناك رجالًا لا يفرزون هذه المادة أبدًا، وهناك رجال يفرزونها بشكل قليل، وقد يفرز البعض الآخر كمية كبيرة منه.

في حالة إفراز السائل الشفاف بصورة مفرطة، وهذه حالة تسمّى سلس المذي، وقد تظهر هذه الحالة ليس فقط في الممارسات الجنسية، بل يمكن أن يلاحظها بعض الرجال أثناء ممارسة الرياضة أو حمل أشياء ثقيلة.

لم يصنّف الطب حالة سلس المذي كحالة مرضية، ولكن وجدت الأبحاث أن من أسباب هذه الحالة التفكير الدائم بالأمور الجنسية، أو الضغوط النفسية حيث وجد أن بعض الرجال يفرزون السائل الشفاف عند الشعور بالقلق والتوتر.

 

هل السائل الشفاف يسبب الحمل؟

لم تثبت الأبحاث الطبية وجود حيوانات منوية في السائل الشفاف، لكن وجد أنه يحتوي على بعض المواد التي يحتويها السائل المنوي مثل حمض الفوسفاتيز (Acid Phosphatase).

لكن عدم وجود حيوانات منوية في السائل الشفاف لا يعني أنه لا يسبب الحمل، فمن الممكن أن يتواجد به حيوانات منوية في حالة كان الرجل قد أفرز كميات كبيرة منها في الجماع السابق ولم يتم تنظيف مجرى القضيب منها بشكل تام، فقد تخرج من الرجل مع السائل الشفاف في الجماع التالي، وبالتالي فالجواب على سؤال هل السائل الشفاف يسبب الحمل؟ في الحقيقة أنه يوجد احتمالية ولو ضعيفة لحصول الحمل.

 

نصائح لتجنب الحمل بسبب السائل الشفاف

إذا كنت من الرجال الذين يتبعون طريقة السحب قبل القذف لتجنّب حمل المرأة، فعليك بأخذ إجراءات وقاية أخرى لتجنب حدوث الحمل:

  • الواقي الذكري

حتى لو كنت تريد اتباع طريقة السحب قبل القذف، حاول بالداية تجربتها بوجود الواقي الذكري، يساعدك ذلك في فهم جسمك حيث يساعدك ذلك في التحكم بعملية القذف وتوقيتها.

  • خطة طوارئ

في عملية السحب قبل القذف، تكون فرصة الخطأ عالية، لذلك ينصح بأن تتناول المرأة الشريكة حبة منع الحمل التي تؤخذ بعد الجماع.

  • الدورة الشهرية للمرأة الشريكة

يمكن معرفة الأيام الآمنة لممارسة الجماع والتي يصعب فيها حدوث الحمل.

 

هل يحدث حمل عند القذف أول المهبل؟

عندما يَحصل الجماع بين المرأة وشريكها ويقوم بقدف السائل المنوي في بداية المهبل فإنها قد تتساءل حينها هل يحدث حمل عند القذف أول المهبل؛ أم أنَّ ذلك مُستبعد. لذلك فمن المهمّ للمرأة وشريكها معرفة حقيقة الأمر علميًّا سواءً كانت ترغب في حصول الحمل أم تجنّبه من أجل التخطيط الصحيح للأسرة.

بدايةً يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّه في حال حصول الجماع وقيام الزوج بقذف السائل المنوي فمن المحتمل أن يحدث حمل عند القذف أول المهبل أو داخله، وحتّى أنّه بمجرد دخول القضيب لداخل المهبل فإنَّ احتمال الحمل يكون واردًا شرط دخول السائل المنوي للمهبل ووصوله للبيضة بعد اجتيازه عنق الرحم، لكن في الوقت ذاته يكون الحمل مستبعدًا جدًا إذا قامت المرأة بمسح السائل المنوي إذا كان القذف على فتحة الفُرج خارج المهبل.

ومن الناحية المثالية، لكي يحصل الحمل عند المرأة يجب أن يقوم شريكها بقذف السائل المنوي بالقرب من عنق الرحم قدر الإمكان، كما يكون حصول الحمل واردًا عندها طالما أنَّ السائل المنويّ يَصل إلى أيّ مكانٍ بالقرب من المهبل أو فتحة المهبل. وبالتالي فقد يحدث حمل عند القذف أول المهبل أو خارجه، أو يمكن أن يحدث أيضًا إذا لامس السائل المنوي أصابع إحدى الزوجين ووُضِعَت تلك الأصابع بالقرب من المهبل أو بداخله. كما قد يحدث الحمل حتى دون القذف إذا لامس القضيب المُنتصِب منطقة المهبل، فكميةٌ صغيرةٌ خارجةٌ من السائل المنوي -مجرد قطرة أو نقطتين- عند حصول انتصاب القضيب تكون كافيةً لإحداث الحمل عند المرأة، وهذا يحدث قبل القذف الفعلي ويسمى أحيانًا بسائل ما قبل القذف (pre-ejaculation).

لكن هناك بعض الشائعات المنتشرة عن السائل المنوي قد تجعل المرأة في حيرةٍ من أمرها بخصوص احتمال حدوث الحمل، ومن هذه الشائعات أنَّ الحيوانات المنوية الخارجة عند القذف تسبح باتجاهٍ واحدٍ فقط بصورةٍ أشبه سباقٍ رياضيٍّ كالماراثون متنافسةً مع بعضها حتى يصل الحيوان المنوي المحظوظ فقط ليخترق البويضة، لكن في الحقيقة لا تسبح الحيوانات المنوية بشكلٍ مستقيمٍ في معظم الأحيان. وغالبًا ما تُصنَّف قدرة الحيوانات المنوية على الحركة في واحدةٍ من ثلاث مجموعاتٍ:

  1. الحركة التقدمية: تتحرك بنشاطٍ في خطٍّ مستقيم أو دوائرٍ كبيرةٍ.
  2. الحركة غير التقدمية: نمطٌ آخرٌ باتجاهاتٍ عديدةٍ ما عدا إلى الأمام.
  3. غير متحركة: حيث لا تتحرك.

وحتى يحدث حمل عند القذف أول المهبل يتطلب ذلك وصول الحيوانات المنوية للبويضة من أجل إخصابها، وبالتالي تتطلب الحيوانات المنوية أكثر من مجرّد قليلٍ من الدّفع بواسطة الجهاز التكاثري الأنثوي لضمان وصولها إلى البويضة. حيث أنّه في الواقع تتم معظم هذه الحركة بواسطة عضلات الرحم موجّهةً الحيوانات المنوية على طول قناة فالوب باتجاه البويضة.

وعندما تدخل الحيوانات المنوية المهبل، فإنها تتلامس مع مخاط عنق الرحم، وهنا يقوم مخاط عنق الرحم بوظيفتين، أولهما القيام بحماية الحيوانات المنوية من حموضته؛ وثانيهما تصفية ورفض الحيوانات المنوية التي قد يمنعها شكلها وحركتها من الوصول إلى البويضة. حيث أنَّه لا تكون كلّ الحيوانات المنوية صحيةً وقابلةً للحياة، ولذلك لا تصل معظمها إلى البويضة أبدًا لعددٍ من الأسباب. فالشكل له تأثيرٌ كبيرٌ في نجاح الوصول، ويمكن أن يؤدي وجود رؤوسٍ متعددةٍ أو ذيولٍ غريبة الشكل أو أجزاءٍ مفقودةٍ إلى جعل الحيوانات المنوية غير صالحةٍ للعبور عبر الجهاز التناسلي للأنثى صولًا إلى البويضة. وحتى الحيوانات المنوية السليمة لا تنجح دائمًا في المنافسة، حيث يمكن للحيوانات المنوية أن تمر عبر قناة البيض وينتهي بها الأمر في السائل الخلالي للمرأة الذي يحيط بالأعضاء الداخلية، فقد تعوم الحيوانات المنوية حرفيًا في جسم المرأة ولا يتم تخصيبها أبدًا ولهذا فمن المحتمل ألّا يحدث حمل عند القذف أول المهبل في حال كانت الحيوانات المنوية غير قادرةٍ على الوصول إلى البويضة.

ويمكن للجهاز التناسلي للأنثى أن يُساعد الحيوانات المنوية لكي يحدث حمل عند القذف أول المهبل عن طريق ما يلي:

  1. تتوسّع جدران عنق الرحم وبالتحديد النسيج الموجود بين المهبل والرحم.
  2. تزداد أعداد الخبايا أو غدد عنق الرحم ويزداد حجمها أيضًا لتخزين مزيدٍ من الحيوانات المنوية.
  3. تقل ثخانة الحاجز المخاطي لعنق الرحم لذلك يسهل على الحيوانات المنوية المرور خلاله.

وهناك اعتقادٌ شائعٌ أنَّ الحيوانات المنوية بعد القذف تحتاج فقط للذهاب مباشرةً إلى البويضة، لكنّ ذلك غير دقيقٍ حيث إنها رحلةٌ طويلةٌ جدًا للوصول إلى البويضة لكن يبقى احتمال أن يحدث حمل عند القذف أول المهبل واردًا. وأثناء الجماع عندما تغادر الحيوانات المنوية القضيب، فإنها لا تتجه مباشرةً إلى الرحم، حيث أنّه في هذه الرحلة تلتصق بعض الحيوانات المنوية بالخلايا الظهارية لقناة البيض في قناة فالوب، أو يتم تخزينها في حجراتٍ صغيرةٍ تسمى "الخبايا" حتى تحدث ذروة الإخصاب عند المرأة المتمثلة بالإباضة. وفي طريق الإخصاب هذا يجب أن تمر الحيوانات المنوية قبل أن تصل إلى البويضة بهذه الأعضاء بالتسلسل:

  1. المهبل: وهو الجزء الأول والأبعد عن البويضة وهو غالبًا أول من يستقبل السائل المنوي عند القذف.
  2. عنق الرحم: وهو عبارةٌ عن قناةٍ أسطوانيةٍ صغيرةٍ تصل المهبل بالرحم.
  3. الرحم: وهو المكان الذي يلي عنق الرحم وفي جداره تعشش البويضة المخصبة وينمو الجنين أثناء الحمل.
  4. قناة فالوب: قناتان تربطان الرحم بالمبيضين، ممّا يسمح للحيوانات المنوية بالتحرك نحو البويضة من أجل إخصابها ثمّ الانتقال البويضة المخصبة إلى الرحم للتعشيش.
  5. المبيضان: عضوان ينتجان البويضات التي يمكن تخصيبها لتُصبح أجنةً.

وبالتالي يمكن الإجابة على التساؤل المطروح هل يحدث حمل عند القذف أول المهبل بأنَّ ذلك واردٌ طالما أنَّ الشريك يُخرج حيواناتٍ منويةٍ خلال الجماع سواءً عن طريق القذف أو حتّى في سائل ما قبل القذف الذي يكون عبارةً عن سائلٍ شفافٍ يُطلقه الرجال عند الإثارة الجنسية. وعلى الرغم من أنّ هذا السائل لا يحوي على أيّ حيوانٍ منويٍّ بحدّ ذاته، إلا أنّه يمكن أن يختلط بالحيوانات المنوية التي تكون في طريقها للخروج من القضيب. حيث أنّه يمكن وجود الحيوانات المنوية في سائل ما قبل القذف عند أكثر من 40٪ من الرجال. ولهذا فعندما يتم القذف خارج الرحم أو داخله فاحتمال الحمل يبقى واردًا لارتباط الموضوع بالحيوانات المنوية وقدرتها على الوصول إلى الرحم وإخصاب البويضة؛ حتى لو أخرج الرجل قضيبه قبل أن يقذف حيث يبقى بإمكان الحيوانات المنوية في السائل المنوي إخصاب البويضة وإحداث الحمل عند المرأة.

 

هل يحدث حمل في القذف الثاني؟

عندما يَصل الرجل إلى النشوة الجنسية أثناء الجماع، فإنه يقوم بقذف السائل المنوي داخل المهبل. وقد يقوم الرجل بالقذف لأكثر من مرّةٍ بُغية زيادة فرص الحمل عند زوجته، ولذلك يسأل كثيرٌ من الأزواج هل يحدث حمل في القذف الثاني؛ أم أنّ عدد مرّات القذف غير مرتبطٍ بزيادة فرص حدوث الحمل عند المرأة. ومن جهةٍ أُخرى قد يكون الجماع لأجل المتعة فقط دون التخطيط لإنجاب طفلٍ، وهذا ما يجعل كلا الزوجين حينها في ريبةٍ من أن يحدث حمل في القذف الثاني أو حتى الأول.

في الحقيقة يعتمد مقدار الوقت الذي يستغرقه الحمل بعد ممارسة الجنس على الحالة، حيث يمكن أن يحدُث الحمل في غضون ساعاتٍ إلى أيامٍ، وعادةً ما يحدث الانغراس بعد حوالي أسبوعٍ من ذلك. ومن الناحية العلمية لا يوجد نوعٌ واحدٌ من الجماع يضمن حصول الحمل، حتى لو كان الشريكان يتمتعان بالخصوبة والصحة الجيدة ولا يستخدمان وسائل منع الحمل. ولكون كلمة الجماع أو ممارسة الجنس قد يكون لها عدّة معانٍ عند الناس، فسيكون استخدام هذا المصطلح هنا للإشارة إلى الجماع بين الزوجين الذي يتضمن القذف في المهبل.

ما هي كمية السائل المنوي في القذفة الواحدة؟

عند الحديث عن إمكانية أن يحدث حمل في القذف الثاني لا بدّ من معرفة كمية وتركيز وسُمك السائل المنوي في القذفة الواحدة، ففي كل مرّةٍ يقذف فيها الرجل يطلق 2-6 ملليلتر من السائل المنوي، أو حوالي 0.5-1 ملعقة صغيرة في المتوسط. ويحوي السائل المنوي الطبيعي على 40-300 مليون حيوانٍ منويٍّ لكل مليلتر منه. ورغم اعتبار عدد الحيوانات المنوية ما بين 10 و20 مليون حيوان منوي لكل مليلتر انخفاضًا عن العدد الطبيعي، إلّا أنّ عدد 20 مليون حيوانٍ منويٍّ لكل مليلتر قد يكون كافيًا لإحداث الحمل إذا كانت الحيوانات المنوية سليمةً.

وفي حال كانت كمية السائل المنوي في القذف الثاني أقلّ من 2-6 ملليلتر فقد لا يحتوي السائل المنوي حينها على حيواناتٍ منويةٍ كافيةٍ لإخصاب البويضة وإحداث الحمل عند المرأة. كما أنّه من ناحيةٍ أخرى فإنَّ وجود كميّةً أكثر من تلك الكمية أثناء القذفة الواحدة يمكنه أن يُخفف من تركيز الحيوانات المنوية.

لذلك، يجب أن يكون السائل المنوي سميكًا ليبدأ القذف به؛ ثمّ يصبح أقلّ سمكًا بعد مضيّ 10-15 دقيقة بعد القذف، حيث أنَّ بقاء السائل المنوي كثيفًا قد يؤدي إلى صعوبة حركة الحيوانات المنوية وبالتالي تقليل فرصة أن يحدث حمل في القذف الثاني أثناء الجماع. ويُقصد بتركيز الحيوانات المنوية، التي يُطلق عليها أيضًا كثافة الحيوانات المنوية، عدد الحيوانات المنوية بالملايين لكل ملليلتر من السائل المنوي، ويُعدّ كمية خمسة عشر مليونًا أو أكثر من الحيوانات المنوية لكل مليلتر أمرًا طبيعيًا.

كم مرّةً يمكن للرجل أن يقذف خلال الجماع؟

يوجد اختلافٌ من رجلٍ لآخر حيث يمكن للرجل أن يقذف السائل المنوي من مرّةٍ إلى خمس مرّاتٍ في جلسة جماعٍ واحدةٍ. كما قد يكون بعض الرجال قادرين على القذف أكثر من ذلك عند ممارسة العادة السرية أو جلسة الجماع الواحدة.

ويكون من الممكن القذف أكثر من مرّةٍ خلال الجماع فليس لدى الرجل كمّيةٌ محدودةٌ أو متناقصةٌ من السائل المنوي، لذلك فهو لن ينفذ عند تكرار القذف. فعندما يتم إطلاق السائل المنوي من الخصيتين والبربخ ويخرج من نهاية القضيب أثناء القذف، يبدأ الجسم على الفور في إنتاج المزيد منه. ولكن بالرغم من ذلك، قد يُلاحظ الرجل أنَّ كل قذفٍ لاحقٍ يَنتج عنه كمية أقلّ من السائل المنوي وهذا متوقعٌ، حيث أنَّ الجسم لن يَصل إلى تعبئة احتياطياته النموذجية من السائل المنوي في فترةٍ وجيزةٍ من الوقت بين مرّات القذف المتكررة والمتتالية.

ويكون عدد مرّات القذف مرتبطًا بطول فترة الحِران أو فترة الجموح (Refractory Period) الخاصة بكل رجل، حيث أنّه بعد القذف سيكون هناك فترة انخفاضٍ في الرغبة والاستثارة الجنسية، وخلال هذا الوقت قد لا يبقى القضيب منتصبًا؛ ولن يتمكن الرجل من القذف مرّةً أخرى. وتُعرف هذه الفترة بفترة المقاومة أو للاستثارة أو الجموح، حيث أنّها تختلف من رجلٍ لآخر. فبالنسبة للشباب، من المُرجّح أن يكون الوقت أقصر، ويستمر بضع دقائقٍ فقط. أمّا بالنسبة لكبار السن، فمن المحتمل أن تكون هذه الفترة أطول. ويمكن أن يكون أكثر من 30 دقيقة أو حتى عدة ساعاتٍ أو حتى أيامٍ، وهذا ما يجعل فرصة أن يحدث حمل في القذف الثاني أثناء الجماع متباينةً عند النساء حسب عمر أزواجهنَّ وطول هذه الفترة.

ويمكن أن تتغير فترات الحِرَان طوال حياة الرجل، فقد يكون الرجل قادرًا على تقصير فترة استعادة القدرة على القذف هذه من خلال القذف كثيرًا. ولكن بالرغم من ذلك، فإنَّ الوقت الذي يستغرقه الاستعداد للانتصاب والقذف مرّةً أخرى خارج عن إرادة الرجل إلى حدٍّ كبيرٍ. وقد يتمكن بعض الرجال من الوصول إلى النشوة الجنسية دون القذف. وبالمثل، قد يتمكّن الرجل من القذف أكثر من مرّةٍ دون وصوله إلى النشوة الجنسية.

هل يزيد تكرار القذف من احتمال حدوث الحمل؟

يُمكن للزوجة تحقيق معدّل حملٍ يزيد عن 30٪ عن طريق الطلب من زوجها قذف الحيوانات المنوية للمرّة الثانية على التوالي في يوم التقاط البويضات من أجل جمع مزيدٍ من الحيوانات المنوية و/أو زيادة العدد الإجمالي للحيوانات المنوية المتحركة.

ولكنَّ تكرار القذف خلال فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ من شأنه أن يؤثّر على مقاييس ومعايير الحيوانات المنوية عند الرجل، فقد لوحظ اتجاهٌ تنازليٌّ عامٌّ في مقاييس السائل المنوي الاعتيادي في التقييمات الثانية والثالثة والرابعة للقذف بعد ساعتين من الامتناع عن ممارسة الجنس مقارنةً بالتقييم الأول بعد 3-4 أيامٍ من الامتناع. كما أظهرت المقارنة الإحصائية لمقاييس وخصائص السائل المنوي الاعتيادي في التقييم الرابع بعد ساعتين من الامتناع عن ممارسة الجنس انخفاضًا معنويًا في معاملات التركيز وإجمالي عدد الحيوانات المنوية وإجمالي عدد الحيوانات المنوية المتحركة في التقييم الرابع.

وفي دراسةٍ أُخرى تم ملاحظة انخفاضٍ ملحوظٍ في حجم السائل المنوي في القذفة الثانية مقارنةً مع القذفة الأولى على الرغم من أنَّ عدد الحيوانات المنوية المتحركة؛ والحيوانات المنوية من الدرجة a وb في القذفة الأولى كانت أقلّ بكثيرٍ من تلك الموجودة في القذفة الثانية.

وتزداد احتمالية حدوث الإخصاب عند عدم القذف لفترةٍ. ويعمل التجدّد المستمر للحيوانات المنوية على ملء البربخ بالحيوانات المنوية الطازجة، وكلما طالت مدة تراكمها زاد عدد الحيوانات المنوية في القذف الواحد. ولذلك فإذا كان الزوجان يخططان لإنجاب طفل وبالتالي أن يحصل الحمل، فإن الانتظار لبضعة أيامٍ بين القذف يمكن أن يزيد فرصة أن يحدث حمل في القذف الثاني عند المرأة.

ويمكن للرجل زيادة فرصة الحمل عند زوجته عن طريق امتناعه عن القذف في الأسبوع الذي يسبق التبويض عندها، فسيؤدي ذلك إلى زيادة عدد الحيوانات المنوية إلى أقصى حدٍّ خلال فترة الخصوبة عندها. ومن ناحيةٍ أخرى، يمكن أن يؤدي القذف المتكرر إلى تقليل عدد الحيوانات المنوية في القذفة الواحدة، لذلك يمكن أن يساعد هذا في تجنب حمل الزوجة خاصةً إذا امتنعا عن ممارسة الجنس حتى انتهاء الإباضة.

ولذلك يمكن أن يحدُث حمل في القذف الثاني في حال كانت كمية ومقاييس السائل المنوي طبيعيةً وفي حال كانت خلال فترة خصوبتها، حيث أنَّ لقاء البويضة والحيوانات المنوية يمكن أن يحصل في غضون دقائقٍ أو خلال مدّةٍ قد تصل إلى 12 ساعةٍ بعد القذف.

 

القذف خارج المهبل أيام التبويض

قد يقوم بعض الأزواج عند الجماع بالقذف خارج المهبل أيام التبويض لتفادي الحمل في هذه الفترة، ولكن يبقى هناك شكٌّ في إمكانية حدوث الحمل عند إجراء ذلك، ويبقى لديهم تساؤلٌ عن مدى فائدة القذف خارج المهبل أيام التبويض في تجنّب حمل الزوجة حتّى لا يشعر الزوجان بالندم على قرارهما. لذلك سيتم التطرُّق لهذا الموضوع في هذه الفقرة لتوضيحه من وجهة نظرٍ علميةٍ.

ما هي طريقة السّحب أو القذف خارج المهبل أيام التبويض؟

إنَّ طريقة القذف خارج المهبل، والمعروفة أيضًا باسم "السّحب والإخراج" والمعروفة رسميًا باللاتينية باسم (coitus interruptus) أي "مُقاطعة الجماع"، هي إحدى الوسائل القديمة لمنع الحمل على الصعيد العالمي، حيث لا تزال هذه الطريقة إحدى أكثر طرائق تحديد النسل شيوعًا؛ لا سيما في المناطق التي لا تتوفر فيها الطرائق الحديثة لمنع الحمل.

وعندما يتم إجراؤها بشكلٍ مثاليٍّ في كلّ مرّةٍ وخصوصًا أيام التبويض، فإنَّ مُعدل فشلها في الوقاية 4% فقط وهو ليس أعلى بكثيرٍ من مثيله في الواقي الذكري الذي يكون 2%. وهذا يعني أنّ حوالي 4 من كل 100 امرأةٍ اعتمدت فقط على تطبيق طريقة القذف خارج المهبل أيام التبويض ستُصبحن حواملًا خلال عامٍ واحدٍ من تطبيقها.

لكن تلك الحماية في الحقيقية نادرًا ما تكون مثاليًّة وذلك لأنَّ بعض الرجال لا يستطيعون أن يُدركوا بشكلٍ موثوقٍ وقت اقتراب القذف وبالتالي فمن الممكن أن يقوموا بسحب القضيب من المهبل بعد فوات الأوان. إضافةً إلى ذلك فقد يَخرُج السائل المنوي بشكل متقطع أو على مدى فترة أطول من الزمن بدلاً من تجميع السائل وقذفه دفعةً واحدةً خلال قذفٍ واحدٍ فقط.

وقد لا يدرك كثيرٌ من الرجال أنَّ أعلى تركيزٍ للحيوانات المنوية يَكون في أول اندفاعٍ للسائل المنوي، وبالتالي فقد لا يكون توقيتهم صحيحًا. لذلك فالعاملون في مجال الصحة الإنجابية يرفضون إلى حدٍّ كبيرٍ تطبيق الرجال لطريقة السحب من أجل تجنّب الحمل عند زوجاتهنَّ، لأنّهم لا يعتقدون أنَّ الرجال لديهم القدرة وقوة الإرادة على السحب والقذف خارج المهبل في الوقت الصحيح في كلّ مرّةٍ. وفي الوقت نفسه، هناك نقصٌ في الأبحاث حول ما إذا كانت الحيوانات المنوية القابلة للحياة موجودةٌ بالفعل في حالة ما قبل القذف أم لا.

لكن من جهةٍ أُخرى، يُجمِع الأطباء والأخصائيون والباحثون من خلال أبحاثهم على أنَّ السائل ما قبل القذف بحدّ ذاته لا يحوي على حيواناتٍ منويّةٍ، أو ربما يحدث ذلك أحيانًا، ولكن ربما تلوث بالحيوانات المنوية التي تسرّبت من بقايا قذفٍ سابقٍ وخصوصًا إذا كان الشخص قد قذف مؤخرًا، كما أنّه من المُحتمل أن يكون هناك حيواناتٌ منويةٌ متبقّيةٌ من قذفٍ سابقٍ على القضيب. وبالتالي يمكن أن يحصل حملٌ من سائل ما قبل القذف في حال خروجه قبل قيام الزوج بالسحب في الوقت المناسب. لهذا فالأفضل افتراض أنَّ سائل ما قبل القذف عادةً ما يحوي على بعض الحيوانات المنوية، ممّا قد يجعل طريقة السحب معرّضةً للفشل كإحدى وسائل منع الحمل.

هل يمكن أن يحصل حملٌ بعد القذف خارج المهبل أيام التبويض؟

بشكلٍ عام إنّ البيئة خارج الجسم ليست المكان المثالي لبقاء الحيوانات المنوية حيةً، ومن أجل أن تعيش لفترةٍ أطول يجب أن تتوفّر لها الظروف الملائمة من درجة الحرارة والرطوبة؛ والقيمة المناسبة للأس الهيدروجيني pH. لكنها في الأحوال العادية لا تعيش سوى لدقائقٍ قليلةٍ خارج الجسم.

لكن يمكن أن يحصل الحمل عند المرأة بعد القذف خارج المهبل أيام التبويض، فالأمر لا يتوقّف على ولوج القضيب بكامله أو خروجه قبل القذف؛ ولكن على الحيوانات المنوية التي من الممكن أن تصل إلى البويضة وتُخصبها وبالتالي يحدُث الحمل. لذلك فأيُّ نطفةٍ دخلت المهبل ستكون بمثابة تهديدٍ للمرأة بحصول الحمل عندها خصوصًا أيام التبويض حيث تكون في كامل خصوبتها وتزيد معها فرصة حدوث الحمل.

لهذا من المهم للمرأة تجنّب الجماع أيام التبويض لتقليل فرص الحمل في حال لم تكن المرأة تخطّط هي وشريكها لذلك، فمعرفتها في أيّ مرحلةٍ من الدورة الشهرية يمكن أن يجعلها مطمئنّةً بشكلٍ أكبر. ومن أجل حصول الحمل، يجب بدايةً أن يحصل التبويض عند المرأة، ويحدث هذا عندما يُطلق المبيضان بويضةً، ثمّ أنّه ينبغي إخصاب البويضة من قبل نطفةٍ بعد مدّةٍ لا تتجاوز 24 إلى 48 ساعةٍ من الإباضة.

وعادةً ما يحدث التبويض في منتصف الدورة الشهرية عند معظم النساء، ويعدّ اليوم الذي تبدأ فيه الدورة هو اليوم الأول لها. وبشكلٍ عام، إذا كانت الدورة الشهرية مدتها 28 يومًا، فعادةً ما تحدث الإباضة في حوالي اليوم 14 أي بعد 14 يومًا من بدء الدورة. ومن ناحيةٍ أخرى يُمكن أن تظلّ الحيوانات المنوية القادمة من القذف قادرةً على البقاء حيّةً في جسم المرأة وإخصاب البويضة لمدةٍ تصل إلى 5 أيامٍ. لذلك، حتى لو كان لدى المرأة مدّة 5 أيامٍ قبل يوم الإباضة، فلا يزال بإمكانها الحمل إذا حصل جماعٌ خلال هذه الأيام الخمسة حتى مع القذف خارج المهبل.

أمّا بالنسبة لانتقال البويضات ونزولها، فيبدأ الانتقال عند الإباضة وينتهي بمجرد وصول البويضة إلى الرحم، وبعد الإباضة تحيط النهاية المُهدّبة لقناة فالوب (التي تشبه الإصبع) بالمبيض. وتكون المواقع اللاصقة على الأهداب المهبلية، والتي تقع على سطح في هذه الأهداب، مسؤولةً عن التقاط البويضات وحركتها في قناة فالوب، حيث تُشكّل الأهداب داخل القناة والتقلصات العضلية الناتجة عن حركة البويضة حركةً أماميّةً. ويستغرق الانتقال والعبور عبر القناة حوالي 30 ساعةً. ومن جهةٍ أُخرى، يُمكن أن تؤدي حالاتٌ مثل التهابات الحوض والانتباذ البطانيّ الرحمي إلى إضعاف وظيفة قناتي فالوب بشكلٍ دائمٍ، بسبب التندُّب و/ أو تلف الأهداب.

وبمجرد وصول البويضة إلى جزءٍ مُعيّنٍ من القناة يُسمى التقاطع الأمبولي البرزقي (ampullary-isthmic junction)، فإنها تبقى لمدة 30 ساعةً أخرى. ويحدُث الإخصاب (اتحاد الحيوانات المنوية بالبويضة) في هذا الجزء من القناة. ثم تبدأ البويضة الملقحة بالنزول السريع إلى الرحم. ويبدو أن فترة الراحة في القناة ضرورية للنمو الكامل للبويضة المخصبة وتحضير الرحم لتلقّي واستقبال البويضة. وقد تؤدي العيوب في قناة فالوب إلى إعاقة العبور والانتقال؛ وتزيد من خطر الحمل خارج الرحم.

ومن أجل ضمان تجنّب الحمل، على المرأة أن تقوم بحساب يوم التبويض بدقةٍ، وألّا تمارس الجنس خلال فترة 5 أيامٍ قبل الإباضة وحتّى يومين بعدها. لكن رغم ذلك، قد تختلف مواعيد التبويض بين النساء، وقد تجعل بعض العوامل تبويضهنَّ مبكرًا أو متأخرًا عن المعتاد. كما أنّه إذا كانت الدورة الشهرية غير منتظمةٍ، فسيكون من الصعب عليها حساب يوم الإباضة بدقةٍ، لذلك من المهمّ إجراء اختبار الحمل على أيّ حالٍ.

متى يحدث الاخصاب عند المرأة، وهل له علاقةٌ بأيام التبويض؟

يحدث الإخصاب عندما تلتقي البويضة والحيوانات المنوية في قناة فالوب، ولكي يحدث هذا يجب أن تكون المرأة في نافذة خصوبتها أي ضمن أيام التبويض. وهذا يعني أنها على وشك الإباضة أو أنها قد وصلت إليها توًّا، وهي اللحظة التي تخرج فيها البويضة من المبيض في كل دورةٍ شهريةٍ. ومن المهم معرفة أنّه لا يُمكن إخصاب البويضة إلّا ضمن مدّة 12-24 ساعةٍ فقط من لحظة إطلاقها. أمّا بعد ذلك، فتبدأ البويضةُ في التلاشي وتتبدّل الهرمونات في جسم المرأة الأمر الذي يعقبه بدأ الدورة الشهرية التالية عندها.

وبينما يبدو للمرأة من خلال ما سبق أنَّ فرصة إخصاب البويضة ضئيلٌ جدًا، يجب الأخذ في الاعتبار أنَّ التقديرات تشير إلى أنَّ السائل المنوي يحوي على ما يصل إلى 280 مليون نطفةٍ في كلّ قذفةٍ. وفي الظروف المثالية قد تعيش الحيوانات المنوية فعليًا لعدة أيامٍ حالما تصبح داخل الجهاز التناسلي الأنثوي.

هل يمكن أن تدخل الحيوانات المنوية بعد القذف خارج المهبل أيام التبويض؟

يَعتمد انتقال الحيوانات المنوية على عدة عواملٍ، فيجب أن تكون الحيوانات المنوية قادرةً على دفع نفسها عبر بيئة المهبل وعنق الرحم. كما يجب أن تكون هذه البيئة، التي تخضع للتحكم الهرموني الدوري، مواتيةً لقبول الحيوانات المنوية دون تدميرها. وأخيرًا يجب أن تمتلك الحيوانات المنوية القدرة على التحول إلى شكلٍ يمكنه اختراق غشاء البويضة حتى يتم الإخصاب.

بعد القذف، يُشكّل السائل المنوي مادةً هلاميةً توفر الحماية للحيوانات المنوية من البيئة الحمضية للمهبل، ويتم تسييلها في غضون 20-30 دقيقةٍ بواسطة إنزيماتٍ مُفرزةٍ من غدة البروستاتا. وهذا التميُّع أو التسييلُ مُهمٌ لتحرير الحيوانات المنوية، ولذلك قد يحدث انقال وعبور الحيوانات المنوية إلى الداخل حتى بعد القذف خارج المهبل، أمّا البلازما المنوية فتُترَك في المهبل. وتنتقل الحيوانات المنوية المحمية ذات الحركة الأكبر عبر طبقات مخاط عنق الرحم التي تحمي مدخل الرحم. وأثناء التبويض، يُصبح هذا الحاجز المخاطيّ أرقّ ويُغيّر حموضته ممّا يخلق بيئةً أكثر ملائمةً للحيوانات المنوية.

يعمل مخاط عنق الرحم كخزانٍ لبقاء الحيوانات المنوية على قيد الحياة لفترةٍ طويلةٍ. وبمجرد دخول الحيوانات المنوية إلى الرحم، تَدفع الانقباضات الرحميّة الحيوانات المنوية إلى أعلى داخل قناتي فالوب، وتدخل الحيوانات المنوية الأولى القناتين بعد دقائقٍ من القذف إذا تمّ داخل المهبل، ومن المحتمل أيضًا ألّا تكون الحيوانات المنوية الأولى هي الحيوانات المنوية المُخصِبَة.

لذلك قد يؤدي أيّ جماعٍ دون وسيلةٍ للحماية في غضون حوالي 5 أيامٍ من الإباضة إلى ترك عددٍ كافٍ من الحيوانات المنوية في الانتظار وجاهزةً للإخصاب. بمعنى آخر، قد يحدث حملٌ عند المرأة إذا حصل الجماع قبل أسبوع تقريبًا من الإباضة في حال كانت الحيوانات المنوية السليمة تندفع باتجاه وجهتها النهائية حتّى لو كان القذف خارج المهبل أيام التبويض. وعلى الجانب الآخر، يُمكن أن يحدث الحمل بعد وقتٍ قصيرٍ جدًا من ممارسة الجنس أيضًا، فالحيوانات المنوية يمكنها التنقُّل في الرحم وقناتي فالوب للوصول إلى البويضة في أقرب وقتٍ بعد 30 دقيقةً من القذف.

وفي حين أنه لا توجد وسيلةٌ مضمونةٌ لمنع الحمل، ومن ضمنها طريقة القذف خارج المهبل أيام التبويض، فإنّ احتمال حدوث الحمل يكون أقلّ بكثيرٍ إذا تمّ استخدام الواقي الذكري أو أيّ شكلٍ آخر من وسائل منع الحمل، مثل حبوب منع الحمل أو اللولب.

 

هل يموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء؟

قد ترغب بعض النساء في إزالة السائل المنوي من المهبل بعد ممارسة الجنس إمّا لأسبابٍ صحيةٍ أو لمحاولة منع الحمل. لذلك قد تتساءل بعضهنَّ هل يموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء أو بالماء والصابون معًا؛ أو هل هناك طرائقٌ لإزالته من المهبل. ومن خلال هذه الفقرة سيتم تسليط الضوء على عمر السائل المنوي ومدة بقائه والعوامل المؤثرة فيه والخرافات الشائعة عن ذلك، بالإضافة إلى الطرائق المتبعة الناجحة لتحديد النسل.

وللإجابة على التساؤل الشائع هل يموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء حقًّا؛ لا بدّ بداية من معرفة أنَ السائل المنوي هو مزيجٌ من السوائل التي تحوي على الفيتامينات والمعادن والحيوانات المنوية. وتكون الحيوانات المنوية هي الخلية التناسلية الذكرية، وعندما تتحد مع بويضة الأنثى، فقد يتم إخصابها ويؤدي ذلك إلى الحمل. كما يجب أيضًا الأخذ بعين الاعتبار أنَّ الحيوانات (الخلايا) المنوية لا تستطيع البقاء على قيد الحياة لفترةٍ طويلةٍ بمجرد تعرضها للهواء خارج الجسم، وبالتالي فإنّها خارج بيئتها ستموت خلال دقائقٍ. وتعتمد المُدّة التي يمكن أن يعيشها الحيوان المنوي على البيئة التي يتم إطلاقه فيها ومدى سرعة جفاف السائل المحيط بالخلايا المنوية.

ومن ناحيةٍ أخرى، يكون عمر الحيوانات المنوية بعد القذف داخل جسم الأنثى محدودًا، حيث يمكن للحيوانات المنوية أن تعيش داخل جسمها لمدة 5 أيامٍ تقريبًا. ويحتوي السائل الموجود في الجهاز التناسلي للمرأة على جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها الحيوانات المنوية لبقائها على قيد الحياة خلال تلك الفترة. وبمجرد دخول الجهاز التناسلي للأنثى، يجب أن تسبح خلايا الحيوانات المنوية عبر عنق الرحم إلى الرحم للوصول إلى قناتي فالوب والبويضة الأنثوية، وتكون هذه الرحلة طويلةً جدًا بالنسبة للحيوانات المنوية ويبقى عددٌ قليلٌ جدًا منها على قيد الحياة خلال هذه الرحلة.

ما هي المدة التي يمكن أن تعيش فيها الحيوانات المنوية على الأسطح؟

تعتمد الإجابة على عددٍ من الأشياء، ولكن الأهمّ هو مكان تواجد الحيوانات المنوية. حيث تموت الحيوانات المنوية عندما تجفّ، لذلك يتوقّف ذلك على مدى سرعة جفافها. ويموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء العذب كمياه الصنبور بسبب الصدمة التناضحية حيث أنّه ينفجر لأنّ الضغط الاسموزي للماء يتسبّب في تشتت الحيوانات المنوية ويفصلها عن السوائل الواقية في السائل المنوي. كما أنَّ الصابون والمنظفات مثل تلك التي تستخدم لغسل اليدين تقتله أيضًا، لأنَّ هذه المواد تُزيل غشاء الخلية المنوية من الحيوانات المنوية، وبالتالي تقتل هذه الطرائق الحيوانات المنوية بسرعةٍ كبيرةٍ حيث يموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء بعد فترةٍ قصيرةٍ.

ومن الجدير بالذكر أنّه رغم سهولة قتل الحيوانات المنوية نسبيًا على الأسطح البيئية وموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء بعد فترةٍ قصيرةٍ، فإنّه لا ينبغي محاولة استخدام الماء أو المنظفات لقتلها في المهبل أو في الجهاز التناسلي للأنثى بشكلٍ عامٍ. حيث يحمي الجهاز الأنثوي قوام السائل المنوي البشري الشبيه بالهلام من الاختلاط جيدًا بالماء بمجرد دخوله إلى جسد الأنثى. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يكون الماء والمنظفات ضارةً بالأنسجة، وهذه ليست استراتيجيةً جيدةً لتحديد النسل.

أمّا على الأسطح الجافة، مثل الملابس أو الفراش، فتكون الحيوانات المنوية ميتةً في الوقت الذي يجفّ فيه السائل المنوي. بينما في الماء، مثل الحمام الدافئ أو حوض الاستحمام الساخن، فمن المحتمل أن تعيش الحيوانات المنوية لفترةٍ أطول لأنّ الأماكن الدافئة والرطبة تُلائم حياتها. لكنَّ احتمالات أن تجد الحيوانات المنوية التي قد تكون في حوض الماء طريقها داخل رحم المرأة وأن تتسببّ في إحداث الحمل منخفضةٌ للغاية، حيث أنَّ درجة حرارة الماء أو المواد الكيميائية المستعملة عند الاستحمام ستقتل الحيوانات المنوية في ثوانٍ. ورغم أنَّ الحيوانات المنوية في حوض الاستحمام المملوء بالماء الدافئ قد تعيش لبضع دقائقٍ فقط، فإنّها وإن وصلت إلى جسم المرأة ستحتاج إلى دخول المهبل بسرعةٍ بعد رحلتها عبر كل تلك المياه، ثم ستحتاج إلى المرور عبر عنق الرحم ومن ثم إلى الرحم. لذلك يكون من المستبعد جدًا حدوث الحمل في هذه الحالة.

هل يمكن إزالة السائل المنوي من المهبل بعد القذف؟

في حين أنَّ العلاقات الجنسية بين الزوجين قد لا يكون الغرض منها إنجاب الأطفال فقط، لذلك قد ترغب بعض النساء في إزالة السائل المنوي من المهبل بعد ممارسة الجنس؛ لأنهنَّ يعتقدن أنَّ ذلك أكثر نظافةً لهنَّ، أو يأملن أن يمنع ذلك حدوث الحمل عندهنَّ. ويدخل السائل المنوي الرحم في غضون دقائقٍ فقط من القذف، وبمجرد دخول الحيوانات المنوية إلى الرحم لا توجد طريقةٌ مثبتةٌ علميًا لإزالتها أو قتلها، في حين أنّه قد يخرج بعض السوائل من المهبل خلال بضع دقائقٍ وحتى عدة ساعاتٍ بعد الجماع. وعلى الرغم من أنَّ بعضًا من هذه السوائل قد يحوي على حيواناتٍ منويةٍ، إلا أنّه سيكون مكوّنًا بشكلٍ أساسيٍّ من مزيجٍ من البروتينات والفيتامينات من القذف.

وفي حين أنَّ بعض الأدلة القصصية من النساء تشير إلى وجود طرائقٍ لإزالة السائل المنوي من المهبل، إلّا أنّه لا يوجد دليلٌ علميٌّ يدعم هذه الادعاءات. وقد تتضمن بعض هذه الادعاءات تطبيق الأساليب التالية:

  1. التبول: يوجد اعتقادٌ خاطئٌ عند بعض النساء أنّ التبول بعد ممارسة الجنس يُمكنه أن يُخرج ويُزيل الحيوانات المنوية من المهبل. لكنّ ذلك غير صحيحٍ، فعندما تتبوّل المرأة يخرج البول من فتحةٍ صغيرةٍ فوق المهبل تُسمى الإحليل وليس من الرحم أو المهبل حيث تكون الحيوانات المنوية موجودةً بعد حصول القذف، لذلك فإنَّ التبول بعد ممارسة الجنس لن يُزيل الحيوانات المنوية من المهبل.
  2. الاستحمام أو الغسل: قد تستحم النساء أو تغسل المهبل بضخ المياه فيه في محاولةٍ لإزالة السائل المنوي منه، لكن من غير المحتمل أن ينجح هذا الأمر في إزالة الحيوانات المنوية منه، وذلك لأنّ الماء لن يكون قادرًا على الوصول تمامًا إلى السائل المنوي في الرحم وغسله بالكامل دون ترك أثرٍ منه. إضافةً إلى ذلك فإنَّ الدُّش المهبلي يُقلل من عدد البكتيريا الصحية في المهبل، ممّا قد يؤدي إلى مشكلاتٍ صحيةٍ مختلفةٍ أو حدوث تهيّجاتٍ.

 وبالتالي إنَّ غسل المهبل بالماء أو السوائل الأخرى لا يعمل كوسيلةٍ لمنع الحمل، حيث أنَّ الحيوانات المنوية تسبح بسرعةٍ. وبحلول الوقت الذي تغسل فيه المرأة مهبلها بالماء (الدُّش المهبلي)، يكون كثيرٌ من الحيوانات المنوية قد دخل بالفعل إلى رحمها. غير أنَّه في الواقع يُمكن أن يؤدي الغسل إلى دفع مزيدٍ من الحيوانات المنوية إلى الأعلى باتجاه الرحم، وبالتالي فقد يأتي ذلك بنتيجةٍ عكسيةٍ ويزيد أيضًا من خطر الإصابة بالتهابات المهبل والأمراض المنقولة جنسياً 

  1. الجلوس في حوض الاستحمام: يكون الجلوس في حوض الاستحمام المملوء بالماء، وأحيانًا الصابون أيضًا، لإزالة السائل المنوي مبنيًّا على فكرة أنّ الماء سيغسل السائل المنوي الموجود في المهبل وحينها سيموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء. لكنَّ ذلك لن ينجح فعليًّا، لأنَّ الماء لن يصل إلى الرحم تمامًا حتى لو جلست المرأة في حوض استحمامٍ مملوءٍ بالمياه.
  2. استخدام الخل: تعتقد بعض النساء أنَّ وضع الخل في المهبل قد يقتل الحيوانات المنوية بسبب ارتفاع نسبة حموضة الخل. ولا يوجد دليلٌ علميٌّ على ذلك؛ غير أنَّ وضع الخل في المهبل قد يؤدي إلى تهيجه. لذلك، إذا رغبت المرأة في تنظيف المهبل والفُرج بعد ممارسة الجنس، فإنَّ الطريقة الأكثر أمانًا للقيام بذلك هي باستخدام الصابون غير المُعطر والماء الدافئ من الخارج فقط.

إذًا، فالسؤال المطروح هنا هل يموت الحيوان المنوي إذا غُسل بالماء يتطلّب أولًا معرفة أنَّ الحيوانات المنوية لا تعيش طويلًا خارج الجسم وتتطلب بيئةً مناسبةً لتبقى حيّةً مثل بيئة المهبل ورغم ذلك فإنَّ حياتها لا تزيد عن 5 أيامٍ في الظروف المثالية، إضافةً لأنَّ الضغط الاسموزي للماء والمواد الكيميائية في المنظفات تقتل الحيوانات المنوية. لكن قبل التفكير في غسل السائل المنوي بالماء أو أيّ وسيلةٍ لاحقةٍ بعد أن يتمّ القذف، يجب أن يتمّ التخطيط مسبقًا بالاتفاق بين الزوجين لتحديد الغرض من الجماع. كما أنّه مهما كانت وسائل وطرائق منع الحمل مضمونةً، يبقى استخدام الواقي الذكري واللولب أفضلها وأكثرها أمانًا لتجنّب الحمل .

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على