تحقيق مسبار
بحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ هناك حوالي الخمسين مليون شخص حول العالم مصابون بمرض الصرع، ممّا يجعله المرض العصبي الأكثر انتشارًا في العالم. يعيش 80% من هؤلاء المصابين في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، ويستجيب نحو 70% من المصابين بالمرض للعلاج.
في هذه المقالة سوف نتعرّف على مرض الصرع، تاريخه، أسبابه، أعراضه، علاجه، وهل الصرع وراثي أم لا.
مرض الصرع عبر التاريخ
في المتحف البريطاني يوجد كتاب طبٍ بابليٍ يتكون من أربعين لوحًا مُكونةً كتابًا طبيًا يعود تاريخه إلى 2000 سنة قبل الميلاد، على أحد هذه الألواح هناك شرح مفصل عن الصرع، يذكر اللوح هذا بدقةٍ عاليةٍ العديد من النوبات المختلفة التي تعرّف عليها العلم مؤخرًا كنوبات صرع، الكتاب لا يذكر أي تفسيرٍ طبيٍ لهذه النوبات، إنمّا يحيلها ويربطها لأرواحٍ أو آلهةٍ غالبًا ما تكون شرّيرة، لذلك كان علاج هذه النوبات روحاني إلى حد كبير.
بعد ذلك، ذكر أبقراط مرض الصرع في أطروحته الشهيرة "المرض المقدس"، لكنّ أبقراط اعتقد أنّ الصرع لم يكن مقدسًا بل عبارة عن اضطرابٍ في الدماغ، وأوصى بالعلاجات الجسدية بدل الروحية وحذّر من تحوّله إلى مرضٍ مزمنٍ إذ لن يصبح قابلاً للعلاج في هذه الحالة. كانت وجهة النظر هذه ثورية في تاريخها، حيث كان الناس وعلى رأسهم رجال الدين يظنون أن السبب وراء الصرع هو مسٌ أو شيطانٌ أو روحٌ شريرةٌ كما كان يعتقد البابليون.
أمّا تعبير الصرع، فالمصطلح مشتق من الكلمة اليونانية (epilepsia) والتي تعني السيطرة على أو التحكّم بـ، ولم يظهر التعريف الطبي للصرع كاضطرابٍ في الدماغ إلا في القرن الثامن عشر.
ما هو الصرع؟
الصرع هو عبارة عن اضطرابٍ يصيب الدماغ قد يكون لمرةٍ واحدةٍ أو مزمنًا. يظهر مرض الصرع على شكل نوباتٍ متكرّرة، تكون هذه النوبات وجيزةً تتسّم بحركةٍ لا إراديةٍ قد تكون جزئية أي تصيب جزءًا من الجسم فقط أو نوباتٍ عامةٍ تصيب الجسم كاملًا، قد يصاحب هذه النوبات عدم القدرة على التحكم بحركة الأمعاء والمثانة، وفي بعض الحالات يصاحبها فقدان للوعي.
تنتج هذه النوبات السابقة الذكر عن فرط في الشحنات الكهربائية التي تنتجها خلايا الدماغ، ومن الممكن أن تنطلق هذه الشحنات من جزءٍ واحدٍ أو من عدة أجزاءٍ من الدماغ، وتتراوح النوبات بين غفلةٍ في الانتباه إلى تشنّجات في العضلات بشكلٍ خاطفٍ أو تشنّجات ممتدة. كما أن هذه النوبات تختلف من حيث تواترها، فقد تظهر مرةً واحدةً في السنة وقد تتكرّر عدة مراتٍ في اليوم.
أعراض الصرع
يوجد عدة أنواعٍ لأعراض نوبات الصرع، لكننا سوف نذكر النوعين الأساسيين وهما:
- النوبات الجزئية:
تنتج هذه النوبات عن خللٍ في منطقة معينة في الدماغ، تُسبب شللًا في وظيفةٍ معينةٍ من وظائف الجسم، فقد يشعر المريض عند الإصابة بها بتنميلٍ في اليد أو الرجل أو ربما قد يشم روائح كريهة. أما إذا كانت هذه النوبة الجزئية مركّبة فقد يشعر المصاب بالخوف أو قد يفقد حاسة الإدراك وتصبح حركاته لا إرادية.
- النوبات الشاملة:
خلال هذه النوبات تنتشر الشحنات الكهربائية في كافة أجزاء الدماغ، ويضم هذا النوع من النوبات نوبات الصرع الكبرى، وتكون أعراض النوبات الكبرى هذه على شكل تشنجاتٍ عضلية وازرقاق الشفتين وفقدان الوعي، وعادة ما تستمر هذه النوبات من دقيقةٍ إلى دقيقتين.
أسباب الإصابة بمرض الصرع
حوالي 60% من حالات الإصابة بمرض الصرع غير معروفة السبب، إذ هناك عوامل كثيرة قد تصيب الدماغ وتحدث خللًا في خلاياه، ومن هذه العوامل:
- إصابة عنيفة بالرأس.
- هز الأطفال الرضّع بشكل عنيف.
- تناول المخدرات والعقاقير بطريقة مبالغ فيها.
- السكتات الدماغية.
- الأورام السرطانية.
- الوراثة.
هل الصرع وراثي؟
مرض الصرع ليس وراثيًا في غالبية الحالات المصابة، لكن في عددٍ قليلٍ من الحالات لوحظ أنّ هناك احتمالًا لوجود عاملٍ وراثيٍ للصرع، لكنّ هذا العامل الوراثي يحتاج لتوفّر ظروفٍ معينةٍ حتى يصاب الشخص بنوبات الصرع. ولكن احتمالات أن يرث الأطفال الصرع من ذويهم منخفضة.
هل مرض الصرع يُورث؟
تعتبر العوامل الوراثية من أهم الأسباب التي يمكن أن تنتقل من خلالها الأمراض عبر أفراد العائلة. ويتم ذلك بانتقال الجينات المورِّثة للمرض من أحد أفراد العائلة إلى أحد أفراد الجيل اللاّحق. واكتشف العلماء وجود ما يناهز 500 مورّث مرتبط بالصّرع. وعلى الرغم من كثرة المورّثات، إلا أن مخاطر أن يكون مرض الصرع يورّث تبقى منخفضةً إلى حدٍ ما. وقد يرث المريض ما يسمى بعتبة نوبة الصرع، التي لا تُعرّضه لخطر الإصابة إلاّ إذا كانت منخفضة، بينما تعني عتبة نوبة الصرع العالية أو الطبيعية أن صاحبها أقل عرضةً للإصابة بالمرض.
ولا يُنجب معظم الآباء المصابين بالصرع أطفالًا مصابين بالمرض نفسه. وعمومًا يبلغ خطر الإصابة بالصرع بحلول سنّ العشرين حوالي 1 في المائة، أي أن واحدًا من كل 100 شخصٍ مصابٍ بهذا المرض، لكن إذا كان أحد الوالدين مصابًا بالصرع لأسبابٍ وراثية، فإن خطر توريث مرض الصرع والإصابة يرتفع إلى ما بين 2 و5 بالمائة. وهذا يعني أن الوراثة تعتبر من بين عوامل الخطر. وإذا كان الوالدان قد أصيبا بالصرع لأسبابٍ غير وراثية، مثل السكتة الدماغية أو إصابة الدماغ، فإن ذلك لا يؤثر على احتمالات توريثهم مرض الصرع وإصابة الأبناء به. ويمكن أن تسبّبَ بعض الحالات النادرة، مثل التصلب الحدبيّ والورم العصبيّ الِّليفيّ، نوبات الصرع. وهذه الأمراض هي التي يمكنها أن تُتناقل بين أفراد العائلات.
وتبقى مسألة هل مرض الصرع يُورّث دقيقةً جدًا وصعبة الحسم، فعلى سبيل المثال ليس كل من يعاني من إصابةٍ خطيرةٍ في الرأس (وهو سببٌ واضحٌ للنوبات) يصاب بالصرع. لكن قد يكون الأشخاص الذين يصابون بالصرع أكثر عرضةٍ لاكتشاف نوبات صرعٍ في أوساطهم العائلية. ويؤكد هذا التاريخ العائلي على أنه من السهل أن يتعرض من لديهم مصابٌ في عائلاتهم للصرع مقارنةً بالأشخاص الذين ليس لديهم ميل وراثي.
كما أن بعض أنواع الصّرع وراثيةً أكثر من غيرها. فنوبات الصرع التي تبدأ من جانبي الدماغ في وقتٍ واحدٍ تحيل على نوعٍ من أنواع الصرع يُسمى الصرع العامّ. من المرجح أن يكون مرض الصرع العام وراثيًا، ويتضمّن عوامل وراثية أكثر من الصرع الجزئي أو البُؤَري الذي يقتصر على جزءٍ واحدٍ فقط من الدماغ. ومع ذلك، فقد تم التوصل في السنوات الأخيرة إلى روابط وراثية لبعض أشكال الصرع الجزئي.
ويعتبر الإخوة والأخوات معرّضين لخطرٍ أعلى قليلًا من المعتاد، لأنه قد يكون هناك ميلٌ وراثيٌ في الأسرة للنوبات والصرع. ومع ذلك فإن معظم الإخوة والأخوات لن يصابوا بالصرع. ومن المرجح أن يحدث الصرع عند الأخ أو الأخت إذا كان الطفل المصاب بالصرع يعاني من نوباتٍ معمّمة. ولا يصاب معظم أطفال المصابين بالصرع بنوبات صرعٍ أو صرع. ومع ذلك، نظرًا لأن الجينات تنتقل عبر العائلات، فمن الممكن أن يكون مرض الصرع وراثيًا. ويمكن استنتاج الخلاصات التالية من علاقة الصرع بالوراثة:
- أقل من 2 من كل 100 شخص يصابون بالصرع في مرحلةٍ ما خلال حياتهم.
- الخطر بالنسبة للأطفال الذين يعاني آباؤهم من الصرع أعلى قليلًا.
- إذا كانت الأم مصابة بالصرع والأب لا يعاني منه، فإن الخطر يبقى أقل من 5 من كل 100.
- إذا كان كلا الوالدين مصابين بالصرع، فإن الخطر يكون أعلى قليلًا.
- لا يرث معظم الأطفال الصرع من أحد الوالدين، لكن احتمال وراثة بعض أنواع الصرع تكون أعلى.
ويساعد الوعي بمرض الصرع الكثير من الآباء والأمهات في اتخاذ القرار السليم بخصوص الإنجاب، فالكثير منهم يتخوفون من الإنجاب خوفًا من أن يكون الصرع وراثيًا وذلك حتى لا ينقلوا المرض إلى أبنائهم. لذلك عليهم أن يعلموا أن خطر انتقال الصرع إلى الأطفال يبقى منخفضًا. ولا ينبغي أن تكون إصابتهم بالصّرع سببًا لعدم إنجاب الأطفال.
أعراض الصرع عند الأطفال
تنبع خطورة الصرع عند الأطفال من صعوبة التشخيص والتأكد من الإصابة به. إذ ليس من السهل أبدًا التحقق من أن النوبات التي يمكن أن يعيشها الطفل ناتجةٌ عن مرض الصرع. قد لا تتجاوز نوبة الصرع دقيقةً واحدةً عند الأطفال، وقد يبدو حينها الطفل وكأنه غارقٌ في حلمٍ من أحلام اليقظة، ثم سرعان ما يعود دماغ الطفل إلى طبيعته. لكن تكرار النّوبات واستمرارها يؤكد الإصابة، وقد تكون سببًا في كثيرٍ من المشكلات في النمو والتّعلم لدى الأطفال المصابين. وتزداد الصعوبة كلما كان الطفل أصغر سنًا بسبب عدم قدرته على التعبير عمّا يشعر به.
لذلك يتعين على الآباء والمعلمين والمربين وغيرهم من البالغين الذين يعتنون بالأطفال معرفة علامات وأعراض الصرع عند الأطفال. من المهم أن يعرفوا أن العديد من هذه العلامات هي سلوكٌ طبيعيٌ في مرحلة الطفولة. ومع ذلك، إذا حدثت كثيرًا وبدت غير عادية، فمن الضروري اللجوء إلى الطبيب لأن بعض النوبات التي يعيشها الطفل لا تعني بالضرورة أنه مصاب بالصرع. إذ يمكن أن تتسبب الحمى الشديدة وبعض الأمراض أيضًا في حدوث نوبات، لذلك من المهم أن يأخذ الطبيب الوقت الكافي لتشخيص الحالة بشكل صحيح. ومن أجل هذا التشخيص الدقيق، لا بد من الانتباه لعلامات وأعراض الصرع عند الأطفال وهي قائمة طويلة تشمل العديد من الظواهر مثل:
- فقدان الانتباه لمدةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ وسلوك الذهول وفجوات الذاكرة والغمغمة أو عدم الاستجابة.
- السقوط المفاجئ والتعثر المتكرر أو سوء التصرف بشكل غير مألوف.
- حركات متكررة وغير معتادة مثل إيماء الرأس أو رفرفة العين.
- ألم مفاجئ في المعدة يتبعه ارتباك ونعاس.
- نعاس وتهيّج غير عاديين عند الاستيقاظ.
- الخوف أو الغضب المفاجئ والمتكرّر.
- حركات الانثِناء المتكررة عند الأطفال الرضع أثناء الجلوس.
- حركات الإمساك بكلتا الذراعين المتكررة عند الأطفال المستلقين على ظهورهم.
إن ملاحظة حدوث أيٍّ من أعراض الصرع عند الأطفال المذكورة أعلاه بشكلٍ متكرر، قد يكون دالًا على الإصابة بمرض الصرع. وينبغي على الآباء أن يسألوا المعلمين والمربين الذين يرافقون الأبناء في المدرسة عمّا إذا كانوا قد لاحظوا أيًّا من السلوكيات نفسها.
وتتنوع أعراض الصرع عند الأطفال حسب أنواع نوبات مرض الصرع. فنوبات هذا المرض تختلف من نوعٍ إلى آخر. ومن بين نوبات الصرع الشائعة عند الأطفال ما يلي:
- النّوبات البُؤرية: تُعرف النّوبات البؤرية أيضًا باسم النوبات الجزئية. إنها تؤثر فقط على جانبٍ واحدٍ من دماغ الطفل، ومن أهم أعراض هذه النوبة الهالة، وهي شعورٌ مفاجئٌ غير معتادٍ، مثل " déjà vu" أو تغيّرات في السمع أو البصر أو الشّمّ.
- نوبات الوعي البُؤرية: عادةً ما تؤثر نوبات الوعي البؤري فقط على جزءٍ معينٍ من جسم الطفل، مثل الساق، ولا تسبّب فقدانًا للوعي. وتتمثل أعراض هذا النوع في العجز عن الاستجابة، ولكن يمكن للمصاب سماع وفهم محيطه. وتستمر هذه النوبات بشكلٍ عامٍ أقل من دقيقتين.
- نوبات الوعي البؤري الضعيف: تسبب نوبات الوعي البؤري الضعيف تغييرًا في الوعي. تدوم عادةً أقل من دقيقتين، ومن المرجح أن يبدو الطفل مستيقظًا للآخرين أثناء النوبة. يختبِر المصاب أعراضًا مثل الحركة اللاإرادية أو التصلب في جزء من الجسم، وقد تصدر عنه أصوات، لكنه لن يتفاعل أو يستجيب بشكل طبيعي.
- النوبات التّوتّرية الارتجاجية الثُنائية: تبدأ النوبات الارتجاجية البؤرية الثنائية في جانبٍ واحدٍ من دماغ الطفل، وتنتشر إلى كلا الجانبين. خلال المرحلة الأولى، يعاني الطفل من ضعفٍ في الوعي وتتصلّب عضلاته. وإذا كان واقفًا، فقد يسقط على الأرض وقد تتشنج عضلاته أو ترتعش.
أعراض ما بعد نوبة الصرع؟
يُقصد بمرحلة ما بعد نوبة الصّرع الفترة الزمنية التي تلي مباشرةً تعرض المريض لنوبة من نوبات مرض الصرع. وقد تمتد هذه الفترة الزمنية من ثوانٍ معدودة أو دقائقَ، وقد تصل أحيانًا إلى ساعاتٍ بل إلى أيامٍ. ويُعتقد أن مرحلة ما بعد نوبة الصرع تنتهي عمومًا بتعافي الدماغ من النّوبة.
وتتميز هذه المرحلة بظهور مجموعة أعراض ما بعد نوبة الصرع، وتختلف أنواع الأعراض وشدتها إلى حدٍ كبير حسب جزء الدماغ المصاب ومدة استمرار النوبة. ويمكن أن تشمل أعراض ما بعد نوبة الصرع تغييرات في السلوك والتفكير والمزاج والوظيفة الحركية. وتبرز هذه التغييرات في أعراض من قبيل:
- الإعياء.
- صداع الرأس.
- الغثيان.
- النعاس.
- فقدان الذاكرة.
- التشوش الذهني أو الضبابية.
- العطش.
- تعب في جزء من الجسم.
- رغبة قوية في التبول.
- صعوبة المشي.
- خلل في القدرة على الكلام أو الكتابة.
وإضافة إلى هذه الأعراض فإن السقوط أو الحركات التي تصاحب نوبة الصرع، يمكن أيضًا أن تخلّف بعض الإصابات التي قد تشمل صدمات الرأس وكسور العظام والكدمات وجروح اللسان بسبب العضّ. كما يمكن أن ينتج عنها أيضًا تأثيرات عاطفية، تشمل مشاعر الإحراج والقلق والإحباط والحزن والانفعالات والارتباك.
لكن أعراض ما بعد نوبة الصّرع قد تكون أحيانًا وفي بعض الحالات أكثر حدّة. فعند بعض المرضى يمكن أن تظهر أعراض عقلية أكثر صعوبةً كالهذيان والذهان. كما يُعدّ الصداع النصفي لما بعد النوبة من الأعراض الشائعة بين الأشخاص المصابين بالصرع. وبالمقابل قد يشعر بعض المرضى بسعادة غامرة بعد النوبة.
وتكمن أهمية أعراض ما بعد نوبة الصرع في أنها تساعد الأطباء أحيانًا في تحديد بؤرة النوبة، أي مكان بدء نشاط النوبة في الدماغ. ويمكن الربط بين هذه الأعراض وبين الجزء المصاب في الدماغ على سبيل المثال كما يلي:
- عُسر الكلام: هذا العَرَض يتجسد في صعوبة التحدث لدى الأشخاص الذين تعرضوا لنوبة الصرع، وهو دليلٌ على أن النوبة تركّزت في الجانب الدماغي المهيمن في الشق الأيسر من الدماغ المسؤول عن المقدرة الكلامية.
- شللُ ما بعد نوبة الصرع: يتمثل هذا العَرَض في ضعف مؤقت في اليد أو الرجل ويرتبط بالجهة المقابلة من الجسم للمنطقة التي تتركز فيها الإصابة في الدماغ.
- الحركات المتكررة: يتمثل هذا العَرَض في قيام المصاب بحركات متكررة بشكل شبه آلي مثل صفع الشفاه وفرك الأنف هي علامة شائعة دالّة على النوبات الجزئية المعقدة، والتي تظهر بشكل متكرر في الفَصّ الصدغي.
وبالنظر إلى خطورة أعراض ما بعد نوبة الصرع فإنها تتطلب تقييمًا وعلاجًا خاصّين. ويبدأ هذا العلاج أولًا بالتّشخيص الدقيق حيث تتعين مراجعة عوامل الخطر خصوصًا بالنسبة لعرَضين خطيرين هما الهذيان والذّهان اللذين يتبعان نوبة الصرع. كما أن السلوكيات الهائجة والُمربكة لدى المرضى بعد النوبات تحتاج بدورها إلى إدارةٍ جيدة تفاديًا لنتائجها وانعكاساتها على المصاب. ولهذا يحتاج الأطباء والعاملون في التّمريض والطوارئ الصحية إلى تدريبٍ دقيق لإدارة السلوكيات المرتبطة بالهذيان والذّهان النّاتجين عن نوبة الصرع من أجل حماية المرضى أثناء التدخل لإسعافهم.
كما يتطلب علاج حالات ما بعد نوبة الصرع التّعرف على الاضطرابات العصبية والجهازية الكامنة المرتبطة بالنوبات والهذيان مثل الاضطرابات الأيضية والنوبات غير التشنجية. كما يتعين على المعنيين بمتابعة المرضى المصابين بنوبات الصرع التدرّب على قواعد سلامة المرضى واتباع بروتوكولات الإسعاف المؤقتة، فقد تعرّض كثير من المرضى الذين يعانون من هذيان ما بعد نوبة الصرع مثلًا إلى ضغوطٍ أو حركات غير محسوبة نتج عنها كسورٍ أو تعرّض لخطر الاختناق. وفي هذا الإطار لا ينبغي السماح للسلوك الهائج بالتنامي والوصول إلى درجةٍ شديدةٍ خصوصًا مع فرط النّشاط اللاّإرادي والمضاعفات القلبية المحتملة.
وهذا يقتضي خضوع المرضى الذين يعانون من سلوكٍ هائجٍ وعنيفٍ للغاية بعد الإصابة بنوبة الصرع للعلاج بالأدوية، مع الحرص الشديد على تدقيق الجُرعات بعناية لتجنّب التّخدير وتفاقم الهذيان.
علاج الصرع
كما ذكرت المقالة في مقدمتها، فقط 70% من الحالات المصابة بمرض الصرع تستجيب للعلاجات بالأدوية، أمّا الـ30% المتبقية من الحالات وإذا لم يتفاعل المريض المصاب بالصرع مع أي نوعٍ من الأدوية، فقد يلجأ الأطباء إلى العمليات الجراحية لاستئصال المنطقة أو المناطق التي تُنتج الخلل الكهربائي المسبب للنوبات، وفي حالاتٍ أخرى يتم زراعة بطاريةٍ في جسم المريض تقوم بتخفيف حدة النوبات والوصول إلى وضعٍ يستطيع فيه المريض التعايش مع المرض وممارسة حياته اليومية.