تحقيق مسبار
قد تكون البغال أكثر الحيوانات شيوعاً في العالم، والتي تحظى بتقدير عديد من فلاحي العالم بسبب صلابتها وقوتها وطبيعتها سهلة الانقياد، لكن قليلون جداً من يستطيعون إجابة أسئلة بسيطة حول هذه الحيوانات، ومنها هل البغلة تلد؟ وكيف تتكاثر؟ وما هو موطنها؟
بعد قراءة هذا المقال سيكون بمقدرتك الإجابة عن العديد من تلك الأسئلة التي يشوبها الغموض حول البِغال.
ما هو البغل؟
البغل هو حيوان هجين، وُلِد نتيجة التناسل بين ذكر الحمار وأنثى الحصان، وأغلب البغال تمتلك جسد الحصان وأطراف الحمار، يمكن أن يتراوح ارتفاع البغال من 91 إلى 172 سم وذلك حسب حجم الفرس والفحل المُستخدم في التكاثُر، في بريطانيا تُعد البغال الأكبر حجماً أقل شيوعًا مما هي عليه في الولايات المتحدة الأمريكية، والبغال حيوانات قديمة جداً حيث تم استخدامها في عمليات الجَر والرُكوب، فمنذ استعمار أمريكا كانت البغال شائعة للغاية لدى الجيش البريطاني، واستُخدمت في كل من الحربين العالميتين وأثناء الحملات في الهند وآسيا، والبغال لها آذان أصغر من آذان الحمير، وذيولها تُشبه ذيل الحصان، واذا ما حاولت البغال الصهيل، عادةً ما ينتهي الأمر بها بالنهيق.
سِمات البغل
تتمتع البغال بالعديد من أفضل سمات والديها، حيث يمكنها تحمل الظروف المناخية المتطرفة، ربما بسبب أصول الحمير من أفريقيا وآسيا، في المواجهات الخطرة، ستختار البغال إما الهرب أو القِتال، مقارنةً بالخيول التي تُفَضل دائماً الهروب، وهذا يجعل البغل المُدرّب جيداً هادئاً وثابتاً للغاية، ولهذا السبب كان يتمتع بشعبية كبيرة لدى القوات المسلحة لحمل المتفجرات والذخيرة، حيث إنها أقل عُرضة للذُعر من الخيول في المواقف الخطرة، ويمكن أن تحمِل أكثر بكثير من الحمير.
تربية البِغال
في مُعظم جوانب الرعاية وتربية البِغال، يمكن العناية بها بطريقة مشابهة للخيول، وبالرغم من ذلك هناك بعض الاعتبارات الإضافية، فالبغال حيوانات ذكية وحسّاسة وبالتالي لا تستقر فترات طويلة، وهي أيضاً بحاجة إلى رِفقة البغال أو الخيول الأخرى، ويجب أن تقضي الكثير من الوقت في الطبيعة خارج الإسطبل، حيث يمكنها ذلك من الحفاظ على نشاطها وتحفيزها عقلياً.
تحتاج البغال، مثل الحمير والخيول، إلى المياه العذبة والأعلاف، والبغال تتطلب طعاماً أقل بقليل من الحصان ذي الحجم المماثل، ويمكن إطعامها القش والتبن مثل الحمير، وبسبب قوتها الهجينة، غالباً ما تكون البغال أقل عُرضة للأمراض من الخيول والحمير، إلا أنها قد تُعاني من نفس الأمراض، يجب أيضاً تقليم أقدام البغال كل 6-10 أسابيع مثل الحمير والخيول.
تاريخ البغال
نادراً ما يتم الحصول على البغال بصورة طبيعية من تزاوج ذكر الحمار وانثى الحصان، وقد قام البشر بتربية البغال منذ آلاف السنين، فوفقاً لمتحف البغل الأمريكي، كان الناس القُدامى في بافلاغونيا Paphlagonia ونيقية Nicaea، وهي منطقة تقع الآن داخل شمال وشمال غرب تركيا، أول من قام بتربية البغال، تشير السجلات الهيروغليفية أيضاً إلى أنّ قُدماء المصريين استخدموا البغال كحيوانات مُفضلة لهم على الجمال، وفي العديد من ثقافات البحر الأبيض المتوسط وأوروبا والشرق الأوسط القديمة، كانت البغال تعتبر حيواناً أكثر قيمة من الخيول أو الحمير، وغالباً ما كانت تُحفظ على أنها خيول ملكية، وفي أمريكا، يعود الفضل إلى كريستوفر كولومبوس في تربية البغال لأول مرة، ومنذ ذلك الحين تم استخدامها في جميع أنحاء أمريكا الشمالية لمجموعة متنوعة من الأغراض، وكانت الجيوش أيضاً تستخدم البغال تاريخياً لنقل الإمدادات، وأحياناً كمنصات إطلاق متحركة للمدافع الصغيرة، ولسحب المدافع الميدانية الأثقل ذات العجلات فوق الممرات الجبلية كما حدث في أفغانستان أثناء الحرب الأنجلو-أفغانية الثانية، كما ذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن الصين كانت السوق الأولى للبغال في عام 2003، تليها المكسيك والعديد من دول أمريكا الوسطى والجنوبية.
هل البَغلة تلِد؟
إنّ البغلة لا تَلِد، ويعود سبب أن البغلة لا تلد وغير قادرة على التكاثر لإنتاج المزيد من البغال، لأنها لا تُنتج الخلايا الجنسية في الغدد التناسلية، حيث تمتلك الخيول 64 كروموسوماً بينما تمتلك الحمير 62 كروموسوماً، لذلك يتلقى البغل 32 كروموسوماً من والدها ذكر الحمار و 31 من والدتها انثى الحصان، ونظراً لأن الخيول والحمير لها أعداد مُختلفة من الكروموسومات، ولا تتطابق كروموسوماتها تماماً، فإن نسلها من البغال لا ينتج الخلايا الجنسية بشكل صحيح أثناء الانقسام الاختزالي، والانقسام الاختزالي هو العملية التي تتكون فيها الخلايا الجنسية في الحيوان، بينما يتم إنتاج الخلايا غير الجنسية عن طريق الانقسام الخلوي، والذي لا تجد كروموسومات البغل مشكلة في القيام به، بينما تبقى غير قادرة على إنتاج أي خلايا جنسية في غددها التناسلية، لذلك قيل في الأمثال "عندما يَلِد البغل" كناية عن الوعد الذي لن يأتِ.