` `

هل يمكن علاج مرض الربو بشكل نهائي؟

صحة
22 أكتوبر 2020
هل يمكن علاج مرض الربو بشكل نهائي؟
الابتعاد عن محفزات المرض يمكنها السيطرة على مرض الربو بشكل نهائي (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

لا بدّ لكلٍّ منّا أن سمع بداء الربو من قبل، سواءً عانى منه بشكلٍ شخصيّ أو كان قد عرف شخصاً في حياته ممن أصيبوا به، ولا بدّ أنّنا نبحث عن علاج لمرض الربو بشكل نهائي.

وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، هناك 235 مليون شخص يعانون من الربو، كما أنها اعتبرته أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً عند الأطفال حول العالم.

فما هو الربو؟ وما هي أعراضه؟ كيف يتم تشخيصه؟ وما هي علاجاته المتاحة؟ وهل الوقاية منه ممكنة؟ وهل يمكن علاج مرض الربو بشكل نهائي؟ هذه المقالة ستُجيب على كل الأسئلة السابقة.

 

مرض الربو

الربو (Asthma) هو مرض التهابي مزمن يُصيب الشعب الهوائية بالرئتين ويجعل التنفس صعباً، كما قد يجعل بعض الأنشطة البدنية صعبة أو حتى مستحيلة. 

ولفهم الربو علينا أن نفهم مبدأ التنفس الطبيعي عند الإنسان. عندما نقوم باستنشاق الهواء فإنه يدخل عبر الأنف ويمرّ بالحلق والقصبات الهوائية، وفي النهاية يصل الى الرئتين حيث توجد الكثير من المجاري التنفسية الصغيرة التي تنتهي بحويصلات هوائية محاطة بشعيرات دموية يتم عبرها نقل الأكسجين إلى مجرى الدم، وفي الوقت نفسه يتم التخلّص من ثاني أكسيد الكربون وإخراجه عبر الزفير. وفي حال الإصابة بمرض الربو فإنّ بطانة المجاري التنفسية تبدأ بالانتفاخ كما تتقلّص العضلات التي تحيط بها، ويتراكم المُخاط في الممرات الهوائية، مما يُقلل من كمية الهواء التي يمكن أن تمر، وتشكّل هذه العمليات مجتمعةً بنوبة الربو.

ما هي أعراض وعلامات الربو؟

تختلف أعراض وعلامات مرض الربو من مريض الى آخر، ومن أبرز أعراض مرض الربو:

  • صعوبة وضيق النفس.
  • صوت صفير أثناء التنفس وخصوصاً عند الزفير.
  • سُعال شديد يزداد خلال الليل أو عند الانفعالات العاطفية أو أثناء بذل المجهود البدني.
  • ضيق في الصدر.
  • إعياء وتعب عام.
  • مشاكل النوم، ويعود ذلك لزيادة أعراض السعال وضيق النفس ليلاً.

وعندما يصاب مريض الربو بنوبة ربو حادة فإنه سيعاني من زيادة في شدّة هذه الأعراض مجتمعة، مما يجعل المريض يشعر بضيقٍ شديد وحاجة ملحّة لاستخدام البخاخات المُوسعة للقصبات.

 

ما هي أسباب مرض الربو؟

لا يوجد سبب واحد للإصابة بمرض الربو، مما يجعل العلماء يعزون إصابة بعض الأشخاص بالربو، وعدم إصابة البعض الآخر الى مجموعة من العوامل البيئية والجينية والتي لا تزال غير مفهومة بشكل كامل، وتشمل عوامل الإصابة بمرض الربو على:

  • الجانب الجيني والوراثي: تزيد فرصة إصابة الأبناء بمرض الربو في حال كان أحد الوالدين مصاباً أو كلاهما، مما يؤشر على وجود طبيعة وراثية للمرض.
  • الالتهابات الفيروسية السابقة: الأشخاص الذين لديهم تاريخ من العدوى الفيروسية أثناء الطفولة هم أكثر عرضة للإصابة بالربو.
  • النظافة الشخصية: هذه الفرضية تقترح أن الأطفال الذين لا يتعرضون لما يكفي من البكتيريا في الأشهر والسنوات الأولى من حياتهم لن يطوّروا أجهزة مناعية قوية لاحقاً لمحاربة الربو وبعض الأمراض الأخرى.
  • التعرض لمسببات التحسّس: من المعروف أنّ التعرض المتكرر لمسببات الحساسية والمهيجات يزيد من فرصة الاصابة بداء الربو.

 

هل هناك محفزات لظهور أعراض الربو؟

قد يتسبب التعرّض لبعض المحفزات والظروف البيئية بظهور أعراض الربو وزيادة شدّتها. وتشمل محفزات الربو:

  • الإصابة ببعض الأمراض: يمكن أن تؤدي أمراض الجهاز التنفسي مثل الأنفلونزا والالتهاب الرئوي إلى نوبات الربو.
  • النشاط البدني: قد تؤدي ممارسة الرياضة وزيادة النشاط البدني إلى ظهور أعراض المرض.
  • التعرض لمسببات التحسس: عادةً ما يكون لدى الأشخاص المصابين بالربو حساسية عالية للمهيجات مثل الأبخرة والروائح القوية كالعطور والدخان.
  • مسببات الحساسية: مثل التعرض لوبر الحيوانات والغبار وحبوب اللقاح وغيرها من مسببات الحساسية التي يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض الربو.
  • بعض الظروف البيئية: كالعيش في مناطق تمتاز برطوبة عالية أو درجات حرارة منخفضة.
  • الإنفعالات العاطفية: نوبات العصبية والضحك الشديد والبكاء قد تتسبب بنوبة الربو.

 

كيف يتم تشخيص الربو؟

عادة ما يبدأ الطبيب المختصّ رحلة تشخيص مرض الربو بأخذ السيرة المرضية بشكل مفصّل من المريض ومن ثم يجري له الفحص السريري، وبناءً على ذلك يقوم الطبيب بفحص وظائف الرئة من خلال جهاز يسمى مقياس سعة الرئة (spirometer) والذي يقوم بقياس كمية الهواء التي تخرج من الرئتين بعد أخذ شهيق عميق، كما أنه يقيس سرعة تفريغ الرئتين من الهواء، وعادةً ما يقوم الأطباء بعمل الاختبار قبل وبعد إعطاء موسّع قصبي ذو تأثير قصير الأجل مثل السالبوتامول (Salbutamol)، وبناءً على القراءتين يُمكن للطبيب الوصول لما يدعم تشخيص الربو.

أما إذا كانت الأعراض غير كافية، وفحص وظائف الرئة لم يأت بنتائج حاسمة تشير لوجود الربو، سيقوم الطبيب بإجراء اختبار التحدي القصبي (Bronchial challenge test) قبل وبعد فحص وظائف الرئة، حيث يتم استنشاق رذاذ مادة الميثاكولين، وهي مادة تؤدي الى انقباض وتقلّص في الشُعب الهوائية لدى المصابين بالربو، فإذا كان انخفاض مستوى الأداء الوظيفي للرئة لا يقلّ عن 20% تكون نتيجة الفحص إيجابية، ويقوم الطبيب بإعطاء مادة موسعة للقصبات في نهاية الفحص كي يُبطِل عمل الميثاكولين. كما يمكن إجراء فحوصات أخرى مثل فحص أكسيد النتريك واختبار الحساسية.

إلى جانب ذلك، عادةً ما يقوم الأطباء بطلب إجراء تصوير الأشعة السينية لمنطقة الصدر، ويمكن استخدام الأشعة السينية في التشخيص أو في دعم التشخيص لكثير من الأمراض والمشاكل الصحية، كالتهاب الرئة وانكماش الرئتين واسترواح الصدر واضطرابات الجهاز الهضمي والكسور وغيرها الكثير. قد تظهر في الصورة علامات تشير لوجود مرض الربو لدى المريض مما يدعم التشخيص، وفي حال عدم ظهور علامات داعمة فهذا لا يلغي التشخيص وإنما يُعطي صورة أوضح عمّا هو موجود داخل تجويف الصدر، وبالتالي فإنها تمكّن الأطباء من استثناء أمراض ومشاكل صحية أخرى تشترك مع الربو في بعض الأعراض.

وفي بعض الحالات النادرة قد يلجأ الأطباء للاستعانة بالتصوير الطبقي المحوري للصدر للكشف عن احتمال وجود حالات معينة مصاحبة للمرض، مثل مرض الرشاشيات القصبي الرئوي الأرجي (Allergic bronchopulmonary aspergillosis) وهي حالة تتمثل بحساسية الجهاز المناعي الشديدة لفطر الرشاشية.

 

ما هي خيارات علاج مرض الربو المتاحة؟

يهدف العلاج في حالات الربو إلى الوصول لمرحلة استقرار المرض، واستمرار المريض في ممارسة نشاطاته وحياته اليومية دون معوقات، ويكون ذلك من خلال تقليل عدد نوبات المرض والحدّ منها ما أمكن واستخدام أقل لموسعات القصبات.

تنقسم علاجات الربو إلى قسمين:

  • علاجات ذات تأثير طويل الأمد :وهي أدوية تُستعمل للتحكم بالربو على المدى الطويل، ومنها الكورتيزون المُستنشق والذي يعمل كمضاد التهاب في الشُعب الهوائية، ومعدلات الليكوترين التي تساعد على تخفيف أعراض الربو لمدة تصل إلى 24 ساعة، ومحفزات (بيتا2) طويلة الأمد والثيوفيلين اللتان تعملان على توسيع الشُعب الهوائية.
  • علاجات ذات مفعول قصير الأمد :وهي أدوية تُستخدم لعلاج أزمات الربو ونوبات الربو الحادة مثل محفزات (بيتا2) قصيرة الأمد، وابرتروبيوم، والكورتيزون بالفم والوريد.

 

هل يمكن علاج مرض الربو بشكل نهائي؟

لغاية الآن لا يمكن علاج مرض الربو بشكل نهائي، حيث لغاية الوقت الحالي لا يوجد علاجات نهائية لمرض الربو. ونظراً لطبيعة المرض المزمنة والتي تحمل في طياتها نشاطاً مناعياً، فإنّ الابتعاد عن محفزات المرض بالإضافة لمتابعة الحالة مع الطبيب المختصّ بالأمراض الصدرية وأخذ العلاجات اللازمة والالتزام بها، كل ذلك من شأنه السيطرة على مرض الربو بشكل نهائي وتحسين الأعراض المصاحبة له وتقليل حدوث نوبات الربو، مما ينعكس إيجاباً على جودة حياة المريض وقدرته على ممارسة حياته بشكل طبيعي.

 

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على