تحقيق مسبار
هناك خرافة شائعة بأن الخفاش لا يرى بسبب قدرته على تحديد الموقع بالصدى. فالخفافيش لديها القدرة على الرؤية بآذانها، لذلك قد تعتقد أن الخفافيش مصابة بالعمى كما هو معروف عند معظم البشر، والذي يجعل تحديد الموقع بالصدى ضرورياً للعثور على الفاكهة والحشرات والحيوانات الصغيرة الأخرى والتغذي عليها.
الخفافيش مخلوقات مميزة، لها عادات يجدها البشر غريبة بشكل لا يصدق - مثل مص الدماء في بعض الأحيان، والنوم رأسًا على عقب، والبقاء مستيقظة طوال الليل. نحن نصف الخفافيش بأنها خارقة للطبيعة، ونربطها بمصاصي الدماء وحتى الأبطال الخارقين.
هذه المقالة ستُعرّفك فيما لو كان الخفاش يرى أم لا، وسوف تَعرض لك متى يرى الخفاش ومتى يستخدم يستخدم الموجات الصوتية للرؤية.
هل الخفافيش عمياء
يأتي الاعتقاد الخاطئ بأن الخفاش لا يرى بسبب طبيعته الليلية وقُدراته السمعية الحادة، نظراً لأن الخفافيش يصطادون في الغالب في جوف الليل، عندما تكون ظروف الإضاءة مظلمة جداً. لكنّ عيون الخفاش بعيدة جداً عن كونها عديمة الفائدة، فهي تتكيف مع ظروف الإضاءة المُنخفضة لمساعدة الخفاش بأن يرى بشكل أفضل للعثور على الفريسة، ويتم تعزيزها من خلال قدرتها السمعية الفائقة.
تحديد الموقع بالصدى
بينما تُعد القدرة على تحديد الموقع بالصدى سمة شائعة بين الحيوانات البحرية مثل الحيتان والدلافين، إضافة إلى بعض أنواع الطيور، إلّا أنّ الخفافيش تتفرد بقدرتها على استخدام هذه الخاصية. حيث تعتمد الخفافيش على تحديد الموقع بالصدى لتحديد المواقع الدقيقة للفريسة، وهذه القدرة لا تتطلب من الخفاش أن يرى، ومن المُحتمل أنّ الطفرات الجينية التي طوّرت قُوى تحديد الموقع بالصدى في الخفافيش قد ظهرت لأنها تساعد الخفافيش في الظلام.
تصطاد الخفافيش في الظلام باستخدام تحديد الموقع بالصدى، مما يعني أنّها تستخدم أصداء أصوات مُنتَجة ذاتياً ترتد عن الأشياء لمساعدتها على التنقل. وتعتبر الخفافيش خبراءً حسّيين، حيث تساعد الآذان الكبيرة للخفافيش الصغيرة في تحديد موقع الصدى، واستخدام الموجات الصوتية التي ترتد عن الأشياء مثل السونار الطبيعي.
هل الخفاش يرى؟
على عكس ما يعتقده معظم الناس، فإن الخفافيش عموماً ليست عمياء على الإطلاق، حيث أنّ معظم أنواع الخفاش ترى بأعينها، وفي الواقع يُعتقد أن لديها بصراً حاداً أكثر من معظم البشر. الخفافيش ليست عمياء، بل يمكنها في الواقع الرؤية جيداً باستخدام أعينها. في حين أن معظم الخفافيش لديها آذان خارقة تمنحها شكلاً من أشكال الرؤية في الظلام يُعرف باسم تحديد الموقع بالصدى، إلا أنّ هذه الآذان الخارقة لا تعني أن الخفاش لا يرى.
هناك ما لا يقل عن 1300 نوع من الخفافيش وفقاً لـ مجموعة مناصرة الحفظ الدولية للخفافيش. والعديد من خفافيش الفاكهة، التي تشرب الرحيق بدلاً من صيد الحشرات، لا تُحدد موقعها بالصدى على الإطلاق. تتمتع هذه الأنواع برؤية حادة بشكل خاص، ويمكن لبعضها رؤية الأشعة فوق البنفسجية.
في أي وقت يرى الخفاش؟
تستخدم الخفافيش سمعها الجيد للعثور على الطعام في ظلام الليل، وأعينها للعثور على الطعام في ضوء النهار. يتم ضبط رؤية الخفاش على ظروف الإضاءة المُنخفضة مثل وجودها أثناء الفجر والغسق. وبالرغم من أنّ بعض الخفافيش قد لا تتمتع برؤية جيدة للألوان مثل البشر، فإنّ رؤيتها العامة قد تكون أفضل من البشر أثناء الفجر والغسق.
في الواقع، تُظهر الأبحاث أنه بناءً على الظروف، تفُضل الخفافيش أحياناً استخدام البصر عن إصدار الصوت عند الصيد. حيث وجدت الأبحاث أنّ الخفاش صائد الحشرات يستخدم الرؤية عندما يتمكن من ذلك، ووجد العلماء أنّ الخفاش البُنّي طويل الأذن (Plecotus auritus) من الحيوانات آكلة الحشرات، يُفضل الصيد عندما يكون لديه المعلومات البصرية والأمواج الصوتية مجتمعتان، ولكن الخفاش يفضّل أن يرى، حيث أنّ المستقبلات البصرية مُفضّلة على الأمواج الصوتية وحدها، وهناك واحد من أنواع الخفاش الأكثر شيوعاً في أمريكا الشمالية، وهو الخفاش البني الصغير (Myotis lucifugus) الذي لديه مستقبلات بصرية تسمح له بالتنقل عن طريق ضوء القمر وتجنب الحيوانات المفترسة عند الظلام.
القدرات البصرية لدى الخفاش
الأنواع المختلفة من الخفاش لديها قدرات بصرية مختلفة متطورة، فعلى سبيل المثال، وجد الباحثون في دراسة نشرت في مجلة بلوس وان في عام 2009 أن الخفاش ذو اللسان الطويل والخفاش ذو الذيل القصير وهما نوعان من الخفافيش من أمريكا الجنوبية والوسطى، والتي لديها مُستقبلات بصرية تمكنهم من الرؤية في ضوء النهار بالإضافة إلى رؤية بعض الألوان، كما أنّ بعض المستقبلات قد تُمكن الخفاش من رؤية موجات من الألوان خارج الطيف البصري البشري.
يبدو أن القدرة على الرؤية وتحديد الموقع بالصدى يعملان معاً في العديد من أنواع الخفاش، مثل خفاش الفاكهة المصري، والذي يتمتع برؤية حادة وقدرات عالية في تحديد الموقع بالصدى. واستناداً إلى دراسة نُشرت عام 2015 في مجلة علم الأحياء الحالي، وجد الباحثون أن قدرة خفاش الفاكهة المصري على تحديد الموقع بالصدى أفضل في الظلام، ولكنه يُحدد الموقع أيضاً في الضوء الساطع، وقال الباحثون أنّ الخفاش يجمع بين المعلومات من تحديد الموقع بالصدى والرؤية لقياس المسافات بدقة.
في النهاية، الحقيقة هي أن الخفاش يرى، وعلى عكس الاعتقاد السائد، بعض أنواع الخفاش ترى بشكل جيد جداً حتى في الظلام.
اقرأ أيضاً:
