تحقيق مسبار
هل توجد كائنات فضائية؟ لطالما شغل هذا السؤال البشرية التي كانت ولا تزال تبحث عن أبعاد أخرى للحياة خارج كوكب الأرض. وقد تحول هذا السؤال إلى شأن علمي منذ أكثر من قرنين بعد أن بدأت الأبحاث والمحاولات العلمية تسعى إلى إثبات وجود كائنات فضائية.
هذه المقالة تُعرّفك على أهم النظريات المطروحة حول وجود الكائنات الفضائية، وتُجيبك عن السؤال المطروح حول وجود كائنات فضائية أم لا.
ما هي الكائنات الفضائية؟
تعد عبارة الكائن الفضائي ترجمة لكلمة "ALIEN" والتي تفيد في المعجم الإنجليزي معنى الأجنبي عن بلد معين لا يحمل جنسيته. لكن هذا الاصطلاح القانوني خرج في الاستعمال الأدبي والروائي ليحمل معنى يرتبط بتلك الكائنات التي تزور كوكب الأرض قادمة من كواكب أخرى. وقد افترضت هذه الأعمال، ثم لاحقاً الأبحاث العلمية، أن هناك حياة خارج الأرض أبطالها كائنات فضائية ربما تكون أكثر تقدماً وذكاءً من البشر.
كيف تبدو الكائنات الفضائية؟
لقد اجتهدت الكثير من الأعمال السينمائية والروائية في تصوير شكل الكائنات الفضائية، وأجمعت جلها على أن الكائنات الفضائية خضراء اللون. لكن قبل هذا التخيل الفني، كانت هناك محاولات علمية أخرى تحاول تجسيد هذه الكائنات، فرأى الفلكي وليام هيرشل في عام 1870 أن سكاّن الفضاء لابد يكونوا أطول عموماً من البشر. وتمكّن بواسطة منظار قوي أن يقيس حجم القمر، وطول فصوله وأيامه. فالكوكب الأحمر أصغر حجماً من كوكبنا وبالتالي الجاذبية فيه أقل، حسب هيرشل، وعليه فإن سكان القمر ينمون أكثر منا. وكان الفيلسوف إيمانويل كانط يرى أن ذكاء سكان الفضاء يتزايد نسبياً ببعدهم عن الشمس، وهو ما يعني أن سكان عطارد أغبياء جداً بالمقارنة مع سكان زحل العباقرة. وفي عام 1848، أراد القس الاسكتلندي وأستاذ العلوم ثوماس دك إحصاء سكان الفضاء في المجموعة الشمسية، وقال إذا كانت الكثافة السكانية في الفضاء تعادل الكثافة السكانية في انجلترا، أي 280 شخصاً في الكيلومتر المربع، فإن المجموعة الشمسية تؤوي 22 تريليون نسمة.
أين تعيش الكائنات الفضائية؟
ينطلق إثبات وجود الكائنات الفضائية من إثبات وجود حياة خارج كوكب الأرض، أو على الأقل إثبات إمكانية الحياة خارج كوكب الأرض. ويعتقد الفلكيون بوجود مليارات الكواكب التي تشبه الأرض، وقد تتضمن مؤشرات على وجود حياة. ويُركّز الفلكيون في بحثهم عن مؤشرات وجود الحياة في الكواكب خارج المجموعة الشمسية على الغازات التي تُعد مؤشراً على وجود الحياة. ومن بين هذه الغازات غاز الميثان الذي تُفرزه الحيوانات على سطح الأرض، ولكنه يصدر أيضاً عن البراكين. فالهدف هو البحث عن غاز الميثان ممزوجاً مع غازات أخرى مثل الأوكسجين والأوزون، الذي ينتجه ضوء الشمس في كوكبنا.
ويركز العلماء على ما يسمى المناطق القابلة للحياة لإثبات وجود الكائنات الفضائية، وهي المناطق التي ليست قريبة جداً من النجم فتكون حارة حرارة شديدة، ولا بعيدة جداً فتكون باردة برودة شديدة، وبالتالي تتوافر فيها شروط الحياة. وأقرب كوكب خارج المجموعة الشمسية اكتشفه الإنسان هو بروكيسا سنتوري، ويقع في النطاق القابل للحياة حول أقرب نجم لشمسنا. ويعتقد الفلكيون أن سكان الفضاء ربما يكونون موجودين في الثقوب السوداء، أو في النجوم الضخمة أو في الثقوب السوداء بوسط درب التبانة.
ما أدلة القائلين بوجود كائنات فضائية؟
يدافع القائلون بوجود كائنات فضائية عن افتراضهم انطلاقاً من عدد من الأدلة والبراهين التي قد لا ترقى أحياناً إلى مرتبة الأدلة العلمية القاطعة. وترتكز في جانب كبير منها على روايات ومشاهدات أو لوحات فنية أو انطباعات، لكن بعضها يقوم أيضا على إحصاءات وأبحاث فلكية. ومن أهم هذه الأدلة المزعومة حول وجود كائنات فضائية:
- مشاهدات الأطباق الطائرة التي تم تسجيلها في مختلف أنحاء العالم وظلت دون تفسير.
- اللوحات الفنية القديمة التي تضمنّت صوراً لأطباق طائرة مثل صورة العذراء مع القديس جيوفانينو التي تعود للقرن 15 للفنان دومينيكو جيرلاندايو.
- البيانات الإحصائية القائمة على معادلة ابتكرها عالم الفلك فرانك دريك في عام 1961، وأكّد من خلالها وجود مئات الآلاف من الكواكب الصالحة مبدئياً للحياة.
- تصريحات رواد الفضاء العائدين من رحلات فضائية وآخرها تصريح الرائدة البريطانية هيلين شيرمان التي كانت أول بريطانية ذهبت في رحلة إلى الفضاء وقالت إن المخلوقات الفضائية موجودة ومن الممكن أن تكون حية بيننا على سطح الكرة الأرضية.
- السجلات الحكومية السرية في الولايات المتحدة التي لا تسمح حتى لبعض الرؤساء الأمريكيين بحق الاطلاع أو نشر ما تم التوصل إليه بهذا الخصوص.
لماذا لم يستطع الإنسان إيجاد الكائنات الفضائية؟
إذا كانت هناك أدلة عديدة يقدمها أنصار فرضية وجود كائنات فضائية سواء في كوكب الأرض أو خارجه، فلماذا لم يستطع البشر أن يصلوا إلى اليوم إلى هذه الكائنات ويتواصلوا معها؟
يُبرر بعض العلماء هذا الفشل في الوصول إلى الكائنات الفضائية بأسباب عديدة لا تخلوا من الغرابة أحياناً وأهمها:
- اختفاء الكائنات الفضائية تحت أعماق المحيطات في الكواكب المتجمدة
- صعوبة اكتشافها عن طريق الموجات الضوئية والصوتية المعهودة لدى البشر
- احتمال تعرض الكائنات الفضائية للإبادة أو تعرضها سلفاً لذلك دون أن نشعر
- البحث عن الكائنات الفضائية يتم في الأماكن الخطأ لأنها ببساطة هي "الروبوتات"
- اكتشاف الإنسان للكائنات الفضائية لكنه لا يدرك ذلك
- انقراض الكائنات الفضائية بعد تسببها في الاحتباس الحراري
- انقراض الكائنات الفضائية بسبب عدم قدرتها على التطور بشكل كافي
- حجب الطاقة المظلمة لأي إمكانية لرؤية الكواكب التي تحتضن الكائنات الفضائية
- افتراض أن الكائنات الفضائية هي البشر أنفسهم
هل يوجد كائنات فضائية؟
تؤكد الأدلة السابقة، سواء المقدَّمة كبرهان على وجود الكائنات الفضائية أو المقدَّمة كتبرير لعدم اكتشاف كائنات فضائية، أن وجود هذه كائنات فضائية لا يزال مجرّد فرضية لم تُثبت علمياً بأدلة قاطعة وباتة. فجُلّها يبقى مجرد تخمينات، كما أن كل الروايات التي تقدم عن رؤية أطباق طائرة ظلت مجرد حوادث متفرقة غير مؤكدة، بل إن الكثير منها تم الطعن فيها ويشوبها كثير من المبالغات. لكن أكبر دليل على عدم وجود كائنات فضائية هو ما يعرف بمفارقة فيرمي، أو متناقضة فيرمي.
ما هي مفارقة فيرمي في برهنة عدم وجود كائنات فضائية؟
تقوم هذه النظرية العلمية على اقتراح جواب عن سؤال: أين هي الكائنات الفضائية؟ وتُنسب هذه النظرية إلى صاحبها العالم الأميركي من أصل إيطالي إنريكو فيرمي والحائز على جائزة نوبل سنة 1938. وينطلق فيرمي في نظريته من معطيات علمية مثبتة أولها أن الشمس نجم عادي وأن المجرة تحتوي على مليارات النجوم، بعضها أكبر سناً من الشمس بمليارات السنين. ويُفترض أن بعض تلك النجوم ستحتوي على كواكب تشبه الأرض، من حيث صفاتها في كتلتها أو مناخها أو غير ذلك، وهو ما يعني أن بعض تلك الكواكب قد تحتوي على حياة يمكن أن تكون ذكية.
ويفترض فيرمي أنه إذا ثبت وجود حضارات ذكية على هذه الكواكب فإن بعضها أو إحداها على الأقل يستطيع أن يسافر بين النجوم. وقد قام فيرمي بناء على سرعة تحرك الأجسام في الفضاء، وبعد اعتبار مساحة المجرة، بافتراض أن هذه الحضارات البعيدة يمكنها أن تكون قد طورت طرقاً للسفر بين النجوم وأن تحتل وتستعمر المجرة بأكملها في غضون بضعة ملايين من السنين. لكن أهم نتيجة يجب أن تصل إليها هذه الحضارات أو الكائنات الفضائية هي زيارتها لكوكب الأرض، أو أن تترك على الأقل دلائل على وجودها في المجرة، وهما الأمران اللذان لم يتحققا بتاتاً إلى اليوم. وبناء على ذلك فقد اعتبر فيرمي أن عدم برهنة الكائنات الفضائية على وجودها بنفسها دليل قاطع على عدم وجودها إلى أن يثبت العكس.