` `

هل يمكن تغيير جينات الشعر؟

صحة
9 نوفمبر 2020
هل يمكن تغيير جينات الشعر؟
العلاج الجيني طريقة مُحتملة لعلاج الصلع الوراثي وطريقة مُحتملة أيضاً لتغيير جينات الشعر (Getty)
صحيح

تحقيق مسبار

أشقر أم داكن، مجعَد أم ناعم، كثيف أم خفيف، مواصفات لا بد أننا جميعاً قد استخدمناها يوماً لوصف شعر أحدهم، ولأن الشعر حجز مكانه كأحد أبرز معايير الجمال، وربّما سمعت مؤخراً عن اكتشافات الطب في تغيير جينات الشعر وجينات أخرى، فما هو دور الهندسة الوراثية في تعديل الشعر، وهل يمكن تغيير جينات الشعر؟

 

ما هي الهندسة الوراثية؟

الهندسة الوراثية (Genetic Engineering) هو مُصطلح تم تقديمه لأول مرة في لغتنا في السبعينيات، وذلك لوصف المجال الناشئ لتقنية الحمض النووي، وهي تغييرٌ أو تعديلٌ يقوم به العلماء في المادّة الوراثيّة للحمض النوويّ DNA  للكائنات الحيّة، وتكون إمّا بتغيير ترتيب مكوّنات المادّة الوراثيّة، أو حذف أجزاء منها، أو مُضاعفتها، أو إدخال أجزاء من مادّة وراثيّة تعود إلى كائن حيّ آخر إليها؛ بهدف تعديل خصائص الكائن الحيّ أو تحسينها، مثل: إنتاج أطعمة ذات قيمة غذائيّة أعلى، أو إنتاج بروتين لعلاج مرض مُعيّن، أو تعديل صفة مُعيّنة في الكائن الحي، كتغيير جينات الشعر مثلاً.

هذا وقد بدأت تقنية الحمض النووي والتعديل عليه بأشياء بسيطة جداً، كاستنساخ قطع صغيرة جداً من الحمض النووي وزرعها في البكتيريا، وتطوّرت إلى مجال هائل حيث يُمكن استنساخ الجينوم بأكمله ونقله من خلية لأُخرى، باستخدام أشكال مُختلفة من التقنيات التي تخضع جميعها للهندسة الوراثية كتعريف واسع جداً، فالهندسة الوراثية بمفهومها الواسع تعني أنّك تأخذ قطعاً من الحمض النووي وتدمجها مع قطع أُخرى من الحمض النووي، وهذا لا يحدث حقاً في الطبيعة، بل هو شيء تقوم بهندسته في المُختبر وأنابيب الاختبار، ومن ثّم أخذ ما قُمت بهندسته ونشره في أي عدد من الكائنات الحية المُختلفة التي تتراوح من الخلايا البكتيرية إلى خلايا الخميرة، إلى النباتات والحيوانات، لذلك لا يوجد تعريف دقيق للهندسة الجينية.

 

ما هي خطوات إجراء الهندسة الوراثية؟

هُناك العديد من الطُرق لإجراء الهندسة الوراثية، ولكنّها في الغالب تتبع الخطوات الأساسيّة التالية: 

  1. عزل الحمض النوويّ من كائن حيّ يحمل الصّفة الوراثيّة المرغوبة.
  2. تحديد الجين المرغوب، والعمل على مُضاعفته للحصول على نُسَخ عديدة منه.
  3. إجراء تعديل على الجين ليُصبح أكثر ملائمةً للكائن الحيّ المُراد تعديله إذا لزم الأمر
  4.  إدخال الجين إلى الخليّة المقصودة

 ويتمّ ذلك إمّا باستخدام البكتيريا كحاملٍ للجين الجديد، ثُمّ حقن البكتيريا في الكائن المُراد تعديله، أو باستخدام بُندقيّة الجينات التي تُطلِق جُزيئات مجهريّة من معدن الذّهب بعد تغليفها بالجينات المرغوبة إلى داخل خلايا الكائن الحيّ المُراد تعديله..

  1. تكثير الخلايا المُعدَّلة وراثيّاً بالطُّرق التّقليديّة.

 

هل يُمكن تغيير جينات الشعر؟

 نعم تغيير جينات الشعر هو شيء ممكن، حيث يُعد العلاج الجيني تقنية أكثر تقدماً لحل تساقط الشعر الوراثي مثلاً، والعلاج الجيني هو عملية تغيير جينات خلايا الشعر الموجودة في الجسم، وبالتالي تغيير وظيفة الخلية، إلّا أنّه علاج طبّي لا يزال في مهده، ولم يكن هُناك سوى عدد قليل من الأمثلة الحديثة على نجاح العلاج الجيني، لكنّها طريقة مُحتملة لعلاج الصلع الوراثي وطريقة مُحتملة أيضاً لتغيير جينات الشعر للحصول على صفات شعر مرغوب فيها كاللون والشكل.

ويتطلب العلاج الجيني تعلّم كيفية حدوث حالة طبية موروثة على مستوى جزيء الحمض النووي، ثم الدخول في الأمر وإصلاحه، ومع العلاج الجيني، يُمكن تغيير جينات الشعر وتحويل بُصيلات الشعر ذات الخلايا لصفة غير مرغوبة إلى بصيلات شعر لصفة أخرى مرغوبة، وستعمل بصيلات الشعر المُعدّلة على نمو شعر جديد بالصفات الجديدة، لكن العلاج الجيني ينطوي على عدة خطوات صعبة جداً، تتمثل في:

  1.  معرفة أي من عشرات الآلاف من الجينات الموجودة على خيوط الحمض النووي هي للخاصية المُراد تغييرها.
  2. معرفة كيفية تغيير الجينات المُستهدفة بالضبط.
  3. جعل الخلايا المُستهدفة في الكائن الحي تدمج الجينات الجديدة والمُحسّنة كبديل للجينات القديمة غير المرغوب فيها.

 

ما هي تطبيقات ومجالات الهندسة الوراثية؟

هنالك العديد من التطبيقات للهندسة الوراثية حول العالم، وهذه أبرزها:

  1. مجال الزراعة

يتمثّل أحد التطبيقات المُهمة لتقنية الحمض النووي بمجال الزراعة، في تغيير النمط الجيني لنباتات المحاصيل لجعلها أكثر قوة وإنتاجية ومُقاوِمة للأمراض وأقل استهلاكاً للأسمدة، حيث يُمكن لتقنيات الهندسة الوراثية أن تُنتج حبوباً وبقولاً ومحاصيل نباتية عالية الإنتاجية، وقد تم هندسة بعض النباتات وراثياً لإنتاج حبوب عالية البروتين، يُمكن أن تظهر مقاومة للحرارة والرطوبة والأمراض.

  1. مجال الطب

اكتسبت الهندسة الوراثية أهمية بالمجال الطبي على مدى السنوات القليلة الماضية، وستصبح أكثر أهمية في القرن الحالي مع انتشار الأمراض الوراثية، فتلعب الهندسة الوراثية دوراً مُهماً في إنتاج الأدوية، حيث يتم الآن التلاعب بالكائنات الدقيقة والمواد ذات الأصل النباتي لإنتاج كمية كبيرة من الأدوية واللقاحات والإنزيمات والهرمونات المُفيدة بتكلفة مُنخفضة، أيضاً تهتم الهندسة الوراثية بدراسة النمط الوراثي للأمراض في الإنسان ومجموعة الجينات البشرية التي يُمكن أن توفّر خريطة كاملة لوراثة الأفراد الأصحاء، وربما يكون العلاج الجيني الذي يُمكن بواسطته إدخال الجينات المرغوبة مباشرة إلى شخص يعاني من خلل في الجينات هو الجانب الأكثر ثورية في الهندسة الوراثية، حيث تمّت الموافقة على استخدام العلاج الجيني في أكثر من 400 تجربة سريرية لأمراض مثل انتفاخ الرئة بالألياف الكيسية وضمور العضلات.

  1. مجال الطاقة

تتمتّع تقنية التعديل على الحمض النووي بنطاق هائل في إنتاج الطاقة، ومن خلال هذه التكنولوجيا، أصبح من المُمكن الآن إجراء هندسة حيوية لمحاصيل الطاقة أو الوقود الحيوي الذي ينمو بسرعة لإنتاج كُتلة حيوية ضخمة تُستخدم كوقود، أو يُمكن معالجتها في زيوت أو كحول أو ديزل أو مُنتجات طاقة أخرى، كما يُمكن تحويل النفايات إلى غاز الميثان، فيعمل المهندسون الوراثيون على  نقل الجين الخاص بالسيليلوز إلى الكائنات الحية الُمناسِبة التي يُمكن استخدامها لتحويل النفايات مثل نشارة الخشب وسيقان الذرة إلى السكّر أولاً ثم إلى الكحول.

  1. المجال الصناعي

يتم استخدام البكتيريا المُصمّمة وراثياً لتوليد المواد الكيميائية الصناعية، فيُمكن تصنيع مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية العضوية على نطاق واسع بمساعدة الكائنات الحية الدقيقة المُعدّلة وراثياً، كما يُمكن أيضاً تصنيع الجلوكوز من السكروز بمُساعدة الإنزيمات التي تم الحصول عليها من الكائنات الحية المُعدلة وراثياً، والآن وبمساعدة سلالات الهندسة الوراثية للبكتيريا والبكتيريا الزرقاء، أصبح من المُمكن تصنيع الأمونيا على نطاق واسع والتي يُمكن استخدامها في تصنيع الأسمدة بتكاليف أرخص بكثير، كما يجري أيضاً تطوير الميكروبات التي ستساعد في تحويل السليلوز إلى سكّر ومن السكّر إلى الإيثانول، كما يُمكن أيضاً استخدام تقنيات الهندسة الوراثية لرصد التلوث بالقمامة والمنتجات البترولية والنفايات الصناعية الأخرى.

 

ما هي أخطار الهندسة الوراثية؟

هناك العديد من الأخطار والمحاذير للهندسة الوراثية، وهذه هي أبرزها:

  1. قد ينتج عنها بعض السُلالات الجديدة من الكائنات الحية، والتي قد تعمل على الإخلال بالنظام البيئي على الأرض.

  2. تُشكّل النباتات، والأغذية المُعدلة وراثياً خطراً كبيراً على صحة الإنسان.

  3. تُشكّل خطراً على وجود الإنسان، وتعمل على السيطرة على إرادته، وذلك من خلال السيطرة على مورّثات الإنسان، عن طريق التحكم بها.

  4. أخطار صحية قد تنجم عن التعامل المُباشر مع الحيوانات المُعدّلة وراثياً، كالعدوى بالأمراض مثلاً.

  5. لا يُمكن تصحيح الأخطاء الناجمة عن الهندسة الوراثية، فقد ينتج عنها مثلاً: إنتاج جراثيم، أو فيروسات خطيرة، يُمكن أن تنتشر في المحيط البيئي، ولا يمكن القضاء عليها. 

  6. اختلاط الأجناس بعضها البعض، الإنسان بالنبات، والإنسان بالحيوان، ومن الأمثلة على ذلك خلط الشريط الوراثي للإنسان بالنبات من أجل الحصول على الإنسان الأخضر، أو ما يُسمّى بالإنسان الكلوروفيلي.

 

اقرأ أيضاً:

هل يمكن علاج الصلع الوراثي؟

هل السرطان وراثي؟

هل الصرع وراثي؟

مصادر مسبار

شارك هذا التحقيق على